أرشيف

إذا لم يربط “أصدقاء اليمن” المساعدة الاقتصادية بتحسين أوضاع حقوق الإنسان سريعة التدهور في اليمن، فإنهم بهذا سيخذلون الشعب اليمني”.

دعا باحثون أجانب المؤتمر الأول لأصدقاء اليمن المنعقد في أبو ظبي، وهي مجموعة تم تشكيلها في يناير/كانون الثاني في اجتماع دولي للدول المعنية في لندن، بعضوية دول الخليج ودول الغرب الأساسية بالإضافة إلى ممثلين من مؤسسات حكومية يمنية، دعوا إلى التركيز على مشكلات اليمن في مجال حقوق الإنسان "بكل صدق إذا هم أرادوا مساعدة الشعب اليمني والتصدي للتهديدات المنبعثة من هذا البلد العربي المضطرب".وأكد الباحث كريستوف ويلكى- باحث أول في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا- بأن "الاقتصاد والحكم الرشيد" التي أعتبرها "أصدقاء اليمن" أحد أولوياته، لن يحقق الكثير ما لم تتصدى المجموعة أيضاً للأولوية الثانية، وهي "العدالة وسيادة القانون".وقال: إذا لم يربط "أصدقاء اليمن" المساعدة الاقتصادية بتحسين أوضاع حقوق الإنسان سريعة التدهور في اليمن، فإنهم بهذا سيخذلون الشعب اليمني".واعتبر ويلكي موافقة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح في فبراير/شباط على هدنة مع الحوثيين في  كريستوف ويلكى: إذا لم يربط "أصدقاء اليمن" المساعدة الاقتصادية بتحسين أوضاع حقوق الإنسان سريعة التدهور في اليمن، فإنهم بهذا سيخذلون الشعب اليمني…الشمال، لوضع حد للجولة السادسة من القتال القائم منذ خمسة أعوام، وقبوله للتحاور مع المحتجين الجنوبيين، ومطاردة القاعدة في الجزيرة العربية بشكل أكثر نشاطاً، اعتبر مثل هذه التحركات "يبدو أنها قد اشترت صمت مانحي اليمن وحلفاءه، حتى رغم تصاعد انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة في اليمن".وقال الباحث في منظمة هيومن رايتس، التي تتخذ من نيويورك مقراً لها، لقد أظهرت الحكومة اليمنية عدم تسامحها مع الانتقاد، بأن لجأت للقمع الثقيل للإعلام إثر انتقاده لمسلك الحكومة في الحرب ضد الحوثيين، وتعاملها مع احتجاجات الجنوب.وأضاف: في شهر مايو/أيار الماضي، ثم في يناير/كانون الثاني، أطلقت القوات الحكومية في عدن النار على مقر أوسع الصحف اليمنية المستقلة انتشاراً وأقدمها، صحيفة الأيام، وألقت القبض على رئيس تحريرها هشام باشراحيل. وفي سبتمبر/أيلول، اختطفت قوات الأمن بكل جرأة محمد المقالح، المحرر الإلكتروني لموقع الحزب الاشتراكي، وأنكرت لشهور أنها تحتجزه. وهو حالياً متهم بـ "المساس بالوحدة" اليمنية. وفي أواسط مارس/آذار، صادر عناصر من السلطات معدات تصوير محطتا الجزيرة والعربية التلفزيونيتين. يأتي هذا في الوقت الذي أشادت فيه وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ووزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند بوفد اليمن في اجتماع يناير/كانون الثاني، على تحدثه بصراحة عن التحديات التي تواجهها اليمن. لكن القمع المستمر يروي قصة أخرى.وأكد ويلكي بأن هناك حاجة ماسة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن وتحميل الجناة المسؤولية لمنع تكرار الإنتهاكات في المستقبل.وأضاف: آن الأوان لوضع أسس لسلام دائم, واحترام لقوانين الحرب يعتمد على مقاضاة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة، وضمان العدالة والتعويض للضحايا المدنيين، وإنه من الواجب على أصدقاء اليمن دعوة الحكومة والمتمردين على السواء للتحقيق في مزاعم الهجمات غير القانونية التي أضرت بالمدنيين.داعيا في السياذ ذاته أصدقاء اليمن الضغط على الأمم المتحدة من أجل إنشاء بعثة أممية لمراقبة حقوق الإنسان والكتابة عنها في اليمن، واستخدام مثل هذه البعثات في نزاعات أخرى أظهر أن البعثات قادرة على الاضطلاع بدور وقائي يحمي المدنيين لدى وجودها ميدانياً بينهم.ومن شأن بعثة الأمم المتحدة المستقلة التي إقترح ويكلي إنشائها، أن تساعد على حصار العنف المتصاعد في الاحتجاجات الانفصالية في جنوب اليمن كما من شأنها الكتابة عن الانتهاكات والقضاء اليمني المستقل، فالقوات الحكومية لجأت للعنف على مدار الأعوام الثلاثة الماضية بلا ضرورة وباستخدام القوة المميتة أحياناً، من أجل إسكات المظاهرات السلمية – حد تعبيره.مؤكدا في السياق ذاته بأن هذا الاستخدام المفرط للقوة أجج من نيران الاحتجاجات، التي اتخذت طابع العنف في بعض الأحيان.وفيما اعتبر ويلكي حديث الرئيس صالح عن مظالم الجنوب خطوة تستحق الإشادة، لكنه قال "سبق للرئيس وأن أخفق في الوفاء بوعود مشابهة فيما سبق".وأضاف: إن تسوية الخلافات عبر المحادثات أمر مطلوب، لكن يجب ألا يكون بديلاً لتوفير مساحة آمنة للجنوبيين للتعبير عن مظالمهم، ويجب تحميل قوات الأمن والمتظاهرين على السواء مسؤولية استخدام العنف بشكل غير قانوني، معتبراً"المساعدة على توفير هذه المساحة الآمنة، والتي بدورها تعد قادرة على إبقاء قنوات الحوار مفتوحة".وأكد على ضرورة أن تحترم اليمن لحقوق الإنسان في مكافحة الإرهاب. متهماً القوات الأمنية اليمنية باعتقال مئات المشتبهين على ذمة قضايا الإرهاب وما زال الكثيرين في عداد "المفقودين" منذ شهور، دون مراعاة لإجراءات التقاضي السليمة في قوانين الإجراءات الجنائية اليمنية. مشيرا إلى أن الكثيرين أشتكوا من التعذيب بعد الإفراج عنهم، فيما تسببت الغارات الجوية التي نفذتها الأجهزة الأمنية بمعاونة أميركية على مشتبهين بالإرهاب في أبين وشبوة باليمن في ديسمبر/كانون الأول عن مقتل 42 مدنياً على الأقل، على حد اعتراف الحكومة.وقال: إذا أراد أصدقاء اليمن يمناً مستقراً وموحداً، فهم بحاجة لبذل ما هو أكثر من المساعدات الاقتصادية؛ عليهم أن يركزوا على احترام حقوق الإنسان كخطوة لازمة للحفاظ على السلام في صعدة، ومعالجة مظالم أهل الجنوب دون المزيد من إراقة الدماء، ومواجهة الإرهاب بفعالية، مشيرا إلى أن أصدقاء اليمن لديهم ما يكفي من أدوات مالية ودبلوماسية للاضطلاع بهذه المهمة، ويجب أن يكونوا صادقين مع نظرائهم اليمنيين، في تأكيدهم على أنهم لن يقفوا إلى جوار صنعاء ما لم تضع حداً لهذه الانتهاكات.من جهته قال الباحث في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي "باول سالم" إن اليمن تفقد السيطرة على أجزاء مختلفة من البلاد لصالح التمرد القبلي والمناطقي والمذهبي. مؤكدا بأن الاعتماد المُفرط على النفط، وضعف الحوكمة، ستؤدي حتما إلى انهيار عدد من الدول.وأضاف باول: اليمن ليست وحدها في مأزق. فقد انهار الصومال قبلها بسنوات. وكانت هايتي على شفير الانهيار حتى قبل الزلزال الذي وقع مؤخراً.وأضاف: من الأمور ذات الدلالة أن اليمن لم يلفت انتباه القادة في أنحاء العالم، وسيبدو المجتمع الدولي غير قادر على العمل بفعالة ما لم تنقلب الأزمات الداخلية إلى تهديدات أمنية مباشرة، مشيراً إلى أن المساعدات الخارجية زادت بشكل كبير عقب محاولة تفجير طائرة فوق مدينة أميركية كبيرة في عيد الميلاد الماضي من قبل شاب نيجيري، تدرّب في اليمن.وأضاف: البنك الدولي وغيره من الجهات الكبيرة المانحة للمعونة أصبحت أكثر وعياً بالمأزق الذي تعيشه اليمن. لكن الأهمية المُلحّة للتدخل الخاص بتقديم المساعدات والذي يأخذ بعين الاعتبار حساسية مسألة الموارد، ينبغي أن تُسجّل كأولوية جدّية في أوساط صانعي القرار السياسي، مؤكدا بان الأزمة في اليمن توضح كيف أن الغرب لا يستطيع وحده مواجهة هذه التحديات.الصحوة

 

زر الذهاب إلى الأعلى