فضاء حر

القبلية الطائفية قبل الثورات وبعدها

يدور جدل ونقاش حول دور الانقسامات القبلية الطائفية التي تشهدها بعض المجتمعات العربية التي ثارت فيها شعوبها.

وينطلق هذا الجدل من حرص و تلقي حقيقيين على حاضر ومستقبل البلدان ولبقية ابنائه على اسس جديدة وصحيحة وفعالة واقصاء الاخر، التي تنطلق من مساندة مبطنة او صيحة للاستبداد.

يقول كثيرون ان هذه الانقسامات كانت خائبة بل شبه زائلة تستيقظ وتبعث فيها الروح الا على ضجيج الانتفاضات.

فنجد ان العفن الراكد طويلا في عمق المجتمعات إلى سطحها فور سقوط الدكتاتوريات وانظمة الاستبداد ومن السذاجة توقع ذلك.

ومن السذاجة ايضا ان تسبب تلك الانقسامات والتوترات الاجتماعية الى الثورات مباشرة وكأنها سبب بدورها.

فما تفعله الثورات والتغييرات الكبيرة هو مجرد الكشف عنها وتعريتها فقط

وان هذه الانقسامات ثم التشضيات التي بقيت على حالها طيلة عقود من دون ان تتم معالجتها بالتدرج ومن تلك الانقسامات القبلية الطائفية، وانما كانت تغذى ويحافظ عليها ويطيل من عمرها.

ومن ناحية اولية معرفية من المهم تقرير حقيقة بشرية تاريخية عابرة للعمران البشري والبلدان والثقافات هي ان تلك الانقسامات الاجتماعية المختلفة العناوين الاثنية والعشائرية، هي سمة عامة تنصب بها كل مجتمعات العالم في كل العصور فهل المجتمعات من شرقه الى غربه يقوم على تجمعات بشرية غير متجانسة كليا ومتعددة الاعراق والثقافات والديانات والطوائف واللغات بشكل مدهش.

وهذا التعجب لا يعيب تلك المجتمعات باي حال، بل قد تطورت النظرة إلى التعدد وطرائق مقاربته لتعمل على ترقيته الى مصاف التنوع الايجابي الذي يثري المجتمعات ويجعل احدها متفوق على الاخر.

ان النجاح في انجاز مهمة العمل الوطني الطوعي وتحويل الاختلاف الى تنوع تام من الاساس على ركنين :

1- الاول هو الوعي بالهدف النهائي والشكل الصحي والفعال الذي يجب ان يكون عليه المجتمع

2- الثاني الوعي باليات الوصول الى ذلك المجتمع وكيفية تحقيقه الركن الاول والشكل الذي اصرت تلك المجتمعات الوصول اليه وهو:

ومرحلة القانون والمواطنة القائمة على أركان الحرية والديمقراطية والمساواة التامة امام الدستوريين الاحرار نصا وتطبيقا بغض النظر عن اصولهم وطوائفهم ودياناتهم.

المهم هو ان آليات الاجتماع التي استغلت على الانهاء التدريجي للانقسامات الطائفية والقبلية وغيرها وبناء دولة القانون والمواطنة تمثلت في الحرية اولا، والاقتصاد والحر والفرص المتكافئة وحماية القانون للأفراد من تحول الدولة كل ذلك عمل على تقرير فكرة مركزية في وعي الافراد.

وان الحامي لحقوق المواطن وكرامته هو القانون وليس الطائفة والقبيلة ولهذا فان الدولة دولة ذلك القانون ويكون الولاء الاول دون الولاءات الفرعية.

لقد تم تقليم أظافر الطائفيات والاثنيات باليات طوعية وليس سرية من طريق افرادها هم وليس السلطة من فوقهم فلم تتههم النخب الحاكمة المستبدة باية اليات تقود الشكل السياسي في مجتمعاتنا الى دولة قانون ودستور قائمة على المواطنة والمساواة التامة.

الالية الوحيدة تنتج الاستبداد في تطبيقها كانت القمع الشديد لكل اشكال الاختلاف الغير موالي للنظام وضميره تحت السطح.

فغياب اليات تبني مجتمعات صحية على قاعدة المساواة والتنافس المتكافئ تولدت نتيجتان طبيعيتان تنافسان بعضهما بعضا في مقدار التشويه والتدمير الذي يحدثه كل منهما في المجتمع .

النتيجه الاولى وهي :

1- هي ان ثروات الدولة ومـنافعها الفرص المتاحة الت جميعا في قبضة العائلة الحاكمة والبطانه الفاسدة التي تحيط بها وبسبب غياب القانون والقمع الأمني لطبيعة الحال فان استغلال تلك الثروات لم يكف يواجه بمعارضية حقيقة توقفه عند حده فتدهورت اقتصاديات البلدان وامكانات احداث التقدم فيها.

2- والهيمنة الثانية هي ان اكل الولاءات القبلية والطائفية والامنية والجهوية بقيت على حالها منذ الاستقلال ولم يتم صهرها في دولة القانون والمواطنة بل تم تقويتها بكل الفئات خارج اطار القانون والمواطنة.

بل تم تقوية بكل الفئات خارج اطار القانون والدولة والمنطقة الجغرافية اصبحت دولة داخل الدولة معنية برعاية التابعين لها بعيدا عن الدولة فهل الثورات العربية ستقوم على إنها هذا الوضع المريض وغير الصحي وكشف العفن الطائفي والقبلي تحت الشمس وهي الخطوة الاولى التي لابد منها من اجل اضعافها وبناء دولة القانون والمواطنة.

اما الابقاء على الامور كما كانت عليه لا يعني سوى الاستمرار في خداع انفسنا الى اماد طويله مقبلة.

زر الذهاب إلى الأعلى