أرشيف

لستُ راضية عن تحركات البيض والعطاس وعلي ناصر واخاف من الحسم العسكري للثورة

قيل عنها في سلسلة ثائرات من تعـز بأنها أم الساحة وام الأحرار والحرائر في تعز.. هكذا يجب ان تنادى شفيقة القدسي، المرأة التي يقتلك تواضعها، وتمطرك برزانة عقلها المدهش..


الناشطة الإشتراكية تستلهم من رواد الأدب والثورة والسياسة طريقاً، وهي الأديبة الرائعة التي يُشار اليها بالبنان، خريجة اللغة العربية من كلية التربية بـ تعز، متزوجة وأم لاوسان ورنا وحسن وجلاء، ولها من الأحفاد سعيد وعُلا ويوسف ومريم وتاشفين وفرح.


شفيقة القدسي.. ثائرة من تعز وتحديدا من قدس بالحجرية.. قامة تربوية وناشطة سياسية وادبية فذة.. لا تخرج مسيرة في تعز الا وماما شفيقة موجودة، بل وتتقدم الصفوف، كأديبة تكتب الحرف الشعري بإتقان ولها من النصوص ما يجعلك تقف وقفة الدارس والمتأمل لتجربة شعرية لإمرأة يمنية كشفيقة القدسي..


التقينا الام شفيقة وتحدثت عن العديد من القضايا السياسية واهمها الساحات وموقف المشترك وموقفها من قادة بعض القادة السابقين للجنوب وتحركاتهم هذه الايام، اضافة الى قضايا الحسم العسكري والثوري وغرها من القضايا التي نتابعها في الحوار التالي:

 

* بداية.. من هي شفيقة القدسي؟
– امرأة يمنية.. أم ومربية، وتربوية.. ليس لها تلك الهالة الكبيرة, ثائرة في ساحة الحرية بالحالمة تعز ضد نظام فاسد ومتسلط, تطالب بدولة مدنية حديثة يحكمها النظام والقانون لا تحكمها المحسوبية والرشوة والفساد..


* وماذا عن تاريخها التنظيمي؟
– انا عضوة في الحزب الاشتراكي اليمني منذ العام 1976, ثم عضوة في اللجنة المركزية للحزب من بعد حرب 94 وحتى الآن, افاخر بعضويتي بالحزب وسأظل فيه ولن أتغير مهما كانت الظروف والمتغيرات, وللعلم فقد رتبت أوضاعي بعد حرب 94 وتحفظت عن ترتيب ذلك عام 90 لعدة أسباب.


* ما طبيعة تلك الأسباب ؟
– الحقيقة كانت لي وجهة نظر في دخول الحزب بالوحدة الاندماجية التي هللنا وكبرنا لها كثيرا, وكانت لي وجهة نظر في الطريقة والكيفية التي تمت بها الوحدة في ذلك العام, وحتى لايصطاد في الماء العكر من يتتبع العثرات فقد كنت مقتنعة تماما بالوحدة اليمنية وكتبت حينها قصيدة فرح وبهجة إلى ولدي الصغير (حسن) والذي كان يبلغ من العمر 7 سنوات, ولكن طريقة دخول الحزب بتلك الوحدة كانت من وجهة نظري غير جيدة, فالرفيق علي سالم البيض كان في ذلك الوقت أمينا عاما للحزب واتخذ القرار فرديا ولم يأخذ آراء الكل وهو قرار غير ديمقراطي, وبالتالي كحزبية منظمة تنظيما صارما كنت متحفظة على ذلك القرار, وارى ان الوحدة خلقت كسيحة ونحن حاليا نتحمل هذا المولود المريض الذي ولد معاقا, والشعب حاليا هو من يدفع ثمن ذلك، وكان بالإمكان أن تصير الوحدة بشكل آخر وجميل.


* هل أنت راضيةً عن التحركات التي يقوم بها بعض قادة الجنوب كالبيض والعطاس وعلي ناصر؟
– لا.. لست راضية تماما عن تحركاتهم الحالية، لسبب واحد وهو أن تحركاتهم كان يجب أن تكون بعد حرب 94 وكان عليهم ألا يتركوا البلد تسير إلى ما صارت إليه اليوم، هم كانوا قادة دولة وموقعين على وحدة يجب عليهم ألا يسكتوا كل هذه الفترة منذ 1994م وحتى اليوم اكثر من 17 سنة، وكان الأجدر بهم أن يطالبوا منذ وقت مبكر بتصحيح مسار الوحدة عبر كل الأطر الدولية، ولكن للأسف الرفيق علي سالم البيض (سكت دهرا ونطق كفرا) وظهورهم حاليا لن يحظى بتأييد من أحد حتى من أقرب الناس إليهم.


* كقيادية اشتراكية ما الذي تطلبيه منهم في الوقت الراهن؟
– المطلوب منهم الانضمام سريعاً إلى ثورة الشعب اليمني من جنوبه إلى شماله ومن شرقه إلى غربه، وذلك للمطالبة بالدولة المدنية الحديثة، ألم يكن أمل الناس من الوحدة تحقيق الدولة المدنية الحديثة وإقامة دولة النظام والقانون؟! فإذاً الثورة الحالية وحدت كل أبناء الشعب وجعلتهم يقفون صفاً واحداً في المطالبة بتحقيق ذلك، ولذا أطلب منهم الوقوف إلى جانب هذه الثورة والمطالبة بتصحيح مسار الوحدة.


المشترك والثورة

* كقيادية في الحزب الاشتراكي اليمني الذي يعد أحد أبرز تكتلات (اللقاء المشترك)، هل أنت راضية كل الرضى عن الدور الذي يلعبه المشترك في هذه الثورة؟
– في البدء كنا راضين، على أمل أن تستفيد هذه الأحزاب من تجرباتها السابقة مع النظام وألا تفسح له طريقا لمزيد من المراوغة واللف والدوران، وأن تتمكن بإقناعه بشتى الطرق السلمية بترك السلطة لهذا الشعب الذي خرج ثائرا ضد فساده وشخصنته للسلطة وتحكمه بها، لكن وللأسف الشديد أصبحت قيادة هذه الأحزاب متفرجة تريد أن تكون مع الثورة وتريد أن تبقي خطا للحوار مع السلطة والواقع يثبت أن لاحوار مع هذه السلطة ومع هذا النظام الذي لا يفهم لغة الحوار مطلقا..


* مرت حوالي 10 أيام على إعلان معارضي صالح بدء الحسم الثوري، لكننا لم نشهد جديدا يعجل بذلك الحسم حتى الآن؟
– الشباب يريدون من خلال الحسم الثوري نقل الفعاليات والإعتصامات من الساحات إلى الحارات لتشمل مناطق أوسع وتشكل ضغطا اكبر على بقايا النظام…


* “مقاطعا”.. لكن نقل ذلك إلى الحارات اعتبره البعض إقلاقاً للسكينة العامة للمواطنين؟
– لا أرى بأن ذلك سيقلق السكينة العامة للمواطنين بقدر ما هو امتداد للساحات لتصبح المدينة بأكملها ساحات، بدليل أن بعض الأحزاب الرئيسية المنضوية تحت أحزاب المشترك تقاطع أحيانا الخروج في مسيرات مع الشباب من الساحات فيخرج قلة من الشباب..


* لماذا تقاطع؟

– هذا السؤال يوجه لقادة أحزاب المشترك، فهم يرفضون توجيه قواعدهم للمشاركة في بعض المسيرات، خلافا لشباب الحزب الاشتراكي الذين يشاركون في كل المسيرات ولا ينتظرون أمرا من أحد، وبالمناسبة قادة الحزب الاشتراكي بتعز ليس لها أي حضور داخل الساحات وهم أقرب إلى المستقلين منه إلى المتحزبين، وكما ذكرت فالمسيرات تنقل من الساحات إلى الحارات وكلما مضى الشباب المتظاهرين في شارع ازداد حجمهم واللحاق بهم، وحاليا الشباب دخلوا في هذه المسيرات معظم حواري تعز وقاموا بتمزيق صور صالح في معظم الحارات التي يقطنها أنصاره ولم يعترضهم أحد إلا في بعض الحارات التي يتواجد فيها بلاطجة النظام.


* هل من خطوات حاسمة وجادة ينفذها الشباب لإجبار نظام صالح على الرحيل وترك السلطة؟
– ما يفعله الشباب حاليا هو نضال سلمي مدني يدخل ضمن الدولة المدنية الحديثة، والنظام لا يفهم ذلك تماما ولا يفهم الا خيار الحسم العسكري للاسف الشديد.


* هل أنتِ من الداعين لهذا الخيار؟
– لا، لست مع الداعين إلى الحسم العسكري ولا أؤيد طريقة القذافي لأنه أفسد الحرث والنسل ودمر ليبيا بشكل كامل، وبالتالي طريق الثوار سيطول لأنهم يرفضون الخيار العسكري وخيار العنف ولا ضير أن يطول الحسم السلمي في سبيل عدم إزهاق الأرواح وقتل الأبرياء من أبناء الشعب…..


* (مقاطعا) اذا اتجه البعض الى هذا الخيار؟
– إذا اتجه البعض نحو الحسم العسكري وحسمت الأمور قيادة عسكرية فمعنى ذلك أننا انتقلنا من حكم عسكري إلى حكم عسكري آخر (ديمه خلفنا بابها) وبالتالي سيكون ذلك في منأى عن ثورتنا وبالتالي ستظل الساحات تطالب بدولة مدنية وبحسم ثوري مدني سلمي.

* كيف تلقيتم تفويض صالح لنائبه بالتوقيع على المبادرة الخليجية؟

– عموما المبادرة الخليجية هي مرفوضة من قبل الشباب ولم تجد تأييدا منهم في بدايتها وهم لم يوقعوا عليها ولم تعترف هي بهم أيضاً كونها لم تخاطبهم ولم تعرهم أي اهتمام مع أنهم من فجروا شرارة الثورة.. وقع عليها المشترك والمؤتمر فقط، وأرى بأن الحديث عنها حاليا هو مضيعة للوقت فقط..
كان يجب على المشترك الذي يعد جزءا من الثورة أن لا يوقع على أي اتفاقية إلا بوجود قوي للساحات، والخطأ في المبادرة أنها صورت ما يحدث في اليمن على أنه أزمة سياسية وليست ثورة شعب، ولذا يجب إعادة النظر في ذلك ويجب على الخليج أولاً الاعتراف بالثورة قبل الحديث عن أي اتفاقيات او مبادرات.


* المعارضة بكل مكوناتها شكلت مؤخرا مجلسا وطنيا جمع قوى الثورة، لم تمر سوى ساعات على تشكيل ذلك المجلس وبدأت الانشقاقات والاستقالات والتحفظات من كثير من القوى، مما فسره البعض فشلاً ذريعاً لمعارضي النظام في عدم قدرتهم على توحيد صفوفهم فكيف إذا تسلموا دولة.. ماقولك؟
– من وجه نظري الاستقالات والتحفظات التي صدرت من بعض القيادات الجنوبية ناتجة عن سيطرة فكرة وجود دولتين (الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) وأعادونا إلى ما بعد حرب 94، بمعنى بعض الإخوة في الجنوب يرون بأنه حتى يكون هذا المجلس مقبولا يجب أن يكون مناصفة وهذا غير صحيح، ومن استقالوا كانوا يفكرون بأن هذا المجلس هو مجلس حكم والحقيقة هو مجلس لقيادة الثورة وهناك اختلاف كبير بين المجلسين.


* تعددت الكيانات في الساحات وأصبحنا نسمع يوميا بإعلان كيان كذا ومجلس كذا وكل واحد منهم له أجندة خاصة وتوجهات تختلف عن الآخر، لماذا لا يتم توحيد تلك الكيانات في كيان واحد؟
– هناك مساعٍ حثيثة حالية في الساحة لتوحيد مثل هذه الكيانات، والمجلس الأهلي بتعز يسعى حاليا لا يجاد كيان واحد للشباب يعمل إلى جانبه ويكون الشباب ممثلا فيه.


* كقيادية في المجلس الأهلي بالمحافظة الذي يعد بديلا للسلطة المحلية في حالة وجود أي فراغ أو إختلالات, أين يكمن دوركم حاليا في ظل الانفلات الأمني الحاصل في تعز؟
– هذا السؤال يوجه لرئاسة اللجنة الأمنية بالمجلس من أجل الإيضاح بشكل أكبر، ويجب عليهم تقديم خطة للمجلس التنفيذي للوقوف أمام هذا الانفلات الذي يهدد السلم الاجتماعي ويهدد أمن واستقرار المحافظة.

* من الملاحظ بأن هناك مساع لجر تعز نحو العنف والعنف المضاد، لماذا تعز تحديداً؟
– لان تعز دائما هي عنوان للثقافة والحداثة وبالتالي هناك جهات تريد أن تمحي هذه الصفة من هذه المحافظة ولكنها ستفشل، وأملنا كبير في أن تتمسك هذه المحافظة بمدنيتها وحضارتها المعهودة وثقافتها وانفتاحها على الاخر وبسلميتها اولا واخيرا.


* ظاهرة حمل السلاح والتمظهر والتباهي به في شوارع تعز من قبل أطفال دون سن 15، هذه مسألة في غاية الخطورة، ما هو دوركم في الحد من ذلك وما تأثيره على الأجيال القادمة وعلى المجتمع بشكل عام؟
– بلا شك هذا سيكون له تأثير سلبي على المجتمع لأنه في النهاية أنت تنشئ طفلاً يعشق السلاح ويتباهي بهم وهي مسألة كما ذكرت في غاية الخطورة جميعاً يجب أن نقف بشكل جاد ومنطقي ونعمل على الحد منها حفاظا على مستقبل أطفالنا ومجتمعنا..


* أستاذة شفيقة، ما الحل برأيك للخروج من هذه المعضلة الحقيقية التي تعصف بالبلد؟
– على الرئيس صالح التفكير جيداً وعليه أن يجلس مع نفسه كثيرا وينظر إلى ما يحصل حوله في العالم العربي، وعليه أن يعلم بأن الشعب اليمني باقٍ في الساحات ولن يمل، وعليه أن يفكر بإخراج نفسه ووطنه إذا كان ما يزال يرى نفسه زعيما لهذا البلد، ويبحث عن مخرج حسن يجنب الشعب اليمني الخراب والدمار.


* كلمة أخيرة في نهاية هذا اللقاء؟
– شكرا لصحيفة إيلاف ولهيئة تحريرها المتميزة على هذا اللقاء الرائع وعلى اهتمامها الكبير بالثورة وما يجري في كل الساحات اليمنية .

 

حاورها/ سلطان مغلس

المصدر: صحيفة إيلاف

زر الذهاب إلى الأعلى