فضاء حر

أنا حُر …!

يمنات

ضياف البراق

يقول (وبغرور، طبعًا!): أنا حر.
لكنه، في الواقع، هو شخص أعمى، جامد الذهن، لا يكاد يرتقي إلى أدنى مستويات الحرية. بل يتعالى على معاناة الناس البسطاء من حوله ولا يحس بهم بتاتًا. شخص حر، لكنه بلا روح.

من لا روح له، هو شخص فارغ من الحرية.

الحرية هي أن تكون، دائمًا، صاحب روح إنسانية متوقدة، روح جميلة في حجم العالَم.

أمّا حريته، التي يحدثنا عنها، أو يعاملنا بها، إنما هي أنانية حيوانيّة تتقن الفصاحة الحلوة، أنانية وإن بدت للبعض مثالية من الخارج، فإنها، بالتأكيد، قبيحة من الداخل. الأنانية، بكل صورها، عبودية مخدوعة بنفسها. أنانية ترى نفسها أجمل من الجمال نفسه.

الحرية والأنانية نقيضان حقيقيان لا يجتمعان على الإطلاق.

يقول: أنا حر.
وهو في الوقت ذاته يقف خلفها، خلف الحرية بأميال. هو حر، لكنه يقف مع أعداء الحرية ضد الحرية، وغالبًا ما يُسيء للحرية حين يتحدث عنها بنرجسية فجة أو يتعاطاها بشكل مقزِّز.

فالحرية، عنده، هي الجمود، هي الكلمة منطوقة بصوت عالٍ، وليست نزعة نقيّة من كل الشوائب السيئة، نزعة رافضة على الدوام لكل أشكال القبح والعبودية.

الحرية، عنده، وإن كان يدّعي العكس، هي مجرد لعبة للتسلية الذاتية، قناع إغرائي، سِحري، لغرض ممارسة الخداع، أو الانتهازية، أو هي مسحوق تجميلي لتبييض الأسنان وتحسين بعض تشوهات الوجه.

يقول: أنا حر.
وهو الذي لا يتفاعل مع الجمال، ولا يتفاعل مع الآخر المختلف بشكل مهذّب، ويخاصم من ليس يتفق مع أفكاره الفارغة.

حر، ويضع نفسه فوق الكل. حر، ولا يقبل النقد، ولا يتسامح مع أصحاب الأفكار الجديدة، تلك التي تبدو له مزعجة، أو التي تتعارض مع ما يؤمن به هو.

حر، ويكره أكثر مما يحب، ويكذب أكثر مما يقول الصدق، ويمارس التقليد دومًا.

يقول: أنا حر.
ويعيش بين أحضان أسلافه، يعيش بين قبورهم، وهكذا، هو لا ينشد إلَّا الظلام لغيره، بقصد أو بغير قصد. حر، فيما هو يأخذ من الحرية الجزء الذي يعجبه فقط، ثم يزدري الباقي ( يا عزيزي، الحرية كلٌّ مُقدَّس لا يقبل التجزئة!).

يقول: أنا حر.
لكنه لا يحترم حرية الآخرين.
حر، ويخنق الحرية بقبضته الملوثة!

من حائط الكاتب على الفيسبوك

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام اقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى