فضاء حر

الانفصال ليس ترفا جنوبيا لكنه رغبة في الحياة

يمنات
قد لا يكون فك الارتباط تماماً حلاً سليماً للقضية الجنوبية وخاصة مع وجود حالة تعايش مشترك استمرت لعشرين عام، رغم -وحدة- الضم والإلحاق ولكن هذا لا ينفي كونه حقاً سياسياً وحقاً إنسانياً لتقرير المصير.. والمطالبة بفك الارتباط ليست ترفاً جنوبياً..
أنا بالطبع لا أكتب هذا المقال لأمراء الحرب على الجنوب مِمَّن ترتبت لهم من بعد حرب 94مصالح مادية احتكارية واستغلالية وفيد وغيره ،ولا أستعطفهم ؛بل أكتب للمواطن (الشمالي) البسيط نعم لكَ (أنت) ما الذي يجعل شعباً بأكمله يُريد الانفصال كما تُسميةِ أنتِ.
قد تكون متمسكاً برأيك الذي تدعوه وحدوياً ،ولكن من يمنعك من التفكير بهدوء .. ما الذي يجعل شعباً يكره هذه الوحدة ويطالب بالعودة لدولته ، وخاصة شعب كالشعب الجنوبي الذي تغنى بالوحدة منذ تعلم النطق وتحررت لسانه ، لم تكن لافته واحده لليمن الشعبية أو “الحزب الاشتراكي -الحاكم” لا تربط الاستقلال بالنضال لأجل الوحدة..
تلك الطلقات التي كانت تبزغ خبزاً وحريةً من ردفان لم تكن لأجل التحرير واستقلال اليمن الجنوبي فقط ،بل ولأجل الوحدة اليمنية أهناك ما كان أجمل وأنبل وأعذب من هذا المشروع والحُلم ليكون نهجاً نضالياً وقصيدهً لرفاق البنادق والسمر في جبهات الكفاح المُسلح من تنظيم الجبهة القومية الموحدة جنوباً حتى الجبهة الوطنية شمالاً .
فك الارتباط ليست فكرةً جاءت من خارج الواقع والتاريخ ،وليست سلعة فالشعب الجنوبي ليس مرتزقا، أنتَ تشعر بانتماء لدولة الوحدة هذه (الجمهورية اليمنية) ، رغم أنها لم تبادلك ذات الشعور ولم تُشعر بالمواطنة والعدالة يوماً ولم تُشعركَ أنها أُم ؛ فكيف لا تريد للجنوبي أن يحن لأمه لدولته الشعبية التي منحته الشعور بالمواطنة التي حققت له المواطنة في النص وفي الواقع والتي حققت له العدالة الاجتماعية ، لِجَنةِ الفقراء الفقيرة كما يسميها (محمود درويش) تلك الفقيرة التي لم يتكرش فيها مسئول على حساب جوع الشعب وفقره..
إنه يحن للخدمات المجانية من تعليم وصحة وفنون وماء وكهرباء، -مهما كانت مواصفاتها- ؛فهو حين حمل مشروع الوحدة فقد كان يحلم بأن تشاركه أنتَ هذه الخدمات التي يتنعم بها وليس هرباً من سقوط الاتحاد السوفيتي وليس رغبةً في أن يُصبح عبداً لشيوخ القبائل الرجعية لديك!
لا يُمكن المزايدة بوحدوية الشعب الجنوبي ،كما لا يمكن مُعاداة وحدوية الشعب في الشمال واعتبارها قيم احتلال فالمشكلة لم تكن في الوحدة بل في السُلطة .. سُلطة الحروب والتجهيل والإفقار ،هي من طعنت الوحدة والإنسان الجنوبي والأرض وحاربت الدولة الجنوبية والاشتراكي.
إن الجنوبي يشعر بالأسى حين فكر لأول مرة بخيار فك الارتباط، لكنه الخيار المُر فما عاد عنده ما يُضحي به أكثر ويُريد أن يرتاح أن يضم أرضه وتضمه أن يلف عليها الضماد وأن تداويه فالوحدة اتفاقية سياسية أُسقطت بالحرب ،وليس مكتوباً على الشعب الجنوبي أن يظل في العذاب السرمدي.
ستقول لكننا في الشمال لسنا أفضل منهم ؟،ولكنهم في الجنوب لا يطيقون العبودية إن كنتَ أنتَ تعودت عليها وحتى حين ثرتَ فقد ثار معك الجلاد وجعلتَ منه حامي لثورتك وحريتك!
ستقول لما لا نضحي بكل شيء لتعود الوحدة؟ وسأقول لكَ أنا –كاتب هذه السطور- بأن 33نقطة تتعلق بعودة حقوق مادية للجنوبيين أُتفق عليها ب”مؤتمر الحوار الوطني” لتكون بمثابة رسالة عوده ثقة للشعب الجنوبي لم تنفذ نقطة ، وسأقول لكَ أن الحد الأدنى الذي يلبي تطلعات الشعب الجنوبي والمتمثل في مشروع الاشتراكي للوحدة من إقليمين توفر للجنوبيين في ظل دولة اتحادية حكم إقليمهم والتنعم بخيراتها رُفض رفضاً قاطعاً من سُلطه الحرب ولم تستطع أنتَ أيها الشمالي وأيها الاشتراكي أن تدافع عنه..
إن وحدة لم تدافع عنها فأنتَ لا تستحقها ، والضحية ليست مجبرة على النزيف حتى الموت لتثبت وحدويتها! و تستحق أن تستعيد وطنها لتتعافى وتعيش … فك الارتباط ليس ترفاً جنوبياً لكنه رغبتهم في الحياة.

زر الذهاب إلى الأعلى