أخبار وتقارير

صحيفة: مهمة اللجنة الرئاسية الى صعدة عرض 3 وزارات أو الحرب

يمنات – الأولى
صعّدت الحكومة، أمس، من خطابها الإعلامي في مواجهة الإجراءات الاحتجاجية التي تشهدها العاصمة صنعاء، بناءً على دعوة من زعيم جماعة الحوثيين، لمناهضة الجرعة، وحكومة الوفاق الوطني التي أقرتها، في الوقت الذي شكلت فيه لجنة للتحاور مع عبدالملك الحوثي، ضمت شخصيات من الأطراف السياسية اللاعبة في الساحة.
والتقى رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، بالقاعة الكبرى بالقصر الجمهوري، بصنعاء، بحشد من السياسيين، ضم رئيس مجلس النواب، ونائب رئيس الوزراء وزير الاتصالات أحمد بن دغر، ومستشارو رئيس الجمهورية، ومعظمهم قادة لأحزاب رئيسية، إلى جانب وزراء الحكومة وأعضاء مجلس الشورى وقيادات حزبية وسياسية، وممثلين عن منظمات المجتمع المدني وقطاع المرأة، وشخصيات اجتماعية وقيادات عسكرية وأمنية.
وألقى الرئيس في المجتمعين كلمة جدد فيها التمسك بخيار رفع الدعم عن المشتقات النفطية. وإذ دعا الجميع، قاصدا الحوثيين، ضمنا، إلى المشاركة السياسية، والتخلي عن العنف والتهديد به، فقد ألمح إلى أن الدولة قد تلجأ لكل الخيارات؛ في إشارة إلى الخيار العسكري.
وتشكلت في اللقاء لجنة سياسية مهمتها زيارة زعيم “أنصار الله”؛ عبدالملك الحوثي، إلى صعدة، لتعرض عليه مشاركة جماعته في الحكومة القائمة، وتتفاوض معه حول بقية مطالب الجماعة.
مصادر حضرت اللقاء قالت ل”الأولى” إن الاجتماع ناقش التقدم بعرض على زعيم الحوثيين بالمشاركة ب3 وزراء، بحيث يجري تعديل للحكومة يتم فيه إلحاق هؤلاء الوزراء بالتشكيلة القائمة، وتصبح الحكومة بذلك حكومة “وحدة وطنية”.
وبالنظر إلى طبيعة الأسماء التي تكونت منها اللجنة، وهي أسماء لقيادات رفيعة في كل من أحزاب: المؤتمر الشعبي العام، والتجمع اليمني للإصلاح، والحزب الاشتراكي اليمني، وأحزاب أخرى، فإن المهمات المسندة إليها قد تكون أكبر من مجرد نقل رسالة من القوى السياسية إلى زعيم الحوثيين، وأقرب إلى أن تكون مهمتها تفاوضية بشكل عام، وقد تطرح تشكيل حكومة جديدة بديلة للحكومة القائمة.
غير أن مخاوف برزت أمس لدى متابعين، من أن تكون اللجنة مجرد “إسقاط واجب”، أو أن تكون مقدمة تبرر للجوء إلى خيار الحرب مع الحوثيين.
وفي كل الأحوال، فإن مهمة اللجنة تبدو في غاية الخطورة، فهي قد تكون بوابة للحل، أو مقدمة للحرب.
وألقى الرئيس هادي كلمة في الاجتماع، قال فيها إن “البلد يَمُرُّ بِمنعطفٍ تاريخيٍّ حساسٍ وهامٍّ للغاية، ويَستدعي منّا جَميعاً الاجتماع والوقوف بِكُلِّ صِدقٍ ومسؤولية أَمَامَ التَّحديات الكبيرةِ التي تُواجِهُ الوطنَ في كل المجالاتِ وعلى مُختَلَفِ الأَصعِدَةِ، ونَكونَ عند حُسنِ ظَنِّ الشعب الذي وَثِقَ بنا، واعتمدَ علينا لإخراجِهِ من الوضع الصَّعبِ الذي عاناهُ طَوَال العُقُودِ الماضيةِ”.
وأبدى ثقته وقناعته ال”مطلقة” بقدرتهم على “إيصال الوطنِ إلى برّ الأمان، وعلى بناءِ الدولةِ اليمنيةِ الحديثة، لأننا معتمدون بعدَ عونِ اللهِ سبحانه وتعالى، على قدرات وإرادة شعب اليمن العظيم”.
وقال هادي إنه، و”مُنذُ الأحداثِ التي مرت بالبلاد مَطلع العام 2011، ومطالب التغيير ارتَأت القُوى السياسية كافَّة أن تتم مُعالجةُ الوضعِ بالحوارِ والتوافقِ تَجنباً لانزلاقِ البلدِ في حَربٍ أهليةٍ طاحنةٍ، وكانت المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية بما تضمنَتهُ من نُصوصٍ وآليّات، هي الحلُّ الأَمثلُ الذي ارتضَاهُ كلُّ اليمنيين بكافةِ مكوناتهم، وعَلى ضَوءِ هذهِ المبادرةِ خُضنَا أَهمَّ استحقاقاتها، أَلا وَهُوَ الحِوارُ الوطني الشَّامل، والذي شَكَّلت مُخرجاتُهُ خَارطةَ طريقٍ لمستقبلٍ آمنٍ ومستقرٍّ وَغَدٍ أَفضل لِكُلِّ اليمنيين”.
وأضاف: “كُلُّنا يُدركُ أَنَّهُ طَوالَ فَترةِ الحِوار وَاجَهنا الكَثيرَ مِنَ التحديات والعراقيل السياسية والأمنية التي كانَ الغرضُ منها حرّفَ مسارِ التسويةِ السياسية والالتفافَ عليه والخروجَ عن الوفاقِ والإجماعِ الوطني، وذلك بافتعالِ أزماتٍ ومشاكلَ وصراعات مختلفة هنا وهناك؛ ولكننا وبتكاتفِ جميعِ القوى الخيّرة أوصلنا الحوار إلى نهايته في 25 يناير الماضي”.
واعتبر الرئيس هادي أن وثيقة الحوار الوطني على المحك، حيث قال: “بيدنا اليوم وثيقةٌ تاريخيةٌ هامة صاغها جميعُ اليمنيين، وبدعمٍ من الأشقاء والأصدقاء، وهذه الوثيقة التي تضمنت مخرجات الحوار الوطني، هي حصيلةُ نقاشاتٍ دامت لأشهر طويلة تخللها الكثيرُ من الجهدِ والعمل في سبيلِ إنجازها على النحو الذي رأيناهُ في المحصّلة النهائية، ولا يخفاكم اليوم أنّ وثيقة مخرجات الحوار الوطني هي على المحّك في ضوءِ المستجداتِ الأمنيةِ والسياسية والتصعيدِ الأخير من قبلِ من يعتقدُ أن بإمكانه بلغةِ العنفِ والقوة فرضَ خياراتٍ قادمة مجهولة سبقَ لشعبنا أن اختبرها ولفَظها بغيرِ رجعة”.
وتطرق هادي للقضايا التي عمل على حلها، وأشار: “لقد حرصنا منذ اللحظة الأولى لتسلّمنا مقاليد المسؤولية، على حلِّ المشاكلِ أولاً بأول عبر تشكيل أكثر من لجنة رئاسية، سواءً لمعالجةِ القضايا الطارئة، أو لحلِ مشاكل وقضايا متراكمة منذ سنواتٍ مضت، ومنها: القضيةُ الجنوبية، وقضيةُ صعدة اللتان كانتا في صدارة القضايا المطروحة على طاولة الحوار الوطني، وأننا وبمسؤولية وطنية من قبل كافة الأحزابِ السياسة الموقّعة على المبادرة الخليجية، وبدعمٍ من الدول ال10 الراعية لها، قد حرصنا على إدراجِ قضية صعدة في الآلية التنفيذية، وعلى إشراكِ الأطرافِ الممثّلة لها، ليسَ مَنّاً، ولكن حرصاً على معالجة كل مشاكل وقضايا أبناء شعبنا أينما كانوا”.
وتحدث أن وثيقة الحوار الوطني تضمنت حلولاً ومعالجات لمشاكل البلاد: “كما تعلمون فقد تضمنت وثيقة الحوار الوطني حلولاً ومعالجاتٍ وافية وشاملة لتلكم القضيتين، بل ولعمومِ المشاكلِ والتوترات التي ظلت تعاني منها بلادنا على مدى تاريخها الطويل، ورسمت تلك الوثيقة ملامحَ اليمن الجديد، لكن ومع الأسف ظلت هناك كثيرٌ من العوائق تعترضنا، ولم تتح لنا الفرصة حتى هذه اللحظة لتحقيق بعض تلك المعالجات على أرض الواقع، فما إن ننجح في إطفاءِ فتيلِ المواجهات والعنف في منطقة، حتى نفاجأ بإشعالهم مواجهات جديدة في منطقة أخرى”.
واستطرد رئيس الجمهورية، بالقول: ومع ذلك لم نيأس أو نتوانَ عن مواصلة الجهود الرامية لردم بؤر الصراع والفتنة، وشكلنا اللجان تلو اللجان سواء لحل مشكلة دماج والرضمة وأرحب والجوف، أو لوقف إراقة الدماء في عمران مؤخراً، بل وبعثنا الوفود تباعاً إلى صعدة وأماكن التوتر، وآخرها اللجنة الرئاسية التي زارت صعدة يوم السبت الموافق 16 أغسطس 2014، بالإضافة لتشكيل لجنة سياسية ما زالت تمارس أعمالها بهدف مناقشة المصفوفة التنفيذية لمخرجاتِ فريقِ صعدة وقضايا الشراكة السياسية، كل ذلك من أجل احتواءِ الموقف والمضيّ معاً في تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني”.
واستدرك قائلاً: “لكن للأسف كل ذلك تم مقابلته بما استمعنا وما زلنا نستمعُ إليه جميعاً من بياناتٍ وخطاباتٍ متشنّجة تفرّق ولا تجمع، تهدم ولا تبني؛ لكننا ومع ذلك، وانطلاقاً من مسؤوليتنا الوطنية والتاريخية، وحرصاً منّا على جميع أبناء شعبنا في كل ربوع الوطن، ما زلنا نؤكد التزامنا بتنفيذ مقررات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وتحقيق مبدأ الشراكة الوطنية على أسس ثابتة ومسؤولة، ولن نسمح بتجاوز تلك المخرجات مهما كانت ردود الأفعال الآنية”.
ودعا الرئيس هادي جماعة الحوثيين، لما سماه “مراجعة حساباتهم”: من هنا أدعوهم إلى مراجعة حساباتهم والنظر إلى الأمور بمنتهى الواقعية والمسؤولية، وأن يدركوا العواقب الوخيمة للخروج عن الإجماع الوطني، وألا تأخذهم العزة بالإثم لتدفعهم لتبنّي ممارسات ثبت فشلها في الماضي والحاضر، وبكل تأكيد وثقة ستفشل في المستقبل، وتكرارها من جديد لن نحصد من ورائه سوى الكوارث والفوضى وإراقة الدماء.
وعرّج الرئيس على قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية، الذي فجّر الأزمة، وقال: “أود أن أؤكد لكم من جديد وبمنتهى الوضوح، أن قرار تصحيح أسعار المشتقات النفطية الذي أقرته حكومة الوفاق الوطني بالإجماع، وبعد الاتفاق والتشاور مع كافة القوى والأطراف الوطنية المشاركة في الحكومة، باعتباره خيار الضرورة لتجنب انهيار الدولة، ودفع ما هو أشد وأسوأ ضرراً”.
وأردف بالقول: “أقول ذلك وأنا في واقع الأمر أدرك حقيقة معاناة شعبنا العظيم، وتحمله وصبره على المكاره، ولذلك وجهت من هذا المنطلق الحكومة قبل اتخاذ القرار، وبهدف التخفيف من حجم المعاناة، بإيقاف كل ما من شأنه استنزاف الخزينة العامة، كإيقاف شراء السيارات والمشاركات الخارجية التي تتحمل الدولة تكاليفها من الموازنة العامة، وتقليص سفر جميع المسؤولين بمن في ذلك الوزراء، وإجراء مراجعة كاملة وشاملة لمستوى وطرق تحصيل كافة الأوعية الضريبية والجمركية، وتشكيل وحدة عسكرية متخصصة لمكافحة التهريب الجمركي والتهرب الضريبي، وتصحيح أوضاع الوحدات الاقتصادية المملوكة للدولة والقطاع المختلط، ومراجعة تكاليف استخراج النفط، وغيرها من المعالجات”.
وتابع: “في أعقاب اتخاذ قرار رفع الدعم، وجهت الحكومة بتنفيذ حزمة من الإجراءات، أهمها صرف علاوات موظفي الدولة لعامي 2012، و2013، وإجراء التسويات والترقيات القانونية المرصودة في موازنة عام 2014 لجميع موظفي الدولة في القطاعين المدني والعسكري، واعتماد 250 ألف حالة ضمان اجتماعي جديدة، واستكمال نظام البصمة والصورة لكافة منتسبي القوات المسلحة والأمن، على ألا يتجاوز تنفيذ ذلك نهاية شهر أكتوبر من العام الجاري”.
ومن الإجراءات التي اعتبرها هادي “تصحيحية”، رافقت “الجرعة”: “إلزام جميع الجهات الحكومية، بما فيها الجهاز الأمني والعسكري، بالانتقال من المدفوعات النقدية للأجور والمرتبات، إلى المدفوعات عن طريق استخدام الحسابات المصرفية، وإلزام وزارتي المالية والزراعة والري، وصندوق التشجيع الزراعي والسمكي، وبالتنسيق مع الاتحاد التعاوني والزراعي، والاتحاد العام للصيادين، باتخاذ القرارات اللازمة لتطوير ودعم قطاعي الزراعة والأسماك، بما في ذلك توفير وحدات ري تعمل بالطاقة الشمسية وشبكات ري متكاملة وقوارب صيد مع كافة مستلزماتها، وما زلنا عازمين على اتخاذ المزيد من القرارات الهادفة لتخفيف العبء عن كاهل أبناء شعبنا، وأنا على ثقة مطلقة بقدرتنا سوياً على تجاوز هذه العقبات الاقتصادية والنهوض باليمن، ووضعه في المرتبة التي يستحقها”.
وتحدث الرئيس هادي أن البلاد في “مفترق طرق”: “دعوني أكاشفكم بمنتهى الصراحة والمصداقية، وأقول دون تحفظ إن بلادنا في هذه المرحلة أمام مفترق طرق؛ فإما أن ننفذ مقررات مؤتمر الحوار الوطني، وتنجح عملية الانتقال السياسي، ونمضي بالتالي نحو المستقبل الآمن بخطى ثابتة، وبدعم من الأشقاء والأصدقاء، أو أن تنتكس الإنجازات التي تحققت حتى الآن، والتي حظيت بتقدير وإعجاب العالم، وبنى عليها أبناء شعبنا آمالاً كبيرة، ومن ثم العودة إلى سيناريوهات الرعب والدمار والاقتتال الأهلي كما هو الحال في بعض دول المنطقة”.
ونبه هادي إلى أن النجاح لا يقع على عاتق الرئيس وحده: “أنا من هذا الموقع أنبه الجميع دون استثناء إلى أن تحقيق النجاح لا يقع على عاتق الرئيس وحده، أو الحكومة لوحدها، بل يتحقق بتعاون أبناء الشعب كافة وقواه الوطنية، لذا أكرر الدعوة، ومن منطلق المسؤولية التاريخية التي تقع على عاتقي، إلى بناء اصطفاف وطني واسع لمواجهة تلك التحديات الخطيرة والمغامرات المقلقة التي تواجه بلادنا في هذه المرحلة، باعتبار الوطن وطن الجميع ويتسع لكل أبنائه”.
ونوه إلى أن المجتمع الدولي لن يقبل بفشل العملية السياسية، حيث قال: “علينا أن ندرك بيقين ثابت وإيمان عميق أنه لا اليمنيون ولا المجتمع الإقليمي والدولي الذي دعمنا طوال السنوات الماضية، سيقبلون بفشل العملية السياسية نتيجة عبث البعض واستهتارهم بمصالح الشعب ومستقبله”.
وجدد الدعوة لما قال إنها “الأطراف المغردة خارج السرب”، أن تعيد حساباتها: “وبالتالي فإن على الأطراف التي تغرد خارج السرب أن تعيد حساباتها، وتلتزم بما أجمع عليه اليمنيون، وأن تعمل على تحقيق أهدافها وطموحاتها عبر الأطر السياسية والمؤسسية التي كفلها الدستور وعبرت عنه وثيقة الحوار الوطني بشكل لا لبس فيه، والدولة مسؤولة وضامنة لهذه الاتفاقيات، ومسؤولة عن تحقيق الشراكة الوطنية روحاً وفعلاً”.
وكرر هادي الدعوة “لجميع القوى والمكونات السياسية والمجتمعية والقوى الإقليمية والدولية لتحمل مسؤولياتها، والقيام بواجباتها بمنع انزلاق البلد إلى ما لا تحمد عقباه، والاستمرار في دعم التسوية السياسية وفق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية للوصول إلى الأهداف والغايات التي تكفل بناء يمن جديد آمن وموحد ومستقر ومزدهر، مع الابتعاد بالخطاب السياسي والإعلامي لكافة المكونات والقوى، عن كل ما يوتر الأجواء، ويشحن النفوس، ويغرس الكراهية والحقد على أساس طائفي أو مناطقي أو مذهبي أو حزبي، والحرص على ضرورة أن يسهم هذا الخطاب في تعزيز اللحمة الوطنية، وتعميق قيم التسامح والتصالح والإخاء”.
ووجه الرئيس هادي خطابه إلى “أبطال قواتنا المسلحة والأمن”، وقال: “ما زلتم تخوضون في كل يوم معركة الدفاع عن الوطن، وتقوضون دعائم الإرهاب والتخريب أينما كانوا، وتحطمون أحلامهم ببطولاتكم وتضحياتكم، وتمدون أجسادكم جسراً ليعبر الوطن إلى بر الأمان، فقد كُنْتُمْ دائماً رهان الوطن وسياجه الحامي، فأنتم عنوان الفداء والتضحية، ومصدر الفخر والإباء، نشد على أياديكم، ونؤكد على ضرورة رفع جاهزيتكم القتالية، وأن تظلوا على يقظة دائمة وبمعنويات مرتفعة، ونؤكد لكم أنكم ستكونون دائماً محل رعايتنا واهتمامنا، فوالله إنكم في حَدَقاتِ أَعُيننا وأَعيُنِ شعبكم”.
واسترسل هادي بالقول: “نؤكد لكم اليوم وغداً، بل ونجدد العهد لكم بأن خيارنا الذي لن نحيدَ عنه، هو الدفاع عن المكاسب الوطنية، والمضي إلى الأمام من أجل بناء اليمن الجديد، والوقوف بكل حزم وقوة عبر اصطفاف وطني عريض يحمي ويدافع عن ثوابت الشعب في الحفاظ على النظام الجمهوري والوحدة والنهج الديمقراطي وتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل”.
واعتبر أن رهانه اليوم، هو “على شعبنا اليقظ الذكي كما كان بالأمس، والذي بمقدوره إسقاط كل الحجج والمبررات الواهية والدعوات المشبوهة لخلخلة الصف والنسيج الوطني والزّج بالبلد في أتون صراعات عبثية”، حد قوله.
ومضى بالقول: “فشعبنا قادر على التمييز بين ما هو حقٌّ وخيرٌ للبلد، وبين ما يهدف لتحقيق أهداف ومصالح فئوية ضيقة”.
ودعا رئيس الجمهورية “الجميع إلى تحكيم لغة العقل والمنطق والحوار، ونبذ العنف والقوة والتهديد بهما لتحقيق أي أغراض خارج إطار ما اتفق وأجمع عليه اليمنيون”.
وألمح الرئيس هادي إلى استخدام القوة، وقال: “نحن في الوقت الذي نحتفظ فيه بحق الدولة في استخدام كافة الوسائل المشروعة للدفاع عن مكتسبات الشعب ومخرجات الحوار الوطني وحفظ الأمن والسلم الاجتماعي، فإننا نمد أيدينا للجميع ونفتح باب الحوار السياسي دوماً وأبداً إيماناً منّا بأن لغة الحوار هي أفضل الخيارات وأسلمها”.
وختم خطابه بالقول: “ثقتنا بأن جميع القوى -وبدون استثناء- وأكرر القول وبدون استثناء، ستنصاع في الأخير لإرادة الشعب، وستجنحُ للسلم، وستقبل بالحلول السياسية العادلة التي تحقق المصالح العليا للوطن والشعب”.
وتطرقت وكالة “سبأ” إلى أنه جرى في اللقاء “نقاش مستفيض إزاء التطورات والمستجدات على الساحة الوطنية، وسبل تعزيز الاصطفاف الوطني بما يصب في خدمة الأهداف الوطنية المنشودة”.
كما جرى “نقاش -وصفته الوكالة بأنه- ديمقراطي شفاف حول المعالجات المطلوبة والموقف الذي يجب أن تتخذه الدولة وفقا لمهامها وواجباتها تجاه فرض الأمن والاستقرار والسكينة العامة للمجتمع، وصون الحقوق العامة والخاصة بكل الوسائل الممكنة وبحسب ما يستجد”.
وصدر بيان عن اللقاء الموسع تلاه نائب رئيس الوزراء وزير الاتصالات الدكتور أحمد عبيد بن دغر، وجاء فيه: في ظل ما تشهده بلادنا من تحولات وتغيرات على مختلف الأصعدة، وما تمر به من ظروف حرجة وحساسة، عقد اليوم الأربعاء الموافق 20 أغسطس 2014، اجتماعٌ موسع ضم رؤساء وأعضاء مجالس النواب والشورى والحكومة ومجلس القضاء الأعلى والهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني ولجنة صياغة الدستور والأحزاب السياسية وقيادات المؤسسة العسكرية والأمنية ومنظمات المجتمع المدني والعلماء والوجاهات الاجتماعية والشباب والمرأة ومناضلي الثورة، بناءً على دعوة من الأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي، رئيس الجمهورية.
واستعرضَ الحاضرون في اللقاء آخر وأهم التطورات على الساحة الوطنية والسبل المناسبة للتعاطي معها. وقد خرج الحاضرون في نهاية اللقاء بالاتفاق على التالي:
1. يدين اللقاء استخدام العنف بكافة أشكاله وصوره، ويرفض رفضاً كاملاً ومطلقاً منهج الترهيب وسلوك القوة والحروب والاستيلاء على المدن بالقوة والسلاح، ويؤكد على أن هذا السلوك يمثل خروجاً عن الإجماع الوطني، ولا يمكن أن تسمح القوى الوطنية للغة القوة والعنف أن تفرض نفسها وأجندتها على المجتمع، أو أن تحقق بهذه الوسيلة أي مصالح سياسية أو غيرها.
2. يؤكد اللقاء أن الحفاظ على أمن واستقرار ووحدة الوطن وحماية نسيجه الاجتماعي والوطني وصيانة مكتسباته الوطنية، مسؤولية الجميع، وهي مصلحة وطنية عليا لا يمكن السماح بالمساس بها أو تجاوزها من قبل أي طرف كان، ولن يسمح أبناء الشعب لأي طرف جر البلاد نحو العنف والاقتتال والفوضى والدمار.
3. يؤكد اللقاء أن الجمهورية والوحدة والديمقراطية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني قواسم مشتركة لكافة أبناء الشعب اليمني وقواه السياسية والاجتماعية والمدنية، وتعد ثوابت وطنية لا تفريط فيها ولا انتقاص منها، وأن قبول الأطراف كافة بهذه القواعد يمنحنا إطاراً مشتركاً للبحث في المشكلات وإيجاد حلول لها.
4. يؤكد اللقاء الالتزام الكامل بكافة متطلبات إنجاز التسوية السياسية وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ولوثيقة مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وما يترتب على ذلك من استحقاقات وطنية، والتي تأتي صياغة الدستور والاستفتاء عليه وإجراء الانتخابات والتهيئة لذلك في مقدمتها، كما يؤكد على ضرورة الحفاظ على روح الوفاق والتوافق في كافة الخطوات الوطنية على قاعدة الشراكة الوطنية والمسؤولية في صناعة القرار وتنفيذه، بما في ذلك مشاركة الجميع في إدارة الشأن العام من خلال حكومة وحدة وطنية يُمثل فيها الجميع.
5. يؤكد اللقاء على ضرورة الاستمرار في اجراءات الإصلاح الاقتصادي المتعلقة بإصلاح قطاعي الكهرباء والنفط والخدمة المدنية والدين العام، والعمل على مكافحة الفساد وتعزيز الإيرادات النفطية وغير النفطية، كما يجب الالتزام بالإجراءات التقشفية التي تم تبنيها من قبل الحكومة.
6. يدعو اللقاء إلى الابتعاد عن الاستغلال السياسي للظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، واستغلال معاناة الناس وآلامهم، وذلك لتحقيق مكاسب سياسية على الأرض، وضرورة التعامل بمسؤولية وطنية مع كافة الإجراءات التي تُتخذ لإنقاذ الاقتصاد الوطني من الانهيار.
7. يدعو اللقاء كافة الأطراف الوطنية الى رصّ الصفوف، وتجاوز الخلافات، وتحرير الخطاب السياسي والإعلامي من أية دعوات مناطقية أو مذهبية أو طائفية، وتحريمها، والعمل معاً لنبذ ثقافة وخطاب الكراهية والحقد، وتعميق أواصر الأخوة والألفة والوحدة الوطنية، وتعزيز قيم التسامح والتصالح بين كافة الفرقاء، حفاظاً على الوطن ووحدته وأمنه واستقراره.
8. يقرّ اللقاء تشكيل وفد وطني للتواصل واللقاء مع أنصار اللّه للتأكيد على هذه المبادئ، والدعوة للشراكة الوطنية المسؤولة من خلال لغة الحوار والوفاق ونبذ العنف والتهديد والتصعيد وإغلاق الطرق الذي من شأنه إقلاق السكينة العامة، ودعوتها إلى روح الاصطفاف الوطني والالتزام بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، واستشعار المسؤولية في الحفاظ على أمن واستقرار الوطن، وبحث كل ما من شأنه لملمة الصف الوطني وتجنيب البلد ويلات الصراع.
وقد شكل اللقاء لجنة للقاء زعيم الحوثيين، عبدالملك الحوثي، ل”تدارس الموقف بصورة كاملة، وما يجب عمله من خلال تغليب مصلحة الوطن العليا ومقتضيات المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة، واحترام إرادة الشعب، وتطبيق مخرجات الحوار الوطني الذي أجمعت عليها كل الأطياف والقوى السياسية والمجتمعية والشفافية، ومنها جماعة الحوثي”.
وتكونت اللجنة من التالية أسماؤهم: الدكتور أحمد عبيد بن دغر رئيسا، يحيى منصور أبو أصبع عضوا، محمد قحطان، سلطان البركاني، حسن زيد، جلال الرويشان، نبيلة الزبير، عبدالعزيز جباري، عبدالملك المخلافي، عبدالحميد حريز، ومبارك البحار.
وبحسب وكالة “سبأ”، فقد التقى الرئيس هادي بأعضاء اللجنة، وزودهم بالتعليمات اللازمة في كيفية التعاطي مع الموقف بكل أبعاده ومخاطره.
وتحدث الرئيس للجنة أن اليمن أمام منعطف تاريخي يتهيأ فيه للخروج الكامل من الأزمة التي نشبت مطلع العام 2011، والولوج في مرحلة جديدة عنوانها الحرية والمساواة والعدالة ونبذ التعصبات القبلية والمناطقية والمذهبية، مشيرا الى أن اليمن على مدى التاريخ متعايش بسلام، ولم يكن هناك أي تمييز أو فرز على أساس طائفي أو مذهبي.
وعبر الرئيس هادي عن أمله في أن تكون الموضوعية والمنطق سائدا من أجل استقرار وأمن وسلامة اليمن.

زر الذهاب إلى الأعلى