أرشيف

مدير مركز الحروق بمستشفى الثورة يتحدث عن المنتحرات حرقاً

عن النساء المنتحرات حرقاً واللواتي يتم إسعافهن إلى مركز الحروق بمستشفى الثورة العام وحيثيات إقدامهن على مثل هذا الفعل المرعب وردود  أفعال أسرهن نحوهن بعد هذا الحادث .. كان لنا هذا اللقاء مع الدكتور / عادل قطط مدير المركز.

النساء أكثر

• الحالات التي تصل إلى المركز والناتجة عن محاولات انتحار ، هل تؤكد ما أكدته منظمة الصحة العالمية من حيث أن معدلات الانتحار في الرجال تزيد عن النساء بمعدل 3 أضعاف؟

– بالنسبة لنا في مركز الحروق الوضع مختلف فأكثر الحالات الانتحارية التي تصل إلى المركز هي في الغالب للنساء فإذا كان عدد الحالات التي وصلت إلى المركز في شهر هي عشر حالات فإن سبعاً من هذه الحالات هي لنساء.

المراهقات والشابات

• في الغالب ما هي الفئة العمرية لهؤلاء النساء ؟

– في تقارير منظمة الصحة العالمية الخاصة بموضوع الانتحار عند النساء يذكر دائماً أن معدلات الانتحار في الدول الغربية تزداد مع تقدم السن خصوصاً بعد سن 45 ويذكر أن معدلات الانتحار تصل في كبار السن إلى 25 % من مجموع حالات الانتحار رغم أنهم يمثلون نسبة 10 % فقط من مجموع السكان، أما بالنسبة لنا فإن حالات الانتحار في النساء تكاد تكون محصورة ما بين سن 15 إلى 30 سنة، وهذا شيء غريب جداً لأن هذا العمر عند المرأة من أجمل وأحلى المراحل العمرية.

لماذا هذه الوسيلة

• طرق الانتحار عند الرجال متعددة كاستخدام الأسلحة النارية والشنق والقفز من أماكن مرتفعة أما المرأة فهي دائماً ما تلجأ لاستخدام الغاز والكبريت لماذا؟

– لأن من السهل على المرأة الحصول على هذه المواد فهي متوفرة في منزلها وبشكل دائم، فالمرأة قد لا يكون من السهل عليها الحصول على سلاح وإذا حصلت عليه فهي قد لا تجيد استخدامه بشكل سليم وجيد رغم أن هذه الوسيلة (الكبريت والقاز) وسيلة شديدة الألم، فإشعال النار في الجسد وتركه يحترق شيء مؤلم وبعض الحالات لا تتوفى في الحال فيبقى الجسد في حالة ألم إضافة إلى التشوه الذي يصيب الجسد وهناك حالات يكتب لها عمر طويل فتبقى بجسد مشوه وروح محطمة وعزلة لا تنتهي.

موقف الأسرة منها

• المرأة التي تضرم النار في جسدها كيف تجدون موقف الأسرة منها بعد إسعافها إلى المركز؟

– إذا كانت هذه المرأة متزوجة فالزوج يسارع إلى التخلي عنها والابتعاد بشكل نهائي وهذا يحدث في 18 حالة من كل 20 حالة تصل إلى المركز أما الأب فهو يكون في ضيق منها وهناك آباء لا يترددون في مصارحتي بأنهم يتمنون لهن الموت السريع وذلك بسبب تكاليف العلاج وهي تكاليف باهظة وحتى إذا استطاع تحمل نفقات العلاج بمساعدة أهل الخير فهناك مشكلة أخرى وهي بقاءها بعد إنقاذ حياتها في حال مشوه بحيث تصبح عبئاً على الأسرة.

لا شعور بالندم

• هل يكون لهؤلاء النساء المنتحرات أي شعور بالندم وذلك بعد دخولهن للمركز؟

– الشعور بالندم ليس عند كل الحالات، فهناك نساء على العكس يكون لديها شعور بالحسرة لأنها ما زالت على قيد الحياة، وبسبب رغبتها الشديدة في الموت والخلاص من الحياة ترفض العلاج.

فتاة يحرقها شاب في ظروف غامضة

• عند سؤال هؤلاء النساء عن الأسباب التي دفعتهن لمحاولة الانتحار ماذا تكون الإجابة؟

  • هناك نساء ترفض ذكر السبب وبشكل قاطع وعند الإصرار على أخذ إجابة منها تقول ماشتيش الحياة واشتي أموت، بعض النساء تذكر أسباباً لا تستحق حتى مجرد التفكير في الانتحار فما بالكم بالانتحار مثل : لأن زوجي أراد الزواج مرة أخرى أو لأن زوجي ذهب لزيارة زوجته الأولى وتأخر عندها .. لكن هناك فتيات من 15 إلى 18 سنة يحرقن أنفسهن ويكون السبب وجود مشكلة أو مشاكل داخل الأسرة، وأذكر هنا أن فتاة في التاسعة من العمر تم إسعافها إلينا وهي في حالة يرثى لها حيث تم إحراق الجزء الأسفل من جسدها بشكل كامل وعندما سألنا والدها أكد لنا وللبحث الجنائي أنه مجرد حادث حدث أثناء اللعب مع أطفال آخرين وبعد عدة أيام وفي محاولة مع والدها لمعرفة السبب الحقيقي أعترف الأب بأن شاباً في الثامنة عشر من عمره هو من أحرقها ، في هذه الأثناء توفيت الفتاة وبعد وفاتها تراجع والدها وبقي سبب إحراق هذا الشاب لتلك الطفلة سراً لا يعلمه أحد ..

خدمات صحية ونفسية

• ماذا يقدم المركز للنساء اللواتي يقدمن على محاولة الانتحار بعد أن شاهد المركز ارتفاع أعداد المنتحرات؟

– في البدء كنا نقدم لهن الخدمات الصحية والعلاجية الخاصة بالحروق في حدود الإمكانيات المتاحة لكن وبعد أن لاحظنا وجود مريضات نفسياً يحتجن لعمل جلسات معهن لمعرفة الحالة النفسية والعقلية لهن ثانيا لمعرفة نوع الحياة الأسرية وما إن كان هناك عنف نفسي أو جسدي قد تعرضن له، طبعاً وحده الطبيب النفسي القادر على مساعدة هؤلاء النساء على الحديث وإخراج الحقائق والأسباب التي دفعتهن لارتكاب مثل هذه الجريمة البشعة.

كلمة أخيرة

  • الحياة غالية وحياة الإنسان رجلاً كان أم امرأة هو أمانة يجب عليه أن يحافظ عليها والحياة شيء رائع وهي مما لا يتكرر مرتين فوق البسيطة والانتحار والعياذ بالله هو مشكلة وليس حلاً فإن قاد إلى الموت أوجب العذاب من الله وإذا لم يقد إلى الموت جعل الإنسان مشوهاً مدى الحياة.
زر الذهاب إلى الأعلى