فضاء حر

كل يوم وأنا امرأة

 

الأهداء لك ياصديقتي التي علمتني كيف يكون النضال، كيف تكون المرأة قوية في زمن يحاول البعض طمس هويتها وفي عالم ذكوري خالص، إلى كل فتاة اغتصبت جهاراً او سراً في وطن كل مايتعلق بالمرأة هو عيب وعار حيث تجرم دائماً كونها انثى..إلى كل امرأة تحاول ان تكسر حاجز الصمت لتكتب فصلاً آخر من الزمان..صباحكن حرية وعدالة..



"أنا أُنثى أنا أُنثى

نهار جئت إلى الدنيا وجدت قرار إعدامي و لم أرَ بابَ محكمتي و لم أرَ وجهَ جلادي" نزار قباني


لطالما تشدق الذكور بأنهم الأفضل والأكمل مستندين بذلك على الآية الكريمة ( الرجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) ، كبرت وأنا أحمل مليون علامة استفهام وأسأل نفسي كيف ولماذا؟ وهل يعقل أن تحمل آية في سورة أنزلها الله باسم النساء تكريماً لهن دلالة كهذه؟!! لم يدر بخلدي بأن هناك مفهوم خاطئ لدى الذكور ألا وهو أن الرجل مفضل على المرأة لأنه مكلف بالإنفاق، فالقوامة في اللغة العربية تعني الرعاية والقوام هو الخادم لهن، كما تفضلت وشرحت د. سهيلة زين العابدين. في عالمنا اليوم هناك نوعاً من الندية والشراكة والاندماج والتكامل فكل من الرجل والمرأة يرعى ويحرص على خدمة الآخر بطريقته الخاصة..آسفة يا معشر الذكور ولكن الله حرم على نفسه الظلم والدين بريء من عقلياتكم الرجعية.

ولايزال البعض يتمادى وينسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مفاهيمهم العقيمة بأن النساء ناقصات عقل ودين( لو افترضنا بأن الحديث قوي فهناك سياق ذكر به وهناك مفهوم آخر وليس تلك النظرة المنقوصة).

يحاول السفهاء تعميق منهجية الهيمنة الذكورية التحقيرية التسلطية والسلطوية، وأحياناً يذهبون إلى أبعد من ذلك فتظهر طبيعتهم الحيوانية بشكل جلي بوصفهم المرأة تارة بالصاروخ، وتارة أخرى بالمزة أو البضاعة المستهلكة وحتى بكونها استخدام نظيف وأحياناً بإطلاقهم الدعابات البذيئة على المرأة، والأسوأ هي تلك النظرات الفارغة النهمة التي لاتعبر سوى عن عقول عفنة مريضة.

إن ما يبعث على الأسى أن هناك إناثاً يستعذبن الإهانة والتحقير والتهميش، والفجيعة أن هناك نسوة يفتخرن بهوانهن وتجريحهن وإلغاء هويتهن وتجهيل عقولهن وتغييب كينونتهن وجدانياً وفكرياً وإقصاءهن من الحياة، فلا يرفضن ذلك أو يحاولن تغييره بل يستمررن في توريث ذلك لأبنائهن عبر طرق التربية التي تشجع تلك النظرة الدونية المنقوصة الشاذة والعنجهية الغوغائية لدى الذكور. آن الآوان لنتخلص من هذا الغيتو الفكري البغيض والمجحف وأن نتحرر من غياهب العالم الذكوري.


اليوم وكل يوم هو يوم تلك الأنثى التي تذبح باسم العار، والتي يشوه جسدها باقتطاع جزء منه باسم العفة، اليوم هو يوم المستعمرة التي شهدت أبشع الجرائم الإنسانية والتاريخية فوق جغرافية جسدها الذي لايزال يقاوم أزلية محاولات امتهانها ليس من قبل الغريب فحسب بل وحتى من قبل الزوج( لاتفغروا فاهكم فهذا مايحصل)،اليوم هو يوم الطفلة التي توأد بالحياة يومياً، اليوم هو يوم تلك الريفية البسيطة التي امتصت الشمس نضارة وجهها ورونق شبابها في رحلة أيامها مع الشقاء بحثاً عن الماء ورعاية الأغنام وزراعة الأرض وأعمال المنزل الشاقة، اليوم هو يوم تلك الشابة التي سلبت منها الحياة أجمل لحظات عمرها في انتظار عودة سندباد الذي إما لن يعود لأنه يموت غريباً في المنفى، أوليته لا يعود لأنه يعود بصحبة امرأة أخرى ناسياً أنها أعطت له كل شيء ولم تلق منه شيء سوى الجحود والنكران، فهو يتذرع بأنها لم تكن من اختياره ، فقد تزوجها خادمة لأهله ففي الأول والأخر ماهو إلا مجرد زواج أنتساب، اليوم هو يوم تلك الفتاة التي زوجها أباها دون علمها وبشهادة عمها وخالها وموافقة أهلها بغية مال وثروة وأحيانا نسب ومصاهرة وذنبها الوحيد أنها صغيرة ولربما جميلة، اليوم هو يوم المرأة التي وضعت تحت المجهر وجرمت بعين المجتمع دون أي ذنب ارتكبته سوى كونها أنثى. اليوم هو يوم تلك الأم التي تكافأ بالموت وهي تهب الحياة، اليوم هو يوم الفتاة التي حرمت من ابسط حقوقها في التعليم والعمل، اليوم هو يوم المرأة التي يتشدق الغرب بأنها أعطيت حقها والحقيقة أن عليها أن تبيع بويضاتها لتدفع تكاليف دراستها الجامعية، اليوم هو يوم الفتاة التي يتحرش بها يومياً، اليوم هو يوم الفتاة التي يسلب منها ميراثها وأحيانا تحرق لأجله، اليوم هو يوم الإنسانة التي جعلوا منها وعاءً للجنس والمتعة ليطعموا ذلك الوحش الكامن بدواخلهم ،اليوم هو يوم المرأة التي تهان كرامتها ويمارس ضدها العنف الجسدي والجنسي أمام مرأى ومسمع الجميع دون أن يحرك أحدا ساكنا، اليوم هو يوم الجيشا ( ولم العجب؟) أجل الجيشا التي اكرهها أباها وأحيانا زوجها على البغاء. اليوم هو يوم المرأة التي يجب عليها أن تتحمل عقدة النقص لدى الذكر الذي يحاول إلغاءها إن تفوقت فيعمد على إهانتها وتحطيمها. اليوم هو يوم المرأة الخارقة التي يطلب منها أن تهتم بكل شيء وفي كل وقت من خلال ذلك التقسيم الضمني للوظائف في الداخل والخارج ولا يحق لها أن تئن أو تتأوه ولا حتى تعترض. المرأة وفقاً للاستعلاء الذكوري إن تفوقت هي السافرة ، إن أحبت فهي العاهرة ، وإذا طالبت بحقها تصبح وقحة، وفي حال لم تتزوج فهي العانس البائرة، وإذا ما استقلت بذاتها و بروحها و بدنها فهي مسترجلة، وإذا تسلحت بالثقافة فهي ناقصة، وإذا تطلقت فهي مقصرة، وإذا تألقت فهي نجسة.

اليوم هو يوم ال "لا" لكل انتهاك يمارس ضد المرأة ولكل أشكال العنصرية والتمييز ولكافة ألوان الذل والإهانة والعنف والإيذاء الجسدي.

الاحتفاء بهذا اليوم لايكون بإعطاء المرأة قطعة ورق أو دعوات لحضور مهرجانات أو حفلات في الفنادق ولربما في اليخوت، اليوم وكل يوم أريد لكل النصوص التمييزية بين الرجل والمرأة في القوانين أن تلغى وان يحل محلها نصوص تحوي المساواة في دستورنا الجديد، الاحتفاء يكون بتحديد سن الزواج وأن يمنع منعاً باتاً زواج الصغيرات، أريد أن تجرم جرائم الشرف من الدرجة الأولى وليس من الدرجة الخامسة، أريد عقوبات رادعة لكن من تسول له نفسه استخدام العنف ضد المرأة ا و التحرش بها..أريد ان تشارك المرأة بنسبة 40% في الحياة السياسية، وان يكون لها مقاعد في البرلمان. يافخامة الرئيس أريد لقضية وفيات الأمهات أن يكون لها الأولوية ولم لاتكون قضية سياسية بامتياز إذا اقتضى الأمر فنحو ألف امرأة تموت يومياً أثناء الولادة في العالم!!!..أريد قوانين تعطي للمطلقة استحقاقاتها وأخرى تمنع الزواج السياحي، أريد محو أمية النساء وان تلزم مجانية التعليم الأساسي للفتيات عامة و لذوي الحاجة والمعوزات بشكل خاص ، لا أريدها مجرد قوانين- حبر على ورق- أريدها أن تفعل وتطبق- هكذا يكون الاحتفاء بالمرأة.

عزيزتي:

أنت لست عيب لايمكن أن يصرح باسمك ولست عورة لا بد من سترها

أنت لست مكلفاً ولا حرمة ولا عالة ولا عبدة للرجل

أنت لست مواطنة من الدرجة الثانية وحقوقك ليست ثانوية.

أنت لست نكرة ولست مسخ بلا هوية.

أنت لست دمية ولست سلعة.

أنت لست وعاءً للجنس والمتعة ولست آلة لإنجاب الأطفال.

أنت لست خادمة ويجب أن تتسلحي بالعلم والثقافة فالثقافة لاتتنافى مع الأنوثة


أنت الأم والأخت والزوجة والحبيبة والصديقة والابنة والجدة والعمة والخالة والحفيدة والقريبة. أنت المربية الفاضلة التي لايمكن للرجل أن يعيش بدونك ولا يسعه أن يستغني عنك


كل يوم والمرأة الشرقية والغربية والعربية والأعجمية أياً كان لونها أو جنسيتها أو وظفيتها أو انتمائها الفئوي، الطائفي، المذهبي، الديني،الحزبي، و المناطقي، كل باسمها وصفتها بألف خير.

كل يوم والثائرة في كل مكان وزمان التي ناضلت جنباً إلى جنب مع الرجل بألف ألف خير

كل يوم وشهيداتنا في جنات الفردوس وجريحاتنا في صحة وعافية..انتن نساء خالدات

كل يوم وأنتن أنتن تتربعن على عرش العز والهناء.. لكن كل المحبة و الاحترام والتقدير. كل يوم وأنا امرأة..كل يوم وأنا أميــليـــــــــا.

زر الذهاب إلى الأعلى