فضاء حر

إلى أطراف الحوار الوطني القادم “5”

 

يمنات          

                       فليكن حل القضية الجنوبية ومشكل صعده وغيرها مدخلا لبناء دولتنا المدنية الموحدة والمتنوعة

     الثورة الشبابية الشعبية السلمية مثلت  منعطفا تاريخيا مهما في مراجعة قضايانا ومشاكلنا الوطنية المؤجلة لقرون هروبا من وضعها على المحك وحلها تاريخيا بما يظمن إستمرار الشراكة في الوطن وفي صنع مستقبله وإستغلال خيراته على اساس التكافؤ والعداله في توزيع الثروة ومزاولة الحكم. عدم الثقة وشراسة الصراع السياسي بين قوى المجتمع المدني الحديث والقوى التقليدية التي قاومت قيام الدولة المعاصرة وفرضت نموذج ما قبل الدولة قد أفضى إلى ضعف الشعور الوحدوي بل وتلاشيه تماما عند بعض القوى مما قد يؤدي إلى إنهيار الدولة الموحدة وقيام دويلات شطرية أو جهوية على أنقاض المشروع الوطني الوحدوي الذي حلم به كل اليمنيون في الماضي ولا يزالون يحلمون به اليوم.



ومن أجل إنقاذ الحلم الوطني من الإنهيار لا بد من تناول أهم المشاكل الساخنة في عموم الساحة بشفافية تامة وبقدرا عال من المصارحة والمكاشفة وعدم الإستقوى أو الإستغباء لأي من أطراف العملية السياسية مهما كان المشروع الذي يحمله والعمل على الوصول إلى صيغة وطنية شاملة تنقذ الوطن والشعب من التشرذم وتفتح افاق المستقبل في قيام الدولة المدنية الحديثة التي تشبع رغبات وتظمن مصالح الغالبية من أطراف العملية الساسية الوطنية وطبقات الشعب وفئاته الإجتماعية الممثلة فيها. ولعل الأهم من القضايا الوطنية الساخنة والتي تحتل أولوية في حوارنا الوطني القادم هي القضية الجنوبية ومشكل صعده ومطالب إقليم تهامة والإقليم الأوسط (كما بداء يطرح في الوقت الراهن).  ومن أجل الحفاظ على اليمن موحدا ومتنوعا يجب أن تراعى خصوصيات كل إقليم وجعل تلك الخصوصيات مصدر قوة وتوحد لا ضعف وتمزق وتسخيرها لخدمة الإنسان اليمني وعزته وعيشه الكريم لا لإذلاله وتكدير عيشه.


 5.إقليم صنعاء:

  هذا الإقليم جغرافيا يمتد من مأرب شرقا إلى حجة والمحويت غربا ومن عمران والجوف شمالا إلى ذمار  وريمة جنوبا (حدود تقريبية  بحسب إجتهادي الشخصي ولا تمثل مسمى جغرافي متفق عليه). الإقليم يمثل قلب الهضبة اليمنية الوسطى  الأكثر إرتفاعا مع إمتداد إلى الصحراء الشرقيه في محافظي مأرب والجوف . معظم مكونات هذا الإقليم كاتة تدخل ظمن لواء “صنعاء”سابقا وما كان خارج لواء صنعاء مثل ذمار وضواحيها ومأرب وريمه والمحوبت فهيا الأقرب جغرافيا وترتبط بشبكة مواصلات تسهل من تواصلها و يعتبرمركز هذه الشبكه مدينة صنعاء.



إجتماعيا ومذهبيا الإقليم يشكل تنوع ملحوظ ومهم, ففيه توجد المناطق ذات المذاهب المختلطة”أكثر من مذهب” والنقية”مذهب واحد”وفيه  مناطق أشد إلتزاما للقبيلة وتمردا على الدولة (يحوي الجزء الأكبر من فيدرالية قبيلتي حاشد وبكيل) ومناطق تدين للدولة بشكل مطلق (كما هوا الحال في ريمة والمحويت).  مكونات الإقليم تشكل تنوع جغرافي ما بين الصحراء والقمم الشاهقة شبه الجافة والسهول الخصبة والمنحدرات الجبلية الخضراء, وفيه الكثير من المواقع الأثرية والسياحية الهامة التي تكسبه أهمية خاصة وتجعله مركز جذب للسواح والمؤرخين والمستشرقين. ولعل من أبرز معالمه هيا العاصمة صنعاء وأريافها وما تحويه من تأريخ وفن معماري وإرث ثقافي وكذلك مارب وذماروغيرها من المناطق الأثرية.


الإقليم يعتبر زراعي في معظمه وخاصة لو توفرة فيه مياه الري , ومن أشهر منتجاته الفواكه مثل العنب و التفاح والبرتقال وغيرها والخضروات والحبوب, وفيه خامات معدنية متعددة تتراوح ما بين البترول والغاز والحديد والإسمنت وغيرها. وتشكل صنعاء العاصمة أكبر سوقا في البلاد ومركزا تجاريا وصناعيا هاما بحكم التدفق السكاني والمالي إليها من عموم الوطن حيث تشكل المدينة المليونية الوحيدة في البلاد حسب الإحصائيات الرسمية . وسكانها يشكلون مزيجا وطنيا يعكس الفسيفساء البشرية اليمنية بمختلف مكوناتها.


هذه المميزات في التنوع الإجتماعي والمناخي والمذهبي يتناسب ووظيفة العاصمة الإتحادية صنعاء كعاصمة لكل اليمنيين بمختلف إنتمائاتهم ويجب أن يساعد هذا التنوع في ظل التنافس في التنمية وفرض سيادة القانون مع بقية الأقاليم على تعزيز دور السلطات المدنية في الإقليم وجعل العاصمة أكثر مدنية وملاذ لكل من يبحث عن الدولة والنظام والقانون لا كما هوا الحال في الوقت الراهن الذي تحولت فيه العاصمة إلى حقل للأخذ بالثأرات وممارسة السرقات والنهب والقتل وغيرها من الممارسات الغير مشروعة. وبما أن العاصمة الإتحادية يجب أن تكون في بيئة آمنة ما لم سيتم نقلها إلى مكان آخر أكثر أمنا, على  سكان الإقليم أخذ هذا الأمر بجدية تامة وإحترام مهمتها في تحصينها من الممارسات الهمجية قبل أن يخسروا هذه الميزة الهامة.


النظام الفيدرالي سيخفف من أعباء الإزدحام البشري والعمراني في العاصمةلأنها سوف تتقاسم جزء من مهامها مع الأقاليم, ولكن هذا بدوره سيضعف من الإستثمار فيها ويقلل من فرص العمل المبالغ بهما في ظل المركزية الشديدة التي أفقدة السلطات المحلية وظائفها و ربطة قضاء حاجات المواطنين على بساطتها بالقدوم إلى صنعاء, وهذا يعني لابد من تغيير في ا لسلوكيات العبثية التي يمارسها الخارجون عن القانون ضد المستثمرين وإبتزازهم المستمر إلى إحترام ممتلكات الناس وتوفير البيئة الآمنة للعيش والإستثمار إذا ما أرادوا للعاصمة الإستمرار في الإزدهار عن طريق جعلها مركز جاذب وليس  طارد لتعويض ما قد تفقده جراء تقاسم وظائفها مع بقية الأقاليم.  وبحكم موقع هذا الإقليم الجغرافي الذي يتوسط عدد من الأقاليم, سيظل يلعب دورا توحيديا هاما إلى جانب الدور التوحيدي الذي تلعبه العاصمه.


 

ملاحظات عامة حول ما تناولته في إجتهادي المتواضع في الخمس الحلقات المنشورة حول النظام الإداري السياسي الإتحادي المنشود.

1.ما تم طرحه من أفكار لا تعتبر نهائية وإنما فقط  كمادة للتفكير للمتحاورين عند مناقشتهم لشكل النظام السياسي المناسب ليمن ما بعد الثورة كي نظمن وحدة وطنية دائمة و قائمة على الشراكة التامة في تقرير مصير اليمن أرضا وإنسانا ..



2.حدود الأقاليم خاضعة للنقاش ولما ترتضيه الأطراف المعنية ولكنني حاولت أن لا تكون الحدود الإقليمية قائمة على أساس طائفي أو مذهبي أو قبلي..


3.فيما يخص الإقليم الجنوبي لم أتناول تفاصيله الداخلية نتيجة للحساسية المفرطة التي يتميز بها على الأقل في الوقت الراهن.. 


4.الأفكار المطروحة لا تمثل شكل من أشكال البحث العلمي بل إستنتاج من تجربتي الخاصة في العمل السياسي وفي الإهتمام بالتأريخ , ولا تمثل تجني على فئة  أو طائفة معينة وإنما محاولة للبحث عن مخرج تأريخي لأزمة النظام السياسي اليمني المتكررة منذ ما يقارب القرن. وأتوقع من المهتمين بالأمر إغناء هذه الأفكار المتواضعة بمالديهم من أراء ومخارج ناضجة وموضوعية لأزمة الوطن المستمرة..


5.هناك فئتان من اليمنيين  تعارض مبداء الدولة الإتحادية, الفئة الأولى لديها قناعات مبدائية وفكرية أو عقائدية (دينية), وفئة أخرى يقودها متسلطون ويعتبرون الوطن “فيد”  خاص بهم لا يمكن تقليصه..


6.الوحدة إذ لم تكن قائمة غلى أسا س توازن المصالح بين أطرافها سيكون مصيرها الفشل..


7. لا يجب أن نتحسس من أي طرف يطرح رؤيته تجاه شكل النطام السياسي القادم أو نخونه لأننا في مرحلة بناء وطن من جديد يتسع لكل أبنائه لكي نجنبه الأزمات المتكررة التي أدت إلى ضعف الولاء الوطني و الشعور الوطني الوحدوي بشكل عام..


8. التأريخ العالمي المعاصر وتأريخنا اليمني قديمه وحديثه أثبتا بأن شكل الدولة الأكثر إستقرارا وديمومة هوا الشكل اللامركزي الإتحادي الطوعي..


9. المواطنة المتساوية والمتكافئة لا تظمنها النيات الحسنة فقط والتي يمكن أن يتم الإلتفاف عليها عند تغيير شخص الحاكم, بل يجب أن يتم تأ كيدها في الدستور وفي خطوات عملية قانونية لا يمكن الإلتفاف عليها تحت أي مبرر..


10. يجب أن نتعامل مع التنوع المذهبي والإجتماعي والثقافي والمناخي  في اليمن بنوع من التفائل وكعامل قوة وإثراء للنظام السياسي القادم وأن نتجنب النظرة السوداوية للتنوع والتي تخدم فقط المتسلطين والتسلط..


11. الغاية من أي إعادة لترتيب أوضاع اليمن هيا إحترام حقوق الإنسان اليمني وكرامتة وعيشة الشريف وليس المباهاه بما يتعارض مع مصلحته ويهدر كرامته تحت أي مبرر.


12. أعتذر لكل من لا يرغب بما طرحته من أراء وؤأكد لهم بأن قصدي ليس الإسائة بل البحث عن مخرج تأريخي لأزمات الوطن المتكررة..


13.لم أكن السباق في طرح رؤية حول اللامركزية , بل لقد سبقني الكثيرون منذ تأسيس الدولة اليمنية الحديثة مرورا بمراحل الثورة المختلفة في القرن العشرين وصولا إلى الوقت الراهن من القرن الواحد والعشرون..


14.كل الأقاليم المقترحة لها ميزات خاصة تجعل منها مهمه لبقية الأقاليم وتمثل نقاط قوة لكل إقليم مما يبدد المخاوف لدى من لا يريد الفيدرالية خوفا من فقدان مصادر الثروة المتواجده في أقاليم أخرى..


15. في الوقت الراهن أكبر ثروة هوا الإنسان فإذا ما أعطي إهتمام أكبر للتنمية البشرية سيتم التعويض عن الثروات الطبيعية التي قد يفتقد لها أي إقليم..


16. الأقاليم التي تتمتع بخامات طبيعية بحاجة إلى المهارات واليد العاملة من أجل إستغلالها وكذلك أسواق التصريف لها وبالعكس الأقاليم ذات الكثافه السكانية وذات النسبة العالية من المهارات بحاجة إلى فرص عمل لأبنائها ومنتجات تلبي حاجاتها, لذلك لا يمكن ممارسة العزلة الذاتية في أي إقليم ولا بد من التكامل.

 

“أنتهى”

 


 
زر الذهاب إلى الأعلى