أرشيف

فنانون في ساحة التغيير: ثورة ابداعية يمنية

صنعاء: على مدى الأشهر الأربعة الماضية تحولت العاصمة اليمنية صنعاء إلى بحر من الخيام والأعلام واللافتات، واحتشد معارضو الرئيس اليمني على عبد الله صالح في ساحة واسعة خلف جامعة صنعاء أطلقوا عليها اسما موحيا بما يحدث.. “ساحة التغيير”.
المحتجون ينامون في تلك الساحة، ويأكلون ويتسامرون ويغنون فيه، وهم حريصون على تأكيد مطلبهم السلمي بإسقاط النظام الذي يرونه فاسدا وقمعيا.
كما أصبحت ساحة التغيير مركزا حيا للفنون والتعبير المبدع والتعبير الجماعي عن الأفكار والطموحات بشكل نادرا ما عرفه اليمن من قبل. الفن للشعبفادي الحربي هو رسام اعتاد كغيره من فناني اليمن على العمل في عزلة في ظل نظام الحكم القائم.
لكنه جاء إلى ساحة التغيير ليلتقي برفاق مثله من المبدعين ويشارك في حركة ثورية يرى أن من أهم أهدافها ضمان حرية التعبير. ويقول إن “الكثيرين يعتقدون أن الثورة اليمنية شعارها العنف، ولكن في رأيي فإن الفن هو شعار هذه الثورة لإن الفن انعكاس لحق من حقوق الإنسان وهو الحرية”.
ولاشك أن الثورة اليمنية شهدت أحداث عنف مروعة، فبعد شهور من الاحتجاجات السلمية، اندفع اليمن إلى حافة هاوية الحرب الأهلية في أواخر شهر مايو الماضي، عندما اندلع القتال بين القوات الحكومية ومقاتلي العشائر القبلية، مما أسفر مقتل المئات وتحويل بعض أحياء صنعاء إلى أطلال. غير أن مثل تلك المشاهد الدامية تختلف كل الاختلاف عما تراه العين في ميدان التغيير، حيث يسهم الفن في التقريب بين الناس.
وتقول الفنانة أطياف الوزير إن “الفن قد استأثر بالدور الرئيسي في ساحة التغيير منذ بداية الثورة قبل ثلاثة أشهر”. لقد أصبحت أطياف واحدا من أعلى الأصوات المبشرة بالثورة من خلاله مدونتها المكتوبة بالانجليزية والتي تحمل عنوان “نساء من اليمن”.
وقالت في تصريحات لبي بي سي “الناس بحاجة إلى الترفيه وإلى حافز يدفعهم وهو ما يجدونه في الفن لإنه يلهمهم القدرة على المواصلة وتحقيق المزيد”. وفيما كانت المعارض الفنية نادرة في اليمن وجمهورها قاصر على قلة من الإغنياء والأجانب، خرج الفنانون الآن لعرض كل أشكال فنونهم على الناس في الشوارع.
كفى ظلماولم تقتصر الفنون المعروضة في ساحة التغيير على الرسم والتصوير، بل هناك الموسيقى والرقصات اليمنية بل والمسرح أيضا. عمدت مجموعة من الشباب إلى التجول في الساحة وسألت المحتجين فيه عن تجاربهم في فترة الاعتصام وتصوراتهم للمشكلات التي يواجهها اليمن. ثم كتبت المجموعة مسرحية سموها “كفى ظلما” واستوحوا احداثها مما سمعوه من سكان ساحة التغيير ومثلوها داخل خيمة بالساحة أيضا وأمام جمهور حاشد من المحتجين.
ولاقت المسرحية نجاحا منقطع النظير وطالب سكان الساحة مجموعة الشباب بتكرار عرضها كل يوم. لكن قمة الإثارة في المسرحية كانت إقدام شاب جرئ على تقليد صوت الرئيس على عبد الله صالح.
وتقول أطياف الوزير “هذه الخطوة تجاوزت خطا أحمر.. ولكن الشاب أحس بالأمان وهو يؤدي دوره في ساحة التغيير”. ولكن المعارضين لعلي عبد الله صالح ليسوا وحدهم في صنعاء.
ففي الوقت الذي كانوا يحتفلون فيه بمغادرته للعلاج في المملكة العربية السعودية ، خرج أنصاره للمطالبة بعودته على وجه السرعة. يصعب الآن تحديد أي من الفريقين سيحتفل بالنصر في نهاية الصراع ، ولكن أطياف الوزير تبدو واثقة من أن أحدا لن يصمد أمام طوفان الحرية القادم من ساحة التغيير.

زر الذهاب إلى الأعلى