أرشيف

إقدام إيران على إغلاق مضيق هرمز قد يدفع إلى حرب

مع ازدياد حدة اللهجة الأميركية لفرض عقوبات على المصرف المركزي الإيراني وتصدير النفط الإيراني، وتصاعد تهديدات مقابلة من الجانب الإيراني بمهاجمة السفن الأميركية وإغلاق مضيق هرمز، بدأ المحللون ينظرون في أبعاد احتمالات نشوب نزاع مسلح في حال تنفيذ إيران تهديداتها، ومدى تأثير الحرب الاقتصادية التي شنتها الولايات المتحدة بالفعل على إيران مما أدي إلى تراجع سعر صرف العملة الإيرانية إلى مستوى غير مسبوق.

 


ويرى بعض المحللين أن تكثيف السجال الاقتصادي بين واشنطن وطهران قد يستمر لفترة طويلة مما لا يتطلب استخدام القوة. وتشير سوزان مالوني خبيرة الاقتصاد الإيراني بمعهد «بروكينغز» إلى أن كلا من البلدين يبحثان عن طرق لإيذاء كليهما الآخر، وقالت: «العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران ومباحثات واشنطن مع الاتحاد الأوروبي لفرض مزيد من العقوبات هي بالفعل هجوم كامل على الاقتصاد الإيراني، وسيجد النظام الإيراني نفسه يخوض معركة وجود مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وسيستخدم كل الطرق الممكنة من دبلوماسية واقتصادية وتهديدات بالتلويح بالحرب للرد على العقوبات الأميركية والأوروبية».

 

 

وأشار المحلل السياسي بمجلس العلاقات الخارجية إليوت أبرامز (الذي عمل مديرا لمجلس الأمن القومي بإدارة الرئيس بوش) إلى أن الكونغرس الأميركي أجبر إدارة أوباما في نهاية عام 2011 على فرض عقوبات أكثر صرامة ضد إيران، وواحدة من أقسى العقوبات الأميركية هي العقوبات المفروضة على البنك المركزي الإيراني. وقال أبرامز: «رفضت إدارة الرئيس جورج بوش السابقة اتخاذ هذه الخطوة الصعبة وأصر وزير الخزانة آنذاك هانك بولسون على أن فرض عقوبات على البنك المركزي الإيراني يمكن أن يشكل خطرا على الولايات المتحدة والاقتصاد الأوروبي، وكانت إدارة بوش خاطئة، لأن مشروع القانون الذي وقعه أوباما يوم السبت الماضي فرض عقوبات على البنك المركزي أدت إلى خسارة العملة الإيرانية 12% من قيمتها مقابل العملات الأجنبية بعد يومين من فرض العقوبات، وانخفاض العملة يغذى المخاوف المتزايدة بنفاد الأموال لدى الحكومة الإيرانية، وهي ضربة كبيرة لقادة إيران الذين ادعوا أن العقوبات لن تضر اقتصادهم».

 

 

وأضاف أبرامز: «واحدة من الدروس المستفادة هنا، أنه كلما تحدث النظام الإيراني عن أنه ليس خائفا، فإن الأمر يأتي بنتائج عكسية، سواء مزيد من التحرك لحاملات الطائرات الأميركية إلى منطقة الخليج، أو فرض مزيد من العقوبات، ويبدو أن فرض عقوبات صارمة تلحق ضررا بالاقتصاد الإيراني ستأتي بنتائج سريعة». وطالب أبرامز بالاستعداد لأية أضرار يمكن أن تلحق الاقتصاد الأميركي أو الأوروبي من فرض العقوبات الجديدة على إيران قائلا: «من المؤسف أنه لم يتم اتخاذ هذه الخطوات منذ أربعة أعوام».

 

من ناحيته، استبعد مايكل سينغ المحلل السياسي بـ«معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى» أن تقوم طهران بإغلاق مضيق هرمز، مؤكدا أن عواقب هذه الخطوة ستكون لها استراتيجية مدمرة على إيران. وقال سينغ إن الهدف الافتراضي من إغلاق مضيق هرمز هو توجيه ضربة للولايات المتحدة بينما تستورد الولايات المتحدة من منطقة الخليج 49% فقط من استهلاكها للنفط، ويأتي أكثر من نصف وارداتها النفطية من نصف الكرة الأرضية الغربي. وقال سينغ إن الصين تواجه تهديدا كبيرا لإمداداتها النفطية، من أي تحرك إيراني تجاه إغلاق مضيق هرمز، خاصة أن الصين هي الحليف الأهم لإيران وأكبر مستهلك للنفط الإيراني وتقوم بتوفير الغطاء الدبلوماسي لطهران في الأمم المتحدة، ولذا فإن أي خطوات لإغلاق المضيق سيضر بالمصالح الإيرانية – الصينية ولن يعرض إمدادات الولايات المتحدة النفطية للخطر. وأوضح الباحث الأميركي بمعهد واشنطن أنه في حال قامت إيران بتجاهل هذه الاعتبارات وشرعت في إغلاق المضيق، فإن الولايات المتحدة ستعمل على إبقائه مفتوحا، ومع تصاعد الاحتمالات لامتلاك إيران أسلحة نووية، فإن احتمال القيام بعمل عسكري ضد إيران سيكون وشيكا.

 

وأشار سينغ إلى أن الرئيس أوباما كان مترددا في توجيه تهديد عسكري ضد إيران موضحا أن أي رئيس أميركي سيفكر طويلا ومليا قبل الدخول في صراع مسلح آخر في الشرق الأوسط، لكن القيام بخطوة لإغلاق المضيق سيدفع إلى اتخاذ هذا القرار مباشرة ويدفع الولايات المتحدة إلى استخدام القوة، واستغلال الفرصة لضرب المنشآت الإيرانية النووية وغيرها من الأهداف العسكرية. وقال سينغ: «من الصعب تصور أي سيناريو آخر مع أي محاولة إيرانية لإغلاق مضيق هرمز لا تنتهي بنكسة استراتيجية خطيرة على النظام الإيراني».

 

 

وحذر المحلل الأميركي من التسليم بأن إيران ليست قادرة على إغلاق المضيق والاسترخاء للقدرات الأميركية المتفوقة، مؤكدا أن ذلك سيكون خطا كبيرا، وقال: «الخطر الحقيقي في الخليج هو قيام إيران بمضايقة عمليات الشحن ومواجهة البحرية الأميركية وهو ما يقوم به قادة إيرانيون حاليا على نحو متزايد»، وأضاف سينغ أنه «إذا لم يتم ردع الإيرانيين، فإن شعور طهران بالإفلات من العقاب قد تكون الشرارة التي تشعل فتيل النزاع في المنطقة». وأوضح أن الحرس الثوري الإيراني استثمر في السفن البحرية والأسلحة واشترى بمساعدة صينية – روسية ألغاما متطورة وغواصات وصواريخ كروز مضادة للسفن، لكنها قوة ستقود لحرب غير متكافئة وستؤدي إلى خسارة إيران. ونصح المحلل الأميركي بعدم انتظار مناورات جديدة من إيران، وطالب الإدارة الأميركية بأن تسعى بنشاط لثني إيران عن إجراء مزيد من التجارب باستخدام قوى ردع أقوى، واستئناف المناورات العسكرية والأنشطة البحرية في منطقة الخليج لإظهار قدرات الولايات المتحدة بما يجعل إيران تعيد النظر في أعمالها في المنطقة، وإرسال إشارات بالتزام الولايات المتحدة بأمن الخليج ومواصلة تعزيز القدرات البحرية والجوية والصاروخية للحلفاء في دول مجلس التعاون الخليجي ودمج قواتهم في المناورات الأميركية.

زر الذهاب إلى الأعلى