أرشيف

عقلاء العالم ومجانينه يُطالبون الرئيس بالتنحي..!

بداية لابد من القول إن المبادرة الخليجية تعد آخر ورقة يمكن للرئيس علي عبدالله صالح أن يتعلق بها وان يعطيها حقها من النقاش والأخذ والرد، لأنها المبادرة الوحيدة التي تضمن له خروجا آمنا مشرفا من السلطة، وبالتالي أسأل الله أن يلهمه الصواب وان يأخذ بيده إلى قبولها بل والتشبث بها، وعدم الإصغاء لما تقوله الحاشية (السيئة) والتي سارعت إلى نشر خبر رفض قيادات شبابية للمبادرة الخليجية على صدر الصفحة الرئيسية للموقع الرسمي للحزب الحاكم “المؤتمر نت”، في إشارة ضمنية إلى رفض الحزب الحاكم لها..


ولم يكتفِ الموقع بنشر خبر رفض الشباب بل تهجم مجددا على دولة قطر ومسئوليها، هذه الدولة التي وقفت معنا لترشيخ الوحدة اليمنية والدفاع عنها، في الوقت الذي تخلى فيه العديد من الزعماء عن الوقوف بجوار الرئيس صالح بسبب معاملته وابتزازه الدائم لهم، وكانوا يرون أن الفرصة مواتية للتخلص منه آنذاك.


اعتقد أن أكثر من 75% ممن عرف الأخ الرئيس شخصيا لايتمنى له خروجا مذلا أو مهينا من السلطة، بل واجزم أن العديد من قادة المعارضة والذين يصرحون أمام وسائل الإعلام بتصريحات نارية ضده يتمنون له خروجا مشرفا وآمنا، لا لشيء إلا لأنه على المستوى الشخصي من أنبل الناس ويمتلك سعة صدر غير موجودة.


الرئيس علي عبدالله صالح على المستوى الشخصي إنسان رائع ولذلك نسأل الله أن يهديه، وان يجنبه بطانة السوء التي تتمترس به للحفاظ على مصالحها، وتورده المهالك، وتزيد من احتقان الشارع ضده بل وتعمل على إغراقه في بحر من الدماء فتفسد عليه دنياه وآخرته، نسأل الله السلامة.


أمريكا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي وقبلهم الشباب في ساحات البلاد طولا وعرضا، وأخيرا الأشقاء الخليجيين، كلهم قالوا له (ارحل) وإن بطرق مختلفة ولغات شتى، لكنها كلها مرادفة لهذه الكلمة التي لو فهمها منذ البداية لكان جنّب تاريخه بعض النتوءات التي ستعلق به، وكلما مر يوم وهو باقٍ في الكرسي تعقد رحيله واستصعب، وطُمس جزء من تاريخه كزعيم شارك في تحقيق أهم حدث في القرن العشرين على مستوى المنطقة وربما العالم وهي الوحدة اليمنية.


إن بقاء الرئيس صالح حاكما وقد انفرط العقد من يده، وأصبح كل فرد من حاشيته سواء كان مدنيا أو عسكريا يتصرف كيفما يشاء، يُصعِّب الحياة ويزيد من الاحتقان القائم ويخلق الفوضى العدمية الخطيرة، لذلك لابد له من الرحيل حتى تستقر البلاد وتهدأ النفوس ويجرب الناس حالهم، هل سيستطيعون حكم أنفسهم بأنفسهم أم لا..


دعهم يجربوا يا فخامة الرئيس، وإذا فشلوا في إدارة أنفسهم وحل المشاكل التي تحديتهم بحلها عبر شاشة العربية حينها يكون لكل حادث حادث، وربما ننزل إلى الشوارع للاعتصام والمطالبة بعودتك، والاعتراف ضمنيا بذكائك وعبقريتك وبان هذا الشعب (الغبي) لايستطيع أن يعيش بدونك، فأنت الملهم، وأنت بدر الدجى وبياض الياسمين، وسنرفع اللافتات التي تقول (ارجع.. كنا نلعب معك الكاميرا الخفية).


أعطنا الفرصة فقط لكي نجرب أنفسنا، ونقع (حمران عيون) واركن بأننا سنقيم دولة، نراهن عليها وعلى اقتصادها ومواقفها السياسية ودورها الإقليمي..


سننتقم لك من قطر، هذه الدويلة التي تستفزك دائما بتصريحات مسئوليها وبنجاحها في الاقتصاد والسياسة والرياضة والثقافة وفي كل المجالات رغم أنها (ساع ذمار) والتي تشعرك كلما سمعت اسمها أو رأيت قناتها (الجزيرة) بفشلك في إدارة الدولة..!!


إعلان الحرب


صُعقت وأنا أشاهد الفضائية اليمنية عصر أمس (الأحد) وهي تنقل صورا لما حدث مساء السبت في جولة كنتاكي بشارع الزبيري من مصادمات دامية بين قوات من الحرس الجمهوري وبعض المتظاهرين الذين شعّبوا بعد القات آخر الليل وقاموا يعملوا مسيرة أو مظاهرة، وكانت المذيعة تعلق على الصور وتصف أفراد الفرقة الأولى مدرع، كيف يعملون وماذا يلبسون، ولماذا يلبسون الكمامات وكيف يتحركون ويحمون الشباب، كانت تصفهم وتراقب حركاتهم وتعلق عليها وكأنهم جنود دولة أخرى معادية وفي زمن الحرب.


كان الأحرى بالفضائية اليمنية وهي الناطقة باسم الشعب اليمني ألا تنجر إلى إشعال الحرب وإذكاء نار الفرقة في المؤسسة العسكرية اليمنية (صمام أمان اليمن) من خلال برامجها الممجوجة، وقيامها بالتحريض ضد الأفراد والجنود وحماة الوطن لصالح اتجاه سياسي اختلف مع قائده.


إنها خطوات حرب معلنة عبر الفضائية الرسمية التي تعد ملكا للشعب، وليست ملكا للرئيس علي عبدالله صالح، ولا للحرس الجمهوري أو الأمن المركزي، أو غيرهما من المعسكرات التي لاتزال يسيطر عليها الرئيس صالح وأسرته..


كان الأحرى بهذه المؤسسة (التلفزيون) أن تكون محايدة، وان تعمل على تهدئة الأوضاع لا أن تساهم في إشعالها، وان تعمل على إرسال رسائل تطمين ايجابية للمتابعين في الخارج سواء المغتربين اليمنيين أو المتابعين العرب والأجانب بأن الأمور جيدة وان الأوضاع مستقرة وان الأمن مستتب..


بالله عليكم كيف سيكون حال المغترب اليمني أو أي متابع لهذه (الفضائحية) وهي تبث صورا ليمنيين بالزي العسكري ويطلقون النار وصوت الرصاص يلعلع في الهواء وهي تقول إن هؤلاء من المعسكر الفلاني التابعين للقائد فلان وتنعتهم بأقذع الألفاظ وأشنعها، ثم تأتي بعسكر آخرين وهم على أسرة المستشفى وتتعاطف معهم وتبدي أسفها لما أصابهم، لأنهم يتبعون المعسكر الفلاني الذي يقوده فلان.


أستغرب عندما يتم فبركة بعض اللقاءات مع بعض المواطنين من الرجال والنساء، سواءً في المستشفيات أو في الشارع كشهود عيان، وتراهم كلهم يتحدثون عن أفراد الفرقة الأولى مدرع أصحاب علي محسن الأحمر..!!


أستغرب فعلا كيف يعرف هؤلاء الناس البسطاء في ملبسهم وأشكالهم وأحاديثهم، كيف يستطيعون التفريق بين عسكري الفرقة وعسكري الأمن المركزي مثلا، وكيف يعرفون أن قائد الفرقة علي محسن الأحمر، وكيف وكيف وكيف، أسئلة كثيرة تدور في راسي وأحاول الإجابة عليها فلا استطيع، وبالتالي أوقن بأنها فبركة وتدليس.


فوجئت يوم السبت بأحد أصحاب البلاد (خامري) وهو من أنصار الحزب الحاكم وكان على شاشة الفضائية يؤكد بأنه ساكن بالقرب من محطة صافر بتعز، وان (بلاطجة المشترك) ماخلوه ينام ويزعجوه بالأناشيد والتكبير والهتافات، وكان يتكلم بجدية، ويتقمص الدور، وأجاد تمثيله حتى أني اتصلت ببعض الأصدقاء أسألهم هل نقل صاحبنا إلى مدينة تعز فأكدوا لي انه لم يخرج من القرية لكنه استلم ألفين ريال لقاء ذلك المشهد الذي أجاد تمثيله بحرفية عالية.


عندما تبث (الفضائحية) اليمنية لقاءات مع بعض الشباب ومشائخ القبائل وبعض الأعيان وهم متشنجين ويتلفظون بألفاظ تهديدية ضد المؤسسة العسكرية أو ضد اللواء علي محسن أو ضد أفراد الفرقة، بل بعضهم قال انه مايكفيه 10 أفراد من جنود الفرقة بعد وفاة قريبه، وانه مسلح وسينفذ تهديده وسيأتي إلى صنعاء بمسلحيه للانتقام، كل هذا والمذيع ماسك المايكروفون والكاميرا تصوره وتم بثه على الهواء وأعادوه مرتين وثلاث مرات، عشان يشوفوا العالم أن معانا رجال تأخذ حقها بيدها ولاتنتظر أي تحقيقات أو محاكم، وبتشجيع رسمي من الدولة وفضائيتها..


اعتقد انه لابد من المطالبة بمحاكمة القائمين على هذا الجهاز بدءاً بالرؤوس الكبيرة وزير الإعلام وطاقمه ورؤساء المؤسسة وانتهاء بالمصور والممنتج والمذيع، لأنهم جميعا مشتركون في هذه الجريمة البشعة، لقد شهروا بنا، وجعلونا أضحوكة العالم، لقد تسببوا في إقلاق أهالينا في المهجر، لقد اذكوا نار الحرب وأطلقوها فعلا..


ألا يعتبر هؤلاء القائمين على هذه القناة مما حصل لنظرائهم في تونس ومصر..!


وكنوع من التناسق والتناغم في إعلان الحرب أيضا وبث الرعب والهلع في أوساط المواطنين داخل اليمن وخارجه، تأتي رسائل (سبتمبر موبايل) الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع، والذي يرأسه ويديره شخصيات مقربة جدا من الرئيس صالح، ويستمر في إرسال الرسائل المخيفة طوال اليوم.


هذه الأيام جميع الرسائل وبدون استثناء تتحدث عن مقتل وإصابة مواطنين وشخصيات قبلية على يد جنود الفرقة وطلاب جامعة الإيمان، وكأننا في غابة.


والله أني اشعر بالخوف عندما تتكرر الرسائل، وأنني لم أفكر قط في أن أمر مجرد المرور من أمام الفرقة الأولى مدرع خوفا من القتل (الحتم) كما ينطقها العديد من الشباب الذين تستضيفهم الفضائية ويتم تلقينهم بعض المفردات يشتركون فيها جميعا.


أخيرا اختم بقصة واقعية حصلت لأحد المساكين (مختل عقليا) الذي ضربه أنصار الرئيس الصالح في التحرير بصنعاء ضربا مبرحا بسبب انه جاء من الجامعة وسمعهم هناك يهتفون (الشعب يريد إسقاط النظام)، فاخذ يرددها وعلقت معاه، ووصل إلى وسط الأنصار في التحرير وهو مازال يردد الشعار فأوسعوه ضربا وأدموا رأسه وأرجله، ولاحول ولا قوة إلا بالله.


ذكرتُ هذه القصة ليس للتدليل على جلافة (الأنصار) بل لأستدل بأن المجانين أيضا طالبوا الرئيس بالتنحي والرحيل، ومع ذلك لم يسمع لا للعقلاء ولا للمجانين، الأمر الذي حدا بالدكتور المسفر الذي يعد من عقلاء العرب ومن أهم المفكرين وهو كان والى عهد قريب من اشد المعجبين بالرئيس علي عبدالله صالح، يقول: كان عندي اقتناع بأن الرئيس علي عبدالله صالح من القادة الأذكياء لأنه يماني والحكمة يمانية، لكنه وبكل أسف في الأسبوعين الأخيرين ثبت عندي سوء اعتقادي فلو كان ذكياً طاهراً وأميناً لاستجاب لمطالب الشعب اليمني الذي بقى في الميادين أياما وليالي وهم يهتفون برحيل النظام وقد تعرضوا للموت من قناصة النظام السياسي من على أسطح المنازل.

نقلا عن صحيفة ايلاف الأسبوعية

زر الذهاب إلى الأعلى