فضاء حر

قراءة في روية الاصلاح للقضية الجنوبية:

يمنات

تمر أمتنا بظروف استثنائية وعصيبة أشبه ما يكون بمخاض عسير وهي امام خياران لا ثالث لهما من وجهة تقديري ،،فأما ان يأتي المولود الجديد مجسدا للتحول في ابهى صوره نقيا بريئا خاليا من تشوهات الماضي و نتاجا ته أو ان تتعسر الولادة فيموت الحامل والمحمول وهو مالا نرجوه جميعا .

لذلك يحتم علينا التعامل بمسئولية كبيرة تجاه هذه المرحلة وخصوصا حينما يتعلق الامر بأم القضايا الوطنية القضية الجنوبية اخطر العلل في الجسد اليمني ،،،،،وتقع المسؤولية بالدرجة الاولى على الاحزاب السياسية يلي ذلك النخب ومعها كل ابناء الوطن في شماله وجنوبه .

وبدوري سأحاول الغوص في سياقات الرؤية المقدمة من حزب التجمع اليمني للإصلاح حول القضية الجنوبية .

-اقتصرت الرؤية في شقها الاول على استعراض الطموحات والأهداف العظيمة التي ناضل من اجلها اليمنيون منذ ثلاثينيات القرن الماضي ملخصة ذلك في الدولة الوطنية المجسدة لإرادة اليمنيين وتطلعاتهم والمعبرة عن هوياتهم الوطنية ،دولة لا مركزية دولة المواطنة ،،،،وفي ذات السياق يبادر الى ذهن القارئ بان كل تلك الصراعات السياسية في الشمال او الجنوب كانت نضالات مشروعة في سبيل تحقيق هذه الغايات المشروعة وأغفلت الرؤية ذكر الادوار والأطراف والممارسات والنتائج والماّلات التي اعقبت ذلك ايجابا وسلبا .

-اشادت الرؤية في سياقها بدور الجنوبيون وأدوارهم الوطنية ،،،مع الاثناء على دور الجبهة القومية في توحيد الجنوب ووضع القضية الجنوبية في سياقها الوطني ،،،،وكالعادة اغفلت ما الذي جرى منذ تحرير الجنوب وحتى الوصول الى توحيد الجنوب واستعراض الادوار للقوى حينها ايجابا وسلبا .

تم وضع الرؤية وكتابتها بطريقة انشائية ولم تعمد الى منهجية علمية قائمة على البحث والتقصي التاريخي او الاسترجاع التاريخي او أي منهجية علمية معروفة .

اعتبرت الرؤية في سياق مضمونها ان تشخيص القضية الجنوبية والبحث عن جذورها لا يعني توجيه الاتهامات الى أي طرف ،،وفي هذا محاولة واضحة لحجب حقائق التاريخ وطمس احداثه وهذا عملا غير مسئول ومنافي لمفهوم البحث عن الجذور او دلالات التشخيص وتهرب صريح من حزب سياسي وطني يعول عليه في انجاح التغيير وتجاوز المرحلة كغيره من القوى السياسية الاخرى .

لم تشمل الرؤية أيا من اسباب اخفاقات الوحدة في اعوامها الثلاثة الاولى 90-93م كذلك مسببات الاحتراب بين طرفي الوحدة واكتفت بسرد ما بعد 94م فقط ،،،، وللعلم بان اعوام الوحدة الاولى هي جوهر القضية ويستلزم ذلك الكثير من البحث والتقصي لفهم طبيعة المشكلة تمهيدا لإنتاج المعالجات .

وفي الشق الاخير من الرؤية شملت اعترافا ضمنيا للعديد من المظالم التي لحقت بالجنوب ،،،وأشارت ضمنيا الى ان النظام السابق من يتحمل المسئولية معللة ذلك بانقضاضه على مضامين الشراكة الوطنية والمشروع الديمقراطي الوليد القائم على التعددية السياسية والحزبية ،،كما لوحت الى ان اخفاق فرقاء الجنوب في التوحد في ما بينهم ما اضعف الشراكة الوطنية ،،وأوردت الرؤية بان الجذر الاقتصادي للقضية الجنوبية تمثل في طبيعة النظام الذي كان قائما في الجنوب .

الرؤية لم تتطرق في سياق حيثياتها الى ايا من دور حزب الاصلاح في الصراعات السياسية واختزلت دوره كشاهد على كل ما جرى وحسب.
في المجمل الرؤية لم ترتقي في تعاطيها مع جوهر القضية الى ماكان المؤمل منها وتتعارض بشكل رئيسي وافقي مع مصطلح ودلالات التشخيص والبحث عن الجذور وإنها اقرب ما تكون الى ورقة عمل مقدمة في ورشة تدريبية وترسل مؤشرات مفادها ان التاريخ سيرحل الى المستقبل في الوقت الذي تستدعي فيها المرحلة محاكمة الماضي ودفنه ولا شك ان كل القوى السياسية مشتركة بشكل او بأخر في العديد من الصراعات ولا يمكن اعطاءها صكوك البراءة وان ادعت ذلك ..
الرؤية ليس فيها ضحايا ولا جلاد ولا غالب ولا مغلوب ،،لم تشير من قريب او بعيد الى ادوار الاطراف الرئيسة في الحرب ايجابا وسلبا وفي ذلك محاولة لمحو ذاكرة اليمنيين وتغييب الصراعات السياسية من تاريخ امتنا واعتمدت الى تصوير كل الصراعات الماضوية على انها بطولات وتضحيات كانت تهدف للوصول الى الغايات النبيلة .
وكمواطن يمني اشعر بالقلق الكبير من التعامل مع قضية محورية في مرحلة حساسة بمثل هكذا سطحية واستغفال متمنيا من كل الاطراف تحمل المسئولية بكل شجاعة وشرف ويكمن ذلك من خلال التقدم الى الامام وليس بالتراجع الى الخلف .
وفي ذات السياق كما استعرضنا رؤية الاصلاح فلابد لنا ان نستعرض بقية الرؤى المقدمة من الاحزاب والقوى الاخرى ولنا معكم حديث.

زر الذهاب إلى الأعلى