فضاء حر

أحلام تعز وتحديات على طريق شوقي!

رغم معرفتي بشوقي هائل سعيد كرجل منذور من مجموعة هائل سعيد للحديث مع الصحافة لا يضاهيه سوى فتحي عبدالواسع، إلا أن الحديث هذه المرة أخذ طابع الحلم ومرارة الواقع، لاسيما ونحن في مدينة اسطنبول ذات طابع مختلف وتجربة فريدة في التنمية.. يبدو شوقي مصمماً على النهوض بتعز، شغفه بشعار « إلا تعز » يعد نقطة انطلاق أعتقد أنها مهمة، إلا أنها تحمل بذور تحدٍ وفشل محتمل، إذ ماتزال بعض القوى والأطراف تعمل على إحباط أية محاولة من هذا النوع على المستوى المحلي والمركزي. 

يشكو شوقي بمرارة من قوى مختلفة تسعى لإحباط محاولاته لاستعادة الأمن، والنظافة، والخدمات … بكل تأكيد سيكون انشغاله بمعارك جانبية مع تلك القوى المحرقة التي سيكتوي بنارها بل سيشعر الجميع أنهم وقعوا في فخها مستقبلاً. 

أحلام التعزيين تبدو منسجمة مع تطلعات شوقي يشوبها حالة من الخوف أن يظل الرجل القوي والنزيه بعلاقاته الوطيدة مع أركان نظام الرئيس صالح، بل الشعور أكثر لدى أطراف سياسية واجتماعية مؤثرة أنها مهمشة ومقصية من قبل الرجل الأول في المحافظة. 

هناك أخطاء وقع فيها شوقي للوهلة الأولى، إذ لم يستطع إقناع قطاع شعبي واسع ينتمي للثورة في تعز أنه جاء يحمل بداخله روح الثورة، فحالة الشك تجاهه حاضرة بقوة، تعززت بمواقف وقرارات رغم صغر حجمها كانت كبيرة بدلالاتها في مجتمع يتربص ويرقب المشهد بحذر. 

يحمل شوقي من الشغف بتعز ما يجعله ثورياً من الدرجة الأولى، لكنه بحاجة إلى المضي إلى الأمام من خلال وضع معايير للتعيينات واتباع مبدأ الشفافية، مع عدم إغفال أن من يتصور أنهم أعداء نجاحه قد يكونوا يقاسمونه الهم وأحلام المستقبل المأمول. 

إن شوقي مطالب اليوم أن يتخفف من عبء دائرته الضيقة التي كان يعيشها، ويستوعب أنه بات رمزاً لكل أبناء تعز، وليدرك أن أبناء تعز وهم يبذلون دماءهم الزكية في كل بقاع اليمن كانت عيونهم تصبو ليمن أكثر إشراقاً ينطلق من محافظتهم التي كانت يوماً ما رائدة الإبداع والثقافة والتقدم.. 

شوقي اليوم يريد أن تكون تعز نموذجاً لحوار محلي يهتدى به، وهو مطالب بأن يصنع استقراراً وتنمية يشهد لها الجميع، ويقتدي بها أيضاً.. قد يسول البعض لشوقي أنه قادر بالمال أن يسحب البساط عن فلان أو علان، وهي السياسة التي استخدمها المخلوع، وثبت أنها استراتيجية زيف السلطة المؤقتة التي ما تفتأ أن تزول ويكتشف الناس أنهم أصبحوا رعية وليسوا مواطنين شركاء في صناعة مصيرهم المشترك، وهنا لا يمكن الحديث عن التنمية وبناء الإنسان الذي يعد ركيزتها الأساسية. 

سيكتشف شوقي بعد أشهر أن الحديث عن ميناء المخا والمطار الجديد ومحطة التحلية ليس مايريده الناس على المدى القصير، فالمواطن البسيط يريد أن يشعر بالأمان وسلع غذائية بسعرها العادل، وفرصة عمل يكسب منها قوت يومه، وتعليم وصحة بمواصفات تليق بكرامته. 

لست في مقام توجيه النصائح، الخبرة الطويلة لشوقي في العمل الخاص والعام تجعله أكثر إدراكاً لمعالجة مشاكل محافظة مثقلة بالاهمال وتعمد الإذلال، لكن ما يجلني حريصاً، هي الفرصة التاريخية التي منحت لأحد أبناء تعز للنهوض بها، ولعله المحافظ الوحيد الذي حظي بثقة عالية لدى معظم أبناء تعز الذين استبشروا خيراً بتعيينه ، ولعل كثيراً من أبناء تعز قد تواصلوا معه للمساندة، وأتذكر منهم رجل الأعمال المستنير يوسف الكريمي الذي قدم له نصائح أعتقد أنها مفيدة للغاية، أتمنى أن أراها تتحول إلى شيء ملموس. 

دموع شوقي التي سكبها بصدق عقب تلقيه خبر تعيينه محافظاً، يجب أن تظل حارة، وأن تبقى توجهاته بذات المصداقية لكي ينجح، وسنكون عوناً له. 

 

#رئيس مركز الاعلام الاقتصادي 

زر الذهاب إلى الأعلى