أخبار وتقارير

مقبل الوادعي ومواقفه من الإخوان وجامعة الإيمان وأسامة بن لادن “وثائق “

 

 

الورقة الدينية حاضرة بقوة في لعبة السياسة الشائكة في اليمن. ولقد شهدت البلد خلال العقود الماضية ظهور العديد من الجماعات والشخصيات  الدينية فانتشر الخطاب المتشدد وزحف على المساجد والمدارس الدينية، وكانت النتيجة مزيدا من التشظي المجتمعي والطائفي فضلا عن السياسي بفعل العديد من الفتاوى الدينية التي تضخللتوظيف السياسي فقط  وتتحول مع مرور الوقت إلى أزمات كبيرة وحروب وشروخ عميقة وربما عامل حقد دفين  كما حدث  من توظيف سياسي للفتوى الدينية في حرب 94م.

وهنا محاولة لاستعراض زوايا من فتاوى ورسائل شيخ  دار الحديث (مركز دماج) الراحل مقبل بن هادي الوادعي -التي أخفي بعضها- في محاولة للتعرف على جوانب من وجهة نظر السلفية بتفاصيلها المبهمة وتناقض بعض المواقف تجاه عدد من القضايا المهمة والشخصيات:


نظرة السلفيين في "مركز دماج" إلى الثورات


ينظر السلفيون في "مركز دماج" إلى ولاة الأمر نظرة التعظيم والمدح. فوجوب الطاعة له أمر أساسي حتى ولو أخذ مالك أو ضربك كما يقولون، وعلى ذلك فإن المسيرات أو المظاهرات التي تخرج ضد ولي الأمر تعد حراماً في نظرهم، بل ويصير كل من تظاهر أو طالب برحيل ولي الأمر، من الخوارج، الذين خرجوا عن طاعة علي بن أبي طالب، كما أن الانتخابات تعد حراماً  ولا يجوز أخذ الكرسي على ولي الأمر حتى وإن كان بالسلم، وقد قال بخصوص ذلك شيخهم الراحل مقبل الوادعي: "والرئيس علي عبد الله صالح وفقنا الله وإياه للخير وأصلحنا الله وإياه، يعرف أن دعوة أهل السنة ليست دعوة ثورات ولا انقلابات، فعندما حدثت قضية الضالع وقال: كيف تقولون أنتم ليس عندكم ثورات ولا انقلابات وعندكم الآن مدافع ورشاشات"، جاء في كتابه تحفة المجيب.

وقال أيضا حول وصفه لأهل السنة وموقفهم من الانتخابات: "وأهل السنة بحمد الله في جميع المناطق اليمنية لا ينتخبون، ولا يطلبون الكراسي، ولا يطالبون الرئيس أن يتنازل عن كرسيه".


مواقف مقبل الوادعي من عبدالمجيد الزنداني

من يطلع على بعض أحاديث ورسائل شيخ "دماج"، الراحل مقبل الوادعي، يرى بغضه الشديد لعبد المجيد الزنداني، وقد وصفه بأوصاف كثيرة منها ملبس وكذاب ومخادع وغيرها، وقد ذكر الشيخ مقبل في رسالته (نصيحتي لأهل السنة من الجن 534)، يذكر فيها موقفا له مع الزنداني أمام الرئيس السابق (علي عبد الله صالح)، حيث أراد عبد المجيد الزنداني اتهامه أمام الرئيس بأنه متشدد.

وكما جاء على لسان الشيخ مقبل قوله: "اغتر كثير من الإنس ببعض الدعاة إلى الله، فيرون اللحية المحنّاة والثوب إلى وسط الساق، والعمامة المبرومة، ثم يقولون: هذا هو الداعي إلى الله. ولا بد أنه يوجد في الجن من هذا النوع، وأنا أضرب لكم الأمثلة من الإنس الحزبيين الذين يوجدون عندنا والذين يحرفون الكلم عن مواضعه.

كنت وعبد المجيد الزنداني عند الرئيس، فقلت لهما: أنا أتحداكما أن تثبتا برهانًا على أننا متشددون، لأنّهم يقولون إن أهل السنة متشددون. فسكت الرئيس ويشكر على ذلك. فقال عبد المجيد الزنداني: أما أنا فعندي كلامك في الأشخاص، فقلت له: إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول لمعاذ: (أفتان أنت يا معاذ؟) ويقول لأبي ذر: (إنك امرؤ فيك جاهليّة). فالتفت الرئيس إلى عبد المجيد الزنداني بمعنى ما هو جوابك؟ فما كان من عبد المجيد الزنداني إلا أن قال: إن هذه الأدلة منسوخة".



شهادة مقبل الوادعي على تكفير الزنداني للإشتراكي

يعتبر الجنوبيون الشيخ عبد المجيد الزنداني أحد المشاركين في تكفيرهم وكذلك الاشتراكيين، ولكنه في وقت قريب تراجع وبدأ يقول إنه لم يكفر أحدا من الجنوبيين، وقت أخذت تلك الفتوى اهتمام الكثير من الجنوبيين الذين يجزمون بتورط عبد المجيد الزنداني في  الفتوى ضدهم.

شهادة للشيخ الراحل مقبل الوادعي كما وردت في طيات سطور سطرها في "تحفة المجيب" يقول فيها: "وأضرب لكم مثالاً على ذلك، فقد كان عبد المجيد الزنداني يقول: الشيوعيون كفار، وقد احتلوا البلاد، فلما حصلت الوحدة إذا هم يقولون: الأخ فلان، وفعل الأخ علي سالم البيض كذا وكذا…".

وبطبيعة الحال يندرج التضاد بين الوادعي والزنداني في إطار مماحكات شخصية وسياسية يستثمر فيها الجانب الديني من الطرفين مثل موضوع الوحدة والاشتراكي كما ذكر سلفا؛  لأن مقبل  الوادعي  كان ضد مشروع الوحدة ويذكر أنه حذر من الوحدة كون الحزب السائد والمنتشر في أرجاء الجنوب شيوعي وماركسي، بحسب طلاب في "دماج".


عبدالله صعتر من لم ينتخب الإصلاح كمن لا يصلي

يهاجم مقبل الوادعي في أحد أحاديثه، عبدالله صعتر -الخطيب الحالي في ساحة التغيير بصنعاء- متهما إياه باستخدام الفتاوى واللعب بورقة الدين للترويج لحزب الإصلاح، حيث إن الآخر قد ساوى بين تارك الصلاة وبين من لم ينتخب حزب الإصلاح، كما يقول مقبل الوادعي في حديثه: "فكم نبح عبدالله صعتر يقولون له: يا شيخ ماذا عن الذي لا يدخل في الانتخابات ولا ينتخب حزب الإصلاح؟ فيجيب صعتر بالقول: مثله كمثل الذي لا يصلي… وآخر يقول: يا شيخ والذي  يدخل في الانتخابات ولا ينتخب حزب الإصلاح؟

 فيقول: مثله كمثل القواعد أي النسوة القواعد اللاتي قد أصبحن عجائز".


مهاجمة مقبل الوادعي لمؤسسات الإخوان المسلمين، وتحذيره من جامعة الإيمان

يعتقد الشيخ مقبل أن المؤسسات التي يشرف عليها الإخوان المسلمون إنما هي مؤسسات ربحية تستخدم الدين وقضية النصرة للكسب وجني الأموال، ويذكر أنهم يتخذونها -أي تلك المؤسسات- وسيلة لترويج أنفسهم في الانتخابات، حتى يعطي المستفيدون من المواطنين في هذه المؤسسات أصواتهم في الانتخابات لهم. وينتقد مقبل  حزب الإصلاح. ففي حديثه عنهم يقول: "والغالب على المؤسسات التي يقوم بها الإخوان المسلمون، أنّهم يقومون بها من أجل أنه إذا حصلت انتخابات ينتخبهم أولئك".

أما جامعة الإيمان بصنعاء والتي يشرف عليها عبد المجيد الزنداني، فقد شاع عنها بأنها مؤسسة تنتج الجهاديين. جماعة السلفية التي كان يمثلها الوادعي تعادي هذه الجامعة، ففي نصيحة لشيخهم مقبل الوادعي يقول عنها: "وكلية الإيمان لو كانت كلية إيمان، أو كلية سنية سلفية ما طرد بعض إخواننا الجزائريين منها.. فلا ننصح بالالتحاق بها". 

وعن نظرة مؤسس مركز "دماج"، مقبل الوادعي،  إلى جماعة الإخوان المسلمين وأطماعهم في الوصول إلى الحكم منذ سنين. وفي ذلك الأمر يقسم مقبل الوادعي أن الأخوان المسلمين (الإصلاح) كاذبون ويصفهم بالمفلسين، فهم لا يريدون السلطة والحكم إلا للترف والغنى، وجلب الأموال والسيارات وغيرها.

فقد قال فيهم-مقبل الوادعي- في ذلك: "قال الإخوان المفلسون: إننا نريد أن نأخذ الكرسي بطريقة سلمية، فأشهد لله بأنكم تعلمون أنكم كاذبون، ليست إلا تلبيسات على العوام، قولوا: نأخذ السيارات بطريقة سلمية ونأخذ المرتبات بطريقة سلمية".

كما ويقول -مقبل الوادعي- رداً على سؤال وجه له عن جماعة الإخوان المسلمين: "دعوة الإخوان المسلمين دعوة مادية دنيوية، ولجمع الأموال".

وحول التنظيمات والاجتماعات السرية لجماعة الإخوان المسلمين يقول مقبل الوادعي: "أما أن يكون عندنا، مثل الإخوان المفلسين، أو أصحاب جمعية الحكمة، فيكون عند أصحاب جمعية الحكمة اجتماع فيقولون: أنت يافلان تأتي من هذا الشارع، وأنت يافلان تأتي من ذاك الشارع، وهذا يأتي من هنا وآخر من هناك، ولا تتركوا السيارات عند البيت. فهذه تنظيمات عقيمة عقيمة، وأقول: ماذا يحتاجون من السرية وجرائدهم تمدح الحكومة وكذلك أشرطتهم، فليست إلا وسوسة شيطانية، لصرفهم عن الكتاب والسنة".


دعم أسامة بن لادن لـ"مركز دماج" ثم اتهامه من الوادعي بالحزبية بعد خلاف بينهما

لقد كان للشيخ مقبل دور في توجيه بعض النصائح للجهاد والنصح بالانضمام لأسامة بن لادن، قبل أن يختلف معه بسبب ما قال إنها الحزبية في أسامة بن لادن. ولنعرف حقيقة ذلك نستعرض سؤال وجهه بعض طلابه له جاء فيه: "كنت قبل أيام توصيمن أراد أن يستنصحك في الجهاد أن يذهب عند (حكمتيار) أو (جميل الرحمن). فهل كانت الأخبار التي تبلغك غير الأخبار الصحيحة؟"

يجيب مقبل عن هذا السؤال بالقول: "أما (حكمتيار) فقد بلغني أنه إذا سئل عن العقيدة يجيب بمذهب السلف إذا كان عند العرب، لكن إذا كان عند الأفغان يراوغ. وقد اتضح الآن أنه انقلب على عقبيه. ولا أذكر أنني قلت: يذهب عند (حكمتيار) لكن أقول: عند (جميل الرحمن) أو عند (أسامة) فلما عرفت الحزبية عند (أسامة) لم أرشد إليه فالله المستعان". وحديث الوادعي هنا يؤكد أن أسامه بن لادن زعيم تنظيم القاعدة كان من أهم الداعمين لمركز دماج وفي حال انقطع التواصل بين زعماء المركز الديني بدماج وبين زعيم القاعدة،  إذا صح كلام الوادعي حول ذلك،  فالفقرة السابقة تؤكد أن وقف التواصل كان بسبب خلاف  ديني حول الحزبية كما اتهم الوادعي أسامة بأنه أصبح متحزبا. 

ويواصل الوادعي حديثة بالقول: "وفي أزمة الخليج أرسل-أسامة بن لادن-  بفلوس كثيرة لطلبة العلم وبقي يرسل إلي بفلوس وفي ذات مرة قال: نريدك أن تشتري مدافع ورشاشات توزعونها للقبائل فقلنا لا تعودوا ولكن عبادة استغل هذا وذهب إليهم وأعتبر عمل عبادة هذا خيانة للدعوة حتى إن عبادة قال لي خلني أكمل مشروعي وبعد ذلك تكلم فيهم وتكلمت فيه وفيهم.
قال أبو همام: عبادة شاب من أحد وديان صعدة وهو جهادي قتل بسبب لغم كان يجربه وقيل إنه تراجع عن هذه الفكرة قبل وفاته والله أعلم".

الفقرة أعلاه وبعد الخلاف الذي يبدو واضحا بين زعيم القاعدة  أسامة بن لادن ومقبل الوادعي، بدأ الوادعي يتحدث لطلابه متهما أسامة بأنه يفضل الدعم بالأسلحة عن بناء المساجد. لكن حديث الوادعي في نفس الفقرة يؤكد أن زعيم القاعدة كان من أكبر الداعمين للمركز إلا أن خلافا طرأ بين الرجلين، وهو ما دفع الوادعي لبدء مهاجمة أسامة وهو مشابه لما حدث بين الوادعي والزنداني إذ يتضح أن الخلاف شخصي تنافسي مالي بين مراكز قوى دينية سياسية.

وتوضح الفقرة التالية كيف أن الخلاف بين الرجلين مرتبط بطموح الزعامة وأمور السياسة وأن أظهر بطابع الدين والتقوى والفضيلة.

ويقول الوادعي في نقاش معه حول أسامة إن  لأسامة بن لادن طموح ويرغب في أن يصير "مركز دماج" مركزاً لتجهيز المقاتلين وإعداهم، وفي سبيل الوصول إلى ذاك الطموح، بدأ بإرسال الأموال لشراء العتاد والسلاح لطلاب المركز، وقد أرسل حقاً مبالغ مالية إلى بعض من في مركز دماج واستطاع استقطاب عدد منهم، وفي ذلك يقول مقبل الوادعي في حديثة عن الأموال التي يرسلها أسامة بن لادن لدعم المركز: "ومن الأمثلة على هذه الفتن، الفتنة التي كادت تدبر لليمن من قبل أسامة بن لادن إذا قيل له: نريد مبلغ عشرين ألف ريال سعودي نبني بها مسجدًا في بلد كذا. فيقول: ليس عندنا إمكانيات، سنعطي إن شاء الله بقدر إمكانياتنا. وإذا قيل له: نريد مدفعًا ورشاشًا وغيرهما. فيقول: خذ هذه مائة ألف أو أكثر وإن شاء الله سيأتي الباقي"، جاء في كتابه "تحفة المجيب".

وتوضح الفقرة التالية كيف بدأ الوادعي يتنصل بعدها من علاقته بزعيم القاعدة بعد التغييرات التي طرأت على السياسة العالمية. والواقع يشمل العديد من الشخصيات التي برزت في الساحة اليمنية على مدى العقدين فمنهم من تنصل من فتاوى تسببت في إيذاء وشرخ غائر بين شعوب بكاملها كفتوى حرب 94م  ومنهم من ظل في كنف أنظمة استباحت البلدان واستبدت  بشعوبها على مدار عقود تحت ضلال الدين (كطاعة ولي الأمر) ليتنصل منها بغتة بأمر الدين أيضا كالمشائخ المنتمين للأحزاب السياسية في اليمن والكثير الكثير.

يقبل الوادعي دعم ومساعدة أسامة إن كانت غير مشروطة كما يقول، ما يعني أن خلفية الرجل أو توجهاته وأهدافه غير مهمة طالما يرسل مساعدات للدعوة حسب ما يرد في حديث للوادعي  إذ يقول:

"أرسل إلينا أسامة بن لادن أنه سوف يساعدنا بكتب وغيرها فقلت (للمرسل) قل لإسامة يهتم ببناء المساجد في الجنوب وبناء مقرات للدعاة ثم أرسل إلينا أو أرسلنا آخر فقلنا إذا أراد مساعدة الدعوة بغير شرط أو قيد فذاك".


تأسست دار الحديث التي تعرف اليوم بـ(مركز دماج) في عام 1399هـ تقريبًا، على يد الشيخ الراحل مقبل بن هادي الوادعي -المكنى بأبي عبدالرحمن- بعد عودته من بلاد الحرمين التي مكث فيها سنين طويلة.

 ويقع مركز دماج  في محافظة صعدة، مديرية الصفراء، قرية (دماج)، التي تبعد عن مدينة صعدة بحوالي 7 كيلومترات، أي نحو نصف ساعة بالسيارة.

المشرف على مركز دماج اليوم هو الشيخ يحيى بن علي الحجوري وهناك زعم أنه عين مسؤولاً عن المركز بوصية أوصى بها الشيخ مقبل  الوادعي إخوته قبل رحيله. ويعد مقبل الوادعي مؤسس مركز دماج ومؤسس السلفية في اليمن فهم يخضعون لتوجيهاته ولكلامه دون أسئلة أو نقاش.

المصادر:

رسائل وكتب وفتاوى للشيخ مقبل الوادعي.

 

كتب : مشعلالخبجي، ماجدفريد:


نقلاً عن الشارع اليومية

زر الذهاب إلى الأعلى