أرشيف

التسول.. بالإغراء

لم تعد ظاهرة التسول وسيلة لتلك الأسر الفقيرة التي أعيتها الحاجة وأخرجتها من تحت أسقف منازلها للبحث عن لقمة العيش وما يستر حالها بل أصبحت عند البعض وسيلة للثراء عبر نظام شبه مؤسسي كما رأينا في تحقيق سابق – عن هذه الظاهرة – أجريناه في محافظة الحديدة حيث وجدنا أن هناك تنظيم وإشراف وتوزيع مهام وتسلسل إداري، يبدأ من المدير العام ثم رؤساء المجموعات وينتهي بذلك الطفل الذي يتم وضعه في مكان ما من الشارع، يلتحف حرارة الشمس وبفترش الحصى، منتظراً مرور القلوب الرحيمة في جواره.. ومع كل ما رأيناه في ذلك التحقيق لم نكن نتصور أن ظاهرة التسول قد أخذت أبعاداً وأساليب أكثر من ذلك، ولم يذهب خيالنا إلى أن الظاهرة لم تعد تعتمد مبادئ وأسس التسول في إظهار الضعف وإبراز مواقع الإعاقة إن وجدت بل تجاوزت ذلك إلى إظهار المفاتن ومواقع الإغراء وتأدية الحركات المثيرة من قبل فتيات يتم إعدادهن لهذا الغرض بعد أن يتم شراء العباءات الضيقة والمثيرة لتزيينهن وإرسالهن إلى الحدائق والشوارع الراقية لغرض التسول عبر إبراز الأجزاء الفاتنة في أجسادهن، فهناك الكثير من الشباب لا يقدم لهؤلاء الفتيات شيئاً إلا بعد أن يشترط عليها أن تظهر مكاناً معيناً من جسمها أو تتلفظ بألفاظ مثيرة للغرائز، وبعضهم يشترط القبلة والسماح بلمس أجزاء معينة من جسدها، وهناك رؤساء لهؤلاء المتسولات اللواتي يتم تقسيمهن إلى مجموعات وتستغل في هذا العمل.. فتيات مهمشات وبنات الأسر الفقيرة أو الفارات من أهلهن، ويدور سماسرة هذا العمل على أبواب المساجد والجولات ويتقربون من الفتيات اللاتي عادة ما يتواجدن في هذه الأماكن، ويتم استدراجهن وعرض العمل الجديد عليهن ومن ثم يتم تدريبهن لإجادة الدور المناط بهن على أحسن وجه من أجل زيادة الغلة اليومية، وقد انتشرت هذه الظاهرة كثيراً في أيام العيد وفي الساحات العامة والراقية منها.

زر الذهاب إلى الأعلى