أرشيف

المستشار الإعلامي لبن لادن: أميركا إما اعتقلته او قتلته منذ 2003

القاهرة: في العام 1987، إنضم إلى المجاهدين في أفغانستان، وكان وقتها شاباً لا يتخطى العشرين عاماً من العمر، وإستطاع خلال فترة وجيزة أن يكون واحد من الحلقة الضيقة جداً التي تحيط بزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وشهد تأسيس التنظيم في العام 1988، بل كان صاحب مبادرة إطلاق اسم “القاعدة” عليه، تيمناً باسم “القاعدة الأمنة” الذي أطلقه عمر بن الخطاب على المدينة المنورة.


إنه أيمن فايد المستشار الإعلامي لأسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة الذي أعلنت أميركا مقتله في مطلع شهر مايو الجاري.

 

وفي مقابلة خاصة مع “إيلاف”، ينفي فايد صحة الرواية الأميركية حول تمكنها من إغتيال بن لادن من خلال فرق كوماندوز في مدينة أبوت أباد بباكستان، ويؤكد أن أميركا قتلت أو إعتقلت بن لادن  منذ العام 2003، مشيراً إلى أن جميع المعلومات الواردة من أفغانستان طوال تلك السنوات، كانت تؤكد أن بن لادن إختفى تماماً منذ ذلك الحين، وأنه إما اعتقل أو قتل في معارك تورا بورا. بل يشكك في وجود الظواهري أيضاً، ويعرب عن إعتقاده بأنه لقي المصير نفسه، لافتاً إلى أن هناك الكثير من القيادات تصلح لتولي زمام الأمور في القاعدة بعد بن لادن، ليس من بينهم الظواهري، لكنه رفض الإفصاح عن أسمائهم، “حفاظاً على أبطالنا”، على حد قوله.

 

ـ كيف حصلت على لقب المستشار الإعلامي للقاعدة وبن لادن؟

 

كنت مولعاً بالقراءة في العلوم العسكرية و الإستيراتيجية، وغيرها من سائر العلوم، وعندما كنت ألقي محاضرات في معسكرات التدريب، لمست القيادات أنني لدي قدرة على التنظير، وفي تلك الأثناء في بداية العام 1989، كنا مجتمعين أنا والأخ على الرشيدي وبن لادن في غرفة القيادة في منتجع جاش بباكستان، وكانت تلك المنطقة هي المنتجع الصيفي للملك الأفغانستاني ظاهر شاه، و كان بن لادن يفكر في إقامة جناح إعلامي للقاعدة، وإقترح تأجير مساحة في إحدي القنوات الفضائية الأوربية، ولو خمسة دقائق يومياً، فقلت له إن الأموال ستكون قادرة على فعل أي شيء هناك، لكني قلت له إن عدوك هو عدو دينك، ولن يقبل أحد إتاحة الفرصة له لنشر فكر القاعدة في أوروبا. وإقترحت أن تكون الوسيلة الإعلامية من خلال الإتصال المباشر، مثل تأليف الكتب، بحيث يتولى كل أخ من الإخوة كتابة تجربته  في الجهاد، أو يلقي البعض منهم محاضرات، أو تسجيل أشرطة كاسيت، و قدمت أنا أول كتاب حمل عنوان “الحرب النفسية” وتأثرت فيه بكتابات صلاح نصر رئيس المخابرات المصرية الأسبق في كتابه “الحرب الخفية”، وغيره من الخبراء. وبدأت التعمق في قضية الحرب الإعلامية، وتوليت مسؤولية ركيزة الإعلام في تنظيم القاعدة.

 

ـ وكيف كانت علاقتك بأسامة بن لادن في تلك الفترة؟

 







أيمن فايد لمستشار الإعلامي لأسامة بن لادن


كان أسامة بن لادن مجاهداً بماله ونفسه، وكنت قريباً منه، وكان الرجل مريضاً بالسل منذ صغر سنه، ولم يكن أحد يعرف تلك المعلومة على الإطلاق، وقد عرفتها بالصدفة، حيث كان كثير السعال، ويفضل الجلوس  في طرف المجلس وليس في المنتصف، ولما سألته قال لي إنه مريض بالسل، ويفضل الجلوس في طرف المجلس حتى يكون آخر واحد في إتجاه الريح، حتى لا ينقل العدوى إلى الإخوة، فضلاً على أنه كانت له “لازمة”، وهي أنه كان دائماً ما يضع يده على أنفه لا إرادياً، رغبة منه في حجز أنفاسه لعدم تطايرها مع الهواء فتنشر العدوى للأخرين، وكان دائماً ما يضع الشال أو الغطرة على وجهه وتحديداً منطقة الأنف، وكان ذلك بالإضافة إلى مرضه بالكلى. ولذلك عندما شاهدت بعضاً من أشرطته المسجلة بعد العام 2003، تأكدت أنه ليس هو أسامة بن لادن، ، لأنه لم يكن يضع يده على أنفه باستمرار، بل كان يجلس ويديه إلى جنبيه أو يرفعها لأعلى. وتأكدت أنها مفبركة. كما كان يسير دائماً بعكاز، ولكنه كان دائم الإصرار على الإشتراك في المعارك مع الروس، كنا إذا أشتد عليه المرض، ووجدناه مصراً على الجهاد، كنا نكتفه في المنزل حتى يشفى.

ـ معنى ذلك أنك تشكك في عملية قتل أميركا لأسامة بن مطلع شهر مايو الجاري؟

 

نعم، أميركا لم تقتل الشيخ أسامة بن لادن في العملية التي أعلنت عنها في الأول من مايو الجاري، بل هي إما أنها أعتقلته أو قتلته في نهاية العام 2003. والمحصلة أنه كانت تحت أيدي أميركا حياً أو ميتاً.

 

ـ ما دليلك أو هل لديك معلومات تؤكد ما تذهب إليه؟

 

جميع التسجيلات الصوتية أو الفيديوهات، التي خرجت بعد ذلك التاريخ لم يكن هو أسامة بن لادن الذي أعرفه جيداً، فلم تكن فيها “اللازمة” الخاصة به، ألا وهو أنه يضع يده على أنفه من حين لآخر، بسبب إصابته بالسل. كما أن الأخوة العائدين من أفغانستان أو ألبانيا، وإلتقيت بهم في المعتقلات أو خارجها، أو من خلال رسائل تلقيناها أثناء الإعتقال بطريقة أو بأخرى. أكدوا أن الشيخ أسامة إختفى تماماً منذ العام 2003، وحتى المخابرات الباكستانية التي كانت تمتمع بعلاقة طيبة مع المجاهدين، لم تكن لديها أية معرفة بمكانه، و قيل لنا أن الإستخبارات الأميركية قتله في ذلك العام. كما أن المخابرات الفرنسية أعلنت في ذلك الوقت، أن أميركا قتلته مع مجموعة من رفاقه في معارك تورا بورا، ولكن الخبر لم يستمر أكثر من ساعة ورفع بعدها من وكالات الأنباء، وهذا الخبر أعلنته أيضاً العديد من الأجهزة الإستخباراتية في ذلك الوقت.

 

ـ وفي إعتقادك، لماذا لم تعلن أميركا عن مقتله في ذلك التاريخ؟

 

في الأرحج أنها أعتقلته، وأنها كانت تريد الإحتفاظ به أطول فترة ممكنه، ليكون فزاعة للجميع، وفي الوقت نفسه، يكون سبباً مباشراً في بقائها بأفغانستان والعراق، ولكن بعد إندلاع الثورات العربية، وتخليها عن الأنظمة الموالية لها في بعض الدول مثل اليمن أو ليبيا وسوريا، وقعت تهديداً من بعضهم بأن “القاعدة” سوف تستغل الثورات في ضرب المصالح الأميركية في المنطقة، ما لم تساندهم ضد شعوبهم، وتقف هي عاجزة عن مساعدتهم، فقررت أميركا الإعلان عن قتل الشيخ أسامة بن لادن، بهدف قطع الطريق على أية عمليات قد تستهدف مصالحها في الداخل أو الخارج، حتى إذا وقعت أية عمليات ضدها، لا يستطيع أحد نسبها للقاعدة، لاسيما أن التنظيم صار ضعيفاً جداً أو دخل في مرحلة الإنهيار تماماً منذ العام 2003 تحديداً، بالإضافة إلى أن أميركا أرادت إجهاض ثورة الوحدة التي  كان تنظيم “القاعدة” يسعى لتحقيقها، حيث لم يكن يسعى للقيام بثورة واحدة ضد نظام واحد، بل كان يسعى لنشر فكر ثورة الوحدة ووحدة الثورة، بحيث تكون هبة الشعوب واحدة في التوقيت نفسه، لهدم الأنظمة القائمة، وإنشاء نظام حكم إسلامي واحد في جميع الدول.

 

ـ ما رأيك في الصورة التي أعلن أنها لجثة بن لادن بعد مقتله، ولماذا قالت أنها مفبركة، ولماذا لم تقدم أميركا دليلاً على مقتله؟

 

هذه الصورة التي بثتها إحدي القنوات الباكستانية، كانت مفبركة، وهذا ما عرفه جميع من عاشوا مع الشيخ أسامة أو عرفوه جيداً، وهذا يؤكد أن العملية برمتها مفبركة، وأن الصورة كانت في إطار الإثارة الإعلامية التي تعتمد عليها في أية مخطط لها، و تستهدف به إلهاء العالم بقضية ما عن قضية أخرى خطيرة. كما أن أميركا لم تقدم أي دليل على أنها قتلته من أجل استمرار الجدل حوله أطول فترة ممكنة، ولمعرفة رد فعل الناس، إذن هناك شك في العملية برمتها، وإذا سلمنا بأنها قتلته، ولكنها رمت جثته في مياه البحر، خشية أن يتحول قبره إلى مقصد أو مزار للكثير من المسلمين والعرب، فهذا إعتراف صريح وواضح من أميركا بأن الشيخ أسامة بن لادن رمز بالفعل وله تأثير في العالم الإسلامي.

 

ـ ما مدى تأثير القاعدة حالياً بعد مقتل بن لادن مؤخراً أو إختفائه في 2003 حسبما تقول؟

 

مرت القاعدة بأربعة مراحل، الأولى هي الإرادة والتكوين، هي فترة نشأتها، والثانية: الإختراق المزدوج أي الإيجابي والسلبي، أما الإيجابي فكان من قبل التنظيمات والجماعات الجهادية التي كانت تعمل في أفغانستان وباكستان، وكان أعضاؤها يهدفون إلى الإنضمام للقاعدة، لأنها الأكثر ثراءاً، ومنهم الدكتور أيمن الظواهري، الذي كان أمير جماعة الجهاد في أفغانستان. الثالثة: الإنهيار وما بعد الإنهيار، في أعقاب أحداث 11 سبتمبر وإجتياح أفغانستان والعراق و عمليات المدمرة كول وغيرها. المرحلة الرابعة: الخديعة الكبرى، وتتمثل في “القاعدة الوهمية” التي صنعتها أميركا، حيث أشاعت أن هناك قاعدة في العراق وأخرى في المغرب وفي السعودية وغيرها من بلدان العالم الإسلامي، وهي تنظيمات إجرامية تعمل على إبادة المجتمع. إذن القاعدة من حيث أنها تنظيم ثوري، لم يعد له وجود أو تأثير حقيقي.

 

ـ معنى ذلك أنه ليس هناك أي وجود ل”القاعدة” في العالم حالياً؟

 

لا، لها وجود، ولكن في مكانين أو دولتين فقط، في أفغانستان واليمن، ففي الدولة الأولى، لأن القاعدة مرتبطة بحركة طالبان، التي ما زال لها السيطرة على الأرض هناك، وفي اليمن نظراً لظروف خاصة. أما القاعدة التي قامت بتفحيرات 11 سبتمبر فهي وهمية، إنها الخديعة الكبرى.

 

ـ  في إعتقادك هل أيمن الظواهري قادر على إدارة القاعدة بعد مقتل بن لادن، وهل هناك خلافات حول خلافة زعيم التنظيم؟

 

لا أعتقد أن الظواهري سيكون زعيماً للقاعدة بعد وفاة الشيخ أبو عبد الله بن لادن، لأنه ليس مؤهلاً أو مقبولاً في أوساط الأخوة المجاهدين، ولكن هناك قيادات أخرى جديرة بقيادة القاعدة في أفغانستان أو اليمن. كما أننا لدينا شكوك كبيرة في أن الظواهري أما أنه إعتقل أو قتل أيضاً.

 

ـ ما أسبابك أو شواهدك على تلك الشكوك؟

 

ليس لدي دليل، ولكن هناك الكثير من الشواهد، أهمها أن الأشرطة التي تبث له من حين لآخر مفبركة أيضاً، وأقول ذلك، لأني أعرفة جيداً، حيث جلست معه، وعشت معه لسنوات، فضلاً على أن الأفكار التي ينادي بها في تلك الأشرطة، على النقيض تماماً من الأفكار التي يؤمن بها.

 

ـ من القيادات الأخرى البارزة القادرة على إدارة زمام أمور القاعدة؟

 

هناك الكثير من القيادات، لكن الضرورة تقضي عدم الإفصاح عن أسما ئهم، حفاظاً على أبطالنا.

زر الذهاب إلى الأعلى