فضاء حر

أوقعوا هادي في الفخ ثم بدأت مرحلة الابتزاز

يمنات

تجرنا الحماسة أحيانا للاصطفاف مع طرف ضد الأخر على أمل أن يكون ذلك الطرف هو المخلص, وأثناء ذلك يفوتنا التقييم الموضوعي للإشكال, فنصدر أحكاماً سرعان ما نندم عليها, ثم نخجل من التراجع حتى لا تظهر سطحيتنا.

هناك صراع بين الرئيس هادي ومراكز القوى التقليدية وعلى رأسها الجنرال العجوز محسن, ذلك الصراع لا يتمثل فقط في أسماء القادة المقترح تعيينهم بعد الهيكل الجديد للجيش, بل يمتد إلى مصالح هائلة تتمثل في ألوية وهمية بكاملها تتبع بعض الشخصيات القبلية النافذة, وهناك الأف الأسماء الوهمية أيضا أو غير العاملة التي تتبع قادة بعض الوحدات الرئيسة, تلك المصالح هي ما يجعل المستفيدين منها يستميتون من اجل البقاء في مناصبهم او يسعون الى شغل مناصب جديدة.

دخل الصراع مرحلة الضرب تحت الحزام بعد التصريحات التي سُربت من طرف يتبع الجنرال العجوز لجريدة القدس العربي حول قيام هادي بتعيين المقربين منه خصوصاً من ابناء منطقته في الكثير من الوظائف العسكرية الحساسة خلال عام من توليه, متجاوزاً ما فعله الرئيس السابق خلال عقود من حكمه لليمن, تلك المعلومات وان كانت غير دقيقة, لكن بعضها صحيح وظاهر للعيان ولا يحتاج إلى أدلة, فيكفي مراجعة أسماء من تم تعيينهم خلال العام المنصرم لنتأكد منها, إلا أن اخطر ما في تلك المعلومات هو إعطاء أبناء هادي صلاحيات غير معلنة في التدخل في شؤون بعض الوزارات أو لإدارة بعض ألوية عسكرية بما يحمله ذلك من إهانة لقادة تلك الوحدات.

سبق ونصحنا الرئيس هادي أن يتجنب بناء مركز قوة ثالث مواز لمركزي محسن وصالح لان ذلك سيجعله طرفاً في الصراع بدلاً من ان يكون حكماً فيه, لكن البعض أغرى هادي بحجة أن استمراره في الرئاسة مرهون بتعيينه القريبين منه ليُحكم السيطرة على الوضع, متناسين ان تلك المعادلة هي نفسها التي أخرجت صالح من الحكم وان تكرارها مستحيل, سكتت مراكز القوى التقليدية عن تعيين هادي للكثير من المقربين منه. ليس حباً في هادي, بل رغبة منها توريطه في نفس منهجها في إدارة واقتسام الجيش, وبطريقة أوضح فقد بلع هادي الطعم ظناً منه انه يقوي موقفه, وهو في حقيقة الأمر جُر دون أن يدري إلى فخ نصب له بأحكام, وفي أول صراع بينهم امسكوا هادي من تلك النقطة" أصحاب أبين".

الفرصة لا تزال سانحة أمام هادي ليخرج نفسه من ذلك المأزق ويقوم بمراجعة كل قراراته السابقة ويشكل لجنة من خبراء عسكريين مهنيين من المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة تكون وظيفة اللجنة ترسيخ القيادات العسكرية والأمنية بناء على معايير مهنية عادلة وواضحة وشفافة لا تترك مجالا للمزايدة وتضع تلك اللجنة في اعتبارها أن تشمل خريطة القادة مختلف مناطق اليمن وبما لا يخل بالمعايير الأمنية الأخرى.

المعايير المهنية كفيلة باستبعاد اغلب القادة السابقين والمحسوبين على مراكز القوى التقليدية لان اغلبهم إما فاسدين أو بدون مؤهلات أو شهادات عليا أو ممن وصلوا إلى السن التقاعد وبذلك سيجنب هادي نفسه الصدام مع تلك المراكز أكثر ما نخاف منه أن تستمر الضغوط على هادي بسبب التعيينات السابقة لبعض أبناء منطقته مما يدفعه إلى ترضية تلك المراكز ببعض المناصب الحساسة ليسكتوا عن قراراته السابقة وبذلك تنتهي قرارات الهيكلة إلى اقتسام جديد للجيش بين 3 قوى (محسن وصالح وهادي).

ليس العيب أن يخطى الرئيس في بعض التعيينات بحسن نيه وبسبب أوضاع معينه لكن العيب أن يستمر في الخطأ ويرضخ للابتزاز لان ذلك سيجره إلى الفخ أكثر فأكثر إلى أن يجد نفسه فاقد لسيطرة بشكل كامل.

لا يعلم الرئيس أن الأرض ستشتعل تحت أقدامه إذا أعاد تعيين علي محسن الأحمر أو احمد علي أو المحسوبين عليهم في مناصب جديدة خصوصا في المنطقة المركزية التي تشمل العاصمة وستشتعل أيضا إذا استبعد تلك القوى لحساب نفسه أو منطقته لذلك فلا مخرج له من الورطة إلا بتفعيل القانون والمهنية على قراراته السابقة واللاحقة وعلى الجميع بما فيهم أبناء منطقته.

عن: الأولى

زر الذهاب إلى الأعلى