فضاء حر

في استقالة المتوكل والمدحجي ……!

اعلان كل من رضية المتوكل وماجد المذحجي استقالتهما المسببة من عضوية اللجنة الفنية للتحضير للحوار الوطني قرار شجاع ومسئول ويحمل قيمة اخلاقية وسياسية كبيرة على مستويات عدة خصوصا بعد تجاهل الرئيس وبقية اعضاء اللجنة لاعتراضات مكتوبة قدماها من قبل وعلقا عضوتهما في اللجنة على اساسها .

استقالة المتوكل والمذحجي من اللجنة – وكما جاء في نص ومضمون الاستقالة – عبرت عن رفضهما ان يكونا مجرد واجهة أو غطاء ديكوريا لتمرير قضايا خطيرة ومحورية تتعلق بطبيعة قوام ومهام اللجنة وبما يجعل الكولسة والحوارات الثنائية والثلاثية المغلقة وغير المرئية هي المتحكمة بقرارات اللجنة وفي كثير من الاحيان من خارجها ودون تفويض او علم اغلبية اعضائها واجتماعاتها الرسيمة .

من يقرأ نص الاستقالة المكتوبة والمنشورة في الصحافة سيتبين ان من بين الاسباب التي ادت الى اعلانها من قبل المذحجي والمتوكل تتمثل في اقدام الرئيس ووفقا لتفاهمات مع اطراف غير مرئية على اضافة اعضاء جدد الى قوام اللجنة دون الاعتبار للمعايير التي تم على اساسها تشكيل اللجنة وتحديد الفئات السبع المنصوص على تمثيلها ونسبة تمثيلها ودون الاعتبار لما طرحته الجنة للرئيس حول ضعف او غياب تمثيل الحراك الجنوبي بالاضافة الى موضوع تقاسم الحصص لعضوية المؤتمر القادم من قبل الاحزاب التقليدية وتكليف بن عمر القيام بمهمة اعتماد نسب الحصص لكل طرف من اطراف الحوار ومنع اي نقاش او اعتراض حولها من قبل اعضاء اللجنة وانتهاكات اخرى لقرارات اللجنة الفنية ولوائح تنظيمها ويمثل تعديا صارخا على مهمام اساسية للجنة وتدخلا وقحا في شئونها وبما يميز بين اعضائها …الخ 

وبمعنى اخر لقد تحدثت الاستقالة بوضوح عن خروقات كبيرة وخطيرة تمس طبيعة ومهمة اللجنة نفسها ولا يصح لمن يحترم نفسه ومسئوليته من اعضاء اللجنة القبول بها او التغاضي عنها لانه ان عمل سيكون قد اسس لقواعد وتقاليد خاطئة جدا لسير اعمال مؤتمر الحوار الوطني المزمع عقده قريبا وبما يجعله مؤتمرا فئويا وشكليا والتفافيا بامتياز ولا علاقة له البتة بالحوار ولا باخراج اليمن من مازقها .

ما حملته الاستقالة من معان ودلالات خطير يفترض ان لا تمر بهدوء او مرور الكرام من قبل كل الاطراف المعنية وفي المقدمة شباب الثورة والمنظمات الحقوقية والصحافة والراي العام اليمني لانها من ناحية تمثل جرس انذار مبكر على خطورة سير الحوار الوطني باتجاه الفشل المحقق اولا ….
وتعبير صريح عن محاولة القوى التقليدية والمازومة والتي اوصلت البلاد الى ما تعيشه اليوم لمواصلة دورها التاريخي الخطير في تحويل القضايا الوطنية الكبرى التي تهم كل اليمنيين وكل فئاتهم الاجتماعية واحزابهم السياسية وتياراتهم الفكرية الى قضايا خاصة بها ..تتحكم بمسارها وتقصي او تتجاهل بقية فئات المجتمع الاخرى من المشاركة والشراكة في كل قضايا البلاد المصيرة ثانيا .

وهي من ناحية ثالثة مؤشرا خطيرا على حرص وداب القوى التقليدية على اخراج القوى والتيارات الجديدة التي مثلت راس حربة تفجير الثورة الشبابية اليمنية وقدمت تضحيات عزيزة في سبيلها و في سبيل التغيير الى الافضل 

وبمعنى اخر حرصها على اخراج المعادل الجديدفي السياسة اليمنية الذي يفترض ان الثورة قد اوجدته في الخارطة اليمنية من دائرة التاثير النسبي على القرار السياسي والوطني نهائيا مقابل تدعيم مراكز القوى القبلية والاصولية والعسكرية والحزبية بدماء وقوى اضافية وبما يعيد اليمن الى مربعها الاول من الازمة التي تفجرت ثورة وتم اعادتها عنوة الى مربع الازمة والتازيم المتعمد من جديد "وكانك يا بو زيد ما غزيت "

اما تجاهل اللجنة ورئيس الجمهورية للاستقالة (قبولا او رفضا)فهو دليل اخر وملموس على صحة الاستقالة اولا وعلى الموقف الاخلاقي والوطني السليم لاصحابها ثانيا .

التجاهل واللامبالاة تجاه استقالة عضوين فاعلين من اعضاء لجنة الحوار يعني فيما يعني بان الرئيس واعضاء اللجنة سيتعاملون مع كل من له راي مختلف داخل اللجنة وخارجها بنفس الطريقة من التجاهل وسنكتشف غدا بمن فينا من صمتوا او تواطوا على الصمت داخل اللجنة تجاه اعتراضات "ماجد ورضية "بانهم قد اكلوا يوم اكل الثور الابيض 

غير انني اخشى ان يكون الاكتشاف متاخرا وبعد ان يخلو المشهد اليمني من المكتشفين ومن وجودهم الديكوري ولم يعد فيه سوى نظام صالح القديم- الجديد بكل مكوناته ومنظوماته بما فيها المعارضة التقليدية الهشة وبما يجعل المؤتمر الوطني محطة من محطات الازمة لا محطة باتجاه انفراجها .

تحية اجلال واكبار للزميلين والاصديقين ماجد المدحجي ورضية المتوكل الذين اعادا الينا الامل في وجود اناس اسويا ويمتلكون المصداقية والشجاعة مع انفسهم ومع شعبهم وقادرين على ان يقولوا "لا" كبيرة وصحيحة وتبعث على الفخر والاعتزاز 

تحية لهما وهما يضحيان بكل اغراءات الاضواء والامكانات في سبيل عدم بيع ضمائرهما ومواقفهما كما يعمل للاسف اخرين وفي مواقع وميادين كثيرة وبابخس الاثمان.

*يبقى ان اقول بان هنالك وجهات نظر اخرى مخالفة للراي السابق في موضوع الاستقالة وبالذات لدى اعضاء اخرين نحترمهم ونحترم مواقفهم في اللجنة الفنية للحوار وانا اتفهمها فعلا 

غير ان المطلوب من هولاء تحديدا هو ان يقولوا اولا رايهم ويحددوا موقفهم من موضوع تجاهل الرئيس واعضاء اللجنة لكل اعترضات زميليهم "المذحجي – المتوكل " قبل ان يقدما على اعلان الاستقالة بعد اشهر من تعليقها دون رد او جواب لما تضمنته من اعتراضات وجيهة ومبررة تماما .

وعليهم ان يسالوا انفسهم ماذا لو ان من قدم الاستقالة من عضوية اللجنة هو الاستاذ عبد الوهاب الانسي او الدكتور ياسين سعيد نعمان والدكتور عبد الكريم الارياني او اخرين "اقل شانا منهم " في الخارطة القديمة ……هل كان يمكن التعامل معها بهذه الطريقة من التجاهل وكأن امرا لم يحدث ؟ 

اذا كان الجواب هو "لا" وهو كذلك فعلا فهذا يعني ان الاستقالة صحيحة وان اصحابها اناس محترمون ولا يقبلون لانفسهم ان يكونوا مجرد ديكورا او عبارة عن موظفين وكتاب محاضر يستلم كل واحد منهم "50الف ريال " كل يوم او في كل محضر يكتبه للاعضاء "السوبر" في اللجنة

زر الذهاب إلى الأعلى