أرشيف

(تقرير)حراك دبلوماسي خليجي – أمريكي – أوروبي – أممي في صنعاء

انعكس توافق المسارات الأمريكية والأوروبية والخليجية حيال أزمة الاحتجاجات المطالبة بإسقاط النظام في اليمن، والتي أكدت احترامها خيارات الشعب اليمني في التغيير، على هيئة تصعيد مريع لأعمال العنف في المحافظات اليمنية التي شهدت أمس لليوم الرابع مواجهات متجددة بين الجيش والمحتجين من جهة ومؤيدي النظام ومناهضيه من جهة أخرى، لترتفع فاتورة ضحايا ثورة التغيير منذ اندلاعها في 11 فبراير/ شباط إلى أكثر من 180 قتيلاً ونحو 5 آلاف جريح .
جاء ذلك مع شروع ائتلاف شباب الثورة في تصعيد الاحتجاجات بالانتقال إلى المرحلة الثانية المتمثلة بتنظيم المسيرات في الشوارع قبيل مرحلة الزحف إلى القصور الرئاسية، وهي الخطوة التي قوبلت بعنف من قبل الشرطة اليمنية والموالين للنظام .
فيما أكد المحتجون لجوء نظام الرئيس صالح إلى تأليف ميليشيا مسلحة من مؤيديه لشن هجمات متتالية ومميتة على المحتجين في الشوارع وساحات الاعتصام لحملهم على وقف التصعيد وسط اتهامات بمحاولة جرهم إلى مربع العنف .
ووضعت هذه التداعيات حقول ألغام أمام جهود الوساطة الخليجية للتسوية، رغم ما أبداه الأفرقاء من محاولات لالتقاط هذه المبادرة بعدما صارت البلاد على مرمى حجر من الحرب الأهلية .
ومضت جهود الوساطة الخليجية سريعاً بعدما تسلم الرئيس صالح أمس من سفراء قطر والسعودية وعمان رسالة للمشاركة في المحادثات التي يتوقع أن تحتضنها العاصمة السعودية الرياض، بمشاركة ممثلين من الحكم والمعارضة للخروج من الأزمة الراهنة .
تزامن ذلك مع وصول وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس إلى الرياض في زيارة عكست مدى القلق الذي يساور الفاعلين الإقليميين والدوليين من تدهور الأوضاع في اليمن خصوصاً مع اتفاق الأطراف على الخطورة التي يمثلها ذلك على الأمن الدولي ولا سيما مع الانتشار الخطير لخلايا تنظيم القاعدة في هذا البلد .
وجاءت زيارة غيتس إلى الرياض بالتزامن مع ترتيبات لاستقبال ممثلين عن الحكومة اليمنية والمعارضة والتي سبقتها وزارة الدفاع الأمريكية بحضها النظام اليمني على التفاوض بشأن نقل السلطة بأسرع وقت ممكن، بالتوازي مع دعوة لندن وروما وباريس وعواصم أوروبية عدة الرئيس صالح بالتحرك العاجل لنقل السلطة والاستجابة لتطلعات الشعب اليمني، ما أشار إلى ضيق حلقة التأييد الدولي التي كان يراهن عليها صالح في بقائه على رأس السلطة لحين انتهاء فترة ولايته الرئاسية في عام 2013 .
وذكرت وكالة الأنباء اليمنية “سبأ” أن الرئيس استقبل السفراء الخليجيين الثلاثة الذين نقلوا إليه “قرار الاجتماع الاستثنائي لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي بدعوة الحكومة وأحزاب المعارضة للاجتماع في الرياض من أجل إجراء مباحثات تكفل الخروج من الأزمة الراهنة والحفاظ على أمن واستقرار اليمن ووحدته” . وبحسب الوكالة، جدد صالح التأكيد على “ترحيب الجمهورية اليمنية بوساطة الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي” و”الحرص على الحوار الجاد والبناء لتجاور الأزمة الراهنة وتداعياتها”، مشيراً إلى أن أمن اليمن واستقراره جزء لا يتجزأ من أمن واستقرار أشقائه في منطقة الخليج والجزيرة العربية .
وكانت المعارضة اليمنية أكدت الثلاثاء ترحيبها بمبادرة مجلس التعاون الخليجي، إلا أنها قالت إن أي محادثات يجب أن تحصر بمسألة تنحي صالح وتسليم السلطة فوراً .
بالتوازي مع التحركات الأمريكية والأوروبية والخليجية الرامية إلى وضع نهاية لأزمة الاحتجاجات العاصفة بالساحة اليمنية، شهدت العاصمة اليمنية حركة دبلوماسية نشطة مع دخول الأمم المتحدة على خط الأزمة غداة البيان الذي أصدره الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والذي أكد فيه استعداد الأمم المتحدة دعم الحوار الشامل والتوصل إلى تسوية مبكرة للوضع الراهن في البلاد، تلاه سلسلة لقاءات جمعت الرئيس صالح ونائبه الفريق عبد ربه منصور هادي ووزير الخارجية الدكتور أبوبكر القربي مع سفراء أوروبيين وبعض سفراء دول مجلس التعاون الخليجي والتي بحثت جميعها في تفاعلات الأزمة اليمنية وجهود احتوائها .
وتزامن ذلك مع لقاءات أخرى جمعت ممثل الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عامر والممثل المقيم للأمم المتحدة في صنعاء برتيبا مهاتا مع الرئيس صالح وكذلك مع نائبه الفريق عبد ربه منصور هادي، الذي شدد على أهمية تعاون الأمم المتحدة في الحفاظ على المكسب الديمقراطي وسلامة اليمن من الفوضى الهدامة التي قد تؤثر في الأمن الإقليمي والعالمي ، فضلاً عن تأكيده أن القيادة اليمنية منفتحة بصورة كبيرة على الحوار ومحذراً من أن “المطالب غير الواقعية والبعيدة عن المنطق قد تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه ومزالق خطرة على سلامة وأمن ووحدة اليمن” في إشارة إلى مطالب المعارضة من اللقاء المشترك بإسقاط النظام .
جاء ذلك بعيد اتصال هاتفي أجراه الأمين العام للأمم المتحدة بالرئيس صالح وحضه فيه على وضع حد لأعمال العنف في اليمن، كما باعتبار أن ذلك لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأزمة، ودعا صنعاء والمحتجين إلى أعلى درجات ضبط النفس والدخول في حوار بين الطرفين، كما أبدى ثقته في أن حكمة الرئيس صالح ستشكل حلاً سلمياً في مصلحة كل اليمنيين .
وطبقاً لنائب الرئيس اليمني فقد بحث صالح والأمين العام للأمم المتحدة في الاتصال الهاتفي المبادرات الأخيرة لحل الأزمة المقدمة من الطرفين بما في ذلك مبادرة النقاط الثماني المقدمة من علماء الدين، التي ارتكزت على الانتقال إلى النظام البرلماني والحكم المحلي واسع الصلاحيات والعمل على الانتقال السلس والسلمي للسلطة وفقا للضوابط الدستورية، والحفاظ على النظام العام لتجنب الوقوع في الفراغ الدستوري والفوضى العارمة .
وبالتوازي مع التعاطي الرسمي بدت أحزاب المعارضة اليمنية في تكتل اللقاء المشترك المعارض هذه المرة أكثر اطمئناناً حيال هذه التحركات، وخصوصا بعد تأكيد الأمين العام للأمم المتحدة إرسال فريق مصغر من المنظمة الدولية للتشاور مع سائر الأطراف بهدف معرفة أفضل الطرق التي يمكن للمنظمة الدولية أن تسلكها لمساعدة اليمن .
زاد من ذلك تصريحات الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني الذي أكد حرص المجلس على بذل أي جهود تسهم في الحفاظ على أمن اليمن واستقراره وسلمه الأهلي ووحدته الإقليمية وتأكيده بأن وساطة مجلس التعاون في اليمن لن تكون بأي حال من الأحوال بديلة عما يراه الشعب اليمني بكافة مكوناته .
لكن قادة في المعارضة اعتبروا استمرار نزيف الدم الناتج عن مواصلة النظام الاستخدام المفرط للقوة ضد المحتجين في المحافظات التي تشهد حركة احتجاجات متصاعدة دليلاً على نيات مبيتة بعرقلة جهود التسوية الخليجية، كما أشاعت انطباعاً بأن النظام اليمني الذي ما انفك يرحب بالجهود الخليجية والدولية لإنهاء الأزمة لم يعد يكترث لحل سياسي بعدما أدرك أن مسار الجهود الإقليمية والدولية ليست في صالحه وتسير باتجاه تلبية مطالب الشعب في التغيير السلمي والآمن للسلطة .
ويشير هؤلاء إلى التصعيد الذي طال قوات الجيش المنشقة التي تعرضت لأول هجوم مسلح من قبل موالين للنظام واتهم فيه اللواء علي محسن الأحمر صنعاء بتدبير محاولة لاغتياله في أثناء اندفاع المئات من مؤيديه إلى موقع الفرقة الأولى المدرعة ضمن وجهاء حضروا للتوسط بينه والرئيس صالح .
وأكثر من ذلك التعاطي السلبي للنظام مع التدهور الأمني الخطير الذي يلف خمس محافظات صارت منذ أسابيع خارج دائرة السيطرة الحكومية واتجاهه إلى حشد قوات الجيش الموالية لمحاصرة قوات الجيش المنشقة، التي أعلنت انحيازها لثورة الشباب والدفاع عنهم وقمع حركة الاحتجاجات السلمية التي تشهد كل يوم تزايدا كبيرا، لا سيما مع انخراط أكثر القبائل اليمنية في موجة الاحتجاجات المطالبة بإسقاط النظام .
العطاس يطالب صالح بمغادرة اليمن بكرامة
طالب رئيس الوزراء اليمني الأسبق حيدر أبو بكر العطاس، أمس الأربعاء، الرئيس علي عبدالله صالح بالخروج من البلاد بكرامة، ودعاه إلى التقاط الفرصة الأخيرة للتنحي عن الحكم .
وقال العطاس، وهو أول رئيس وزراء لدولة الوحدة اليمنية عام 1990 في تصريح صحفي “الرئيس صالح سوف ينسحب ويجب أن ينسحب إذا كان فعلاً يريد أن يخرج بكرامة” . وأضاف “إذا كان يريد أن يخرج بكرامة وشرف فلديه فرصة أن يخرج الآن خروجاً آمناً، دون أن يسلك الطريق الوعر الذي سلكه القذافي في ليبيا” .
وقال العطاس “للأسف هو حتى الآن يقلد القذافي في بعض الأشياء وبطرق مختلفة، لكنه لا يتمادى بهذا التقليد” . وأضاف العطاس أن مبادرة مجلس التعاون الخليجي لحل الأزمة اليمنية تتطلب قبول الأطراف المعنية كافة دون استثناء . (يو .بي .آي)
الحكومة اليمنية تستنكر تصريحات آشتون
عبّر مصدر يمني مسؤول عن استغرابه مما ورد في البيان الصادر عن الممثلة العليا لشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون حول الأوضاع في اليمن .
وقال المصدر إن الرئيس صالح أكد مراراً استعداده لتحقيق انتقال سلمي وآمن للسلطة في إطار الدستور والديمقراطية، بحيث تنتقل خلالها السلطة إلى أياد أمينة يثق فيها الشعب وقادرة على حماية وحدة اليمن وأمنه واستقراره والحفاظ على النهج الديمقراطي التعددي ومكافحة التطرف والإرهاب .
وجدد المصدر التزام اليمن باحترام وحماية جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية المكفولة في الدستور والقوانين النافذة في البلاد والحرص على نهج الحوار لمعالجة كافة القضايا الخلافية ومواصلة جهود الإصلاحات وبما يحقق تطلعات الشعب اليمني .(د .ب .أ)
دعوة القطاع الخاص لتنفيذ إضراب شامل للضغط على صالح
طالب مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي المستقل في اليمن القطاع الخاص في البلاد ممثلاً بالاتحاد العام للغرف التجارية ونادي رجال الأعمال وغيرهم من تكوينات القطاع الخاص، باتخاذ قرارات عاجلة لبدء الإضراب الشامل للضغط على الرئيس علي عبد الله صالح لاجباره على التنحي من دون إراقة مزيد من الدماء، مع الحرص على توفير المواد الغذائية الأساسية للمواطنين .
وأشار المركز في بلاغ صحافي إلى أن “ موقف القطاع الخاص المشرف والشجاع في مساندة ثورة الشباب السلمية يستدعي القيام بخطوات عملية لمساندة الثورة، والحد من سفك الدماء الذي تمارسه قوات الأمن التابعة للرئيس وأفراد أسرته ضد المعتصمين والمتظاهرين السلميين في كافة المحافظات اليمنية” .
واعتبر المركز أن “بدء القطاع الخاص بحالة الإضراب سيشكل ورقة ضغط قوية تجعل الرئيس يتراجع عن إصراره على التمسك بكرسي الحكم، وتسليم السلطة من دون سفك الدماء أو جر البلد إلى حروب سيكون أول المتضررين منها القطاع الخاص والاقتصاد اليمني بشكل عام” .
وأشار المركز إلى أن “الشعب اليمني يراهن على القطاع الخاص وعلى رجاله المناضلين الذين ضحوا وساندوا ثورتي سبتمبر وأكتوبر بكل ما يملكون سعياً للوصول إلى بلد يحكمه الشعب وتسوده العدالة وتطبيق القانون” .
التحالف المدني يطالب بمحاكمة النظام لارتكابه جرائم ضد الإنسانية
دعا التحالف المدني للثورة الشبابية المنظمات الحقوقية كافة على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، إلى إدانة المجازر التي يرتكبها النظام اليمني بحق المحتجين سلمياً، والضغط من أجل إيقافها ومحاصرة من تبقى من رموز للنظام .
وشدد التحالف في بيان على المجتمع الدولي أن يتعامل مع ما يحدث في اليمن من مجازر وانتهاكات بمعيار واحد هو معيار حقوق الإنسان، مؤكداً أن “ما يحدث اليوم هو ارتكاب جرائم ضد الإنسانية يمارسها النظام بحق المحتجين سلمياً” .
وحيا التحالف المدني الذي يضم أكثر من 20 مكوناً من المكونات الشبابية والشعبية في ساحات التغيير “كل المواطنين الأحرار الذين خرجوا في مسيرات سلمية ترفض جرائم النظام وتطالب بإسقاطه انتصاراً للثورة السلمية” . كما دعا المواطنين والمواطنات كافة إلى الانضمام للمسيرات والاعتصامات السلمية انتصاراً لحق اليمنيين جميعا في الوصول إلى حياة إنسانية كريمة تبدأ بسقوط هذا النظام .
وقال التحالف في بيانه إن “ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية في العاصمة صنعاء وتعز والحديدة من قتل للمحتجين سلميا بالرصاص الحي من قبل جنود وبلاطجة،وكذا مواجهتهم بالغازات السامة وإصابة المئات، يؤكد النهج الدموي لنظام علي عبد الله صالح المتهاوي واستماتته في البقاء في الحكم على جثث وأشلاء الموطنين المحتجين سلمياً”، محملاً من أسماه “رأس النظام وأقاربه المسيطرين على أجهزة أمنية وعسكرية مسؤولية هذه الجرائم البشعة التي ارتكبها النظام المتهاوي ضد المحتجين سلمياً في كل محافظات البلاد” . وقال إن “الجرائم التي ارتكبها النظام في محافظات عديدة هي جرائم ضد الإنسانية ولن تسقط بالتقادم وسيحاكم المتورطون فيها كافة” .

زر الذهاب إلى الأعلى