حوارات

الدكتورة ألفت الدبعي : محافظ تعز مأزوم بصراعات الماضي وفرع حزب الاصلاح يفسر الأحداث بعقلية الصراعات السابقة

المستقلة خاص ليمنات

الدكتورة ألفت الدبعي عضوة مؤتمر الحوار الوطني والناشطة في  فريق العدالة الانتقالية.. استاذة جامعية في قسم علم الاجتماع بجامعة تعز، حاصلة على شهادة الدكتوراه  في الفلسفة من الجامعة الاردنية، شاركت في الثورة الشبابية السلمية بفعالية كبيرة وكانت هي المنسق العام لمجلس شباب الثورة الشعبية بمحافظة تعز.. الدكتورة ألفت تتميز بالاعتدال والوسطية في الرأي وتتطلع إلى دولة مدنية يتساوى فيها جميع اليمنيين بالحقوق والواجبات .. المستقلة التقتها وأجرت معها الحوار التالي:

حاورها / غمدان السامعي

< بداية إذا ما تحدثنا عن واقع تعز خلال ثلاثة عقود من عمر نظام صالح …ماهي  أبرز المحطات التي مرت بها تعز سلبا وإيجابا؟

تعز لها محطات عديدة دائما فمنذ انطلاق ثورة سبتمبر و ثورة أكتوبر في الجنوب ،،فخلال العقود الماضية بظني أنها كانت مركزاً هاماً لتهدئة كثير من بؤر الصراعات سواء على مستوى الشمال أو الجنوب ورغم دورها الايجابي في هذا الجانب الا أنها عانت من نظام الفيد والنهب والمناطقية التي كان يتعامل بها نظام علي صالح معها من سعيه الى ضرب كل عوامل الحياة والنهضة والتطور فيها فهمشها من الناحية الاقتصادية وتعمد افقار أهلها واقصاء وتهميش كوادرها وفرض عليها شلة من الفاسدين والمتنفذين مستخدماً في ذلك سياسة (جوع كلبك يتبعك) كما تعمد نظام علي صلاح اهمال المرافق الحيوية فيها وخاصة ميناء المخا الذي أصبح تحت سيطرة العائلة يستخدم للتهريب ومن اهمال مطارها الذي أصبح غير لائق لابسط المقومات اللازمة  لمطار محافظة عدد سكانها خمسة ملايين .

< كيف اثر أداء نظام صالح على تمدن المحافظة وتكوين البيئة الثقافية والفكرية للمحافظة؟

أولا أود تصحيح سؤالك بأنه “ ما اثر نظام صالح في انتكاس المحافظة وعدم تقدمها وتمدينها “فلم يقم النظام المخلوع على تمدين المحافظة بل على العكس عمل على تنكيس الثقافة فيها فهو انتهج العمل على شل الحركة الثقافية والفكرية في تعز – والتي تنعكس أثارها على مستوى جميع المحافظات- وفق مخطط واضح وممنهج أتبعه لشل هذه الحركة الثقافية وتجفيف منابع المعرفة والعلم فيها ،، فأدباؤها ومفكروها لم يلقوا حقهم من الرعاية والاهتمام بل لقوا الكثير من التهميش وكان أخرهم الشاعر الكبير الذي رحل عنا قبل أيام “ محمد عبد الباري الفتيح “ فهذا الرجل لم يلق حقه مقابل إنتاجه الثقافي والأدبي ،، كما ان الكثير من المثقفين عزف عن الكتابة والإنتاج الثقافي نتيجة متطلبات الحياة والعيش الكريم طبعا هذا لا يقتصر على تعز ومثقفيها فحسب بل على ثقافة ومثقفي الوطن بأكمله .. كيف عمل على تمدين المدينة وهو من اتخذ لنفسه أسلوباً سياسياً في تجهيل الشعب اليمني حتى يتسنى اللعب بمقدرات البلاد كيفما يشاء ويحصر الحكم له وعائلته وهذا ليس عفوياً منه او جهلا وإنما عن قصد ودراية..فالكل يعلم كيف استقصد إهمال هذه المحافظة لتدمير مقومات الحياة فيها جزاء منه لها كونها حاملاً أساسياً للثقافة والفكر…فهل هذا نسميه تمديناً.

< اذا ما تتبعنا الاحداث من ثورة سبتمبر الى اليوم نجد ان تعز هي من تدفع الثمن مع كل تغيير في الواقع السياسي … برأيك  هل ما يواجهه العديد من رموز المحافظة اليوم ( بشرى ، السامعي ، حاشد ، شوقي ) من حملة شرسة من قبل قوى محسوبة على الثورة هو تكرار لنفس المشهد الذي عاشته تعز  سابقاً ولكن هذه المرة بقيادة الإصلاح؟

اليمن كلها من تدفع الثمن ، مع اتفاقنا على معاناة تعز وسياسة التهميش التي مورست ضدها ،ومع احترامي للرموز الذين ذكرتهم فتعز بها العديد من الرموز التي همشت واهملت وأنا اعتبره هجوماً من نوع اخر .. هجوم الاهمال وهجوم التهميش للكفاءات والقدرات ، أما ما يخص بشرى والسامعي وحاشد وشوقي فأرى أن ما يوجه اليهم يأتي في اطار الخلافات السياسية والفكرية المتراكمة التي أفسدت الحياة السياسة والفكرية والتي يكاد يغيب عنها المشروع الوطني الجامع والمتقبل لكافة القوى بغض النظر عن خلافاتها ، فتعز واليمن بشكل عام تحتاج الى مشروع وطني صادق تلتقي عليه كافة شرائح وفئات المجتمع ، ويقفون أمامه عن طريق تقوية نقاط الاتفاق وترك مجال الحرية لنقاط الخلاف دون السماح لطرف ما أن يلغي الطرف الاخر ، وهذا المشروع ينبغي أن يكون خاليا من المكايدات السياسية حتى ينجح ولا يكرر أخطاء الماضي وانتاجها من جديد ، وهو ما سنحرص عليه نحن الشباب.

< إذا ما تحدثنا عن تعز اليوم ..كيف اثرت ثورة الشباب على واقع المحافظة في مختلف المجالات التنموية والثقافية…الخ؟

على المستوى التنموي هي لم تحقق شيئا حتى ألان إلا اننا نستطيع القول بان هناك إشارات وعلامات على المستوى الثقافي تبشر بتنوير ثقافي ومعرفي فالثورة باعتقادي خلقت حراكاً ثقافياً وفكرياً  وحقوقياً ومدنياً بين اوساط المجتمع ولها اسهام كبير لإشراك المجتمع في الثقافة بعد ان عكف على البحث عن لقمة العيش واهمل الجانب الثقافي والمعرفي ..فالثورة جعلت المواطن اليوم يستشعر بأن الثقافة باتت حاجة ماسة وأساسية للحياة ..كما لا ننسى انها عملت على فرز وإبراز العديد من المثقفين والأدباء وتصدير وجوه ثقافية جديدة لم تتسن لها الفرصة للظهور من قبل فكانت نقطة لإبراز مثقفين كانوا في غياهب الجب وكانت عامل اكتشاف لمثقفين شباب وهذا بلا شك يعد تأثيراً ايجابياً من الثورة فضلا عن الحراك المدني الممثل بمنظمات المجتمع المدني بقيادة الشباب .والمركزة على القضايا الحقوقية والتنموية والتي يراهن عليها الكثير في صياغة التغيير في تعز .

<  تشهد مدينة تعز انفلاتا امنيا برأيك من يقف وراء هذا الانفلات ومن مصلحة من عسكرة تعز؟

في تصوري أن الانفلات الأمني في تعز له أكثر من بعد وعامل فهناك البعد السياسي وعملية التسلح التي شجعها النظام السابق أثناء الثوره وردت عليها قوى الثوره بعد محرقة الساحة كرد فعل للقهر الذي مورس على أبنائها ،وهذا التسلح الذي فقدت السيطره عليه بعد ذلك خاصة بعد تحول بعض الشخصيات الى عصابات تقطع ، وهناك ما يرتبط بصراعات شخصية كصراعات الاراضي أو صراعات اجتماعية وثارات ، وبسبب فشل مؤسسات التقاضي في انصاف الناس أصبح الناس يصفون حساباتهم بأنفسهم بالسلاح

ومهم هنا الاشارة الى أن تحقيق الأمن يتطلب توفير عدد مناسب من رجال الأمن ويتطلب توفير أدوات (سلاح ،اليات،مراكز ،دعم لوجستي، أموال ، توجه رسمي ،اعلام ) وتقصير وزارة الداخلية في توفير هذه الأدوات رغم الحاجة الملحة اليها يعني بالضرورة أن هنالك رغبة رسمية بإستمرار الانفلات الأمني . رغم  أن أبناء تعز معروفون بمدنيتهم وثقافتهم وسلميتهم البعيدة.

عن ثقافة السلاح والعنف

< ما تقييمك لأداء محافظ تعز منذ توليه قيادة المحافظة؟وما المعوقات التي تعيق المحافظة من الوقوف على قدميها والقيام بدورها الوطني؟

محافظ تعز بشكل عام يمتلك شخصية ايجابية ومحبة لتعز ولديه نية ايجابية للنهوض بتعز ، وهذه الصفات الجيدة تحسب له لكنها ليست صفات كافية لبناء المدينة والنهوض بها ، فالبناء يحتاج الى اقامة العدل والمحاسبة والرؤية الواضحة للمشروع التغييري.

– ومن جهة أخرى هناك مجموعة من العوائق التي تواجه المحافظة وهي عوائق موضوعية ناتجة عن تراكمات الماضي وطريقة الادارة التي اديرت بها المحافظة ونتج عنها ثقافة يصعب التخلي عنها وتحتاج الى جهد كبير في انتقادها واحلال ثقافة جديدة كبديل عنها ، ومن ضمن هذه العوائق تراكمات الوضع السياسي في تعز والمتمثل بأداء الأحزاب السياسية (مؤتمر ومشترك )لأن هذه الأحزاب في ظل النظام السابق خاضت مجموعة من الصراعات اللاديمقراطية واللامنهجية في التعامل مع الواقع التعزي والناتجة عن ثقافة الاستبداد بجميع اشكاله السياسية والاجتماعية والدينية .كما أن المركزية في ادارة شؤون المحافظة تعيق كثيراً من تقدم خطط واستراتيجيات المحافظة .

<  تشهد العلاقة بين حزبكم الاصلاح ومحافظ تعز تدهورا ملحوظا ..فما أسباب ذلك  ولماذا يتفرد الاصلاح بمواقفه العدائية لمحافظ تعز من بين كل الأحزاب والقوى الوطنية الأخرى؟

أنا في تصوري أن تدهور أي علاقة لا يأتي من فراغ وإنما يرجع لأسباب موضوعية ، ومحافظ تعز باركت تعيينه كل القوى السياسية في تعز بما فيهم المستقلون وحزب الاصلاح ، وأعتقد أن طبيعة العلاقة وما وصلت اليه تعود الى عدة عوامل أنا كنت قد لخصتها بأربع نقاط رئيسية قلت فيها ما يحدث في تعز يرجع للأسباب التالية:

1-مؤتمر شعبي عام متشبث بالسلطة ويضع كواجة له المفسدين وأصحاب النفاق السياسي في داخله ويهمش الكوادر الرائعة ذات الخبرة الموجودة  في صفوفه .

2-أحزاب القاء المشترك استطاعت أن تنجح كمشترك سياسي ، لكنها فشلت أن تكون مشترك ثقافياً تغييرياً قادراً على قيادة مرحلة التحول الحضاري الذي تمر به البلاد.

 3- قيادة حزب الاصلاح في تعز  لديها  ضعف شديد في السياسة الاجتماعية التي ينبغي أن تطبق في هذه المرحلة وما زالت تفسر كثيراً من الأحداث بعقلية صراعات الماضي .

4- محافظ تعز رغم أنه شخص ايجابي ويحب تعز وصادق في خدمته لتعز الا أنه أيضا مأزوم بصراعات الماضي في بعض المواقف ويحتاج الى أن يحسم بعض القضايا التي تعيق الجميع من التطور كونه قائد المرحلة.

< يتهم حزب الاصلاح انه وراء كل ما يحدث من اشكالات في مدينة تعز ..ما حقيقة هذا الطرح ؟

هذا سؤال يحتاج الى أن تفصل معه نوعية الاشكالات وتحددها تحديدا دقيقا حتى أدرس طبيعتها ، وعلى ضوئها أستطيع التقييم هل الاصلاح هو سبب المشكلات أو هناك أسباب أخرى .

< الاصلاح هو من يقف وراء اشكالات إدارة التربية والمحافظة فما ردك؟

أيضا أنا أرى أن اشكالات التربية هي جزء من آثار وتراكمات المنظومة التي كانت تدار بها التربية والتعليم في تعز والفساد المستشري داخلها واقحامها في الصراعات السياسية السابقة وتفرد حزب المؤتمر بالوظائف الرئيسية في قطاع التربية، و المشكلة بدرجة أساسية تكمن في العوائق الموضوعية التي تواجهها المحافظة من تراكمات الماضي والتي تحتاج الى عدالة انتقالية في تعز تعيد المحافظة وأبناء المحافظة الى اتزانهم الطبيعي وتؤدي الى تصالحهم وتسامحهم ، وهو ما سوف يسهل لهم الالتقاء بعد ذلك على مشروع جامع يحقق مصالح الجميع. فضلا أن قطاع التربية في تعز يحتاج الى حوار جاد ومسؤول من كافة المؤسسات التربوية داخل تعز  تتم من خلاله مناقشة أخطاء الماضي وتقييمها والخروج برؤية للنهوض بالعمل التربوي داخل تعز بمعايير الكفاءة وتكافؤ الفرص دون استحواذ طرف على حساب طرف اخر ،وقبل هذا كله تجنيب المؤسسا ت التربوية أي اعمال حزبية وسياسية .

<  وزير المالية المحسوب على الاصلاح اوقف 25 مليارا من مخصصات المحافظة ولم يفرج عنها إلا مؤخرا؟

أنا بشكل عام غير راضية عن سياسية وزير المالية الحالي هو وغيره من الوزارء في هذه المرحلة الذين كان ينبغي لهم أن يعتكفوا على معالجة أخطاء المرحلة السابقة والقصور الذي كان موجودا بها من أجل أن يصلح حال البلد ولكن بدلا من ذلك اعتكفوا على وضع سياسات جديده دون أن يضعوا في اعتبارهم أن هناك شئيا جيدا كان موجودا ينبغي اصلاح خلله أولا ، ولكن مشكلتنا في اليمن أن كل من يأتي لا يبني على من سبقه بل ينسفه تماما ويقدم جديده ومن هنا تقع الأخطاء لأنها نتجت عن إدارة غير علمية وموضوعية ، بالاضافة الى أن كثير من القرارات تدخل فيها المكايدات الحزبية دون أن يراعى فيها مصلحة المواطنين .

< الاحتقانات التي تشهدها تعز هل تبشر بميلاد ثورة ام إجهاض لثورة الشباب؟

بالطبع هذه الاحتقانات تبشر بميلاد ثورة ، ولكنها ثورة بشكل جديد …ثورة قيم ولا بد لهذه الثورة  أن تخلق ..فنحن بحاجة الى قيم سياسية جديدة بعيدا عن المزايدات السياسية والكذب والنفاق السياسي ، وثورة تعليمية يجب أن تأتي وثورة اجتماعية تعالج المشكلات الناتجة عن النظام الاجتماعي السابق وثورة ضد الفساد ، فأنا لست مع من يقول أن هناك اجهاض لثورة الشباب ، ولكنها ثورة وفقا لواقع المجتمع اليمني ، وهي لن تتراجع للوراء ولكنها تحتاج الى استكمال.

< ما المأمول من شخص كشوقي هائل على واقع المحافظة؟

المأمول منه الشيء الكثير خاصة بأن شخص كشوقي احمد هائل يُشهد له بالنزاهة والكفاءة وحبه لتعز بأن يعمل الكثير لأظهار وجه تعز الحضاري وعلى جميع المستويات والمجالات

شوقي هائل مشكلته الوحيده أنه لا يختار الادوات الجيدة التي تمتلك مشاريع تغييرية ، اذا استطاع ايجاد هذه الشخصيات سوف تظهر نتائج اعماله ، اما الاشتغال من خلال شخصيات قد شبعنا تجريبا لها دون نتائج فلن يحدث أي تغيير ، الامر الثاني يحتاج الى حزم ومحاسبة مستمرة حتى يشعر الناس بالجدية وثالث شيء نحتاج الى ثقافة جديدة ترافق كل فعل تغييري ، كنت متفائلة بالتغيير الاخير لصندوق النظافة ، لكنه للأسف يستعين بشخصيات قد شبعنا تجريبا لها ،كما قلت والمشكلة أنها لا تمتلك أي رؤية للتغيير.

وأنصح المحافظ أن يعتمد على الشباب المتعلم ويبحث عن الكفاءات التي تم اقصاؤها في مؤسسات الدولة لصالح أصحاب المصالح والعلاقات مع قيادة السلطة المحلية . كما يحتاج محافظ تعز الى التعامل بشفافية مع المواطنين كأن يعمل على اعلان ميزانية كل مديرية وكل مرفق حكومي ويدعو المواطنين للرقابة على اليات صرف الموازنة وفقا لخطط كل مرفق.

< ما رأيك بنهج شوقي في التعيين حسب الكفاءة ورفض المحاصصة ؟

طبعا أنا مع التعين حسب الكفاءة وخاصة ما يخص الوظيفة العامة ، وأرفض رفضا قاطعا مبدأ المحاصصة ، لأن هذه الطريقة هي الكفيلة بإقامة العدل .

لكن على محافظ تعز أن يستوعب أن المرحلة السابقة التي مرت بها تعز في ظل النظام السابق عانت من اقصاءات متعمدة لكثير من كوادر أحزاب اللقاء المشترك ، وهذه مسألة تحتاج الى ايجاد الحل العادل لها كنوع من العدالة الانتقالية .

< ماهودور الأحزاب في الثورة ؟

كان لها دور كبير في تحريك الشارع التعزي وانتفاضته ، ونتمنى أن يكون لها دورها الفاعل في تقديم البرامج والرؤى للنهوض بتعز وبالتعاون مع محافظ المحافظة ، ونريد لها أن تكون فاعلة في الرقابة الشعبية للحد من الفساد .

أحزاب المشترك نجحت سياسياً وفشلت في قيادة مرحلة التحول..  والحب وحده لا يكفي لبناء المدن

لست راضية عن سياسة وزير المالية وهناك رغبة رسمية باستمرار الانفلات الأمني في تعز

زر الذهاب إلى الأعلى