أخبار وتقارير

صفقة جديدة .. تمكين “محسن” و”الإخوان” مقابل تحويل “هادي” من رئيس “مؤقت” إلى رئيس منتخب حتى 2018

يمنات – الأولى

ظهر الرئيس عبد ربه منصور هادي، أمس الثلاثاء، في حفل تدشين اللقاء الموسع لقيادات القوات المسلحة، جنبا إلى جنب اللواء علي محسن الأحمر، ووزير الدفاع محمد ناصر أحمد، بحضور رئيس الحكومة محمد سالم باسندوة، في ظهور هو الأول من نوعه منذ صدور القرارات الجمهورية الخاصة بالهيكلة، والتي أبعدت اللواء الأحمر عن قيادة الفرقة الأولى مدرع والمنطقة العسكرية الشمالية الغربية، منتصف أبريل الماضي.

وظهر اللواء الأحمر بالزي المدني على يسار الرئيس "هادي" يتوسطهما وزير الدفاع، بينما ظهر باسندوة على يمين الرئيس.

وعلى الأرجح، طبقا لتعليقات مراقبين، فإن الحدث يعد افتتاحا لمرحلة جديدة تقوم على شراكة طويلة المدى بين "هادي" واللواء علي محسن، في قيادة الجيش اليمني بشكل عام.

وتحدثت مصادر مطلعة لـ"الأولى"، خلال اليومين الماضيين، عن أن صيغا من الاتفاقات المبدئية تم إنجازها بين "هادي" من جهة، واللواء محسن ومعه التجمع اليمني للإصلاح من الجهة المقابلة، محورها التمديد لـ"هادي" لولاية رئاسية جديدة بعد انتهاء المرحلة الانتقالية التي تنص على انتخابات رئاسية في فبراير 2014.

وبحسب المصادر، فإن الرئيس هادي قضى الأسابيع الأخيرة الماضية منشغلا بالترتيب لإقناع القوى السياسية بالتمديد له "تحت أية صيغة"، خصوصا مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي الذي لم يتبقّ حتى حلوله سوى أقل من 7 أشهر، يفترض أن تكون أشهراً "انتخابية"، حد تعبير المصادر.

بموجب هذه الاتفاقات "المبدئية" يتم التمديد لـ"هادي" إما بـ"توافق سياسي" يتم معه تأجيل الانتخابات، أو باعتماده كمرشح توافقي وحيد لانتخابات رئاسية تجري في موعدها.

وتقول مصادر "الأولى" إن الخيار الثاني هو الأرجح، وإن أطرافا سياسية يمنية على رأسها "الإصلاح" واللواء محسن، تعمل مع الدول الـ10 الراعية للمبادرة الخليجية، على الوصول إلى انتخابات رئاسية في موعدها، ولكن بمرشح رئاسي وحيد، هو الرئيس "هادي"، أو حتى بأكثر من مرشح، على أن يكون "هادي" مرشح القوى السياسية الرئيسة، وخصوصا الإصلاح واللقاء المشترك والمؤتمر الشعبي العام.

مقابل ذلك، يتوجب على الرئيس هادي منح تيار "الإخوان المسلمين" (التجمع اليمني للإصلاح) وحلفائه العسكريين (اللواء محسن) والقبليين (أولاد الشيخ الأحمر)، الفرصة الكاملة للتمكن من مختلف أجهزة الدولة بفرعيها: المدني والعسكري.

وعلى هذا الأساس، جاء الظهور اللافت أمس لهادي ومحسن وباسندوة (والأخير حليف للتجمع اليمني للإصلاح، وكان على علاقة متوترة مع هادي طوال الأشهر الماضية).

وظهر محسن بالزي المدني رغم أن الفعالية شهدت تدشين الزي العسكري الجديد للجيش، وهو الزي الذي تناقلت مواقع إعلامية، أمس، أنه نفسه زي الفرقة الأولى مدرع، وقد جرى تعميمه كزي موحد لجميع وحدات القوات البرية.

التفاهمات المبرمة بين "هادي" و"الإخوان"، انعكست خلال الأيام القليلة الماضية، في شكل أزمة بين هادي وبين حزبه: المؤتمر الشعبي العام، حيث خرج الناطق الرسمي للمؤتمر عبده الجندي، نهاية الأسبوع الماضي، محذرا هادي من مغبة أن يلاقي المصير نفسه الذي لاقاه قبله سلفه علي عبدالله صالح، على يد "الإخوان"، وكان الأمين العام المساعد للمؤتمر، سلطان البركاني، وجه قبل الجندي انتقادا لاذعا لهادي، أشار فيه إلى أن رئيس الجمهورية يوجه "سهاما" متتالية ضد المؤتمر الشعبي، آخرها توجيهه بإطلاق سراح متهمين رئيسيين في حادثة تفجير دار الرئاسة التي استهدفت صالح وحكومته.

غير أن المؤتمر الشعبي، حسب تحليلات، لا يستطيع تجاوز "هادي"، ولن يكون لديه خيار آخر في الانتخابات الرئاسية المقبلة، لذلك لا يجري الرئيس هادي أية مشاورات مع قيادات حزبه بشأن التمديد له أو تجديد ولايته الرئاسية، باعتبار أن موقف المؤتمر الشعبي محسوم سلفا بحكم الضعف الذي يعانيه الحزب بعد خروج رئيسه من السلطة، وبحكم الضغوط الدولية المستمرة عليه في هذا السياق.

مصادر "الأولى" تقول إن عبدالوهاب الآنسي، أمين عام التجمع اليمني للإصلاح، أبلغ هادي في اجتماع بين الاثنين، أن موقف الحزب الاشتراكي اليمني أيضا محسوم لمصلحة الخيار الذي سيتم التوافق عليه بين هادي والإصلاح.

من جانبه، أكد السفير الأمريكي بصنعاء، جيرالد فايرستاين، الذي يوصف بأنه عراب التسوية السياسية القائمة في اليمن؛ أكد على أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ستجري في مواعيدها المحددة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية.

وقال فايرستاين، في مؤتمر صحفي، إنه يجب إكمال المرحلة الانتقالية، وتطبيق المبادرة الخليجية خلال الفترة المحددة، وهذا التزام قدمناه للشعب اليمني، وعلينا الوفاء بهذا الالتزام، ومن خلال ما نراها في مؤتمر الحوار يمكننا القول إن هناك فرصة كبيرة لإنجاز المرحلة الانتقالية والانتهاء منها في موعدها.

وعن حديث التمديد للرئيس هادي قال: "من وجهة نظرنا نحن فإننا والمجتمع الدولي ممثلة بالسفراء الـ10، نتحمل مسؤولية، كما هي مسؤولية الموقعين على المبادرة، بأن نتخذ كل الإجراءات، وأن نعمل على الانتهاء من المرحلة الانتقالية وفقا لتوقيتها الزمني". مشيرا إلى أن إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية سيتم خلال الربيع القادم.

وتشير تصريحات فايرستاين إلى أن التجديد لهادي سيكون عبر الانتخابات.

بعض المصادر السياسية قالت للصحيفة إن التجديد عبر إجراء انتخابات، وليس عبر توافق سياسي، هو طلب الرئيس هادي نفسه.

وفي حال اعتمدت القوى السياسية هادي مرشحا لها، فإن هذا يعني أنه سيكون رئيسا بولاية أولى طوال 4 سنوات، أي حتى العام 2018، وربما أكثر طبقا لما سيقره الدستور الجديد من مدة للفترة الرئاسية الواحدة (تذهب ترجيحات إلى أن الفترة الرئاسية ستكون في الدستور الجديد 5 سنوات، حسب التفاهمات نفسها التي قايضت النظام البرلماني بإطالة فترة الرئاسة).

وقال الرئيس عبد ربه منصور هادي، خلال الفعالية، إن "القوات المسلحة لن تتواجه بعد اليوم بالسلاح في الشوارع، بعد أن تمت إعادة هيكلتها وتوحيد صفوفها، وبعد أن أخرجنا المتاريس من العاصمة وإلى الأبد، وقسمنا مسرح العمليات إلى 7 مناطق عسكرية، إلى جانب قوات الاحتياط".

وبحسب وكالة "سبأ" الرسمية، فقد عبر هادي "عن سعادته بانعقاد اللقاء الموسع لقادة القوات المسلحة، وبدء صفحة جديدة لليمن الجديد بعد مرحلة من الانقسامات بين الأخ وأخيه وفي اللواء والسلاح، وبين القوات المسلحة التي كانت منقسمة على نفسها".

وقال: "استطعنا بعون الله إيقاف هذا الجانب قبل أن يتطور وينتقل إلى باقي وحدات القوات المسلحة"، مضيفاً: "القوات المسلحة أساس وعنوان الوحدة الوطنية في أي بلد، متى ما وجدت الوحدة الوطنية في القوات المسلحة ستوجد في باقي مؤسسات الدولة".

وتابع الرئيس هادي: "إن القوات المسلحة لن تتواجه بعد اليوم بالسلاح في الشوارع، بعد أن تمت إعادة هيكلتها وتوحيد صفوفها، وبعد أن أخرجنا المتاريس من العاصمة وإلى الأبد، وقسمنا مسرح العمليات إلى 7 مناطق عسكرية، إلى جانب قوات الاحتياط".

وشكر هادي "كل من أسهم في تنفيذ قرارات الهيكلة، وفي مقدمتهم اللواء الركن علي محسن صالح، والعميد الركن أحمد علي عبدالله صالح، اللذان غلّبا إرادة الشعب والمصلحة الوطنية العليا". وأردف: "أمامنا أعمال كبيرة، وهناك متغيرات في القوات المسلحة، ونحن مستمرون في تنفيذ المبادرة الخليجية، وقطعنا شوطاً مهما في القوات المسلحة، وأنجزنا الهيكلة في الرأس القيادي، وسنستمر في إنجاز عملية الهيكلة كما هو مخطط ومرسوم".

وأشار إلى "أن الكليات العسكرية والأمنية كلها ستبدأ في استقبال الطلبة المتقدمين إليها وفقاً للهيكل الجديد، وبالشروط المحددة، من أجل أن تعطى كل محافظة نسبتها وفقاً لعدد سكانها، حيث ستنزل لجان إلى المحافظات، وستفحص الطلبة الذين تنطبق عليهم الشروط، كما سيبقى عدد احتياطي في كل محافظة سيتم استبدالهم بدلاً عن الطالب الذي سيمرض أو يفشل من نفس المحافظة".

واستطرد الرئيس بالقول: "إن هذا الأسلوب هو أحدث الأساليب من أجل تجسيد الوحدة الوطنية وإعطاء كل ذي حق حقه"، منوها إلى أن "الجيش يعاني من تضخم كبير في الترقيات، وغدا الهرم معكوساً، وكذلك في الجهاز المدني لدينا تضخم في القيادات الإدارية، وهذا ما يتطلب إعادة الهيكلة ليس للقوات المسلحة والأمن فحسب، بل لجهاز الدولة المدني أيضاً".

ولفت إلى "ضرورة استقدام خبراء لإعادة هيكلة الاقتصاد حتى نستطيع تنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل"، معبرا عن "ارتياحه لما تم التوصل إليه على طريق بناء وتنظيم القوات المسلحة خلال أقل من عام".

وقال: "نحن بحمد الله نجحنا اليوم وبدأنا مرحلة جديدة في القوات المسلحة، حيث سحبنا القوات المسلحة حتى لا تذهب إلى حرب أهلية، وارتأينا أن تكون القوات المسلحة 3 صنوف فقط، هي البرية والبحرية والجوية، وندشن اليوم الزي العسكري الموحد للقوات البرية". وأضاف: "الأسماء والتسميات السابقة نغلق صفحتها، ونبدأ صفحة جديدة، ومطلوب من القيادات عكس ما هو فوق في واقع الوحدات الدنيا".

واعتبر رئيس الجمهورية "أنه إذا كان الفساد المالي والإداري القائم سيستمر، لا يمكن أبداً أن نبني اليمن الجديد، إذ يجب العمل بدقة لاستئصال الفساد"، منوهاً إلى أن "المانحين أعطوا اليمن ما يقارب 8 مليارات دولار، وتأخر موضوع تشكيل الهيئات، وهذا التأخير عكس نفسه على كل المشاريع التي كان يفترض أن يتم البدء فيها من بداية العام 2013".

وشدد الرئيس هادي "على الحكومة العمل لإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني وجهاز الدولة، وبما يتوافق مع الاستعداد لمخرجات الحوار الوطني الشامل". وقال: "عندنا ممتلكات القوات المسلحة يجب أن تطرحوا أن كل قائد في وحدته يرعى هذه الوحدة بصورة نظامية وقانونية وفقا لما هو متعارف عليه عسكريا، حتى لا يعتبرها ملكا له".

وأضاف: "أغلقوا صفحة الماضي، وابنوا الجيش على أساس أن المؤسسة العسكرية من الشعب وإلى الشعب، على القادة ضرورة رعاية مرؤوسيهم بكل أمانة وإخلاص". وقال: "على جميع أعضاء الحكومة بكامل حقائبها أن يدركوا أن العمل هو من أجل إخراج اليمن من محنته وأزمته، وذلك لن يتأتى إلا بالعمل من أجل مصلحة الوطن العليا، وليس من أجل حزب أو جماعة أو فئة".

وتحدث الرئيس هادي عن "أن اليمن قد أحرز نجاحات باهرة في ضوء ترجمة المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة"، معبرا "عن تقديره البالغ لكل الذين بذلوا جهودا وكانوا حريصين على مصلحة اليمن وأمنه واستقراره ووحدته على المستويين الدولي والإقليمي".

كما ألقى وزير الدفاع اللواء الركن محمد ناصر أحمد، كلمة أشار فيها إلى أن "اللقاء الموسع لقادة القوات المسلحة يحمل أبعاداً وطنية وعسكرية كبيرة في المضي قدماً في نهج التغيير والإصلاح والتحديث، ومواصلة استكمال عملية الهيكلة وإعادة بناء وتنظيم القوات المسلحة وتنمية قدراتها وكفاءاتها المهنية التخصصية، وجعلها جزءاً من حقيقة المتغيرات والتطورات الوطنية المتسارعة المنطلقة من القناعات الشعبية بأن نجاح التغيير في القوات المسلحة يشكل قاطرة التغيير في بقية مؤسسات وقطاعات الدولة ومعيار نجاحها".

وأوضح أن "هذه اللقاءات وإن اختلفت أهدافها وأبعادها وأهميتها العسكرية والوطنية باختلاف المرحلة التاريخية المعاشة وتحدياتها، تمثل من حيث غاياتها الوطنية والاستراتيجية العامة ترجمة فعلية لسياسات الدولة وتوجهاتها في البناء والتطوير العسكري وفقاً لمحددات السياسة الدفاعية وأولوياتها الوطنية والإقليمية والدولية، والتي يقدم فيها القادة المشاركون استعراضاً مكثفاً ومختزلاً لمستوى تنفيذ هذه السياسات والتوجهات، وتحديد المهام المستقبلية، التي ينبغي الاضطلاع بها على أكمل وجه".

واعتبر وزير الدفاع اللقاء "محطة هامة للمراجعة المهنية العلمية التخصصية المستندة على الحقائق والمعلومات الدقيقة والصحيحة للوصول إلى تقييم واقعي لما تم إنجازه سلباً أو إيجاباً في كافة مجالات البناء العسكري والهرمي والتنظيمي للقوات المسلحة، والذي يؤكد جدلية العلاقة والتأثير القيادي بين القوات المسلحة وإطارها وواقعها الوطني والاجتماعي والثقافي والسياسي، باعتبارها ملكاً للشعب وجزءاً منه، ومكرسة وظيفتها لحمايته والانتصار لخياراته السلمية وتطلعاته المشروعة المحددة أولوياتها اليوم في صيانة الأمن والاستقرار والسلام والاجتماعي، وإنجاح الحوار الوطني الشامل والوصول به إلى غاياته المرجوة، وضمان تنفيذ مخرجاته".

وأشار إلى أن مهمة اللقاء "ليست في إبراز النجاحات وتضخيمها والتغني بها على حساب غيرها من الحقائق السلبية والنواقص والأخطاء والإخفاقات مثلما كان في السابق، بل في الاستفادة من النجاحات المتحققة لاستخلاص مقوماتها الذاتية والموضوعية، وتطويرها وتعميمها، وقراءة مجمل السلبيات قراءة نقدية تحليلية لمعرفة مكامن الإخفاقات، ووضع المعالجات المناسبة وآليات تجاوزها".

وقال: "يمثل هذا اللقاء من حيث قضاياه ومضامينه وأهدافه جزءاً حيوياً وأساسياً من موجبات المرحلة، وتجسيد الاستشعار منتسبي المؤسسة الدفاعية لواجباتهم في هذه الظروف والأوضاع الحساسة التي تتطلب تكاتف جهود الجميع لاستكمال ما تبقى من استحقاقات المرحلة الانتقالية، التي وصل فيها الفعل والعمل الوطني المشترك القائم على الحوار إلى مستويات متقدمة للانتقال بالوطن إلى الواقع الجديد رغم الصراع بين اليمن وأعدائه، والذي وصل ذروته بصورة أكثر حدة وخطورة".

زر الذهاب إلى الأعلى