أخبار وتقارير

عندما يصبح الماضي جرح عصي على النسيان.. ضحايا يكشفن كيف استدرجهن الكبار إلى شراك نزواتهم

المستقلة خاص ليمنات
الزمن لا يمحو ذاكرته والإنسان لا يستطيع نسيان ماضيه فهناك أشياء تحفر في الذاكرة وتظل جراحها تنزف رغم كل المحاولات المستميتة لنسيانها , ومن هذه الأشياء جرائم الاغتصاب والتحرشات الجنسية التي قد تتعرض لها الفتيات في طفولتهن , المستقلة استطاعت أن تلتقي بفتيات تعرضن لمثل هذه الجرائم وما زلن يتذكرن تفاصيل جرائم الاغتصاب والتحرشات التي نالتهن في طفولتهن وبمرارة واستياء اعترفن لنا بما تركته هذه الجريمة البشعة من ألم في أنفسهن وكيف أن الزمن لم يستطع محو تفاصيلها المرعبة من ذاكرتهن .
تحقيق : آمنة هندي
عشرون عاماً ومازلت أشعر بالألم
نهى 29سنة قالت : تعرضت للاغتصاب من قبل شخص أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه وحش وكان عمري حينها تسع سنوات وحتى آلآن ما زلت أتذكر تفاصيل هذه الجريمة البشعة والمرعبة التي ما زال ألمها في جسدي أشعر به بعد عشرين سنة.. الألم لازال موجوداً فجرح الاغتصاب هو بمثابة إعاقة دائمة وكيف يمكن أن ينسى المعاق إعاقته.
الذئب الهرم
شروق 37سنة قالت : تعرضت لتحرش مرة واحدة من قبل شخص مسن وقريب من العائلة وكنت أعتبره في مقام جدي وأناديه يا جد من باب الاحترام .. ذات يوم كنت في المنزل عندما طرق هذا المسن الباب وكان والدي بالعمل وأمي خرجت لزيارة جارتنا على ما أذكر فتحت له الباب وعندما أخبرته انه لا يوجد أحد بالبيت جذبني نحوه بقوة وأخذ يعبث بجسدي فشعرت بنفور مما يفعل وأخذت أصرخ فتركني وخرج ولم أخبر أحداً بما حدث لأنني كنت خائفة جداً من ردة فعل أهلي وخشيت ألا يصدقني أحد لان
هذا المجرم كان محط احترام وتقدير الجميع خصوصاً أهلي , وهذه الحادثة مضى عليها إلى الآن ما يقارب 27 سنة لكنني ما زلت أتذكرها بنوع من الألم وأحياناً كثيرة ألوم نفسي كثيراً لأنني لم أخبر أهلي وتركت هذا الذئب الهرم ينفذ بفعلته دون عقاب
30 سنة وهي ترتعد من أسم الجاني
أم محمد 55 سنة قالت : تعرضت أبنتي لاغتصاب وحشي من قبل رجل متزوج عندما كنا نقيم بالسعودية ورغم أن هذا الرجل تم إلقاء القبض عليه فسجن وفقد بصره ومات وهو فقير معدم إلا أن النار التي تتقد في قلبي نحوه لم تنطفئ رغم مضي أكثر من 30سنة ورغم انه مات والسبب الحالة العقلية التي تعاني منها أبنتي نتيجة جريمة الاغتصاب التي تعرضت لها فقد تأذت في جسدها وعقلها وحتى ألان لو ذكر لها أحد أسم ذلك الشخص تصرخ وترتعب .
استدرجني زوج صديقة أمي
وقالت حنان 28 سنة : كان لامي صديقة متزوجة وفي يوم أرادت أمي غرضاً من صديقتها فأرسلتني لأخذه منها وكان عمري وقتها 10سنوات.. طرقت الباب ففتح زوجها ويبدو أنها كانت نائمة أو غير موجودة في البيت لا أدري وحين رآني زوجها استدرجني حتى دخلت إلى الداخل فقام بتقبيلي بعنف ثم تركني أذهب ووقتها لم أكن أعلم أن هذا تحرش لم أخبر أمي بشي وبعد فترة أرادت أمي إرسالي مرة أخرى لاحضر لها شيء من عند صديقتها فرفضت بقوة وجلست أبكي وعندما سألتني عن السبب أخبرتها بما فعله معي زوج صديقتها فضربتني على وجهي عدة مرات وقالت لي لماذا لم تخبريني في نفس الوقت , فقلت لها :لا أدري.. على فكرة هذه الحادثة جعلتني أخاف من الرجال خصوصاً من هم في عمر كبير وأنا لا أتذكر ما جرى لي بشكل مستمر ولكن أحياناً إذا جاء ما يذكرني بها مثل خبر عن اغتصاب طفلة أو طفل أو برنامج يتناول قضية التحرش بالأطفال أشعر من داخلي والاشمئزاز والكراهية لهذا الرجل المقيت .
تبكي كلما رأت الشارع
أم مرام 36سنة قالت : تعرضت أبنة صديقتي للاغتصاب قبل خمس سنوات ونتيجة لما حدث أصبحت هذه الفتاة ترفض الخروج من المنزل ورفضت حتى الدراسة وفي كل مره تحاول أسرتها الضغط عليها ترفض وعندما يصرون عليها تخرج معهم إلى عند الباب وحين تشاهد الشارع تجلس وتجهش في البكاء بحرقة فهي تعتقد أن ما حدث لها كان بسبب خروجها من المنزل وأنها قد تتعرض للاغتصاب مره أخرى في حال قررت الخروج من المنزل .
ذئاب الطفولة خارج القفص
رندا 22سنة طالبة جامعية قالت: جرائم اغتصاب الأطفال أصبحت أكثر من جرائم النصب والقتل ومشكلة من يتعرضون للاغتصاب أن المجتمع لا يرحمهم ولا يعذرهم رغم أنهم ضحايا والجهات الأمنية تتساهل في القبض على الجناة وضبطهم ومعاقبتهم ولهذا يستمرون في ارتكاب المزيد من الجرائم البشعة ضد الطفولة وأحياناً يكون العقاب بسيطاً لا يصل إلى حجم وبشاعة الجريمة لذا أصبح الكثير من الأطفال سجناء داخل المنازل بسبب خوف أسرهم عليهم من الاغتصاب .
تدمير لحياة ونفسية الفتاة
منيرة 24سنة تحدثت قائلة : الاغتصاب يدمر حياة ونفسية أي فتاة وسواء حدث هذا في الطفولة أو في مرحلة الشباب فإنه يصعب على من تعرضت له نسيانه مهما حاولت هي ومن حولها وحتى السنين نفسها لن تستطيع أن تنسيها ما تعرضت له من عنف واعتداء.
الموت أفضل
أمير 23سنة قال : في مجتمعاتنا يعد القتل أهون من الاغتصاب لان الفتاة المغتصبة لا أحد يرحمها حتى لو اغتصبت وهي طفلة وحاولت أن تعيش حياتها بشكل طبيعي وتناست ما حدث معها فهي في النهاية ستتزوج وعندها سيفتح هذا الجرح من جديد مسبباً لها مشاكل عدة وطلاقها قد يكون أول هذه المشكلات وقد لا يكون أحد من أهلها يعلم بهذا الاغتصاب وفجاه يكشف الزوج المستور ويظهر ما كانت تخفيه الفتاة ولهذا أقول أن الموت أفضل للفتاة من الاغتصاب .
نظرة المجتمع
منى الكوكباني أخصائية نفسية قالت : تعيش الطفلة التي تعرضت لاعتداء جنسي أو للتحرش مع عقدة الشعور بالذنب التي تسيطر عليها ، واتهامها لنفسها بعدم المقاومة وأنها كانت السبب في إلحاق العار بأسرتها والمشكلة أن المجتمع يساهم في تأصيل مثل هذا الشعور لديها من خلال نظرته إلى ما حدث للطفلة المعتدى عليها بأنه فضيحة ، ناهيك عن توبيخ الأسرة لها ومطالبتها بالسكوت، خاصة إذا كان المعتدي من أفراد العائلة وهذا قد يجعل الطفلة تفقد الثقة في نفسها وفي أسرتها والمجتمع بشكل عام وتوجد حالات حاولت الانتحار أكثر من مره بسبب شعورها بالذنب والاكتئاب نتيجة لمعاملة الأهل القاسية لها واتهامهم لها بأنها كانت السبب في إلحاق العار بهم بينما الجاني في كثير من الحالات لا يتم الإبلاغ عنه إما لأنه أحد أفرد الأسرة كالأخ أو الأب أو لكونه قريب لأحد الوالدين.
وعن الحالة التي تكون عليها الضحية بعد الصدمة , : تظهر المغتصبة في البداية في حالة من الشرود، وعدم القدرة على الكلام وهذا ما يسمى باضطراب ما بعد الصدمة، وعندما تهدأ تبدأ في مراحل القلق والإهانة للذات، وتبدأ في الدخول في نوبات البكاء والإحباط ورفضها الحياة كلياً أو جزئياً، كما تظهر عليها مراحل العدوانية على المجتمع ومَنْ حولها وإحساسها بأنها مرفوضة، مع شعورها بالإهانة لانتهاك جسدها وخصوصيتها، وهنا يبدأ الانطواء وفقدان الشهية للأكل واضطراب النوم وعدم التركيز والقلق والخوف الشديد وفي مثل هذه الحالة ننصح بضرورة إعادة تأهيلها والتخفيف من معاناتها وأن تتفهم أسرتها أنها ضحية وأنها معتدى عليها .
من يغتصبون الأطفال
وعن الحالة النفسية والاجتماعية لمن يغتصبون الأطفال قالت الكوكباني : أن الشخص الذي لديه ولع جنسي بالأطفال يعاني اضطراباً في الشخصية وسوء توافق اجتماعي، فيقدم أحدهم على الاتصال الجنسي بالأطفال نتيجة إحساسه بالنقص الجنسي وعدم الكفاءة لمباشرة النساء، أو أنه يعيش صدمة خيانة زوجته بعلمه، ويعوض عن ذلك بالاتصال مع الأطفال
التأهيل النفسي لمن يتعرضون للاغتصاب
تحدث المرشد النفسي عبد الله يونس على الخط الساخن عن أهمية التأهيل النفسي فقال : كل من يتعرض للاغتصاب هو بحاجة ماسة للمساعدة النفسية وإعادة تأهيله , لكونه يعاني من بعض الآثار التي إن أهملت وتركت فإنها سوف تؤثر على نفسيته وربما سلوكه فهناك أشخاص تم القبض عليهم لارتكابهم جريمة اغتصاب ضد طفل وبعد التحقيق معهم وجدنا أنهم قد اعتدوا على مجموعة كبيرة من الأطفال والسبب هو أنهم سبق وأن تعرضوا في طفولتهم لفعل مماثل وكأن اغتصابهم للأطفال ردة فعل وإشباع لرغبتهم في الانتقام وحتى يشعر الآخرون بالألم كما تألموا..
والطفل أو الطفلة في حال تعرضوا للاغتصاب يجب على الوالدين الوقوف إلى جانبهم ومساعدتهم في تجاوز هذه الصدمة وإعادة تأهيلهم للتخلص من الآثار النفسية وما يجب فعله للطفلة المغتصبة هو مساعدتها في تجاوز الأزمة النفسية التي تصاب بها وليس نسيان الاعتداء فقط ولكن نتيجة لقلة الوعي تترك الطفلة بعد تعرضها للاغتصاب دون مساعدة نفسية فتصبح غير قادرة على تجاوز هذه الأزمة وربما يصل الأمر بالبعض الى سكة الانتحار .

زر الذهاب إلى الأعلى