بيت الموروث الشعبي يستنكر الترحيل (السري) لليهود اليمنيين

حذر بيت المورث الشعبي من كارثة فناء اليهود اليمنيين أقدم سكان اليمن، بعد أن تعرضت طائفتهم لكل أشكال التهميش والإقصاء، وصولاً إلى تهجيرهم أالذي وصفه بيان البيت بـ«الاستئصال بهذا الشكل المهين والمرعب الذي يفتح باب الجحيم على مصراعيه لالتهام ما تبقى من الطوائف والأقليات الأخرى، الأمر الذي يحدث خللاً ليس ديمغرافياً فحسب، بل وخللاً في البنى الثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية، كما يهدد بتدمير احد أهم عناصر التنوع والتعدد والثراء التي تقوم عليها الخارطة والذاكرة اليمنية وتستمد منها عافيتها وسلامتها وازدهارها».

 ووقال بيت الموروث في بيانه إن «تكالب التنكيل بإخوتنا وأبنائنا وبناتنا اليهود وصاروا عرضة للمزيد من التضييق والخنق والطرد، بل والقتل، وفي السياق دفعت الطائفة اليهودية ثمن الحروب المتفجرة بين الطوائف الكبرى، وطاولتها عمليات التهجير من آخر معاقلها في صعدة، اذ جرى تهجير يهود آل سالم في عام 2007، وتلاحقت بعد ذلك عمليات استهدافهم، ورشق منازلهم بالحجارة ونيران البنادق والقنابل، وبلغ الأمر ذروته بقتل نجل حاخام يهود ريده "ماشا يعيش" ودشنت تلك الجريمة البشعة عملية تهجيرهم من آخر معاقلهم العريقة ومن ديارهم التي توارثوها منذ القدم في منطقة ريده ولاذوا بصنعاء حيث لا أمان، ولا مأوى ولا حماية».

وانتقد البيان عدم وفاء السلطات بوعودها بتأمين اليهود وحمايتهم أو بتعويضهم عن منازلهم وممتلكاتهم، حتى «انقطع أملهم بالعودة إلى ديار أسلافهم ورزحوا تحت ضغوط هائلة أجبرتهم على القبول بأقسى خيار وهو خيار مغادرة البلاد والى غير رجعة، حيث لم يعد في انتظارهم الدار ولا الكنيس في ريده وصعده ولا الأهل الذين تشبثوا بالبقاء حتى آخر نفس، برغم كل الإغراءات بالترحيل. وتوالت أخبار الترحيل الجماعي لليهود اليمنيين التي كانت تكشف عنها وسائل الإعلام الإسرائيلي والبريطانية والغربية قبل المحلية، وتبين على نحو جلي وقاطع بأن العملية منظمة وسوف تمضي على نحو متسارع حتى منتهاها، ولن تتوقف إلا بعد ترحيل آخر يهودي يمني عن بلاده، وحتى ينقطع آخر رمق ليهودي يمني يحلم بالعودة إلى أرض أجداده».

وأكد البيان أنه و«لما كانت حماية الموروث والحفاظ عليه وعلى التنوع والتعدد، من الأهداف الرئيسة لبيت الموروث الشعبي، وبما أن الطائفة اليهودية اليمنية – صارت في العهود الأخيرة أقلية – غدت في مهب الالغاء التام- فقد تفاقمت مخاوفنا ازاء هذا الذي يحدث ويحاط بـ«سرية» وينبغي أن يكشف ويدان لأنه يكرس لهيمنة الصوت واللون الواحد على حساب افناء عناصر الثراء والتنوع التي يمتلكها اليمن خاصة وأن الطائفة اليهودية تعتبر عنصراً أصيلاً من عناصر التنوع الاجتماعي والثقافي في البلاد».

وشدد بيان بيت الموروث الشعبي على إن الترحيل المريع السري ينطوي على تخريب فظيع للذاكرة الجمعية لليمن، وضمورها، بعد ان كانت حيويتها وازدهارها مرتبطة عبر التاريخ بالتنوع والتعدد وبوجود اليهود اليمنيين الذين صنعوا فجراً مشرقاً، وسجلوا أهم صفحة من صفحات الحياة الثقافية الشعبية والفلكلورية اليمنية، عبر المعمار، والفنون والرقص، والملبس، والصناعات الشعبية، التطبيب الشعبي، والتراث الشفوي، من حكايات شعبية "حزاوي"، ومعتقدات نتشاركها معهم مازالت آثارهم تحكي في كل حي، وبيت ومسجد، وحلي نتزين بها، وملبساً نتجمل بنقوشه الثرية، و"قرقوش" يتوج رؤوس الفتيات، و" ترجيلة " بنطلون لعروس يمنية، وسوار بنقشة "بوسانية " يزين معاصم النساء. إن الأسواق الشعبية اليمنية كلها ريفاً وحضراً، قديمه وحديثه، تشي بالمهارات والقدرات التجارية، والصناعية، والتراث المادي واللامادي، لعقول، وأيادي أخوتنا وأبناء عمومتنا اليهود، والتي تعد أجمل لوحة يمنية لهذا التنوع الذي تحفل به الأسواق الشعبية اليمنية، وينبغي أن يكون حافزاً قوياً لاعلاء قيمة المواطنة المتساوية وليس العكس.

واختتم البيان بالقول: «وليس بخاف على أحد أن هذا الذي يحدث اليوم سيضع البلاد في النفق المظلم».