أرشيف

حوار مع الباحث والناشط الحقوقي الدكتور عبد القادر البناء

  قال الباحث والناشط الحقوقي الدكتور عبد القادر  ما تحتاجه البلد في المرحلة المقبلة من ثبات وصمود ثورتها حتى تحقيق أهداف الثورة كاملة, ثم توافق وطني واسع لانجاز مهام المرحلة الانتقالية وإرساء أسس الدولة المدنية الحديثة.

في حوار أجراه الزميل سام أبو أصبع لصحيفتي الثوري والتحديث أكد البناء الذي يشغل موقع المدير التنفيذي للمرصد اليمني لحقوق الإنسان أن المسارين السياسي و الثوري شقان متلازمان ومكملان لانجاز هدف مشترك لا مجال للتراجع عنه.


وتحدث البناء عن قضايا كثيرة منها دور القوى التقدمية في الوصول إلى الدولة المدنية الحديثة .. نص الحوار:




•  نبدأ معك كم الحديث عما يراه ثوار جمودا على الصعيد السياسي يخشون تأثيره سلباً على الساحات الثورية.. ماذا ترى في الجانب؟


•o  اعتقد أن السياسيين بعد اندلاع الثورة بوقت قصير وضعوا رهانهم الكامل على المدخل السياسي الصرف وكيفوه مع رهان يرى في الثورة مكملاً ورافداً لا غنى عنه إنجاز عملية التغيير الشامل التي حلم بها اليمنيون وهبوا بالملايين وبصدور عارية يطالبون بها, وبالتالي فإن أصحاب مشروع التغيير الحقيقي اليوم لا يراهنون فقط على أحد المدخلين إما السياسي أو الثوري لبلوغ هدفهم, بل يرون في الثورة ضمانة لا بديل لها للسير قدماً بعملية التغيير حتى تحقق كامل أهدافها, ويرون العمل السياسي وسيلة قد تجنب الثورة الكثير من الأخطار والتضحيات الناهضة التي يضطرون لدفعها ثمناً لنضالهم السلمي الدؤوب والمتواصل وعلى هذا الأساس لا داعي للخوف مما قد يبدو جموداً في أحد المسارين السياسي والثوري باعتبارهما شقين متلازمين ومكملين لانجاز هدف مشترك لا مجال للتراجع عنه, فإذا خفت أو جمد لبرهة أحد هذين الشقين ف‘ن الآخر سيرفده ويدفعه قدماً نحو الهدف, وإذا اشتد بالآخر حماس الاندفاع باهظ الثمن لبلوغ الهدف فسيلعب الأول هنا دور المساعد لتلافي المخاطر والتضحيات الناجمة عن ذلك.. وهكذا.. وعموماً فإن ما يبدو جموداً في العملية السياسية الآن قد يغدو مقدمة لا مناص منها لاستكمال مقومات وروافد عملية الضغط والحصار الخارجي والداخلي الذي سيفقد بقايا النظام ما تحاول التشبث به من عوامل البقاء ..وكما ترون فإن الجمود في المسار الثوري غير وارد فالتصعيد متواصل وبخطى في المسار الثوري غير وارد فالتصعيد متواصل وبخطى حثيثة.



• النظام يراهن على الوقت متمنياً تراخي قبضة الثورة.., والثور على ماذا يراهنون؟


•o
يراهنون منذ 9أشهر على عدالة قضيتهم ومطالبهم وعلى سلمية نضالهم الذي تشارك فيه اليوم الملايين في عموم المحافظات.. كما يراهنون على ما يتراكم لديهم يومياً من خبرات ومهارات تنظيمية تعزز صمودهم وقيادتهم الموحدة والمنسجمة للثورة.. هذه هي محاور رهان الثوار التي يصعب استبدالها برهانات أخرى.. لكن ذلك لا يعني أن رهانات الثوار على عوامل ضغط المتهاوي غير واردة بما فيها الرهانات على النظام المتهاوي غير واردة بما فيه الرهانات على الضغط الدولي والإقليمي على النظام لعزله نهائياً, وتفكيك ما تبقى من روابط بين رموزه وأنصاره.




•  إلى أي حد تراهنون في الثورة على الثورة على المجتمع الدولي للمساعدة في التغيير الذي تريدونه؟


 


•o الرهان على المجتمع الدولي بمنظماته وتجمعاته ودوله المختلفة سيظل ضرورة وإجراء مكملاً لما تحققه الثورة من منجزات على الصعيد الداخلي, فعبر إطباق الحصار كاملاً على بقايا النظام وعزله كلياً عن أولئك الذين دعموه طويلاً على المستوى الدولي, ستتمكن الثورة من قطع خطوات حثيثة صوب انتصارها الكامل.




 


•·  في هكذا ظروف ماذا يمكن أن تكون الخطوط العامة للإستراتيجية في الوقت الحاضر؟


•o  الحفاظ على مضمون السلمي للثورة وإجراءاتها التصعيدية السلمية, مع الحرص على الاستفادة والدعم لأي انجاز يحققه المسار السياسي ولا يترتب عنه تراجع عن أهداف الثورة الأساسية أو خفض سقف مطالبها.. التجسيد العملي للإرادة والقيادة الموحدة للثورة على مستوى الوطن وعلى مستوى كل المحافظة أو ساحة, وعلى مستوى الخارج أيضا, من خلال تفعيل حقيقي لدور المجلس الوطني وهيئاته المتخصصة, والاهتمام بثلاثة مسارات هامة للعمل الثوري ألتصعيدي إلى جانب الضغط الشعبي الثوري عبر المسيرات الاحتجاجية السلمية.



كما يتطلب الأمر العمل خارج الساحات لتوسيع قنوات وآليات التواصل والترويج لأهداف وقيم وبرامج الثورة مع الشريحة الشعبية المسماة بالفئة الصامتة, ومع منتسبي الوحدات العسكرية والأمنية الخاضعة لبقايا النظام, وكذلك تكثيف العمل الإعلامي داخلياً وخارجياً بالتركيز على ومسموعة, واستهداف الناس عبر قنوات مرئية ومسموعة, واستهداف حاجز الحصار الإعلامي المروض إقليمياً وعالمياً ضد الثورة اليمنية.


يضاف إلى ذلك اتساع دائرة علاقات المجلس الوطني وهيئات المتخصصة بالمنظمات والهيئات الإقليمية والدولية وع الحكومات والقوى السياسية والأجنبية مباشرة لفرض نفسه كبديل وحيد لهيئات النظام اللاشرعية.



•· هناك عبارة مشهورة لقائد أعظم ثورة في القرن الماضي يقول: بقدر ما تحاج الثورة الى التنظير, فان قادتها ملزمون بان يقفوا إلى جانب الناس مشاركين لهم في مقاومة الطغيان.. أين قادة الثورة اليوم من ذلك؟


•o من أهم مميزات ثورتنا الحالية أن قادتها الحقيقيين والمباشرين صنعتهم وفرضتهم اللحظة الثورية ذاتها.. وهؤلاء هم طلائع الشباب الذين هبوا للشوارع والساحات لمواجهة قوى وأجهزة الاستبداد والقمع بإرادتهم القوية وبخبراتهم الذاتية المتواضعة بالغالب.. فأكثرهم خبرة لم يكونوا سوى قيادات شبابية متوسطة ضمن.. لذلك ليس صحيحاً اتهام القيادات إلا ما ندر منهم.. لذلك ليس صحيحاً اتهام القيادات السياسية والحزبية بالتنظير للثورة والابتعاد عن مشاركة الناس في مقومة الطغيان فهذه القيادات لم يكن من الممكن لها أن تمارس التنظير للثورة باعتبارها لها أن تمارس التنظير للثورة باعتبارها التحقت بالثورة بعد انطلاقتها, وأخذت تكيف وتطور دورها اللاحق في الثورة وفقاً لما فرضته الوقائع والمعطيات على الأرض. وكون الكثير من القيادات السياسية والحزبية تحولوا فيها بعد إلى قادة للثورة وأقصد هنا بعد إعلان المجلس الوطني, أو حتى من خلال الدور الذي مارسه المشترك قبل ذلك.. وهذا لا يكسبهم حقوق امتياز قيادة الثورة, إلا من خلال نجاحهم في لعب الدور السياسي الداعم والمكمل للفعل الثوري, وهو الدور الذي يجاهر به هؤلاء ولا ينكرونه. إن دور القائد الثوري لا يستوجب بالضرورة تصدر الصفوف الأولى للمواجهة مع أجهزة القمع, وظروف الثورة الحالية أفرزت بل صنعت نماذج متباينة وعديدة مع القادة الذين يتواصل تدريجياً تكال المواصفات والمهارات القيادية لديهم في خضم الثورة المتواصلة, مع ذلك فلا يمكن إنكار التواجد الفعلي لعدد محدود من القيادات السياسية البارزة وانغماسهم في خضم الفعل الدوري الجاري.




•· الثورة مصالبة اليوم أكثر من أي يوم مضى بابتكار طريقة لإيصال رسالتها إلى العالم, وما يبدو على منابرها الإعلامية بروز الكثير من الخطابة والوعظ, ويطغى فيه الحماس على كل شيء.. ألا تحتاج الثورة إلى صوت العقل القادر على مخاطبة الأخر بلغة يفهمها؟


•o  قد اتفق مع فكرة أن المنابر الإعلامية للثورة فيها الكثير من الخطاب لهم تواجد ونفوذ وإمكانيات تفوق الآخرين, لكني اعتقد أن اصحب الخطاب الأخر وصوت العقل الذي تسأل عنه ليسوا غائبين كلياً ولا عاجزين عن تحقيق قدر من التوازن.. بل هم بحاجة إلى الالتفات والاهتمام الجدي والمنظم بالجانب الإعلامي, مع تسخير المزيد من الإمكانيات والموارد لهذا الجانب.



•· يلاحظ ظهور شعارات جديدة منشورات دينية في محاولة على ما يبدو لاكتساب مكانة لها على حساب رؤى تسعى إليها الثورة كما يرى البعض ذلك.. أين تقف القوى التقدمية مما يحدث؟


•o الخطاب الديني المتشدد تسيَد وفرض هيمنته طويلاً بدعم وتنسيق مباشر مع نظام صالح ولا غرابة أن تجده اليوم حريصاً على فرض وجوده ومحاولة تحيير منجزات الثورة لصالحه, لكن ما تطرحه الثورة اليوم وتحققه من أهداف وطموحات تلتف حولها قطاعات شعبية واسعة كفيل بمد أنصار الدولة المدنية الحديثة بالكثير من عوامل الصمود, إمام الخطاب صياغة للتوازنات لصالح القوى التقدمية ومشروعها المستقبلي.




•· كيف لنا أن تتحدث عن دولة مدنية حديثة في ظل الفتوى الباحثة لها عن موضع في المستقبل؟


•o  أنصار مشروع الفتوى يتشبثون اليوم بأخر الفرص المتاحة لديهم, أما عبر النظام المتهالك ووسائل إعلامه أو عبر ادعائهم مناصرة الثورة والانضمام إلى صفوفها, وفي هذا الصراع المستند على نفس الخلفية المرجعية تتبدى بالملموس مخاطر الاستخدام ألمصلحي للذين في أغراض سياسية صرفة..وهذا ما يساعد على اقتناع جموع أوسع ممن انطلى عليهم سابقاً التوظيف السياسي للدين بان دولة المواطنة التي يتساوى فيها الناس أمام القانون ويتنافسون خلالها لتقديم برامج سياسية تؤهلهم لتداول السلطة على أساسها هي البديل الأنسب للفتوى التي يستثمرها السياسيون لخداع الناس.



•·  ما الذي تحتاجه البلد في المرحلة المقبلة؟


•o  ما تحتاجه البلد في المرحلة المقبلة هو ثبات وصمود ثوارها لمواصلة المسيرة حتى تحقيق أهداف الثورة كاملة, ثم توافق وطني واسع لانجاز مهام المرحلة الانتقالية وإرساء أسس الدولة المدنية الحديثة.


 


المصدر : صحيفة الثوري

زر الذهاب إلى الأعلى