أرشيف

الحاكم يبحث عن ثغرة للبقاء وشباب التغيير يقطعون عليه طريق التفاوض

يجهد النظام في إظهار تماسكه أمام المطالب المتصاعدة بتنحيه ، معتمداً في ذلك على اللعب بأوراق تبدو للشارع منتهية ولا يتم حتى الرد عليها، لقد سارع الشباب عشية الكشف عن مبادرات للتوافق بين الحاكم والمعارضة يقودها العلماء على القسم بعدم مبارحتهم ميادين الاعتصام إلا بعد رحيل النظام وهو ما يعني أن أي تفاوض مع النظام لن يعنيهم بشيء .


لا يزال لدى الرئيس رغبة عارمة في البقاء على كرسي الحكم ، حتى إلى ما بعد 2013م ،وأمس الأول أقر في اجتماع مع قيادات الدولة السياسية والعسكرية والأمنية الدعوة لمؤتمر وطني عام تشارك فيه مختلف الفعاليات السياسية والاجتماعية والشبابية ومنظمات المجتمع المدني دون أن يحدد موعده، وذلك للوقوف أمام تطورات الأوضاع الراهنة على الساحة والخروج برؤى موحدة إزاءها. وهي دعوة مماثلة لما كانت لجنة الحوار الوطني المنبثقة عن المشترك تحضر له ورفض الحاكم المشاركة فيه، كونه يشمل المطالبين بالانفصال والحوثيين والذي كان مقرراً عقده في شهر مارس الجاري ، غير أن تسارع الأحداث حالت دون انعقاده.


وفيما كان النظام عبر هيئة علماء اليمن التي يرأسها الشيخ الزنداني تقدم بمبادرة للتهدئة وقبل أن يعود برد المعارضة بشأنها ، تداعى فصيل آخر من العلماء للاجتماع في جامع الصالح ليؤكدوا فيه باسم علماء اليمن موافقتهم على النقاط الثمان التي وردت في المبادرة المطروحة على الرئيس ، معتبرين أن من خرج عنها يكون قد دعا إلى فتنة.


هذا الأمر أثار غضب اللقاء المشترك الذي عبر عن بالغ أسفه لما وصفه “بالإسفاف الذي وقع ويقع فيه البعض ممن يُنتظر منهم موقف صادع بالحق، رافضا للظلم والجور، حيث جرجرتهم السلطة لإصدار البيانات والفتاوى المؤيدة لها ولسياساتها الخاطئة لتظهرهم بمظهر من يهتف للجور ويصفق للظالمين ومن يحمل المباخر لإخفاء نتن الفساد والفاسدين”.


ودعت من أصدروا هذه البيانات والفتاوى إلى أن يعودوا إلى رشدهم وأن يتوبوا إلى الله من فعلتهم.


وبالنسبة للمؤتمر فهؤلاء إحدى أوراقه الهشة التي يلجأ إليها عند تعثره، لقد سارع للتعبير عن أسفه واستنكاره لما انطوى عليه بيان أحزاب اللقاء المشترك “من استخفاف وإساءة وكلام غير لائق بحق علماء اليمن الأجلاء الذين يكن لهم شعبنا كل التقدير والاحترام والتبجيل، ويقدر لهم دورهم الإيجابي المسؤول ابتغاءً لمرضاة الله وخدمة الوطن ومصالح المواطنين، واتقاء شر الفتنة، والتي تعمل أحزاب اللقاء المشترك على إضرام نيرانها في الوطن لخدمة غايات أنانية مدمرة” بحسب البيان الصادر عنه .


وفي ترحيبه ببيان العلماء ، الذي قال إنهم جسدوا فيه الحكمة والحرص المسؤول على أداء الواجب الديني والوطني الملقى على عاتقهم ونزع فتيل الفتنة ، جدد المؤتمر الشعبي العام موافقته على المبادرة المكونة من ثماني نقاط، والمقدمة من الزنداني معلناً رفضه لنقاط المشترك الخمس. وبحسب المعارضة فقد رفض الرئيس خطتها لنقل السلطة بنهاية 2011 ،مصراً على البقاء حتى انتهاء فترته الرئاسية في 2013 وموافقته فقط على خطة إصلاحية من شأنها أن تعدل قوانين الانتخابات والتمثيل البرلماني والنظام القضائي.


وكانت أحزاب اللقاء المشترك عرضت الأسبوع الفائت خطة من خمس نقاط على صالح تتضمن تغيير الدستور وإعادة صياغة قوانين الانتخابات لضمان تمثيل عادل في البرلمان وفتح الباب لتسجيل الناخبين وإضفاء طابع ديمقراطي على الحياة السياسية بشكل عام.


وهي مطالب بدت خالية من نقاط سابقة تضمنت إقالة أقارب الرئيس من المناصب القيادية في الجيش وقوات الأمن.


تبرير رفض الحاكم للمبادرة جاء متأخراً على لسان مصدر مسؤول في مكتب رئاسة الجمهورية،أفاد أن النقاط الخمس المقدمة من أحزاب اللقاء المشترك عبر عدد من الوسطاء من أعضاء التجمع اليمني للإصلاح وآخرين اكتنف بعض نقاطها “الغموض ” و” الالتباس”. معلناً “رفضه للتفسيرات المقدمة للنقطة الرابعة من قبل قيادات أحزاب اللقاء المشترك فيما أصدروه من تصريحات متناقضة ومخالفة للدستور ولإرادة الشعب المعبر عنها في صناديق الاقتراع”.


وأوضح المصدر أن تلك النقطة تنص على : (وضع برنامج زمني لتنفيذ الخطوات الضرورية في إطار فترة انتقالية لتنفيذ ذلك بحيث لا يتعدى نهاية هذا العام بناء على مبادرة يقدمها الرئيس بذلك)،وأن هذه النقطة تتناقض تماما مع ما ورد قبلها في النقطة الثالثة التي تنص على (انتقال سلمي وسلس للسلطة بالاستناد على ما التزم به الرئيس بخصوص عدم التمديد وعدم التوريث وعدم ترشيح نفسه في الانتخابات القادمة)”.


وقال المصدر “إن تلك التفسيرات المتعسفة تمثل عملية انقلابية مكشوفة على الديمقراطية والشرعية الدستورية”.. مؤكدا بأن الدستور هو مرجعية الجميع حاكما ومحكومين وأن أي محاولة للخروج عن الدستور أمر لا يمكن القبول به لما ينطوي عليه ذلك من مجازفة خطيرة تهدد أمن وسلامة الوطن وتمثل تدميرا لعمل المؤسسات الدستورية وتجاوزا لإرادة الشعب المالك الحقيقي للسلطة والتي يقررها عبر صناديق الاقتراع”.


لكن الشباب المعتصمين أعلنوا رفضهم لأي حوار أو تفاهم مع الرئيس صالح، مؤكدين أن أي اتفاق للمعارضة مع صالح غير ملزم لهم، وأنهم سيواصلون الاعتصام حتى إسقاط النظام. وفيما ذكر الإعلام الرسمي أن رئيس الوزراء التقى مجموعة من المعتصمين في ساحة التغيير باعتباره رئيس اللجنة المكلفة من رئيس الجمهورية للحوار معهم وأنهم طرحوا عليه مطالب ليس من ضمنها تغيير النظام ، قال بيان صادر عن الشباب المعتصمين في ساحة التغيير بجامعة صنعاء انهم منعوا- ظهر السبت الفائت- السماح لرئيس مجلس الوزراء الدكتور علي محمد مجور الدخول إلى ساحة الاعتصام بجامعة صنعاء،واضطر إلى اللقاء داخل الجامعة التي ولجها من البوابة الغربية بعدد من عناصر المؤتمر الشعبي الحاكم والادعاء عبر وسائل الإعلام بأنهم ممثلون للشباب المعتصمين.


وجدد الشباب المعتصمون رفضهم لأي حوار مع النظام أو أي من مسئوليه،وأكدوا تمسكهم بمطلب الشعب اليمني كله الأساسي والصريح والواضح،المتعلق بسقوط النظام ورحيل رئيسه ورموز الفساد فيه.


وأوضحوا أنه لا يمكن الحوار مع اي من مسئولي نظام عرفت اليمن فساده وفشله واستبداده وهو ذات النظام الذي قتل واعتدى علينا وعلى إخواننا المطالبين برحيله في عدن وتعز والحديدة وحضرموت والبيضاء ولحج،وكل محافظات الوطن عبر بلاطجته أو باستغلال إخواننا من منتسبي القوات المسلحة والأمن” .


وفيما ترسخت أكثر شعارات الشباب المعبرة عن أن ثورتهم سلمية وغير حزبية ، أكدت أحزاب اللقاء المشترك استمرارها في دعم انتفاضهم ومطالبهم بالتغيير.


وجددت في بيان صادر عنها تأكيدها على مواصلة عملها السياسي الداعم والمعزز للنضال السلمي للشعب في سبيل التغيير وتقرير المستقبل الذي طالما حلم به وتطلع إليه أبناء اليمن. وأبدى رفضه المطلق لأي حديث عن اتفاقات انفرادية وأن أية أفكار يتم طرحها في الساحة في سياق العمل السياسي المساند لانتفاضة الشعب السلمية إنما يجب أن تكون أفكارا مطروحة للنقاش مع كافة شركاء الحياة السياسية. وجدد المشترك رفضه وإدانته الشديدة لكل ممارسات الاعتداء والقمع للحركة السلمية لأبناء الشعب اليمني، واعتبر ما جرى أخيرا في محافظة الحديدة وفي محافظة البيضاء نكثا خطيرا من قبل السلطة بكل الوعود التي أعلنتها ووعدت بها الرأي العام الداخلي والخارجي والمنظمات الحقوقية، ومختلف مكونات المجتمع العلمية والاجتماعية والسياسية، في حماية حق المواطنين الدستوري في التعبير السلمي عن آرائهم.


وقال: “إن هذا يأتي في سياق مماطلة السلطة في التحقيق مع مرتكبي جرائم القتل والاعتداء على المتظاهرين السلميين في عدن وتعز وفي العاصمة وسائر محافظات البلاد وإحالتهم إلى القضاء وتحول إعلانها عن تشكيل لجنة للتحقيق فيما جرى في عدن إلى مجرد وسيلة للإلهاء والتمويه”. وحذر اللقاء المشترك السلطة من “العواقب الوخيمة لمثل هذا السلوك وتلك الممارسات”، مؤكدا “أن كل الجرائم التي تم ارتكابها بحق المتظاهرين السلميين لا يمكن التغطية عليها ولن تسقط بالتقادم وسيحاسب من ارتكبها ومن أمر بها”.


المشترك الذي لحق مؤخراً بثورة الشباب ،دعا كافة القوى السياسية “التي لا تزال تقف موقف المتفرج إلى التفاعل الإيجابي مع ما تشهده الساحة من تطورات ينتقل فيها زمام المبادرة والفعل السياسي الخلاق يوما فيوما إلى يد أبناء الشعب والجماهير المحتشدة في ساحات الحرية والتغيير في سائر مدن اليمن، وأن يجسدوا بمواقفهم هذا الزخم الثوري السلمي لجماهير الشعب”.


ولا تكاد تمر يوم إلا وتزداد مساحة التآكل داخل الحزب الحاكم ، فبعد الاستقالات التي تقدم بها عدد من النواب وقيادات في المؤتمر ، أعلن نائب وزير الشباب والرياضة حاشد الأحمر استقالته من منصبه وكذا من عضوية المؤتمر ورجل الأعمال نبيل الخامري، كما قدم النائب علي العمراني استقالته نهائياً بعد أن كان أعلن تجميد عضويته فقط .. في حين شكل نواب المؤتمر الشعبي العام في مجلس النواب المستقيلين كتلة أسموها” كتلة الأحرار للإنقاذ الوطني ” ، وأُختير النائب عبدة بشر رئيسا للكتلة ، والنائب عبد الباري دغيش نائبا لرئيس الكتلة ، فيما اختير النائب عبد العزيز جباري ناطقا باسم الكتلة .


وقال جباري إن من أولويات الكتلة حاليا هو محاولة التوفيق بين أطراف الأزمة السياسية في الساحة للخروج بحلول مرضية تلبي تطلعات شعبنا قبل أن تنزلق البلاد إلى ما لا يحمد عقباه”.


أما شباب التغيير فقد انطلقت احتجاجات جمعتهم الثالثة “جمعة التلاحم” في العديد من المدن اليمنية للمطالبة بإسقاط نظام صالح ، وإجراء إصلاحات سياسية واجتماعية واقتصادية.


وشارك ما يقارب من ثلاثة ملايين في الاحتجاجات في مدن تعز وعدن وصنعاء وعمران وإب والحديدة وحضرموت، مرددين هتافات تطالب الرئيس صالح بالتنحي. وفيما انتهت جمعة التلاحم في عموم المحافظات بسلام ،كانت في عمران والبيضاء اشد وطأة،حيث انتهت في الأولى بمقتل شخصين وإصابة آخرين خلال إطلاق النار من أحد المواقع العسكرية وفي الثانية أصيب خمسة مواطنين بينهم طفل في اعتداء بلاطجة على المعتصمين.


وبالرغم من نفي وزارة الدفاع ذلك وقولها إن مسلحين من أنصار الحوثي هاجموا أفراد نقطة عسكرية ما أسفر عن مقتل جندي وإصابة أربعة آخرين، فإن شهود عيان أكدوا تعرض التظاهرة التي خرجت لرصاص الموقع العسكري في منطقة التمثلة.


وقال المرصد اليمني لحقوق الإنسان (YOHR) إن مجاميع من المؤيدين للنظام الحاكم هاجمت اعتصام المطالبين بسقوط النظام في الساعة الحادية عشرة والنصف ظهراً، مستخدمة الأسلحة النارية والعصي والهراوات والخناجر (الجنابي)، برغم وجود اتفاق مسبق بين المعارضين للنظام من جهة، والأجهزة الأمنية والمؤيدين للنظام من جهة أخرى في وقت سابق على تحديد أماكن وساحات لكلا الطرفين للاعتصام والتظاهر فيها، وعلى عدم الاحتكاك أو التصادم بينهما.


وحمل المرصد اليمني لحقوق الإنسان السلطات الرسمية -والأمنية على وجه -الخصوص المسؤولية المطلقة على ما يحدث من انتهاكات لحقوق المواطنين في حرية تنظيم التجمعات السلمية، واعتداء على حياتهم وسلامتهم الجسدية، حيث تشير كافة الدلائل إلى تورط تلك السلطات في الاعتداءات الممنهجة ودعمها، وتخليها عن مسؤولياتها الدستورية والقانونية في حماية المواطنين وحقوقهم المكفولة في الدستور والقوانين والمواثيق الدولية.


ولاحظ المرصد اليمني أن هذه الانتهاكات لا تقابل بالإدانة من قبل الجهات الرسمية المختصة، وهو ما يجعل النتائج المترتبة عنها خطيرة وتصعيدية باتجاه القضاء على ما تبقى من السلم الأهلي والأمن الاجتماعي.


وطالب المرصد النائب العام بتحديد موقفه من هذه الانتهاكات، والتوجيه بضبط المشاركين فيها، والقائمين عليها، والتحقيق بنزاهة وموضوعية في الأحداث التي نجمت عن تلك الاعتداءات من البداية، والكشف عن نتائج تلك التحقيقات للرأي العام. وفي عدن خرج الآلاف في تشيع جثامين 3 من قتلى الأحداث التي دارت بالمدينة خلال الأيام الماضية بالمقابل أحيا أنصار المؤتمر الشعبي العام في مدينة ذمار وتعز وأمانة العاصمة ما أسموه بجمعة الوفاء تأييدا لمبادرة الرئيس علي عبد الله صالح ودعوته للحوار الوطني والإصلاحات السياسية .


ورفع المحتشدون في المهرجان العلم الوطني وصور رئيس الجمهورية وشعارات ” نعم للأمن والاستقرار والتنمية،«لا للفوضى والتخريب،لا لصناع الأزمات ومثيري الفتن،لا لمثيري المناطقية والطائفية» «بالروح بالدم نفديك يايمن”. وجلب الرئيس على نفسه في خطاباته الأخيرة مزيداً من النقد الداخلي والخارجي كان أقساه رد البيت الأبيض على خطاب للرئيس من جامعة صنعاء اتهم فيه أمريكا وإسرائيل بالعمل على زعزعة الاستقرار في الوطن العربي وأن مظاهرات الشباب تحركها تلابيب.غير أنه عرف بفداحة قوله في ساعة نزق ليتصل على اثرها بالبيت الابيض معتذراً.


وقال البيت الأبيض في بيان إن الرئيس صالح اتصل بمستشارها لمحاربة الارهاب جون برينان “لينقل أسفه بشأن سوء الفهم المتصل بتصريحاته تلك” وكان البيت الابيض حذر الرئيس من أي محاولة لاختيار “كبش محرقة” داعية علي عبدالله صالح إلى إجراء إصلاحات سياسية للاستجابة للتطلعات المشروعة لشعبه .


وبالنسبة لاتهاماته لأمريكا بالتدخل في الشؤون العربية قال المتحدث باسم الرئاسة الأمريكية إن الرئيس علي عبدالله صالح يعرف جيداً انه لا وجود لمؤامرة أجنبية وراء الاضطرابات في بلاده وعليه أن يستجيب لطموحات شعبه الذي يستحق حياة أفضل” .


ورسم رئيس الوزراء الأسبق حيدر أبو بكر العطاس صورة قاتمة لمستقبل الرئيس علي عبدالله صالح محذراً إياه من «المساءلة القانونية الدولية» في حال استمر في السير على خطى معمّر القذافي.


ودعا العطاس، الذي تولى رئاسة وزراء أول حكومة بعد الوحدة اليمنية عام 1990 علي صالح «إلى التخلي عن السلطة إذا كان يريد تأمين مخرج آمن له ولعائلته».وقال «لقد تساوى علي صالح في خطابه الأخير، الذي قال فيه انه سيقاتل حتى آخر قطرة من دمه، مع معمّر القذافي الذي أعلن انه سيحوّل ليبيا إلى نار وجمر”. وأكد العطاس أنه «لم يعد لدى علي عبدالله صالح من أوراق للتلويح بها في وجه الإجماع الوطني وثورة الشباب سوى تنظيم القاعدة، والانفصال». لكنه قال إن «كلاهما من نتائج أفعاله وممارساته كما يفعل البائس الآخر معمر القذافي».


وسخر العطاس من الاتهامات التي وجهها صالح للولايات المتحدة واسرائيل بإدارة الاحتجاجات المطالبة برحيله عن السلطة، قائلاً “«عندما سقطت كل أوراقه، خرج الرئيس بتصريح الطلقة الأخيرة متهما فيه الجماهير بأنها تتلقى تعليماتها من غرفة عمليات في اسرائيل تدار من واشنطن. ياللعجب يتساءل كثيرون متى وكيف تلقى الرئيس هذه المعلومات؟ فماذا بقي في جعبته من خناجر مسمومة يوجهها إلى جماهير الشعب التي خرجت بعد نفاد صبرها من سوء إدارته للبلاد طوال 32 سنة، أفقر خلالها الشعب واغنى أسرته وأعوانه، بالاستحواذ على ثروة الشعب، ورعى الفساد والإرهاب وعبث بأمن المواطن والوطن». ويرى محللون أن الانتكاسات السياسية المتلاحقة التي يواجهها الرئيس علي عبد الله صالح، تعزز موقف الحركة الاحتجاجية المطالبة بإسقاط نظامه، رغم ان هزيمة الرجل الذي يحكم البلاد منذ 32 عاماً لا تبدو قريبة.


ويقول الباحث المتخصص في شؤون اليمن في معهد كارنيغي للسلام الدولي كريستوفر بوتشيك “من الواضح جداً ان الوضع في البلاد بالنسبة إلى الرئيس علي عبد الله صالح، لا يسير كما يجب”.


لكنه يعتبر مع ذلك انه “من السابق لأوانه القول إن صالح لن يستمر في موقعه أو أن النظام لن يصمد”.


وبحسب المراقبين فإن أسوأ ما يواجهه الرئيس اليمني هو الزخم العربي حيال مطلب التغيير الذي اكتسب اندفاعه القوي بعد الانتفاضتين الشعبيتين في تونس ومصر اللتين ألهمتا شعوبا أخرى حتى تثور على أنظمتها، وبينها الشعب الليبي.


وترى الخبيرة في شؤون اليمن في معهد شاتهام هاوس جيني هيل أن “الشارع يضخ زخماً جديداً في السياسة اليمنية تدفع العديد من اللاعبين الأساسيين إلى إعادة تقييم تحالفاتهم”.


ويقول نائب مدير معهد بروكينغز في الدوحة ابراهيم شرقية إن الأمور تسير عكس تيار صالح، موضحا ان “تغييراً جدياً في موازين القوى حدث خلال الأيام القليلة الماضية نتيجة انضمام قادة في القبائل” الى الاحتجاجات. وهو يعتبر أن صالح “خسر قوة أساسية على الصعيد القبلي الذي يشكل جبهة مهمة في المواجهة التي يخوضها ضد المتظاهرين”، مشيراً إلى أن “دعم الزنداني للتظاهرات أمر في غاية الأهمية”.


ومع ذلك، يشدد شرقية على أن صالح “لم يخسر كل شيء” ولا يزال “يسيطر على بعض المؤسسات القوية مثل الجيش”.


بدوره يؤكد بوتشيك أهمية الجيش اليمني، حيث يتولى أفراد من عائلة صالح مناصب رئيسية، معتبراً أن “الجيش والاستخبارات يمثلان مفتاح الأمور، نظراً لسيطرة العائلة عليهما”.لكنه يرى ايضاً أن الدعم الدولي لصالح سيشكل عاملاً اساسياً في تحديد مصيره.


من جهتها، ترى هيل ان “هناك شعوراً متعاظماً بأن الاضطرابات في اليمن تسير نحو مرحلة متقدمة”، في وقت تضع الإدارة الأميركية “كل بيضها في سلة واحدة مع ذهاب المساعدات العسكرية إلى وحدات النخبة الأمنية والاستخباراتية التي يقودها نجل صالح وأقرباؤه”.

نقلا عن صحيفة الوسط

زر الذهاب إلى الأعلى