أرشيف

انتحاري في الـ19 من عمرة يتحدث عن تجربته كأحد شباب التفجيرات لتنظيم القاعدة


قال لامه أنه سوف يكون شفيع لها وأن يوم اشتشهاده هو يوم عرسة في الجنة فردت عليه وهي تبكي أنها تريد أن تراه عريساً في (لودر)


بحثنا في أبين عن المنتمين لتنظيم القاعدة, وعندما لم نجدهم كان البديل لدينا البحث عن شبان اانخرطوا في صفوف هذا التنظيم. في لودر؛ التقينا الشباب ((ع.ص)). والذي تحدث لنا رغم رفض والده الأمر. بين لحظة وأخرى كان الأب يستعجل ابنه كي ينهي حديثه لنا: ((الصحيفيين كل أبوهم مخبرين للأمريكان )).



لا ينتمي الأب إلى تنظيم القاعدة, كما أنه ليس متطرفاً, غير أنه يخشي أن يتم استثمار تصرحات ولده, بما يجلب له المتاعب, بعد أن تخلى عن القاعدة. وقد وعد ولده بأن يشتري له حافلة من الحجم الصغير ليعمل عليها.



مكث ((ع.ص)) مع تنظيم القاعدة نحو عامين؛ جندياً ومقاتلاً في صفوفه. التحق بالقاعدة منذ كان عمره 17 عاماً, وهو يسير اليوم في عام الـ19. تنقل خلال العامين بين حضرموت وشبوة ومأرب, وقال أنه مكث في مأرب 4 أشهر, وكان أحلى أيام حياته, حسب قوله.



قال لـصحيفة ((الشارع)) إنه كان يتم إعداده ضمن من أطلق عليهم ((شباب التفجيرات)) وهم الانتحاريون الذين عمل تنظيم القاعدة على تجهيز وإعداد العشرات منهم. وأوضح ((ع.ص)) أن مدربي القاعدة يطلبون من ((شباب التفجيرات)) ألا ((يفجروا انفسهم عند مشاهدة الهدف, وإنما عندما يتم الالتحام بالهدف, أو عند قرب الالتصاق به)). وطبقاً لهذا الشاب؛ فتنظيم القاعدة يفضل ((الشباب الأذكياء والذين يطيعون الأوامر عند التدريب)).



((وإذ أفاد هذا الشاب بأن التنظيم دوماً هو محتاج لشباب التفجير))؛ أوضح أن أعضاء القاعدة يُسمون هؤلاء الشباب ((عرسان الجنة)). وعن طريقة اختيار هؤلاء الشباب؛ قالٍ إن ((الشباب الذين يبدون استعدادهم لتفجير أنفسهم حباً في الله, يتم التبليغ برغبتهم لقيادات أعلى, ويتم إعدادهم في التدريب, ويبقون مذخرين لهم, ويأتي دورهم بالترتيب, ويتم تعليمهم أسلوب صناعة السترات الانتحارية, وأيضاً ضرورة أن يتعلم شباب التفجير قيادة السيارة, والدراجة النارية..)).


((ع.ص)) أعلن عن رغبته في تنفيذ عملية انتحارية وقال للصحيفة إنه هو من سعى بذات نفسه للالتحاق بتنظيم القاعدة, وإنه أكمل دراسته للمرحلة الأساسية, ولم يلتحق بالثانوية العامة بسبب ظروف أسرته, فالتحق بمعهد لتحفيظ القرآن في منطقته, ثم ذهب إلى ((معهد دماج)) في ((صعدة)) حيث مكث هناك شهراً واحداً, ثم عاد إلى منطقتة, ثم ذهب إلى ((معهد معبر)) في ذمار للدراسة عند الشيخ محمد الإمام, ومكث هنالك شهرين, بعدها التحق بتنظيم القاعدة, وكان في حالة نفسية يرغب فيها أن يموت من أجل الله حتى يصبح شهيداً.



انخرط هذا الشباب في صفوف تنظيم القاعدة, وظلت علاقته مباشرة بالمسؤولين عنه, وصرف له التنظيم, شأن شبان آخرين, دراجة نارية بقيت في عهدته.
عندما ابلغ تنظيم القاعدة ب


رغبتة غي تنفيذ عملية انتحارية؛ تم إعداده وتدريبه ليكون جاهزاً لتنفيذ هذه ((الغاية)). غير أن مسؤولي القاعدة لم يخبره بأي شيء عن العملية التي سيقوم بها. وقال إنه أبلغ المسؤولين عنه في تنظيم القاعدة برغبته في تنفيذ عملية انتحارية بعد العملية الانتحارية التي استهدفت السفير البريطاني في صنعاء, ولم يحقق الانتحاري في العملية الهدف بالشكل المطلوب. وأفاد ((ع.ص)) بأن المدرب المشرف عليه من القاعدة قال إن سبب فشل الشاب الانتحاري في استهداف السفير البريطاني هو ((أنه لم يتدرب على كيفية ضيط اعصابه وتمالك حركاته عند اقترابه من الهدف الذي كان ينوي تفجيرة)) .



وقال ((ع.ص)) إن المدرب المشرف عل إعداد ((شباب التفجيرات)) يطلب من الشباب المنتحر, الذي يتم إعدادة, ((الا يخبر أهله وأباه وأمه بما يرغب أن يقوم به, حتى لايتم التأثير عليه بجهالة, لأنهم لو علموا بما ينتظره من نعيم في الجنة لدفعوه وشجهوه أن يسرع في ذلك العمل المرضي, ولكنهم نتيجة جهٍلهم بالخير الكبير من الممكن أن يؤثروا عليه..)) موضحاً أن ((عملية التدريب لمثل هذه الحالات لا تتم في الميادين, وإنما في منازل, وفي غرف عادية, ويتم تدريب الشخص بمفرده دون أن يكون معه أحد غير المدرب الذي يقوم بتدريبه)) . وقال ((ع.ص)) إن المدرب يعمد إلى ((الإطراء على الشاب الذي يجري إعداده للأنتحار, والتبرك به لأنه قادم على عمل سيرفعه إلى أعلى الدرجات في الملأ الأعلى عند الله, وسيشفع لمن يريد عند ربه)) .



وأوضح هذا الشاب أنه تعلم كيف يمكن له أن يصنع, في 7 ساعات, سترته الخاصة بالمتفجرات, وهي سترة يتراوح وزنها بين3 و5 كيلوغرامات من المتفجرات مخلوطة بالمسامير والأمواس الحادة. وأضافة: ((يتم في هذه السترة صناعة زرار للتحكم في عملية التفجير, التي تعتبر اللحظات التي ترفع روح الشاب المتفجر إلى السماء, أما الجسد فلا قيمة له)) .



وتابع: ((كانت تفرض عليَ ضرورة مشاهدة أفلام جهادية, وأفلام عمليات تم تنفيذها من قبل المجاهدين, ودروس في الجانب الديني لرفع معنوياتي كي أكون جاهزاً لتنفيذ عملية لانتحار, ويتم التدليل على ذلك بآيات قرآنية..)) .


وزاد: ((هناك العديد من العلماء, بينهم الشيخ الزنداني, يرفضون إدانة القاعدة, إدانة واضحة, لأنهم يخافون الله من أن يسألهم يوم القيامة بأي حق حرموا على المسلمين الجهاد. والعلماء الذين أدانوا القاعدة هم علماء يتبعون الحاكم وأمريكا)) .



وقال ((ع.ص)) وهو يروي قصته, إنه لم يستطيع أن يكتم سره على أمه. بحكم أنه أضغر أولادها, فله إخوة, بنتان وشقيق أخر, وخوفاً من أن تفاجأ بأمره بالقيام بأية عملية قبل أن يخبرها بما قد عزم عليه. وأوضح أنه أخبر أمه بذلك قبل 5 أشهر, وأخذ يصف لها ((النعيم الذي سيلاقية)) , وأنه ((سيكون شفيعاً لها وستدخل الجنة بفضل شفاعته, وأن استشهادة هو يوم عرسه في الجنة)) . غير أن أمه ردت عليه وهي تبكي قائلة إنها تريد أن تراه عريساً على الأرض في لودر.



((معجزة)) جعلته يغادر القاعدة



أخذت أمة تلح عليه طالبة منه أن يبتعد عما ينوي القيام به, دون أن يكون لديها مانع أن يستمر مقاتلاً في القاعدة, مثل قتال الآخرين, وإن جأء أجله فليكون موته مثل غيره. لم يستجيب ((ع.ص)) لأمة, وعندما غدر منزل أسرته, في أحد الأيام, وهو على دراجته النارية التي مُنحت له من التنظيم, وكان ينوي الذهاب إلى قرية الوضيع, في رحلة تستغرق نحو ساعة ونصف تقريباً من منطقتة في لودر, قالت له أمه: ((الله لا يوفقك في ما أنت ذاهب إليه)) .



وقال إنه كان ذاهباً إلى الوضيع لجلب ((شرائط جهادية)) . غير أنه لم يصل إلى الوضيع لأن دراجته النارية تعطلت في الطريق. أخذ محرك دراجته يتقطع. اضطر للوقوف, وتفاقد عملية تدفق البترول في المحرك, وعند تفقده للوقود تدفق البترول في يده اليمنى, اندلعت شرارة نار أشعلت النار في يده المليئة بالبترول, والتي لم تطفأ إلا بعد أن دفنها في رماد الصحراء, ولكن كانت يده قد أحترقت, ولم يتمكن من قيادة الدراجة النارية, لأنه لم يتمكن من الضغط لى قبضة البنزين الواقعة في الجانب الأيمن من الدراجة. ظل واقفاً في الطريق, ثم اضطر أن يخفي دراجته النارية خلف أشجار ((الراك)) .



واستقل سيارة وعاد إلى مدينته لودر, وأرسل أحد زملائه كي يجلب له دراجته النارية. يرى ((ع.ص)) في هذه القصة ((كمعجزة)) , وقال إنه أخذ يفكر في دعوة أمه: ((ما حصل لي بسبب الشيطان, فليس من المعقول أن يكون الشيطان أقوى من الله, ولهذا شعرت برغبة عندي في أن أبقى على قيد الحياة, وعلى إثرها تجنبت التواصل مع التنظيم, ولم يتم متابعتي من قبلهم, ولم يطلبوا مني حتى إعادة الدراجة النارية, وأصبحت اليوم لا صله لي بالتنظيم, رغم أني ظللت ألتقي, حتى الوقت قريب, بالعديد من اصدقائي الذين ما زالوا في التنظيم, لكني لم أعد أراهم بعد تحرك القبائل لمواجهة ومقاومة القاعدة..)) .


**


سألته عما إذا كان شاهد أجانب ضمن مقاتلي تنظيم القاعدة في أبين؛ فقال إنه شاهد, العام الماضي, عملية ((اسسقبال لصوماليين كانوا يتحدثون اللغة العربية بطلاقة, وحافظين للقرآن, ويبدو من هيئتهم أنهم قيادات جهادية تم اقتيادهم إلى شبوة, وكانوا قادمين من زنجبار..)) . وقال أنه أخذ يفكر ((هل لهؤلاء علاقة بالقراصنة الصومال الذين يختطفون السفن في البحر العربي والبحر الاحمر)) . لكنه كتم هذا في نفسه. ثم أخذ ينصح مندوب الصحيفة ((إذا كان يعمل لصالح أية منظمة أمريكية أن يكف عن ذلك, ويتقي الله, لأن أمريكا تفرض حكاما على العرب يعملون في خدمتها وتجويع وإهانة الشعوب العربية))!



ابتسمت وشكرته على النصيحة,لأنه بدا لطيفاً ومتفائلاً بالحياة رغم أنه كان وصل به الحال إلى قمة التزمت والتطرف.
عندما غادرت؛ لحقني الأب, وأخذ يُشدد عليّ بألا أذكر اسم ولده, فأكدت له أني سألتزم بذلك .


المصدر: صحيفة الشارع

زر الذهاب إلى الأعلى