أرشيف

هل انتهى عهد الإعلام الشمولي في اليمن؟

حاول مسلحون موالون للرئيس المنتهية صلاحيته، علي عبدالله صالح، يوم أمس اقتحام مقر التلفزيون (القناة الفضائية)، قبل أن تتصدى لهم قوات الحراسة المكلفة بحماية مبنى التلفزيون والعاملين فيها .

وقال عاملون في القناة إن مسلحين حاولوا اقتحام مقر القناة في مسعى لتكرار التجربة التي تعرضت لها صحيفة “الثورة”، التي اقتحمها مسلحون وأرغموا هيئة تحريرها وفنييها على إعادة صورة علي صالح التي درجت الصحيفة على نشرها في رأس صفحتها الأولى طوال السنوات الماضية .

وأكد نائب مدير عام الأخبار في القناة الفضائية توفيق الشرعبي ل”الخليج” إن محاولة الاقتحام فشلت تماماً، وإن إعادة الشعار السابق للقناة الذي عاد للظهور أمس، بعدما كان وزير الإعلام علي العمراني المحسوب على المعارضة قرر تغييره في وقت سابق، جاء بناء على قرار من الوزير وليس نتيجة لمحاولة اقتحام مقر القناة .

وهدد صحفيو مؤسسة الثورة بإيقاف إصدار الصحيفة إذا لم يتم فك الحصار الذي يفرضه المسلحون من مؤيدي نظام صالح منذ الخميس الماضي واحتشد عشرات العاملين في الصحيفة، أمس، في الشارع المقابل ومعهم عشرات الصحافيين اليمنيين في وقفة احتجاجية للتنديد بما تعرضت له الصحيفة من أعمال عدائية .

وطالب المحتجون بسرعة إخراج المسلحين ورفع الخيام وفك الحصار عن مؤسسة الثورة للصحافة والطباعة والنشر، وأمهلوا المجاميع المسلحة 24 ساعة للمغادرة وإلا سيتم توقيف إصدار الصحيفة .

وفي مدينة تعز، جنوبي العاصمة صنعاء، لا يزال مبنى صحيفة “الجمهورية” محاصراً من قبل مجاميع مسلحة تتبع حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يتزعمه الرئيس علي عبدالله صالح .

وأمضى الصحافيون ليلة الجمعة ونهار أمس السبت، داخل المبنى حيث منع المسلحون المحاصرون للمبنى الدخول والخروج، وسمحوا منتصف ليل السبت بإدخال المياه والمواد الغذائية للصحافيين المحاصرين وموظفي القسم الفني، ولم تصدر الصحيفة أمس السبت، عقب تهديدات من المسلحين بقصف المبنى في حال طباعة العدد .

وشهدت صحيفة “الجمهورية” تحولاً كبيراً في السياسة التحريرية حيث أصبحت تتناول أخبار الثورة الشعبية في صفحتها الأولى، وأفردت مساحة لكتاب الثورة إلى جانب استمرارها في نشر كتابات موالية لنظام صالح .

ورجح مصدر في الصحيفة أن تكون صورة الرئيس بالإنابة عبدربه منصور هادي في رأس الصفحة الأولى، استفزت أولاد صالح ومتطرفي حزب المؤتمر، حيث تنشر الصحيفة في كل يوم صورة هادي في أعلى الصفحة وعداداً تنازلياً حتى يوم الانتخابات الرئاسية يوم 21 فبراير، تحت عنوان “عبدربه منصور هادي رئيساً للجمهورية باقي . . . يوماً” . ويرى مراقبون أن نظام صالح لم يستوعب بعد التحولات الجديدة ونهاية عهد الزعيم الفرد، ويريد استعادة السيطرة على الإعلام الرسمي بقوة السلاح .

ويؤكد صحافيون أن عهد الإعلام الشمولي قد انتهى إلى غير رجعة، فيما يعتبر آخرون أن المخاوف لاتزال قائمة .

ويقول الصحفي عارف الصرمي إن “هناك قلقاً عميقاً لمرحلة ما بعد نظام علي عبدالله صالح، من استمرار انتهاك استقلالية وسائل الإعلام العامة وتدخل السياسيين وأصحاب المصالح والنفوذ في شؤون المهنة، وبالتالي تدني فرص حدوث تغيير فعلي في أداء الإعلام الحكومي، إن جاز التعبير، بالتوازي مع مد قدم لإعلام الوجاهات، متمثلاً في عدد من القنوات الفضائية الخاصة، يتوقع انطلاقها في وقت قريب لا لتمثل إضافة لإعلام مستقل، وإنما لتمثل مصالح مالكيها وتوجهاتهم” .

ويرى الصحفي عبدالعالم بجاش أن مخاوف الإعلاميين من المستقبل مبررة، ويقول إن “التغييرات المطلوبة بضمنها استقلالية وسائل الإعلام العامة تبدو هدفاً بعيد المنال في مرحلة ما بعد نظام صالح . . في أحسن الأحوال من المتوقع أن نشهد تغييرات في المرحلة الانتقالية أو بعدها، لكنها لن تكون جوهرية؛ لأن إرادة التغيير في مجال الإعلام واضح أنها مفقودة لدى قوى سياسية تحكمها عقليات قديمة تنطلق من مواقف عتيقة مسبقة وسلبية من شأنها أن تصبح صانعة القرار في المستقبل” .

 

 

المصدر : الخليج – أبوبكر عبدالله وفاروق الكمالي

زر الذهاب إلى الأعلى