فضاء حر

بدون زعل

 

تبدو مهمة كتابة مقال ساخر مهمة مرعبة أشبه بالرعب الذي انتابني عندما طلب مني أن أؤذن للعشاء في مسجد قريتنا، حيث ارتجفت ونسيت «حي على الفلاح»، بل أشبه تماما برعب التفكير في تطبيق التربية العملية في المدارس حينما كنا نتمرن على التدريس ونحن في الإعدادية، حيث كنا نتوزع على مجموعات، كل مجموعة تتكون من خمسة أشخاص، واحد يدرس وأربعة يسكتون الطلبة وهكذا التناوب في حصص اليوم المدرسي كانت الحصة تطوووول ويجف الريق وتختفي الكلمات وما إن يدق جرس نهاية الحصة يحس المطبق بأنه ولد من جديد. أما الموقف الأشد رعبا فكان غداء يوم الأربعاء في مطعم نادي الطلبة في جامعة ريدينج البريطانية، حيث كان يعطى لنا دجاج في غداء الأربعاء وكنت أرتجف وأرتعد حينما أحاول الإمساك بالشوكة والسكين وعندما احاول استخدامهما تتطاير الدجاج والتشيبس ويقردح الصحن فليتفت لي جميع المتواجدين في المطعم فانكمش من الخجل واتصبب عرقا وأترك الغداء كما هو.

 

 

تنسد نفس البريطاني حينما تأكل جواره بيدك عكس الفرنسي الذي لا يأبه سواء أكلت بيدك أم بالشوكة والسكين. لذا سأخوض غمار تجربة كتابة المقالة الساخرة، وكيف لا والواقع مصدر ثري لأننا في اليمن لا نعيش في الدنيا مثل بقية خلق الله ،فنحن استعجلنا قسطنا من عذاب جهنم في ظل استمرار حكومة المؤتمر الشعبي العام ودخول اللقاء المشترك «المقشنن والسافىء» المحاصصة في الحكم وظهور ما يسمى بحكومة الوفاق التي رفعت أسعار كل شيء إلا البصل، لذا من الطبيعي أن يبكي رئيس الوزراء سبع مرات في شهر واحد فكيف له أن يبكي دون بصل !!!!

 

 

أما الراعي في البرلمان فيبدو ككائن غريب قدم من أدغال التاريخ بل ربما أنه مومياء هربت من المتحف، أما الرئيس السابق فهو «حوش بنفسه» ويريد نصف الجيش لحراسته الشخصية وكأنه مرفق حيوي، أما الرئيس الجديد فهو لا يتحرك وكأنه مربوط على كرسي مثبت باللحام والاسمنت بل جالس في مكتبه كمحاسب مقهى النت وإذا تحرك في النادر فجزعته تشبه «الصياد».. ركزوا على مشيته وأنتم ترون. نتمنى أن يواصل قراراته ويطيل فترة بقاء بن عمر في اليمن لأنه بدونه لا تسري القرارات. وهذه عقدة الخارج عند اليمنيين.

 

 

أما عن الثورة وساحاتها فيبدو أنها بدأت مزحة وبعدها صارت ثورة من صدق لأن المعتاد أن الشعب اليمني عرطة ويستلذ عندما يكون مظلوما فما الذي صنف له يعمل ثورة شغلت العالم، وكن الثورة بعظمتها لم تستطع لحد الآن أن تعيد صحيفة الأيام أو تطلق سراح الصحفي عبدالاله حيدر وتعيد تعرفة الدبابات والعكابر من خمسين إلى ثلاثين ريالا وأتحداها أن تفعل. سيقولون نحن نفكر في قضايا كبيرة ومصيرية كتأمين الانتقال الكامل للسلطة وهيكلة الجيش والتفكير في القضايا البسيطة كانقطاع الماء والكهرباء وما شابه ذلك أمر عادي سيألفه المواطن، متناسين أن غالبية البسطاء لا يفكرون إلا بالماء والكهرباء وزيادة حجم الروتي ولا يهمهم ظرفكم الذاتي والموضوعي يا من سلمتم بمحض إرادتكم اليمن للتدويل والتعويل واستوليتم على مقود قاطرة الثورة وصدمتم بها من أول جولة.

زر الذهاب إلى الأعلى