تحليلات

هل ينجو هادي من الوقوع في شباك المؤامرة الأحمرية؟

يمنات – الهوية

منذ ظهرت الخلافات بين الرئيس هادي والسلطات السعودية حول ملحقات لمعاهدة الحدود اليمنية السعودية التي كان سببها رفض الرئيس هادي التوقيع على ملحقات المعاهدة والتي تمنع اليمن من التنقيب عن النفط والمعادن في الأراضي اليمنية المحاذية للحدود السعودية منذ ذلك الوقت اشتدت وتيرة الضغوطات التي يمارسها النظام السعودي على الرئيس هادي لإجباره على التوقيع على هذه الملاحق حتى وصلت الى استخدام الشخصيات المحيطة بالرئيس هادي نفسه.

فبعد أن عجزت قوات حرس الحدود والجيش السعودي أن تتجاوز القبائل اليمنية المتواجدة على الحدود في المحافظات المحاذية للأراضي السعودية وتحديداً في محافظتي صعدة والجوف توجهت السياسة السعودية الى استخدام عملائها وزبائنها السابقين والذين كانت العلاقات السعودية بهم بدأت تتدهور وعلى رأس هذه الشخصيات شخصية اللواء علي محسن الأحمر وأبناء الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر.

هذه الضغوطات برزت الى السطح بعد أن أصدرت السعودية قانون الكفالة الجديد الذي يستهدف اليمنيين والهادف الى زيادة العبء والضغط على الحكومة اليمنية للرضوخ للسياسة التي تتبعها السعودية خاصة بعد السفرية الرئاسية التي قام بها الرئيس عبد ربه منصور هادي الى روسيا قبل أشهر تلك الزيارة التي قال إنها لم تكن بغرض السلاح وإنما لبناء حلف قوي يستطيع ردع التسلط السعودي تجاه اليمن وسياستها عبر أومر أمريكا.

وأمام هذه التحولات في سياسة الرئيس هادي تجاه السعودية كما يقول البعض انبرت الشخصيات اليمنية المعتادة على تقبيل أيادي وأقدام خادم الحرمين لإجهاض مسيرة الرئيس هادي والسعي الى إيقاف أي مساع رئاسية للتحرر من الوصاية السعودية.

فبعد فترة من زيارة الرئيس هادي كان الشيخ حسين الأحمر متواجدا في العاصمة الروسية في زيارة خاصة قبل أن يرسل الرئيس هادي رئيس جهاز الأمن القومي علي الأحمدي في مهمة خاصة كما وصفها البعض.

التوجس الذي صنعته زيارة الشيخ حسين الأحمر لروسيا لدى بعض المراقبين هو عما ستخلفه هذه الزيارة وتأثيرها علي سياسة الرئيس هادي والعلاقات التي سعى الى إقامتها مع الروس في سبيل التحرر من الوصاية السعووهابية.

يرى بعض المتابعين للمشهد اليمني أن الزيارتين اللتين شهدتهما روسيا من كل من الشيخ حسين الأحمر ورئيس جهاز الأمن القومي علي الأحمدي, أفرزت واقعا بدا الصراع الخفي هو المسيطر عليه وطرفاه كل من الرئيس هادي واللواء علي محسن الأحمر مستشار الرئيس لشؤون الدفاع والأمن.

الرئيس هادي بعد إصراره على رفض المطالب السعودية وزيارته لروسيا أراد ان يحصن اليمن من التدخلات السعودية في الشأن اليمني الأمر الذي جعل اللواء محسن يناصف الشيخ حسين الأحمر في صفقة لم يعلن عنها بعد مع الجارة السعودية حيث تربط الرجلين علاقات قوية جداً لا يعلم مداها إلا من ارتبط بالرجلين وعاش معهما عن قرب.

هذه الصفقة كانت عبارة عن دعم لوجيستي لكل من اللواء والشيخ وإخوانه وعودة العلاقات بين المملكة وحموان العيون الى أفضل مما كانت عليه في السابق أن هم نجحوا في إعاقة مشروع الرئيس هادي المناهض للوصاية السعودية كما يقول بعض المتابعين للمشهد اليمني.

وفي المقابل فأن الصفقة تلزم كل من اللواء محسن والشيخ حسين الأحمر بأن يقوم كل بدروه بحيث يقوم الشيخ الأحمر بممارسة دوره في بناء مشروع سياسي مناهض لمشروع الرئيس هادي في الوقت الذي يقوم فيه اللواء محسن بإحكام السيطرة على مفاصل القوات المسلحة خاصة بعد توحيدها وإبعاد أقارب الرئيس السابق علي عبدالله صالح والتخلص من كل القيادات العسكرية الموالية لهم.

ومن هنا ينكشف سر الزيارة التي قام بها الشيخ حسين الأحمر الى روسيا بعد أن كان نفض زيارة قبلها بوقف ليس  بالطويل الى جمهورية إيران الإسلامية التي أعلن النظام اليمني أنها تمارس أعمالاً تجسسيه عبر خلايا وعملاء لها في اليمن خاصة وإن هذه الزيارة جاءت بعد تسريب معلومات عن لقاء جمع بين كل من الشيخ حسين الأحمر ونائب رئيس الجمهورية اليمنية الأسبق علي سالم البيض وهو الطرف الأقوى المطالب بفك الارتباط المتهم بأنه مرتهن للسياسة الإيرانية التوسعية  في البلاد فيا لوقت الذي يمثل حسين الأحمر من أبرز عملاء المملكة السعودية في الوقت الراهن.

فحسين الأحمر لم يكن له أي علاقات سابقة بروسيا حتى يقال بأنه كان يزورها ضمن جدوله المعتاد في الزيارات السياسية كما أنه لم يكن له من قبل علاقات ودية مع طهران أيضاً وهو ما جعل البعض يعتبر هذه الزيارة عملا دبلوماسيا خارج نطاق العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين اليمن والدول الأخرى وعلى رأسها أيران روسيا.

فحسين الأحمر في نشاطه الدبلوماسي حد قولهم يمارس دوره تحت إشراف وإدارة الرئيس الخفي علي محسن الأحمر ويأتي هذا النشاط في إطار الصراع الخفي بين الرئيس الشرعي والقائد العسكري الساعي الى استلاب كرسي الحم منه وهو اللواء محسن بدليل أن الرئيس هادي بعد أن أطلع على زيارة حسين الأحمر الى روسيا وجه رئيس جهاز الأمن القومي بزيارة روسيا مباشرة في مهمة لا يعلمها غيرهما وهو ما جعل المراقبين يتوقعون أن الزيارة تهدف الى معرفة أهداف الشيخ في زيارة روسيا والى أي غاية تسعى والحصول على أكبر قدر من المعلومات حول تلك الزيارة التي ثارت حولها الشكوك الرئاسية بقوة.

وبالتزامن مع نشاط حسين الأحمر الدبلوماسي يمارس محسن نشاطاً من نوع أخر له علاقة وطيدة بالجانب العسكري, فبعد أن استطاع اللواء أن يعسكر ما يزيد عن 85 ألف جندي ضمن قوات الجيش الرسمية واستطاع أن يحافظ على جميع القيادات العسكرية الموالية له من أي أبعاد أو تغيير نال من القيادات التي كانت تبد أنها مقربة من الرئيس السابق أو تدين بالولاء للعميد أحمد صالح قائد الحرس الجمهوري سابقا.

بالجمع هذين النشاطين بالإضافة الى ما تمارسه شخصيات يمنية لها نفوذها السياسي والقبلي من أنشطة مكع الجارة السعودية وبعض الدول الرافضة لإقامة نظام مدني في جنوب الجزيرة العربية وأيضا الشخصيات التي لاتزال مسكونة بوهم الفصل وفك الارتباط بين شمال وجنوب اليمن والساعية الى إعادة البلاد الى ما قبل 22 مايو 1992م يستطيع المتابع والمراقب السياسي ان يدرك ان انقلاباً قادما قد تشهده اليمن للإطاحة بالرئيس هادي تحت قيادة اللواء محسن فهذه الأطراف او الجهات ركز عليها اللواء محسن في التشبيك معها وإقامة أحلاف التعاون بينه وبينها وقد اتضح ذلك بعد أن بدأت الصحيفة التي تمثل اللسان الرسمي للواء علي محسن بإعلان رفض التمديد للرئيس هادي دون أن تبدي أي موقف من البديل الشرعي لذلك وهو الانتخابات المقرر إجراؤها في فبراير القادم.

هادي ليس غائبا  عما يجري وأن لم يكن محترصا كثيرا مما قد يفاجئه به مستشاره الرئاسي وهو يطيح به لكنه أيضا يعلم أن هناك لعبة تدار تحت الطاولة أولاد الشيخ الأحمر واللواء علي محسن خاصة بعد ان اطلع هادي على مكالمات هاتفية بين كل من الشيخ صادق الأحمر واللواء علي محسن- كما يقول معلومات سرية- حصيلتها إجماعهما على ان بقاء الرئيس هادي يجب أن يغادر الكرسي خلال السنتين وأن أي بقاء له لفترة أطول فإنه يعني عدم تمكنهما مستقبلا من الوصول الى كرسي الحكم او المشاركة في صناعة أي قرار مستقبلا.

وربما يشاركهم   فيها كل من الرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض وقيادات جنوبية تعيش في الخارج وبعضها داخل اليمن لتكوين حلف للإطاحة بهادي- خاصة بعد تسريب معلومات عن استمرارية التواصل حاليا بينهم مع شخصيات سمن طرف اللواء محسن- وأن كان ثمن ذلك تقسيم اليمن وليس الى شمال وجنوب فحسب بل ربما يتجاوز ذلك الى أكثر من شمال وجنوب خاصة وأن الواقع اليمني يعيش حراكات متعددة في محافظات الجنوب والمناطق التهامية والمشاهد المسلحة في اكثر من محافظة في شمال اليمن.

الصراع الخفي وتشابك المساعي الهادفة الى إجهاض مسيرة الرئيس هادي وعرقلة مسيرة الحوار الوطني ليس لها غير نتيجة واحد يمكن ان تصل اليها المراقب للمشهد اليمني, إلا وهي أن اللواء محسن يرتب لوضع قادم للبلاد يبدأ بالإطاحة بالرئيس هادي بانقلاب عسكري وتفتيت علاقات اليمن الدبلوماسية لا سيما العلاقات المؤيدة لسياسة هادي واستعادة الوضع السابق إعادة البلاد تحت الوصاية السعودية.

وأمام هذا المشهد يثار التساؤل التالي:

كيف سيتمكن الرئيس هادي من إيقاف عبث اللواء محسن في قيادات المؤسسة العسكرية؟ وهل يستطيع هادي ان يوجد القيادات العسكرية الموالية للرئيس والوطن بدلا عن قيادات الكتائب والألوية المدنية للواء محسن ببقائها في اماكنها؟ ولماذا يسكت هادي عن نشاطات أولاد الأحمر المشبوهة والقائمة على الدعم الخارجي؟ وهل استطاع رئيس جهاز الأمن القومي أن يحيط علما بمساعي الشيخ حسين الأحمر السياسية في روسيا وطهران؟

وتساؤلات أخرى لن يجيب عنها غير تصرفات الرئيس هادي العملية في الأيام القادمة.

زر الذهاب إلى الأعلى