أخبار وتقارير

تحضيراً للحوار والحرب.. اغتيالات وصفقات أسلحة تسبق مؤتمر الحوار الوطني

يمنات – خاص – الصحيفة الورقية – عادل عبدالمغني

وسط تعقيدات كثيرة ومتداخلة يترقب اليمنيون انعقاد مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي يرى فيه الكثيرون سفينة كبيرة، إما أن تنقلهم إلى بر الأمان أو تغرق بهم جميعا في ظلمات الفوضى والعنف.

وبالتزامن مع التحضيرات المكثفة لانعقاد مؤتمر الحوار الوطني الشامل تجري تحضيرات مماثلة لإعاقة الحوار بشتى الوسائل بما في ذلك اللجوء إلى العنف وسط تفاعلات خطيرة للمشهد السياسي والأمني في البلد. ودون موعد رسمي معلن لانعقاد المؤتمر الذي تأجل مرات عدة، تذهب كل المؤشرات على الأرض لتؤكد أن من الصعوبة انعقاد المؤتمر الشهر الجاري أو الذي يليه، حيث تزال عدد من القوى السياسية الفاعلة ترفض المشاركة في المؤتمر المرتقب بعد أن فشلت المفاوضات السياسية لإقناع عدد من قادة الحراك الجنوبي للدخول في الحوار الوطني، وفي الشمال لا يزال موقف بعض الأطراف ضبابيا للغاية في ظل خلافات عاصفة حول أحقية الإشراف على الحوار الوطني من قبل ممثلين إقليميين ودوليين وتحفظ الحوثيين على حضور بعض الدبلوماسيين وعلى رأسهم السفير الأمريكي الذي ربطوا حضوره بانسحابهم من فعاليات المؤتمر، فضلا عن رفضهم للمبادرة الخليجية واعتبارها مؤامرة سعودية وأمريكية حد وصفهم لها.

وكما لو انه آلية جديدة لإعادة تقسيم السلطة التي تتنازع عليها مراكز نفوذ سياسية وعسكرية وقبلية ينظر البعض إلى مائدة الحوار كساحة معركة جديدة يقاتل فيها كل طرف ليغنم بالحوار ما لم يستطع اغتنامه في الصراع، الأمر الذي يصعب من الدور الذي يمكن أن يلعبه شباب الثورة وبقية المكونات المدنية الأخرى التي تطالب بدولة مدنية حديثة بعيدا عن سياسية المحاصصة والتقاسم التي اعتاد عليها أقطاب النظام السابق في السلطة والمعارضة. ولعل هذا الواقع من أسوأ إفرازات التسوية السياسية التي تمخضت عنها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية والتي أعاقت اكتمال الفعل الثوري وجمدت الثورة عند حدود إسقاط رأس السلطة والإبقاء على الجسد دون أي تغييرات جذرية في تركيبة النظام الذي لا يزال يمتلك نصف الحكومة ليظل بذلك حزب صالح رقما صعبا في المعادلة السياسية اليمنية واحد ابرز القوى السياسية الفاعلة والمؤثرة في المشهد السياسي الراهن، وهذه المكانة لم يكن ليحصل عليها لولا المبادرة الخليجية التي كان احد الأطراف الأساسية الموقعة عليها.

 

مخاوف الفشل قائمة

ودون تمهيد مسبق للقضايا الأساسية والشائكة التي ستكون على طاولة الحوار الوطني تجري التحضيرات النهائية لافتتاح أعمال المؤتمر، الأمر الذي قد يؤدي إلى تفجر الخلافات بين مكونات الحوار الوطني.

وبحثا عن حضور قوي في النظام السياسي المرتقب تسعى عدد من القوى والمكونات السياسية والقبلية إلى إعادة رسم خارطة التحالفات المقبلة وبما يمكنها من النفوذ والاستحواذ، والى جانب مساعيها لتحقيق ذلك من وراء الحوار تسعى لفرض وجودها بالقوة المسلحة وهي بذلك ترفع شعار الحوار بيد بينما تمسك باليد الأخرى على الزناد، وسط تسابق محموم على التسلح الذي لم يعد خافيا على احد، بعد أن تحولت أنباء كشف سفن محملة بالأسلحة المختلفة وفي مختلف المنافذ البرية والبحرية أكثر حضورا في واجهة الأحداث اليومية. كما باتت عمليات الاغتيالات والتصفيات لقادة عسكريين بالمسدسات كاتمة الصوت مؤشرات جديدة ومخيفة لصورة المشهد السياسي القادم والذي يعود بالذاكرة إلى الأحداث التي سبقت حرب صيف 94م.

والمؤكد أن بعض القوى تسعى إلى إحداث توازن في عامل القوة العسكرية استعدادا لبدائل عنيفة في حال فشل الحوار الوطني المرتقب، خاصة في ظل محاولات مكونات سياسية فرض خياراتها بالقوة.

وأمام كل ذلك تضع استعدادات الحوار والعنف اليمنيين أمام خيارات صعبة للغاية، فإما تأجيل مؤتمر الحوار إلى وقت لاحق كمؤشر خطير على عدم نجاح المرحلة الانتقالية في اليمن او الدخول في المؤتمر دون مشاركة كافة القوة المؤثرة فيفقد مهمته الجوهرية في لم الشمل والتوافق على رؤية موحدة، فيكون حواراً منقوص الأهلية وغير محمود النتائج والعواقب.  وفي كلا الحالتين سيفقد اليمن واليمنيون آخر فرص السلام لتحقيق الأمن والاستقرار، لتنحصر البدائل في العنف والصراع كاتجاه إجباري يزج بالبلد في دوامة عنف لا يمكنه تحمل تبعاتها وهو المنهك بسلسلة طويلة من الصراعات.

زر الذهاب إلى الأعلى