فضاء حر

الصرخة في وجه المستكبرين الانطلاقة والتأثير

أطلق السيد / حسين بدرالدين الحوثي الصرخة في وجه المستكبرين المتمثلة في شعار "الله أكبر – الموت لأمريكا – الموت لإسرائيل – اللعنة على اليهود – النصر للإسلام " في عام 2002م .. وأتت هذه الصرخة بالتزامن مع أحداث 11 من سبتمبر عندما أعلنت أمريكا ودول الاستكبار العالمي الحرب الصليبية على الإسلام والمسلمين تحت ذريعة مكافحة الإرهاب الأمريكي المزمع .. فمن مدرسة الإمام الهادي العلمية في منطقة مران – محافظة صعدة كانت الانطلاقة الأولى لهذه الصرخة المدوية التي مثلت زلزال قوي في وجه قوى الاستكبار العالمي وهذا كان قبل عشر سنوات .. حيث قال السيد حسين بدرالدين الحوثي حين أطلقها " أقول لكم أيها الإخوة اصرخوا، ألستم تملكون صرخة أن تنادوا: (الله أكبر- الموت لأمريكا – الموت لإسرائيل- اللعنة على اليهود – النصر للإسلام) أليست هذه صرخة يمكن لأي واحد منكم أن يطلقها؟ بل شرف عظيم لو نطلقها نحن الآن في هذه القاعة فتكون هذه المدرسة، وتكونون أنتم أول من صرخ هذه الصرخة التي بالتأكيد – بإذن الله – ستكون صرخة ليس في هذا المكان وحده، بل وفي أماكن أخرى، وستجدون من يصرخ معكم – إن شاء الله – في مناطق أخرى فهذه الصرخة أليست سهلة، كل واحد بإمكانه أن يعملها وأن يقولها؟. إنها من وجهة نظر الأمريكيين – اليهود والنصارى – تشكل خطورة بالغة عليهم " ..

 وأردف السيد حسين قائلا : " نحن يجب أن نكون سبّاقين، ونحن – في هذه القاعة – متعلمون وطلاب علم ومتدينين ووجهاء، أن نكون سبّاقين، ليكون لنا فضل السبق، فلنكن أول من يصرخ بهذا الشعار، أول من يعلن الاستنكار ضد مسك أي شخص، من يستنكر أي عمل تريد أن تعمله أمريكا ضد حزب الله وضد إيران، وضد العراق، وضد أفغانستان، وضد أي بلد إسلامي، وضد السعودية نفسها التي كنا نعاني منها – وما زلنا نعاني – الكثير الكثير، الأمور أصبحت أكبر، أكبر بكثير، عدو الأمس قد يصبح صديق اليوم بالنسبة لك أمام هذه الأحداث المرعبة " ..

فعلا الأمريكيون انزعجوا من هذه الصرخة التي ولدت السخط والغضب الشعبي ضد ما تمارسه أمريكا من سياسة استعمار ومسخ الهوية الدينية وطمسها في البلاد العربية والإسلامية .. لا سيما الإساءات المتكررة للرسول الأكرم وللقرآن الكريم ..

وبعد أن أطلق السيد حسين بدر الدين الحوثي الصرخة تحرك آنذاك إلى دعوة الأمة العربية والإسلامية إلى الرجوع إلى القران الكريم كمنهاج يستنير منه المسلمون لمواجهة الهجمة الصليبية الاستعمارية في ذلك الوقت .. وكذلك دعاءهم إلى مقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية ورفع شعار البراءة فكان هذا الشعار اقل موقف يقوم به المسلمون أمام أمريكا ودول الاستكبار العالمي وسياستهم الاستعمارية في المنطقة ..

فمثل هذا الشعار قلقا كبيرا لدى دول الاستكبار والساسة في البيت الأبيض وهذا ما بدا واضحا عبر تحركات سفيرهم السابق ادمندهول في اليمن عام 2004م في بداية العدوان على منطقة مران .. حيث تحدث في تصريح نقلته صحيفة البلاغ اليمنية بعنوان " السفير الأمريكي بصنعاء يؤكد دعمه لجهود الحكومة في القضاء على الحوثي ويدعو المواطنين للمساهمة في القضاء عليه " وكذلك قال نحن قلقين من تحركات حسين بدرالدين الحوثي ومن الشعار ومن تنامي السخط ضدنا ..

 وفي ظل هذا القلق سارعت أمريكا ودول الاستكبار العالمي بدفع الحكومة اليمنية لشن الحرب الأولى بعد أن رجع الرئيس السابق علي صالح من اجتماع قمة الدول الثماني الصناعية الكبرى التي عقدت  في ولاية «جورجيا» الأمريكية  بتاريخ 17 يونيو 2004م وبعد ذلك توالت الحرب تلو الحرب على مدى ست سنوات .. وأطلقت الفتاوى من قبل قيادات علمائيه تتبع حزب الإصلاح تستبيح فيها دماء أبناء المحافظات الشمالية وتحلل نهب بيوتهم ومزارعهم وممتلكاتهم .. فلم يكتفوا بهذا بل دعوا عبر المنابر والخطب للجهاد في صعدة ضد الروافض ودفعوا بالكثير من أصحابهم والمحسوبين عليهم للمشاركة مع الجيش في حروب ظالمة وغير مبررة وفي أثناء الحروب تكفلت أمريكا بتدريب الجيش وتطوير قدراته ..

وفي الوقت نفسه فرضوا على وسائل الإعلام المحلية والعالمية عدم تغطية ما يقومون به من عدوان في شمال اليمن  لكي تبقى المناطق الشمالية بمعزل عن العالم يقترفون بحقهم أبشع الجرائم والمجازر .. وفي الاتجاه الآخر كانوا يروجوا لهذه الحرب ويضعون لها مبررات واهية فتارة متمردون وتارة أخرى يريدون الإمامة وكذلك يقحمون إيران وحزب الله لكي تكون مصوغ للحرب والعدوان وهذا الذي ما زلنا نسمعه حتى اليوم .. وبالتالي تلك المكينة الإعلامية التي كانت تدق طبول الحرب لازالت اليوم تقوم بنفس التوجه والأداء تجاه أبناء المحافظات الشمالية لا سيما بعد انطلاق الثورة الشعبية التي خرج الشعب اليمني يطالب فيها بإسقاط النظام وتقديم قادة الحروب في الشمال والجنوب إلى المحاكمة لينالوا جزائهم وما اقترفته أياديهم الإجرامية ..

الجدير بالذكر أن الحرب السادسة تغير فيها السيناريو التي دأبت عليه أمريكا في الحروب السابقة فأعدت للحرب خطة سميت بالأرض المحروقة والتي يبتدئ فيها المعركة الجيش اليمني .. ومن ثم تدخل السعودية على الخط وبعد أن يعجز الجيش اليمني والسعودي من حسم المعركة تتدخل أمريكا في المرحلة الثالثة من الخطة لتشن عمليات سميت بالدقيقة والمضبوطة حسب ما ذكره تقرير معهد رند الأمريكي الذي تحدث عن العمليات الدقيقة والمضبوطة التي قامت بها الطائرات الأمريكية في شمال اليمن .. فقصفت المناطق الشمالية بالقنابل المحرمة دوليا وقتلت الأطفال والنساء .. وكان ضحيت هذه الحرب ما يقارب ألف قتيل من المواطنين العزل التي قصفتهم الطائرات الأمريكية وهم نازحين في مناطق بعيدة من جبهات القتال ….

 وكذلك ما كشفته وثائق ويكليكس عن أسرار الحروب الست في شمال اليمن ومن ضمن هذه الوثائق التي بعنوان " حرب صعدة الحوثيين أعدائكم أيضا " هكذا قال الرئيس السابق علي صالح لنظيره الأمريكي هذه الحرب التي نخوضها هي حرب تخاض نيابة عن الولايات المتحدة".. وأكد صالح  في سياق كلامه للأمريكيين قائلا ً: الحوثيون هم أعداؤكم أيضاً " مستشهداً بأشرطة فيديو يظهر فيها أتباع الحوثي وهم يهتفون "الموت لأمريكا ، الموت لإسرائيل " وطالب صالح الأمريكيين تزويده بمركبات الأفراد المدرعة والطائرات ومركبات الإخلاء الطبية، وانتقد جهود الولايات المتحدة  بالقول "نحن بحاجة للأفعال وليس للأقوال فقط" ..

فالصرخة في وجهة المستكبرين كانت لها الأثر الكبير منذ انطلاقتها حتى اليوم في توحيد الصفوف وإيقاظ اليمنيين من سباتهم العميق ليتحركوا بعد ذلك لمجابهة المحتل وأعاقت مشروعة الاستعماري .. لكن خبث اليهود في التعامل مع الصرخة ومع من يرفعوها كان بالحذر والدقيق حتى أنهم يحاولون أن يدفعوا بالكثيرين من الكتاب والصحف اليمنية في التعمد لتشويه الصرخة بطرق السخرية والتساؤلات وكذلك التقليل من شأن هذه الصرخة وفي الواقع أن الصرخة أحبطت المشاريع الاستعمارية في اليمن ..

زر الذهاب إلى الأعلى