أرشيف

إشادات بالنموذج الاشتراكي في ورشة الإصلاحات الديمقراطية

قال الدكتور قادري أحمد حيدر إن البنك الدولي يفرض على البلدان النامية الوصفة الإيديولوجية التي عاشتها أوروبا لمدة ثلاثمائة عام، في حين لا تملك الدول النامية ومنها اليمن المجتمع المدني الذي يجعلها قابلة للتعايش مع هذه الوصفة، متهماً القطاع الخاص في اليمن بالاعتماد على الوجاهة، ومشيراً إلى أن رموز هذا القطاع هم من الفئات الطفيلية التي نتجت عن سرقة حقوق وجهود الرموز الرأسمالية الحقيقة التي يمتد عمرها إلى أكثر من ستين عاماً.

جاء ذلك في مناقشته لورقة الدكتور «عبد الباقي شمسان» في الجلسة الأولى من جلسات الحلقة النقاشية حول مبادرات الإصلاح الديمقراطي في اليمن وآثارها الاقتصادية والاجتماعية ) التي ينظمها مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان (HRITC) بالتعاون مع شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية حول الإصلاحات الديمقراطية في اليمن «برجماتية الانتقال ومعوقات التحول».

الباحث قادري أحمد حيدر انتقد ورقة «شمسان» بشدة، مبدياً استغرابه من الرؤية النقدية المضمرة فيها، وتجنبها الوضوح في سياق حديثها عن أكثر من أزمة، وقال «حيدر»: «الواضح أننا أمام عولمة جارفة ذات طابع إكراهي أخذت فلسفتها عن الفوضى الخلاقة من التنظيرات الإيديولوجية لمفهومي صراع الحضارات لصاحبه «صامويل هنتنجتون، ونهاية التاريخ لـ«فرانسيس فوكوياما» » منتقداً القناعات الواضحة أو المضمرة بتلك الرؤى ومتهماً ورقة الدكتور «شمسان» بالافتقار للبعد التحليلي مع ثرائها في الجانب الفني، مضيفاً: «اليمن تذهب إلى الهاوية، والورقة لا تقدم نقداً لهذه الحالة، كأننا نعيش في كوكب آخر» متسائلاً عن المسؤولية الأخلاقية والعلمية تجاه ما يجري.

وكانت ورقة الدكتور «شمسان» تعرضت لانتقادات عدة من المشاركين في الورشة حيث رأى الدكتور«عادل الشرجبي» أن الحديث لا يدور عن مبدرات الإصلاح الاقتصادي في اليمن، بل عن رؤية البنك الدولي لهذا الإصلاح، واتهم الخصخصة التي تم تنفيذها في اليمن بالجزافية وممارسة العشوائية، حيث بدأت الخصخصة في العام 1995 فيما أنجز قانونها في العام 1999. كاشفا عن جملة من الممارسات التمييزية في هذا الجانب تجاه مؤسسات جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية التي توحدت مع الجمهورية العربية اليمنية في كيان الجمهورية اليمنية، حيث تم خصخصة تلك المؤسسات التي كانت أثبتت نجاحها واستثنيت مؤسسات دولة الشمال بطريقة تأمرية مطالباً بتنمية يتم تقديمها لخدمة المجتمع بدلاً عن التنمية التي تقدم الآن لخدمة النخبة.

وقال «الشرجبي»: «أن الحل يكمن في ديمقراطية تنافسية وليس في الخصخصة»، مؤكداً أن من المفترض أن تكون وظيفة الدولة اجتماعية وليس الخصخصة، وأضاف: «الديمقراطية نظام سيتاتسي يقوم على التنافسية في السياسة والاقتصاد والاجتماع، وللدولة حق الملكية والمنافسة».

الدكتور «فؤاد الصلاحي» اتهم الدولة العربية بتجويع شعوبها عمداً، ووصفها بالدولة المأزومة التي نشأت بطرق غير دستورية أو قانونية، وأنها دولة أفراد وأسر حاكمة تأخذ مشروعيتها من الغرب. وفي مناقشته لورقة «شمسان» نفى «الصلاحي» أن تكون التجربة الاشتراكية فشلت، مشيراً في سياق ذلك إلى ما أسماه النموذج الشعبوي في تونس واليمن الديمقراطية الذي حقق الكثير من النجاحات.

وأضاف الصلاحي أن الوظيفة المفترضة للدولة اجتماعية، وأن انسحابها منها يجعلها مكشوفة لأنها اتخذت روشتة غربية لمعالجة أوضاع بلدانها. مختتماً حديثه بالتأكيد على أننا نحيا في أزمات اقتصادية بسبب الأزمات السياسية التي تؤدي إلى تهميش الفئات الاجتماعية الدنيا.

وكانت «رنا غانم» دافعت بدورها عن الاشتراكية التي عندما طبقت في عدد من البلاد العربية حققت نجاحات عديدة في المسائل الاجتماعية، بيد أنها وحسب رأي «رنا» حققت قصوراً في الجانب السياسي. وأضافت «رنا»: «عندما ظهرت المفاهيم الليبرالية حدث تخلٍ عن مسؤوليات الدولة الاجتماعية انسياقاً وراء هذه المفاهيم» مشيرة إلى الحاجة للعودة إلى الأخذ بمكاسب النظام السياسي الاشتراكي والحفاظ على مفاهيم الحرية والديمقراطية الليبرالية.

واستغربت من الأطروحات التي ترى أن الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية مهمة مشتركة بين ثلاث قطاعات: «لا أتصور الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص كأضلاع مثلث متساوية، يجب أن تتحمل الدولة المسؤولية الأولى والمباشرة، ويكون المجتمع المدني والقطاع الخاص شركاء لها، فالدولة القوية هي التي توجد مجتمع مدني قوي». وانتقدت الرؤية التي تضع أهمية لشراكة تالقطاع الخاص بالقول: «القطاع الخاص يراعي مصالحه أولاً، وهو غير معي بالربح، ولا يهتم بصالح المجتمع».

وطالب الدكتور «عبد القادر البنا» بالبحث عن سبل شراكة للقوى الحاملة لمشاريع الإصلاح، لأنه لا توجد إرادة سياسية للإصلاحات في الوقت الراهن، وأننا إزاء ذلك بحاجة لمنظموة إصلاحات جذرية لأنظمة الحكم الفاسد'

ونفى «البنا» أن يكون هناك أي أثر ناتج عن مبادرات الإصلاح في اليمن، وإنما هناك-حسب رأيه- دور تعبوي وثقافي لصالح هذه المبادرات، لكن دون تحويلها إلى سياسيات حقيقة.

وتساءل البنا: «هل بالإمكان الخوض في حديث عن الإصلاحات، وبالتالي عن السياسات.؟ وهل الحامل السياسي الاجتماعي لهذه الإصلاحات موجود.؟ مجيباً على ذلك بأنه لا يوجد حامل سياسي لأي إصلاحات، وإنما ثمة قوى معادية لأي توجه ديمقراطي.

وفي الجلسة الثانية تم تقسيم المشاركين إلى مجموعتين عمل، حيث قامت المجموعة الأولى: أولويات الإصلاحات الإقتصادية-الإجتماعية من مفهوم المجتمع المدني (البطالة-الفقر-الصحة والتعليم) ودور القطاع الخاص، وناقشت الجموعة الثانية دور المجتمع المدني والوسائل الذي يجب إعتمادها لضمان الحقوق الإقتصادية-الإجتماعية.

وتستمر أعمال المجموعتين يوم غد للخروح بعدد من المقترحات والتوصيات في القضايا المطروحة عليها.

زر الذهاب إلى الأعلى