فضاء حر

أنصار الله “الحوثيين” بلعوا الطعم

يمنات
(“الفخ” الذي نُصب لأنصار الله “الحوثيين” بدخول صنعاء) كان هذا عنوان لمقال كتبته بتاريخ 27 / 9 / 2014م بعد أيام فقط من سيطرة أنصار الله على صنعاء، وقلت في إحدى فقراته: (وسيلي ذلك تحريض المجتمع على أنصار الله “الحوثيين”، وستتصدر تلك العملية وسائل الاعلام المحلية التابعة للإخوان ووسائل اعلام بعض الدول الخليجية وعلى رأسها قناة الجزيرة والعربية وسينتج عن ذلك حركات احتجاجية ومظاهرات واعتصامات سلمية ضد أنصار الله خلال أشهر قليلة تحت شعارات حقوقية وفشل اقتصادي وأزمات خانقة في المُشتقات النفطية, وسيتم تضخيم أي أخطاء أو تجاوزات وعدم ذكر أي إيجابيات على المستوى الأمني مهما كانت)، كان غرضي من المقال دق ناقوس الخطر وتنبيه أنصار الله من مخاطر سيطرتهم على القرار في صنعاء والاستفراد بالسلطة بهدف منع وقوع أنصار الله في الفخ.
لكن للأسف فإن الأنصار ساروا بأرجلهم الى ذلك الفخ بعد أن بلعوا الطعم، وبدأ خصومهم في حشد الرأي العام ضدهم مستغلين الأخطاء والتجاوزات التي ترتكبها عناصر الجماعة بمعدل يومي وبالأخص في الأسبوع الأخير، وخرجت مظاهرات قليلة ضدهم وكان فيها البعض الذين سارعوا باستفزاز أنصار الله كما يستفز أي متظاهر حول العالم رجل الشرطة الذي أمامه، وبدأت المواجهات معهم وتلى ذلك حملة اعتقالات شملت متظاهرين وبعض الصحفيين.
لا أدري هل أصيب أنصار الله بعمى السلطة الذي أصاب الإخوان في مصر واليمن وتونس؟، الم يتعظوا من ما حصل لتلك التيارات بسبب استحواذهم على السلطة واقصاء بقية التيارات السياسية منها؟، ولماذا يستنسخون ما فعلته تلك التيارات ويمارسوه بعنف أكثر بات لا يخفى على أحد.
المظاهرات التي خرجت ليست كبيرة لكن قمعها سيدفع الآلاف للانضمام اليهم، وبمجرد أن ينكسر حاجز الخوف سينظم لهم عشرات الآلاف ان لم يكن مئات الآلاف، وقد تتحول الحالة الى ثورة شعبية عارمة خلال أشهر من الأن بسبب الفعل وردة الفعل وبالأخص اذا استمرت حملة الاعتقالات، وقد نعود الى مربع الصفر مجدداً.
هناك فشل سياسي كبير لدى أنصار الله، والدليل على ذلك أنهم خسروا أهم المتضامنين معهم خلال العشر السنوات الماضية وهو الحزب الاشتراكي اليمني، حيث أعلن الحزب بالأمس وقف حواره معهم بسبب استمرار محاصرة مسلحين منهم لنائب الأمين العام للحزب ووضعه تحت الإقامة الجبرية دون أي مبررات مقنعة عدى مبرر أقل ما يقال عنه أنه سخيف وعذر أقبح من ذنب بادعاء الأنصار حمايته، القضية لا تتعلق بالوزير المخلافي لوحده بل بعدد من الوزراء إضافة الى رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، وهذا يعني أن السلطة التنفيذية بالكامل رهن الإقامة الجبرية.
لا أدري من ينصح الأنصار بمثل تلك التصرفات؟، وهل يعتقدون أن وزراء الحكومة سيعودن الى مناصبهم وهم يقادون تحت فوهات البنادق؟، الم يضع أنصار الله سيناريوا لمثل هكذا أوضاع قبل أن يُعطى جناحهم الأمني والعسكري الضوء الأخضر باقتحام دار الرئاسة والهجوم على منزل الرئيس هادي وضرب السلطة التنفيذية في الصميم؟.
يبدو أن افق كل التيارات السياسية اليمنية محدود ومحصور بتجارب من سبقهم، فالإخوان استنسخوا طريقة صالح في الحكم وزادوا عليها بهارات تخصهم، وأتى الأنصار واستنسخوا التجربتين وزادوا عليها بهارات اكتسبوها خلال حروب صعدة، وبين بهارات الإخوان وبهارات الأنصار يدفع المواطن البسيط الثمن دائماً.
والسؤال الأخير الذي يتبادر الى ذهني بإلحاح هو: متى يصحوا أنصار الله من سكرة النصر ومن وهم الحسم العسكري ومن غرور القوة القاتل لصاحبه؟، فلن تحكم اليمن الا بالشراكة بين الجميع بغض النظر عن مدى القوة العسكرية التي لدى كل طرف، فالقوة تنكسر أمام العشرات من المتظاهرين السلميين فكيف بالآلاف ومئات الآلاف.
أتمنى أن يحدث ذلك قبل فوات الأوان وقبل أن يخسروا باقي رصيدهم ومصداقيتهم، أعرف أن البعض قد يكابر وينكر الواقع ويغمض عينيه عن الحقائق ويفكر ويحلل بالأمنيات – كما فعل غيرهم مِن مَن كان في السلطة – لكن قادم الأيام سيكشف كم كانوا واهمين وكم كانت نصائحنا غالية ويُوزن كل حرف منها بالذهب لو أخذوها في حينه.
عن: الأولى

زر الذهاب إلى الأعلى