أخبار وتقاريرالعرض في الرئيسة

صحيفة امريكية: محامون حذروا مسؤولين أمريكيين من ملاحقات قضائية لدعمهم السعودية في حرب اليمن

يمنات

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الامريكية، تحقيقا حول مخاطر توجيه اتهامات جرائم حرب للولايات المتحدة بسبب الغارات الجوية التي نفذها الطيران السعودي على اليمن.

وفي تقرير أعده مايكل لافورجيا وإدوارد وونغ، قالا إن حفل توقيع الاتفاق الدبلوماسي بين الإمارات وإسرائيل برعاية الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض ستكون بمثابة تبن تكتيكي من الرئيس ترامب لمبيعات السلاح كحجر أساس في سياسته الخارجية.

فكتحلية للاتفاق عبر ترامب عن التزامه ببيع طائرات متقدمة وطائرات بدون طيار فتاكة للإمارات. إلا أن مسؤولي البيت الأبيض يعملون للدفع من أجل وقف الصفقات وسط المخاوف من تعرض الولايات المتحدة لاتهامات بارتكاب جرائم حرب جراء بيع الأسلحة المتقدمة. وقالت إن مظاهر القلق نابعة من دعم أمريكا للسعودية والإمارات اللتين شنتا حربا في اليمن استخدمتا فيها السلاح الأمريكي وأدت لمقتل الآلاف من المدنيين. وستكون الصفقات موضوعا لجلسة مساءلة في الكونغرس يوم الأربعاء. وسيطرح المشرعون أسئلة على مسؤولين في وزارة الخارجية ودورهم في استمرار تدفق السلاح إلى النزاع ودفنهم نتائج تقرير داخلي حول القتلى المدنيين والمخاطر القانونية على الأمريكيين.

وكشف تحقيق “نيويورك تايمز” الذي قام على مقابلة عدد من المسؤولين في الحكومة الأمريكية عن أن المخاوف القانونية تسري عميقا وأعمق مما تم الكشف عنه في السابق. وعلى مدى الإدارتين فقد ظلت مخاوف الملاحقة القانونية حاضرة في ذهن المسؤولين الذين فكروا بتعيين محامين وناقشوا معهم مخاطر اعتقالهم وهم في خارج الولايات المتحدة. وزادت المخاوف في ظل ترامب حيث تصادمت سياسته القائمة على بيع السلاح مع المسؤولين الفدراليين الذين يقومون بدراسة ومراجعة مبيعات السلاح الفتاك.

ولا توجد حادثة في التاريخ الأمريكي الحديث أكثر مقارنة من اليمن، حيث قدمت الولايات المتحدة الدعم المادي للسعودية وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، وأدت الغارات السعودية إلى مقتل المدنيين. وأظهر تحقيق للأمم المتحدة الأسبوع الماضي في تقرير مفصل عن الجرائم في اليمن وطلب من مجلس الأمن الدولي إحالة أفعال الأطراف المتورطة في الجرائم إلى محكمة الجنايات الدولية والمحاكمة في جرائم حرب محتملة. وسواء حدثت هذه أم لا فإن المحققين في دول أجنبية قد يوجهون اتهامات لمسؤولين أمريكيين بناء على معرفتهم بأشكال القتل الذي لم يميز.

وتؤكد بعض الدول مثل ألمانيا والسويد على صلاحية استخدام “الولاية القضائية العالمية” في جرائم الحرب. ولاحق مسؤولون قضائيون في إسبانيا عام 2009 اتهامات تتعلق بتعذيب المعتقلين في معسكر غوانتانمو، في كوبا، وضد 6 مسؤولين في إدارة جورج دبليو بوش، واستخدموا في الملاحقة القانونية “الولاية القضائية العالمية” لكن المحكمة العليا الإسبانية رفضت القضية.

وفي آذار/مارس قالت المحققة البارزة في محكمة الجنايات الدولية إن المحققين قد يفتحون تحقيقا في ممارسات الجنود الأمريكيين في أفغانستان، وهي أول حالة خاصة ضد الولايات المتحدة. فردت إدارة ترامب بفرض عقوبات على المحققة والمحامين المتعاونين معها، وهي إشارة عن الجدية التي تتعامل بها الإدارة مع إمكانية الاتهام.

وبدلا من اتخاذ الإجراءات لمواجهة المشاكل ذهبت وزارة الخارجية بعيدا لإخفائها. فعندما وجد تحقيق داخلي أن الوزارة فشلت بمعالجة المخاطر القانونية لبيع مقذوفات إلى السعوديين وشركائهم، قام المسؤولون البارزون بالبحث عن طرق لإخفائها. وتأكدوا من نشر المفتش العام جزءا من التقرير في آب/أغسطس وإخفاء أجزاء مهمة بحيث لا يستطيع المشرعون الذين لديهم صلاحية أمنية قراءته. وتوصل محامو وزارة الخارجية في عام 2016 إلى أن المسؤولين الأمريكيين قد يواجهون إمكانية تهم بجرائم حرب. وقرر المحامون عدم إرسال نسخة من نتائجهم إلى وزير الخارجية مع أنهم أشركوا بعضا من المسؤولين فيما توصلوا إليه. وقالت أونا هاثاوي، أستاذة القانون في جامعة ييل والمحامية لوزارة الدفاع: “لو كنت في وزارة الخارجية لكنت أرتجف حول إمكانية تحميلي المسؤولية” و”أعتقد أن على أي شخص مرتبط بهذا البرنامج تعيين محام، فهي منطقة خطرة وضعت أمريكا نفسها فيها، واستمرار الدعم في ضوء أعداد المدنيين الذين قتلوا”.

ويرى الباحثون أن فشل وزارة الخارجية في الاهتمام بموضوع قانوني متعلق بحرب اليوم هو رمز للقرارات التنفيذية التي كانت إشكالية في كل دوائر الإدارة. ويتجنب المحامون الذين يعملون في قضايا الأمن القومي كتابة تحليل قد يضبط صناع السياسة.

ورفضت وزارة الخارجية التعليق ولكنها قالت إنها وضعت مصلحة المدنيين قبل تمرير صفقات أسلحة في أيار/مايو 2019. وأضافت أنها “تواصل العمل بدون كلل” على تقليل الأذى للمدنيين في اليمن وغيره، مشيرة إلى سياسات جديدة وتوسيع التحليل والتدريب للشركاء التي قبلها السعوديون والإماراتيون برحابة صدر. وكان قرار إدارة باراك أوباما عدم رفع أهمية التحليل القانوني في وقت اتخذت فيه موقفا متشددا من الضحايا المدنيين.

وفي كانون الأول/ ديسمبر 2016 منع أوباما شحنة من القنابل الموجهة بدقة التي وافقت إدارته على بيعها. لكن الدعم العسكري الآخر استمر بدون توقف بدون اهتمام بالتداعيات المحتملة. وبعد أشهر من وصول ترامب إلى البيت الأبيض وافق ترامب على القنابل التي رفض بيعها أوباما، ثم حاولت إدارته توسيع صفقات السلاح، 8.1 مليار دولار في أسلحة ومعدات ومن خلال 22 شحنة بما فيها شحنة بقيمة 3.8 مليار دولار من القنابل الذكية وقطع متفجرات صنعتها شركة ريثيون لكل من الإمارات والسعودية.

ومنع المشرعون الصفقة لمدة عامين ولكن وزير الخارجية مايك بومبيو أمر العاملين معه بالتحايل على الكونغرس ومرر بيعها من خلال حالة الطوارئ ضد إيران. وهو ما أدى إلى مراجعة المفتش العام للصفقات. ولم يكشف التحقيق عن المخاوف القانونية القائمة ولكن أدى لتقرير ناقد حدد المخاطر القانونية. ويقول ريان غودمان، من جامعة نيويورك وأستاذ القانون: “يمكن استخدام النتائج كدليل في المستقبل ضد المسؤولين الأمريكيين أو الحكومة الأمريكية”. ومع زيادة أعداد القتلى بين المدنيين أصبح موضوع السلاح أمرا سياسيا.

وقال جوزيف بايدن، المرشح الديمقراطي للرئاسة والذي كان نائبا للرئيس عندما بدأت الحرب، إنه سيوقف الدعم الأمريكي للحرب. وفي المقابل زاد ترامب من صفقات الأسلحة وعزز الموارد المالية من صفقات السلاح إلى السعودية. وقال في مقابلة بشهر شباط/فبراير: “لدي علاقة جيدة معهم” و”يشترون منا منتجات بمليارات مليارات مليارات الدولارات. ويشترون معدات عسكرية بعشرات المليارات من الدولارات”.

وفي ظل أوباما كان باستطاعة مسؤولي الخارجية مواجهة أسئلة حول التواطؤ الأمريكي في جرائم الحرب التي يرتكبها التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن. ولكنهم قرروا تجاهلها. وفي آذار/مارس 2015 مع بدء الحملة السعودية ضد الحوثيين الذين سيطروا على العاصمة صنعاء وافقت إدارة أوباما على بيع قنابل ذكية بـ 1.3 مليار دولار وأجزاء من القنابل لزيادة الترسانة السعودية التي نضبت بسبب المتطلبات العليا للحرب في اليمن. وبدا سريعا أن السعوديين وشركاءهم الإماراتيين يستخدمون السلاح بإهمال أو بقصد ضد المدنيين.

وعلى مدى 18 شهرا من الحرب ربطت منظمات حقوق الإنسان القنابل الأمريكية بالهجمات على البيوت والشقق السكنية والمصانع والمخازن والمراكز الثقافية والمجمعات الزراعية والمدارس الابتدائية وغير ذلك من المواقع غير العسكرية. ومع زيادة القلق حول الغارات الجوية بدأ المحامون بفحص مسؤولية أمريكا في الهجمات التي تقوم بها السعودية والإمارات ضد المدنيين. وبناء على محاكمة رئيس ليبيريا السابق تشارلس تايلور التي استندت عليها الولايات المتحدة في محاكمات القاعدة توصل محام إلى نتيجة مثيرة للقلق. ففي مذكرة أعدت في 2016 قال إن المسؤولين الأمريكيين بمن فيهم وزير الخارجية قد يواجهون تهما بارتكاب جرائم حرب لدورهم في تسليح التحالف الذي تقوده السعودية. وفي ذلك العام ناقش الباحثون ورقة نشرت في مجلة قانونية تتحدث عن جرائم الحرب وأعدها بريان فينوكين، المحامي في وزارة الخارجية والذي عين في مكتب الشؤون السياسية والعسكرية. وتحدث بصفته الخاصة في مؤتمر نظمته كلية الحقوق بجامعة ييل عام 2018 حول حرب اليمن، وقال فينوكين إن المسؤولين في وزارة الخارجية الذين قد يتعرضون للمحاكمة “هم من لديهم سلطة اتخاذ القرارات أو لديهم سلطة الاعتراض” و”أعتقد أنك تنظر وبشكل محتمل لأفراد بارزين”. ولكن المسؤولين القانونيين في الخارجية لم يرسلوا المذكرة إلى وزير الخارجية. ورغم عدم تقدم التحليل القانوني في داخل وزارة الخارجية إلا أن إدارة أوباما طلبت مراجعة وحاول وزير الخارجية جون كيري التوسط في وقف إطلاق النار. وطالب النائب الديمقراطي عن كاليفورنيا تيد ليو ومنذ 2018 الخارجية بالكشف عن المذكرة لكنها لم ترد. وعملت إدارة ترامب خلال ربيع 2017 على رفع الحظر عن بيع القنابل الذكية للسعودية. إلا أن المسؤولين في مكتب الشؤون السياسية والعسكرية الذي يشرف على الصادرات رفضوا اتباع رغبة الرئيس ويعرضوا أنفسهم لمساءلة قانونية. وفي أثناء لقاء بالبيت الأبيض وقبل زيارة ترامب للرياض في أيار/مايو 2017 تحدث مايك ميللر، مدير مكتب الأمن الإقليمي والسلاح، أنه يخشى من تحمله مسؤولية قتل المدنيين. ووافق محمد بن سلمان، الذي كان نائبا لولي العهد، في حوار مقتضب بالبنتاغون وردا على جيمس ماتيس، وزير الدفاع الذي قال له “توقفوا عن قصف النساء والأطفال” على العمل للحد من قتل المدنيين. ووضع المسؤولون الأمريكيون مسودة من إرشادات للسعودية ومتابعتها كشرط لعمليات بيع السلاح. ولم تكن الخطة للحد من قتل المدنيين ولكن ضد مزاعم التواطؤ في جرائم حرب. وقالت تينا كيداناو، التي ترأست مكتب الشؤون السياسية والعسكرية: “عملنا بجد لمنحهم صورة أنه من الصعب بيع السلاح الآن”. إلا أن المسؤولين وبعد أشهر حاولوا التخفيف من التعليمات كي يستطيعوا بيع السلاح.

وقال ستيوارت جونز، القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، قاد فريقه للتأكيد على الشروط أن جارد كوشنر، مستشار وصهر الرئيس ترامب الذي كان يساعد على استئناف صفقات السلاح ويريد الرئيس الإعلان عنها أثناء زيارته في أيار/مايو إلى الرياض.

وتشير الصحيفة إلى أن تيموتي ليندركينغ، نائب مساعد وزير الخارجية في المكتب، كتب إلى جونز قائلا إنه قابل محامي الخارجية: “ووافقوا على تعديل لغة الرسالة” وفي اليوم التالي كتب جونز إلى وزير الخارجية عادل الجبير أنه “وافق سريعا” لتوقيع رسالة إلى تيلسون وأنه طلب تعديل اللغة. وبعد عزل ترامب وبشكل مفاجئ تيلرسون في آذار/مارس 2018 وكان بومبيو ينتظر موافقة الكونغرس، أدار جون سوليفان، نائب وزير الخارجية، الوزارة.

واعتقد عدد من المسؤولين القلقين من التداعيات القانونية أنه متقبل لمواقفهم وكتبوا له مطالبين بالوضوح القانوني. ووافق سوليفان على الشروط ودعا إلى تعديل ومراجعة قبل الموافقة على صفقات الأسلحة.

وبعد تولي بومبيو في آب/أغسطس قصفت قوات التحالف حافلة مدرسة قتل فيها 54 شخصا بمن فيهم 44 طفلا فيما وصفه ترامب “بمشهد الرعب”. وبعد شهر كتب بومبيو رسالة تأكيدات للكونغرس أن السعودية تعمل على تقليل الضحايا بين المدنيين، وهو عكس ما يقوله المحامون والتقارير الداخلية. وهو ما أثار ردة فعل عكسية داخل الكونغرس وزاد تصميم أعضائه على رفض الصفقات.

المصدر: القدس

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى