أرشيف

80 مليون ريال خسائر الصحف الموقوفة في اليمن 

تدخل الصحافة اليمنية شهرا آخر من الحصار الرسمي ، وتبدو الحكومة مستميتة في شن حرب استنزاف طويلة تجاه الصحف التي ترفض التطويع ، وما من شيء يلوح في الأفق لانفراج الأزمة عما قريب . مر شهر كامل لكن بالكثير من الخسائر الفادحة ، وهو أمر لم تكن تتخيله الصحف التي كانت تصدر تحت اعتقاد لم يعد سائدا الآن على الإطلاق وهو وجود حرية صحافة في البلاد ، لقد توقفت ثماني صحف مستقلة عن الصدور ، وتكبد ناشريها خسائر مالية باهظة حالت من أمكانية دفع الالتزامات الضرورية ، وهو الأمر الذي أنعكس سلبا ُ على العاملين في هذه الصحف .

تصوروا حجم الخسارة .. هنالك أكثر من 200 موظفا ًوصحفيا فقدوا مصدر دخلهم الرئيس جراء توقف هذه الصحف بحسب أمين عام نقابة الصحفيين اليمنيين ، وهنالك ثماني صحف مطالبة بدفع الأجور ( إيجارات ورواتب وغيرها ) وهنالك أيضا ً التزامات أمام المعلنين ، خسرتها الصحف الأسبوعية طيلة أربعة أسابيع ، وهي الآن تدخل الأسبوع الخامس وما من شيء تغير .

وإذا أردنا الحديث عن الخسارة التي منيت بها الصحف بالأرقام ، سيتعين علينا الحديث عن صحيفة الأيام باعتبارها أكبر الصحف تعرضا ً للكارثة دون تجاوز ، فهي تصدر عن مؤسسة مستقلة تضم عددا ضخما من الوظائف في مقرها الرئيس بمدينة عدن ، إلى جانب امتلاكها مكاتب إدارية على هيئة فروع في 10 مدن يمنية ، فضلا عن وجود أكثر من 32 مراسلا صحفيا لها في مراكز المدن اليمنية والمديريات وبعض الأرياف . وهو ما يقود إلى تأكيد حتمي بأنها تتصدر المرتبة الأولى من حيث الخسارة المالية والمعنوية ، فالأيام تصدر صباح كل يوم باستثناء يوم الجمعة في 50 ألف نسخة يومية ( بحسب تصريح سابق لناشرها باشراحيل في 2008 ) تصل ثمن النسخة الواحدة 40 ريالا ً ، وبتطبيق مسألة حسابية بسيطة كضرب عدد النسخ بثمنها فإن الخسارة اليومية تصل 2 مليون ريال ، وهذا يعني ان الأيام خسرت خلال مدة التوقيف التي استمرت شهرا كاملا حتى الان مبلغا ضخما يساوي 60 مليون ريال . وهو ما يمكن تسميته بالخسارة الفادحة للغاية . ولعل خسارة الايام لا تتوقف عند هذا الحد اذا ما نظرنا الى اعتمادها اليومي على الإعلانات ويبدو الاكثر أهمية من ذلك هو احتساب مستحقات العاملين فيها والذين باتوا بدون رواتب . ويقول أحد الزملاء المراسلين لصحيفة الايام أنهم لا يتسلمون مستحقاتهم منذ شهر ، وهو بالضرورة نتيجة عجز الصحيفة على تغطية التزاماتهم وهي في حالة توقف .

لننظر أيضا ً الى خسارة صحف ( النداء – الشارع – المصدر – الديار ) فهي الان تعاني من عدم مقدرتها على دفع مستحقات العاملين بها ، وتضم هذه الصحف قرابة 50 وظيفة أساسية ( وقرابة 40 وظيفة ثانوية عن طريق الاجور بحسب العمل ) وهؤلاء يشكلون الطاقم الأساسي لهذه الصحف ، فصحيفة المصدر يصل عدد الطاقم العامل فيها 20 وظيفة ، وتضم كلا ً من صحف : الشارع والنداء والديار قرابة30 وظيفة موزعة بينها 10 وظائف رئيسة في كل صحيفة ، تتوزع ما بين : ( رئيس التحرير ، سكرتير التحرير ، المحررين ، المخرج ، الطباع ، رسام الكارتيتر ، المصحح اللغوي ، العلاقات العامة ، المحاسب ، بالإضافة إلى وظائف لم يتم حسابها ضمن البقية وهي المراسلين .

وبحسب زملاء يعملون في هذه الصحف ، فإن الصحف تعاني من شحه الموارد المالية بشكل خطير ، قد يؤدي إلى إفلاسها وتوقفها توقف تام ، وباحتساب الخسارة التي تكبدتها كل صحيفة على حده ، سنجد أن المصدر وبحسب تقرير هئية تحريرها فان خسارتها وصلت مبلغ 6 مليون ريال وهي تصدر 15 الف نسخة أسبوعية بقيمة 60 ريال للنسخة الواحدة ، أما صحيفة الشارع التي تصل عدد نسخها ما بين ( 10-14 ) الف نسخة ( قيمة كل نسخة 70 ريال ) وصلت خسارتها بحسب تصريح الناشر ورئيس التحرير الى 4 مليون ريال باستثناء عقود الإعلانات التي قد ترفع من قيمة هذا الرقم إلى ما هو أكثر . وتأتي صحيفة الديار التي تصدر في 12 ألف نسخة ( قيمة كل نسخة 70 ريال ) في خسارة وصلت إلى 4 مليون ومائتين وخمسين ألف ، بدون احتساب قيمة نشرات الإعلانات الثابتة والتي قد تضاعف الرقم حتى النصف . وتأتي النداء التي تصدر في 8 ألف نسخة ( قيمة كل نسخة 70 ريال ) في خسارة النسخ المباعة فقط 2 مليون و240 الف ريال ، ومع احتساب الإعلانات والأجور فان تفاقم مسألة الخسارة ستبدو مؤلمة بشكل كبير .

وبجمع كل هذه الأرقام لصحف ( الأيام ، المصدر ، الشارع ، الديار ، النداء ) وبإضافة خسائر متوقعة لكل من صحيفة : الوطني والأهالي بما يشمل العاملين والمراسلين وتكاليف الخدمات المستهلكة لكل الصحف ، فإن القيمة الإجمالية المتوقعة لخسارة الصحف بحسب المبيعات خلال شهر كامل وصلت إلى مبلغ 80 مليون ريال يمني .

إنه رقم ضخم بالنسبة لصحافة ما تزال متعثرة في بنيتها المؤسسية ، وفي مقدرتها على إكمال هيكلها الإداري الثابت . بيد أن الأكثر ضررا على هذه الصحف هو نسف أسقف الحرية الهشة التي كانت الصحف تستند عليها. 

زر الذهاب إلى الأعلى