أرشيف

المعارضة اليمنية تتخوف من تداعيات عقب انفراج “عقدة” التوقيع

وسط مظاهر احتفائية محدودة بحلول الذكري ال 21 لتحقيق الوحدة اليمنية تشهد العاصمة صنعاء اليوم مراسم غير معلنة للتوقيع على المبادرة الخليجية الهادفة إلى تأمين الانتقال السلمي والسلس للسلطة في تزامن لم يحل دون تراجع سقف التفاؤل الشعبي حيال إمكانية أن يمثل الانفراج المجرد لعقدة التوقيع على وثيقة المبادرة الخليجية نقطة الضوء المنشودة في نهاية نفق الأزمة السياسية القائمة والعاصفة المظلم .
تجاوز الإشكاليات الطارئة التي حالت نهاية الأسبوع المنصرم دون التوقيع على وثيقة المبادرة الخليجية وتوقيعها اليوم الأحد من قبل الرئيس اليمني علي عبدالله صالح وأحزاب اللقاء المشترك المعارض، وإن مثل الخطوة الأولى في خريطة الطريق الخاصة بتسوية الأزمة السياسية القائمة والمحتدمة، إلا أن تنفيذ بنود وثيقة المبادرة على أرض الواقع في ظل معطيات المواقف المعلنة من قبل طرفي الأزمة لايزال محاطا بسحب داكنة من الشكوك الموضوعية، التي عززها تضارب مفردات الخطاب الرئاسي للرئيس صالح في تحديد موقف واضح ليس فقط حيال جزئية التوقيع المجرد على وثيقة المبادرة الخليجية، ولكن حتى على الآليات المرفقة بالوثيقة لتنفيذ بنود المبادرة والجدول الزمني المعتمد لنفاذها، وهو ما أبرزته دعوته الأخيرة لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، بالرغم من كون مثل هذا الإجراء يندرج ضمن بنود المبادرة ويعقب تقديمه لاستقالته بعد شهر من نقله لصلاحياته الرئاسية إلى نائبه الذي سيضطلع هو بالدعوة لإجراء لمثل هذه الانتخابات خلال ستين يوماً .
الاتساق المفتقد في مضمون الخطاب الرئاسي حتى مع المواقف المعلنة من قبل حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم، الذي يرأسه الرئيس علي صالح ذاته، سواء حيال التوقيع على وثيقة المبادرة الخليجية أو الالتزام اللاحق بتنفيذ بنودها وفق السقف الزمني المحدد والترتيب المعتمد، دفع قيادات بارزة في تكتل أحزاب اللقاء المشترك إلى التشكيك بجدية الرئيس صالح في الإيفاء بتعهداته إزاء الالتزام بتنفيذ استحقاقات المبادرة الخليجية ابتداء بالتوقيع عليها وانتهاء بالإسهام الفاعل واللاحق في تنفيذ وتطبيق بنودها .
وشكك القيادي البارز في تكتل “المشترك” المعارض الأمين العام للجنة التحضيرية للحوار الوطني الشيخ حميد الأحمر في التزام الرئيس ليس فقط في التوقيع على وثيقة المبادرة الخليجية في موعدها المحدد اليوم، بل والإيفاء اللاحق في تنفيذ بنودها لاعتبارات أرجعها إلى اعتقاده بأن الرئيس صالح ليست لديه أى نوايا حقيقية للإسهام في إحداث تسوية سلمية للأزمة السياسية القائمة في البلاد منذ ما يقدر بثلاثة أشهر ونصف الشهر وفقاً لسيناريو خريطة الطريق المقترحة في وثيقة المبادرة الخليجية، وأن الرئيس لو كان يريد التوقيع على المبادرة، لوقعها يوم الأربعاء المنصرم أو في الموعد الأول المحدد من الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية .
من جهته، أبدى عضو المجلس الأعلى لقيادة تكتل أحزاب اللقاء المشترك المعارض الدكتور محمد عبدالملك المتوكل شكوكا مماثلة حيال إمكانية التزام الرئيس صالح بالتنفيذ اللاحق لبنود المبادرة الخليجية في حال إيفائه بالتوقيع على وثيقتها، معتبراً أن دعوة الرئيس صالح لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة تعد من الناحية العملية والنظرية خروجا عن سياق التوافق المعلن من حزبه الحاكم ومنه شخصيا مع أحزاب المعارضة إزاء الالتزام باستحقاقات ما بعد توقيع وثيقة المبادرة الخليجية . الأكاديمي اليمني المتخصص في مجال إدارة الأزمات السياسية الدكتور فكري عبدالوهاب اعتبر من جهته أن تركيز وتشديد الخطاب السياسي للرئيس صالح وقيادات بارزة في حزب المؤتمر الشعبي الحاكم على ضرورة تنفيذ المبادرة الخليجية كمنظومة متكاملة من دون أى اجتزاء قد يمثل في وقت لاحق للتوقيع على وثيقة المبادرة ما يمكن وصفه ب”الثغرة” التي في الأغلب ستستغل من قبل الرئيس وحزبه للتنصل من التزامهم الموقع حيال الإيفاء بتنفيذ بنود التسوية المعتمدة في مبادرة الوساطة الخليجية . وكانت تسريبات نشرتها وتداولها العديد من المواقع الإخبارية نقلاً عن فضائية “سهيل” المقربة من تكتل أحزاب اللقاء المشترك والمملوكة للقيادي البارز في التكتل الشيخ حميد الأحمر قد حذرت مما وصفته بمخطط أمني قيد التنفيذ يقضي بشن هجمات واعتداءات مسلحة على المعتصمين بالساحات العامة المطالبين بإسقاط النظام الحاكم واستهداف قيادات شبابية وسياسية معارضة بهدف إحباط التوقيع على المبادرة الخليجية وخلق أجواء من التصعيد الأمني والعسكري اللاحق في حال التوقيع تحول دون نفاذ بنود المبادرة على أرض الواقع .

زر الذهاب إلى الأعلى