أرشيف

برقيات جديدة لـ «ويكيليكس»: من مصر إلى ميانمار وكوريا الشمالية

استمر أمس نشر وثائق جديدة من برقيات الخارجية الأميركية السرية عن دول مختلفة في العالم من مصر إلى كوبا وميانمار ونيجيريا, ورجحت برقية من السفارة الأميركية في القاهرة، قبل زيارة مرتقبة للرئيس المصري حسني مبارك إلى واشنطن، أن يعاد انتخاب الرئيس المصري حسني مبارك للرئاسة مرة أخرى العام المقبل وأن يبقى في السلطة.

جاءت هذه المعلومات في وثيقة أميركية دبلوماسية أعدتها السفيرة الأميركية في القاهرة مارغريت سكوبي ونشرها موقع «ويكيليكس» حسب ما ذكرت صحيفة «الغارديان» البريطانية. وتصف البرقية مبارك بأنه «رجل مجرب وواقعي حقيقي وحذر ومحافظ بطبيعته وليس لديه وقت للأهداف المثالية».

وحول قضية تولي السلطة بعده، تحدثت البرقية عن تأثير «صورة مبارك كقائد قوي، ولكن نزيه, على هذه العملية», كما اعتبرته حريصا على عدم المخاطرة في مغامرات، والمحافظة على الاستقرار.

وقالت البرقية: «إن مبارك ليس لديه شخص مقرب أو مستشار يمكنه أن يتحدث باسمه, كما أن أيا من مستشاريه الرئيسيين لا يخرج في عمله خارج نطاق السلطة، الذي حدده لهم بشكل دقيق». ووصفت البرقية مبارك بأنه «مصري علماني كلاسيكي يكره التطرف والتدخل الديني في السياسة»، وتمثل حركة الإخوان المسلمين المعارضة «الأسوأ» بالنسبة له.

كما تطرقت البرقية إلى دور مصر في النزاعات الإقليمية، بما فيها عملية السلام في الشرق الأوسط والعراق، واعتبارها السودان قضية أمن قومي بالنسبة لها. كما لخصت رأي مبارك في الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، وقالت: «إن مبارك اعتبر الرئيس بوش شخصا ساذجا يخضع لسيطرة مساعديه ولم يكن مستعدا مطلقا للتعامل مع العراق في فترة ما بعد صدام، خاصة مع تزايد النفوذ الإيراني في المنطقة».

من جهة أخرى أظهرت برقية أميركية حصل عليها موقع «ويكيليكس» ونشرتها صحيفة «الباييس» الإسبانية أن دبلوماسيين من عدة دول قالوا إن الوضع الاقتصادي في كوبا قد يصبح كارثة خلال سنتين أو ثلاث سنوات، وإن دبلوماسيا صينيا شكا من أن مناقشة الإصلاحات مع الحكومة الكوبية صداع حقيقي. وتوثق البرقية اجتماعا على الإفطار استضافه دبلوماسي أميركي وحضره مستشارون اقتصاديون وتجاريون من الصين وإسبانيا وكندا والبرازيل وإيطاليا وفرنسا واليابان.

وتحدثت البرقية بوجه عام عن مشكلات كوبا الاقتصادية التي أجبرت حكومة الرئيس راؤول كاسترو على تقليص الواردات ووقف سداد مستحقات الكثير من الدائنين وتجميد حسابات أجنبية في البنوك الكوبية.

وقالت البرقية، المصنفة بأنها سرية، التي كتبها – على ما يبدو – جوناثان فارار، رئيس مكتب رعاية المصالح الأميركية في هافانا: «اتفق كل الدبلوماسيين على أن كوبا يمكن أن تتحمل هذه السنة من دون تغييرات كبيرة في السياسة، لكن الوضع المالي قد يصبح كارثة خلال سنتين أو ثلاث سنوات». وذكرت البرقية: «قالت إيطاليا إن اتصالات الحكومة الكوبية تشير إلى أن كوبا ستصبح غير قادرة على أداء التزاماتها بحلول عام 2011». وأضافت: «حتى الصين أقرت بأنها تواجه صعوبات في تحصيل مستحقاتها في موعدها، وشكت من طلبات كوبا بتمديد آجال ديون من سنة إلى أربع سنوات.. وردت فرنسا وكندا بالقول: حتى أنتم؟». وقالت البرقية إن ممثل الصين شكا، في تبرم واضح، من أن كوبا تصر على امتلاك حصة الأغلبية في كل المشاريع المشتركة.

ووصفت البرقية المجموعة بأنها متشائمة إزاء إمكانية القيام بإصلاح اقتصادي ذي جدوى، بينما قال ممثل البرازيل إن الإصلاح ربما يزعزع الاستقرار السياسي.

من جانبها نقلت صحيفة «الباييس» الإسبانية عن برقيات دبلوماسية أميركية نشرها موقع «ويكيليكس» أن مسؤولين فنزويليين أبلغوا موظفي السفارة الأميركية أن شركة النفط الحكومية الفنزويلية تتلاعب بأرقام الصادرات، وذلك مقابل حصولهم على خدمات.

ونقلت الصحيفة عن البرقيات أن مسؤولين كبارا في شركة «بي دي في إس إيه»، ووزارة الطاقة، باتوا يحصلون على تأشيرات دخول الولايات المتحدة بشكل أسرع بعدما أبلغوا السفارة أن الشركة تسجل إنتاج النفط مرتين وتتلاعب في سعر الخام الفنزويلي.

وقال تقرير الصحيفة: «اعترف مسؤول رفيع في وزارة الطاقة بأن (بي دي في إس إيه) قامت في بعض الأحيان بتصدير النفط لتخزينه في الخارج ثم استوردته مجددا وقامت بتكريره وتصديره مرة ثانية، وقامت بقيد نفس الإنتاج مرتين». وقالت «الباييس» إنه جرى إبلاغ موظفي السفارة الأميركية في كراكاس بأن يترقبوا مسؤولين فنزويليين قد يكونون مهمين وهم يقفون في طابور قسم التأشيرات، وأن يسمحوا لهم بتجاوز الطابور.

وأضافت أن هذه الخطة كانت ناجحة، وأن مسؤولين كشفوا أيضا أن «بي دي في إس إيه» باعت النفط إلى الصين مقابل أقل من خمسة دولارات للبرميل، وأنها تواجه مشكلات متنامية في مراقبة الجودة، وأنها تستخدم المنتجات المكررة لرفع سعر الخام الفنزويلي. وأظهرت برقيات دبلوماسية أميركية أخرى أن الدبلوماسيين الغربيين منزعجون من التعاون النووي بين ميانمار وكوريا الشمالية، لكنهم لم يؤكدوا المخاوف من أن بيونغ يانغ تتبادل التكنولوجيا النووية مع دول أخرى. وجاء في برقية تعود إلى نوفمبر (تشرين الثاني) 2009 من لاري دينجر، القائم بالأعمال الأميركية في يانجون، أن التعاون بين الدولتين اللتين يعتبرهما المجتمع الدولي دولتين مارقتين لا يزال غامضا.

وقالت البرقية: «من المؤكد أن هناك شيئا ما يحدث». وتابعت: «ومسألة ما إذا كان ذلك الشيء يتضمن قنابل نووية، مسألة مفتوحة تماما تظل تمثل أولوية قصوى لتقارير السفارة».

وتوضح سلسلة من برقيات السفارة الأميركية في يانجون أن الدبلوماسيين كانوا يراقبون أنشطة الكوريين الشماليين الغامضة في ميانمار على مدى سنوات، لا سيما في موقع بالقرب من بلدة ميمبو التي تثير شائعات بشكل متواصل.

وجاء في برقية في يناير (كانون الثاني) عام 2004 أن رجل أعمال أجنبيا أبلغ السفارة عن شائعات عن مفاعل نووي يجري بناؤه بالقرب من ميمبو، وأنه رأى «صنادل» كبيرة يجري تفريغ حمولتها بالقرب من الموقع، وشاهد كذلك مطارا جديدا في المنطقة له مدرج لهبوط الطائرات متسع على نحو يسمح بهبوط مكوك فضاء.

وأشارت البرقية إلى أن الشائعات عن بناء منشأة نووية في الموقع بدأت تتردد في عام 2002، وأن هناك تزايدا في أعداد الكوريين الشماليين الذين يشاهدون في البلاد.

وفي أغسطس (آب) عام 2004 قالت برقية إن مرشدا ذكر أن عمالا من كوريا الشمالية ينصبون صواريخ «أرض – جو» ويقومون ببناء منشأة تحت الأرض في موقع عسكري قرب ميمبو. وأضافت أنه على الرغم من عدم التحقق من صحة التقرير، إلا أنه يتطابق مع معلومات وردت من مصادر أخرى.

ونقلت صحيفة «الغارديان» عن برقيات دبلوماسية أخرى أن شركة «فايزر» الأميركية لصناعة الأدوية، استخدمت محققين للبحث عن دليل على فساد وزير العدل النيجيري لإجباره على إسقاط دعوى قضائية بحق الشركة تتعلق باختبار عقار على أطفال. ورفعت ولاية كانو في نيجيريا دعوى قضائية بحق أكبر شركة أدوية في العالم في مايو (أيار) 2007 للحصول على تعويضات بملياري دولار لاختبارها عقار «تروفان» الذي يستخدم لعلاج الالتهاب السحائي والذي قالت سلطات الولاية إنه تسبب في وفاة 11 طفلا، وإصابة العشرات بالإعاقة. ووقعت «فايزر» وحكومة ولاية كانو تسوية بقيمة 75 مليون دولار في 30 يوليو (تموز).

وقالت «رويترز»، التي نقلت التقرير، إنها لم تتمكن من التثبت من محتوى البرقيات المسربة، ولم يتسن الوصول فورا إلى مسؤولين في «فايزر» للحصول على تعقيب.

وقالت «الغارديان» في موقعها على الإنترنت، أمس، إن مذكرة نشرها «ويكيليكس» وثقت اجتماعا بين إنريكو ليجيري، مدير «فايزر» في نيجيريا، ومسؤولين أميركيين جاء فيه أن الشركة لا تريد دفع مبالغ لتسوية قضيتين رفعتهما الحكومة الاتحادية النيجيرية.

الشرق الأوسط

زر الذهاب إلى الأعلى