حوارات

ياسين سعيد نعمان: لا أفضل الحديث عن التمديد للرئيس هادي، ولنتحدث عن تمديد الفترة الانتقالية إذا تطلب الأمر و التدخلات الخارجية موجودة وتحملها ايادي يمنية

يمنات – الأولى

قال الدكتور ياسين سعيد نعمان ان التدخلات الخارجية في اليمن موجودة في الشمال والجنوب، مشيراً الى انها تدخلات بأشكال مختلفة، وتدخلات في إنتاج قوى، إنتاج حلول سياسية، إنتاج مشاريع، منوهاً الى ان الذي يحمل تلك التدخلات أيادٍ يمنية.

واشار امين عام الاشتراكي في حوار له مع قناة (سكاي نيوز) تعيد "الاولى" نشرها الى ان الرئيس هادي يتعرض لضغوطات كثيرة، منوهاً الى ان الذين يضغطون عليه بحاجة له لانهم اتفقوا فى لحظة معينة على تجنب الحرب.

واكد انه على الجميع ان يترك هادي ينجز مهامه وان يتعاونوا معه حتى الانتخابات، مشيراً الضغوط التي يتعرض لها  لتعيين نائب له وتمديد الفترة الانتقالية، ليس لها أي معنى، سوى أنها تعرقل إنجاز العملية السياسية، ومهام المرحلة الانتقالية.

 

القناة: دكتور دعنا نبدأ من مؤتمر الحوار الوطني الذي يعول عليه كثيرا في إخراج اليمن من أزمته، بعد شهرين من انعقاد هذا المؤتمر، كيف تنظرون إلى مجريات هذا الحوار حتى الآن؟

نعمان: حقيقة، المؤتمر يسير بشكل طيب إلى حد كبير، وعلى الرغم من ضخامة المهام والمسؤوليات التي على المؤتمر أن ينجزها، لكن أعتقد أنه خلال شهرين وشوية حتى الآن استطاع المؤتمر أن ينجز مهام المرحلة الماضية بشكل نقدر نقول إنها جيدة، ولا شك أن جميع المتحاورين يدركون جسامة المسؤولية التي يتحملونها، هناك انضباط من الكثيرين، وهناك التزام بطبيعة القضايا المطروحة للنقاش، على الرغم من تعقيداتها. نحن الآن أنجزنا المرحلة الأولى، وسندخل بعد 4 أيام في الجلسة النصفية العلنية الثانية التي ستبدأ يوم 8، ولدينا الآن تقارير كل الفرق تقريبا الـ9، وفيها القضايا التي جرى إنجازها، فنستطيع أن نقول إن العمل ماشي بشكل طيب.

القناة: البعض يرى أنه كلما مر الوقت وتقدمتم في عملية الحوار، بدأت تتكشف حقائق أخرى عن محاولة بعض القوى عرقلة هذا المؤتمر، وربما إفشاله. ما هي خطورة هذه الألغام التي تزرع في طريق الحوار؟ وما هو السيناريو في حال فشل الحوار الوطني؟

نعمان: لا أجد أن هناك أسباباً حقيقية وقوية ممكن أن تؤدي إلى فشل الحوار، لأن هذا هو المخرج الوحيد لليمنيين، ما دونه أعتقد هو العودة إلى الصراع، ولذلك سيعمل الجميع على ضرورة إنجاح الحوار بأي صيغة من الصيغ.

القناة: لكن دكتور نرى ألغاماً حقيقية تزرع في طريق الحوار، هناك نوع من التخريب المتعمد للكهرباء، للنفط، لشبكة الاتصالات، هناك أيضا ضرب للطائرات العسكرية.. كل هذه يرى البعض أنها قوى ربما ليست قوى في جانب واحد، وإنما أطراف مختلفة في قوى تقليدية تريد إفشال الحوار، وتريد أن تغرق الرئيس عبد ربه منصور هادي في مثل هذه المشاكل، حتى ربما أيضا تطفيش له.

نعمان: هذه القضايا أو هذه الأعمال التي تتم الآن هي تتجه نحو مواجهة بناء الدولة، بناء الدولة الجديدة التي طبعا يتطلع إليها كل اليمنيين. هؤلاء لم يتعودوا على دولة تضبط إيقاعات الحياة السياسية، دولة نظام وقانون، ولذلك الخوف الأكبر هو من الوصول إلى قرار بإنشاء الدولة. هذه الأعمال كلها تتجه نحو هذا المنحى، هذا جزء من الصراع الذي يدور في المجتمع، صراع ما بين اصطفاف بناء الدولة المدنية لكل اليمنيين، وما بين القوى التي غرقت في الفساد وفي الفوضى، وفي مثل هذه الأعمال التخريبية، على اعتبار أنها دأبت على إدارة البلد بهذا الشكل، واستنزفت مقدرات وموارد البلد، وستستمر في هذا العمل.

القناة: هناك صراع غير متكافئ، قوى تمتلك المال، تمتلك السلاح، في مقابل قوى أخرى ضعيفة ومشتتة أحيانا في نفس الوقت، لكن ما هي الضمانات الحقيقية لإنجاح هذا الحوار وتطبيق مخرجات بشكل فعلي. هل المجتمع الدولي تعتبره ضامناً حقيقياً؟

نعمان: فعلا هذا السؤال مهم، لأنه هناك ما زال قدر من التناقض ما بين الحديث عن نجاح العملية السياسية، وما بين الأدوات السياسية الحاملة للعملية السياسية. العملية السياسية اليوم كل العالم يدعمها. المجتمع يتطلع إليها، لكن الأدوات السياسية الحاملة للمشروع أو الحاملة للعملية السياسية مضروبة في الأساس. النظام القديم ضرب الأدوات السياسية، وأنتج بديلاً لها قوى مسلحة في أكثر من مكان. طبيعة الصراع الذي كان يخوضه النظام القديم أنتج هذه القوى التي تحتمي بالسلاح، وتحتمي بالإمكانيات الضخمة والثروات التي وزعت بشكل غير عادل، ولذلك ظلت القوى السياسية على هامش هذه العملية. لابد أن ينتج الحوار مفهوماً جديداً لإنتاج القوى السياسية، وإنتاج الحياة السياسية بشكل عام. إلى هذا لابد أن يسعى الجميع إلى إنتاج الدولة الضامنة القادرة على حماية مخرجات الحوار، ولذلك أنا أعتقد أن العملية لا تكمن فقط في الحديث عن حوار في هذا الإطار المغلق، ولكن كيف يخرج إلى الشارع، يخرج إلى جهاز الدولة بشكل عام، يخرج إلى كل القوى السياسية لإنتاج معادلة سياسية جديدة تستطيع أن تضمن نجاح الحوار من ناحية، وحمل مخرجات الحوار من ناحية أخرى، ما لم فإنه حتى لو نجح الحوار وخرج بقرارات في ظل الاستقطاب القائم، أعتقد أن المشكلة ستكون كبيرة، ولن تجد القوى الحقيقية التي من شأنها أن تحمل نتائج الحوار.

القناة: هل أنت قلق من القادم في حال الوصول إلى هذه النقطة؟ هل أنت قلق على ربما تفتت البلد، الدخول في حرب أهلية؟

نعمان: بالعملية السياسية حاولنا أن نتجاوز ونتجنب الحرب الأهلية، والتي كانت على وشك أن تشب في لحظة تاريخية معينة. اليوم أنا أعتقد مهمة كل القوى التي تسارعت في حينها إلى تجنيب البلد الحرب الأهلية، عليها أن تعمل في هذا المسار، لكن إذا استطاعت حسابات الحقل أن تتغلب على حسابات البيدر، كما يقال، فأنا أعتقد أن المشكلة ستكون كبيرة، يجب أن تصب الحسابات كلها في اللحظة الراهنة على أهمية بناء الدولة كضامن لكل القوى.

القناة: هناك حديث عن ربما عملية ابتزاز تمارس على الرئيس هادي من قبل بعض الأطراف، هناك يجري حديث عن ضغوط تمارس لتعيين نائب له، وأيضا عملية تمديد للرئيس لفترة 4 سنوات. هل الرئيس حقيقيا يتعرض لعملية ابتزاز من قبل القوى التقليدية؟

نعمان: الذي أعرفه أنا وأسمعه أن الرئيس هادي لا يمر يوم إلا وهو يتعرض لكثير من الضغوط، لكن الرئيس هادي هو رئيس توافقي، مهمته إنجاز مهام مرحلة معينة، هؤلاء جميعا، حتى الذين يضغطون عليه، في حاجة إليه، في حاجة إليه، لأن الجميع اتفقوا في لحظة معينة على تجنب الحرب، وأنه لابد من صيغة سياسية تضمن أن الأطراف لا تتحارب. هذا الوضع في الوقت الحاضر على الجميع أن يترك الرئيس هادي ينجز مهامه، ويتعاونوا معه حتى يوم الانتخابات القادمة في بداية العام القادم. كل هذه الضغوط ليس لها أي معنى، سوى أنها تعرقل إنجاز العملية السياسية، ومهام المرحلة الانتقالية. الوضع الطبيعي هو أن نتجه نحو إنجاز أو تحقيق ما اتفقنا عليه، مهام المرحلة الانتقالية الأولى، مهام المرحلة الانتقالية الثانية، أو المرحلة الثانية من المرحلة الانتقالية، وأهمها الحوار، وبالتالي الخروج من نفق العنف الذي تعرض له هذا البلد.

القناة: يعني هذا دكتور أن قضية التمديد للرئيس هادي أصبحت ربما حقيقة واقعة في ظل أنه ليس هناك وقت كفاية لإنجاز مهمات العملية الانتقالية.

نعمان: أنا لا أفضل الحديث عن التمديد للرئيس هادي، خلينا نتحدث عن تمديد الفترة الانتقالية إذا تطلب الأمر، يعني بعض الناس يحصرون الموضوع في الحديث عن التمديد لفلان أو فلتان، إذا تطلب الأمر أن يبحثوا في تمديد الفترة الانتقالية، هذا شيء آخر، ولذلك أنا أعتقد أن هذا الموضوع أيضا الحديث عنه سابق لأوانه، بالرغم من كل المؤشرات، وخاصة المؤشرات التي طبعا تحدثنا عنها، الناشئة عن تأجيل مؤتمر الحوار، تقول إن هناك ربما ضرورة للتفكير في هذا الموضوع، ولكن بأي صيغة من الصيغ، فهذا الموضوع أنا أعتقد من ضمن القضايا التي يفترض أن تطرح بعد أن يكون مؤتمر الحوار قد أنجز قدراً من عمله.

القناة: هل تعتقد دكتور أن الهجمة التي تعرض لها الحزب الاشتراكي مؤخرا، وأنتم شخصيا، هي ربما سببها تبنيكم للقضية الجنوبية، ونظرتكم لحلها عن طريق الدولة الاتحادية أو الدولة الفيدرالية؟

نعمان: الحزب الاشتراكي ظل يتعرض لحملات في كل مراحل حياته السياسية، وحتى الهجمات الشخصية في بعض الأحيان، بحسابات معينة، بحسابات ربما البعض بدأ يحسب حساباً للانتخابات المبكرة، بينما بيننا وبين الانتخابات لا زال مرحلة طويلة، ولذلك أنا أعتقد أن بعضها تأتي من قبل بعض هذه القوى الطارئة، لكن الشيء المهم في اللحظة الراهنة هو أنه منتج الفساد الذي يفترض بالفعل أن تقف أمامه هذه القوى التي ظلت ترفع بطاقة الفساد في وجه النظام القديم، عليها أن تكون أول من يطالب بكشف جيوب الفساد في أي مكان كان، لكن لا يكفى فقط أن تحول هذا الموضوع إلى مجرد هجوم هنا وهناك، لكن عليها أن تضعه بالفعل كقضية أساسية، ولذلك نحن طالبنا بضرورة أن تشكل لجان تحقيق للنظر في كل هذه القضايا المطروحة في الوقت الحاضر، حتى بالفعل نثبت نحن كمشترك أننا كنا في مستوى مما كنا نضعه من أمور أو من قضايا في ما يخص بناء الدولة. هذا الوضع الحاصل الآن أعتقد أن حساباته قصيرة، حساباته فيها كثير من السخف، وفيها الكثير من النظرات القصيرة التي تستجيب لطبيعة الصراعات التي تدور في مناطق أخرى يجري استحضارها إلى داخل اليمن، وبواسطة بعض الأدوات. ما يجري في مصر يجرى استحضاره إلى داخل اليمن، ولكن بطريقة غبية. اليمن يحتاج إلى شكل ثانٍ، شكل مختلف، شكل آخر من العمل السياسي، ومن التفكير في حل مشاكله.

القناة: هل ما يجري في الجنوب يعني أن تجربة الوحدة قد انتهت وفشلت؟ وهل تعتقد أنه أيضا ربما خيار الانفصال الذي ينادي به الكثير، إلى أين ممكن أن يوصل البلد؟

نعمان: هو ليس في الجنوب فقط، أنا أسأل مواطناً عادياً في الشمال أقول له لو تتكلم عن الوحدة يقول لك أنا أيش استفدت من الوحدة، اللي استفاد من الوحدة بعض المتنفذين في الأراضي، في كذا، في مش عارف أيش، في البحار. أما المواطن العادي حتى في الشمال ما استفادش من الوحدة، استفاد من أيش. ولذلك لا المواطن في الشمال استفاد من الوحدة، ولا المواطن في الجنوب استفاد من الوحدة عمليا بالصيغة التي أديرت بها الوحدة، أنا أقول إنه لابد من إعادة التفكير في هذا الموضوع. القضية الوحدة ضحية نظام وضحية نخب لم تستطع أن تنتج دولة الوحدة. هذه الحقيقة، ولذلك زرع هذا الموضوع عند الناس أن الوحدة ما استفدنا منها.

القناة: إذن، كيف ممكن أن نستعيد الثقة لدى الشارع الجنوبي؟

نعمان: أنا أقول هذه المعادلة التي يفترض أن تعيد الوحدة كبنية، كبنية ليست فقط سياسية أو فكرية أو أيديولوجية، لكن تعيدها بالفعل في إنتاج المصلحة حتى عندما تتحدث عن الشريعة الإسلامية. الشريعة الإسلامية تدور مع المصلحة، مصلحة الناس، ما يجيش اليوم واحد يقول لي والله اقبل بهذه الوحدة وإلا أنت كافر، هذا كلام غير مقبول. الوحدة هي إنتاج مصلحة للناس، عندما تنتج هذه المصلحة للناس جميعا يستطيعون أن يتمسكوا بأي صيغة من صيغ الوحدة، لكن وضع اليوم أنا أعتقد في هذه الحالة لابد أولا أن نستعيد الثقة عند الناس بالقدرة على إنتاج الحل، لكن بعض الأعمال التي تجري الآن وبعض الخطابات هي دعوى للناس أنكم لا تثقوا في هذا الحوار، وأنه لن ينتج الحل، طيب أيش اللي عندك أنت باتفرض الوحدة بالقوة على الناس. أيش من صيغة في هذا الحال، يعني هنا عندما أتخاطب أتحدث مع الناس، أتحدث عن لابد أن يكون الجميع متفقين على أن القدرة على إنتاج الحل العادل الذي يرضي الناس موجود، لكن لما أهدم هذا الحل وأكسره وأقول إن مؤتمر الحوار سيؤدي إلى تفكيك البلد، طيب قل لي أيش الصيغة اللي عندك عشان تحافظ على وحدة البلاد.

القناة: البعض يتحدث عن تدخلات خارجية في الجنوب، والآن ما هي خطورة ذلك إن صح مثل هذا الحديث، يعني تدخلات إيرانية، وربما تدخلات قوى إقليمية أخرى؟

نعمان: أنا أعتقد التدخلات ليست فقط في الجنوب، التدخلات اليوم في اليمن كلها، يعني تدخلات بأشكال مختلفة، يعني تدخلات في إنتاج قوى، إنتاج حلول سياسية، إنتاج مشاريع، هذا حاضر موجود، لكن من الذي يحمله، تحمله أيادٍ يمنية. هذه الأيادي اليمنية للأسف إذا استمرت في ظل الاضطهاد، وفي ظل القمع، قد يكون بعض الأحيان مبرراً لبعض الناس أن يستعين بكذا في مواجهة القمع، لكن عندما تتاح فرصة لكل هذه القوى أن تشترك في إنتاج الحل السياسي، كيف مش الحل النخبوي، لكن الحل السياسي إذا لا يجوز لها في هذه الحالة أن تستقوي في العمل السياسي بأي قوة خارجية مهما كانت.

القناة: دكتور ياسين سعيد نعمان، الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني، ونائب رئيس مؤتمر الحوار الوطني، شكرا جزيلا على إتاحة هذه الفرصة لنا، والشكر أيضا موصول لكم أعزائي المشاهدين، وإلى لقاء في حوار قادم.

زر الذهاب إلى الأعلى