فضاء حر

يحترمونك بقدر ما تكتب !

يمنات
سواءٌ عرفت بنفسك .. أم لم تفعل، وبالتالي فأين ماحللت ستحظى بترحاب واستقبال بقدر ما تكتبه، مالم فلا مكان لك في مساحة بعض “المتثيقفين “، ولست بإنسان حتى وإن كنت تحمل روحاً جميلة وقيماً أخلاقية حسنة ، تتقاسم – مع البسطاء آلامهم وهمومهم .
هذه هي حقيقة ومأساة بعض أدعياء الحداثة . فإذا ماقدمت من مكان بغية التعرف أو البحث عن صديق حميم، يقابلك أحد “الكتبة” الواهمين وكأنك عدت للتو من دورة مياه ! . أما إذا ما استفسرته بلطف عن شخص آخر ، ينبري قائلاً لك : ” الأستاذ مسافر” . ويا ليته كان صادقاً!.
مثل هؤلاء يرون أنفسهم بشراً محسوبين على الثقافة والأدب، ولكنهم مختبئون خلف”السخف الثقافي” وبتقدير جيد جداً!؟. يتجلى ذلك في قياسهم للناس بقدر ظهور أسمائهم أسفل عناوين براقة في الصحف والدوريات المختلفة ، وبالتالي فإذا ماحلّ أحد الأسماء اللامعة زائراً على مجلسهم ،فهو بالطبع قادم من كوكب آخر، سرعان مايبدأ مجاملوه : أنت تكتب .. أنت رائع .. لقد قرأت مقالك الأخير وأعجبت به جداً”.
وهنا تزداد لغة النفاق متوسعة في سرد كتاباته عن ..وعن ..وعن..!
والحقيقة إن كنت تتمتع بذاكرة حية ، لاشك أنك ستعري مثل هؤلاء وقد ظل يوغل في كتاباته ب”لصوصية فائقة” بالسطو على عبارات وجمل لكتاب مشهورين ، ما أهله بأن يحظى بقدر كبير من الإشادة والثناء الزائفين!.
وكنت قد التقيت قبل أيام أحد الكتاب في مجلس صحيفة شهيرة ،إذ أُستقبل استقبال الفاتحين . يومها ظللت استمع على مضض لعبارات الثناء عليه، وفي الأخير وجهت له سؤالاً:” عفواً.. يا أستاذ ..ما مفهومك للثقافة والمثقف”.
فبدأ يرغي بكلام، مستشهداً بالمفكر كللير ، وسلبير ،وحنبير، وونير ، وماكس فيبر. مع أن الأخير عالم اجتماع. قلت له: تعريفك للمثقف بالذات. فقال: المطلع …قاطعته : أرى أن الثقافة سلوك – بمعنى أن لاقيمة للمثقف مالم يكن مرتبطاً بمحيطيه سلوكياً وبالتالي ” الثقافة سلوووك”. لكن رأيي لم يعجبه، وماهي إلا لحظات حتى أقبل رجل ذو عنق منفوخة وكرش متخمة ، ذات صوت جهوري وقد ضاق حزام جنبيته حول خصره ،ففشل في أن يستقر بمقعده ، وقبل أن يجد له مكاناً سارع أحد المدراء مهرولاً نحوه ،متجاوزاً قرابة ثلاثة أمتار واحتضنه بحرارة. اعتقدت أن لهذا الاستقبال صلة قرابة .. ولاضير في ذلك ، فتبين لي أن الرجل الفارع يعمل في إحدى منشآت تحصيل الضرائب .ابتسمت ساخراً عقب تعريف المدير به ب ” أحد المثقفين الرائعين”.
هذا التعريف “الفج” والمنحط – إن جاز التعبير – فضحه سؤال بادر الرجل إلى طرحه وأجاب عليه في آن . وهو: من هو المثقف؟. فأجاب :” الأحمر العين”!؟.التزم الحاضرون الصمت ولم يعقب أحد عليه ، إذ ظلوا صامتين ” صمٌ بكمٌ” لدقائق.
شخصياً كنت ضمن من أصيبوا ب” الصمم” وأول الناطقين بكلمة وجهتها لذلك المدير ساخراً : حيااااااك؟!.
تغريده:
لم أشعر طوال عملي الصحفي المتواضع بإنسان نبيل عرف معنى الثقافة ، سوى ” نائف حسان ” ، فقد جسد الثقافة سلوكاً بكل ماتعنيه الكلمة ، فهو كذلك ولايزال مع كل من عرفوه .
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى