فضاء حر

اليمنيون بلا يمن، واليمن بلا يمنيين

يمنات

عند زيارته لبلده اليمن قبل سنوات، سمعت أن "أبوبكر سالم" تعرض لمعاملة غير لائقة عكست عدم الاحترام وصولا ربما إلى الإهانة من قبل سلطات ما يسمى مجازا بالنظام السابق.

حزنت بشدة لاسيما وأن هناك من ربط هذه المعاملة السيئة لـ"أبوبكر سالم" بسقوطه الشهير مغميا عليه على المسرح في بداية حفلته السيئة التي لم يُعْتَنَ بتجهيزاتها الصوتية والتقنية كما حدث مع الفنان محمد عبده، وانتهت بمغادرة فنان اليمن الكبير محمولا ولما يبدأ حفلته بعد تقريبا.

منذ أكثر من نصف قرن، وأبو بكر يغني لليمن واليمنيين واليمنيات ويذكرهم أن لهم بلدا جميلا يصعب التخلي عنه ويتعذر نسيانه.

منذ أكثر من نصف قرن، وهذا الطود العظيم يقدم وجهاً بهياً لليمن ويحرض اليمنيين على العودة إلى بلدهم وكأنه يخاطب شعباً ممزقاً ومشتتاً ومتناثراً في المنافي ومخيمات اللاجئين.

ويبدو أنه ما من روح يمكنها أن تصف واقع بلد أكثر من روح فنان من أبنائه. فاليمنيون شعب ممزق ومشتت ومتناثر في المنافي ومخيمات اللاجئين وإن كان الأمر لا يبدو كذلك، واليمنيون لا يعيشون في بلدهم على الإطلاق حتى وإن كان الأمر يبدو كذلك، واليمنيون يبدون شعبا بلا بلد بقدرما يبدو اليمن بلدا بلا شعب. ببساطة، اليمنيون بلا يمن، واليمن بلا يمنيين.

 

كلما استمعت إلى أغنية "يا مروح بلادك"، يشتد حزني أكثر وأنا أتذكر علاقة أبوبكر ببلده العزيز هذا، وتحضر أكثر العلاقة بين اليمني ويمنه، اليمني كمنفي يتوق إلى العودة من المنافي التي هي بلاد الآخرين إلى يمنه، يمنه الذي ليس بلده بل منفاه. اليمني هو الإنسان الذي يولد منفياً، وهو حين يغادر منفاه الأصلي إلى منفى آخر يختار أهون المَـنْـفَـيَـيْـن (مثنى منفى). ولكنه يقضي عمره كله وهو يغني محرضاً نفسه ومحرضاً أخوته على العودة إلى منفاهم الأصلي و.. المرير. وأبو بكر سالم بلفقيه نموذجاً.

من حائط الكاتب على الفيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى