حوارات

عضو مؤتمر الحوار فهمي السقاف يكشف أسراراً حول اختفاء السييلي و سجون وأنفاق دار الرئاسة

يمنات – المصدر أونلاين

قال القيادي في الحراك الجنوبي فهمي السقاف عضو فريق العدالة الانتقالية وعضو مجموعة المخفيين قسراً عن قائمة الحراك في مؤتمر الحوار الوطني الشامل إن بعض أُسر ضحايا المخفيين قسراً أفادت بأن ذويها معتقلون في سجون وأنفاق سرية تحت مقر دار الرئاسة في منطقة النهدين بالعاصمة صنعاء.

وأوضح السقاف أن هنالك الكثير من الأسرار والغموض حول سجون وأنفاق دار الرئاسة، مطالباً الرئيس عبد ربه منصور هادي بتشكيل لجنة لتقصّي الحقائق حول هذه المعتقلات السرية.

وأشار السقاف، الذي كان يرأس (سابقاً) فرع التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري في محافظة عدن بالإضافة إلى عضوية اللجنة المركزية للتنظيم سابقاً أيضاً، إلى أن مجموعة المخفيين قسراً في فريق العدالة الانتقالية قامت بزيارات ميدانية إلى جهازي الأمن القومي والأمن السياسي لبحث ملف المخفيين قسراً، مشيراً إلى أن الفريق تلقى وعوداً من اللواء غالب القمش رئيس جهاز الأمن السياسي بالكشف عن رفاة الرئيس سالم ربيع علي وقيادات الإنقلاب الناصري.

وأشار السقاف إلى أن رئيس الأمن السياسي سمح لفريق المخفيين قسراً في لجنة العدالة الانتقالية بزيارة سجون الأمن السياسي غير أن جهاز الأمن القومي رفض قطعياً السماح لفريق العدالة الانتقالية بزيارة السجون التي لديه.

وقال إن العميد أحمد علي عبدالله صالح هو المسؤول عن اختفاء الشاب واصف مطر في مدينة عدن.

وكشف السقاف عن وجود صفقة بين نظام صالح ونظام الرئيس الإرتيري أسياسي أفورقي قضت بتسليم صالح منصر السييلي محافظ عدن الأسبق والقيادي البارز بجهاز أمن الدولة في الجنوب سابقاً، لافتاً إلى أن زوجه المناضل شعفل عمر علي ونجله جلال تم إخفاؤهما مع صالح السييلي، ولازال مصيرهما مجهولاً حتى الآن.

السقاف تحدث أيضاً عن نتائج الزيارات التي قام بها فريق المخفيين قسراً في لجنة العدالة الانتقالية بمؤتمر الحوار الوطني إلى أجهزة الاستخبارات، متطرقاً إلى الكثير من القضايا الهامة، وذلك في سياق الحوار التالي:

حاوره: حسين اللسواس

ما الذي تم انجازه حتى الآن في مجموعة المخفيين قسراً بلجنة العدالة الانتقالية؟

– بالنسبة للمخفيين قسراً أعتقد بأن أول إنجاز سجلناه كفريق عدالة انتقالية ومجموعة المخفيين قسراً كان أثناء ما طلبنا زيارة جهاز الأمن السياسي، فعند زيارتنا للأمن السياسي استقبلنا – طبعاً- القمش حق الاستقبال، وكان اللقاء متصفاً بالحفاوة من جانبه ومن جانب طاقم الأمن، الوكلاء وغيرهم، فكان طرحنا معه واضحاً ومحدداً في هذا الأمر، حيث تطرقنا أولاً إلى مسألة ضحايا الاختفاء القسري التي نريد أن نعرف ومن حق أسرهم أن تعرف أيضاً ما الذي حل بهم، وما الذي حصل لهم، وأين هم الآن، إن كانوا أحياء يجب أن يظهروا، وإن كانوا أمواتاً كيف ماتوا؟ خصوصاً وأن أسرهم لم تبلغ بمحاكمةٍ ما جرت لأحدهم، حيث أصبح مصيرهم مجهولاً من حينها.

ممن يتكون فريق المخفيين قسراً في لجنة العدالة الانتقالية؟

رئيس الفريق الدكتور عبده غالب العديني، والمقرر الأخ إسحاق أحمد إسحاق، وفي فريق المخفيين قسراً كل الأطياف موجودة، ويتكون – إن لم تخنِّي الذاكرة – من ثلاثة عشر عضواً من أعضاء فريق العدالة الانتقالية.

هل سيتم رفع تقرير بنتائج أعمال فريق المخفيين قسراً إلى لجنة العدالة الانتقالية والجلسة العامة لمؤتمر الحوار؟

أكيد التقرير الآن قيد الانجاز، ويتضمن مشاريع قرارات وتوصيات ستُرفع بالتأكيد، ونحن داخل محور العدالة الانتقالية لا توجد عندنا سابقة واحدة ستطرح على لجنة التوافق في مؤتمر الحوار. وحول تسمية المصالحة والعدالة الانتقالية فنحن نقول "لا"، العدالة تأتي أولاً، وبعدها تأتي المصالحة ثانياً، هذا هو الإشكال الوحيد الذي سيُرفع إلى لجنة التوافق، أما باقي القرارات والتوصيات فهي محل اتفاق كل الفرقاء الموجودين في محور العدالة الانتقالية وهذا شيء جميل جداً.

هنالك الكثير من الأسرار حول سجون وأنفاق دار الرئاسة ونطالب الرئيس بتشكيل لجنة تقصّي للحقائق.

ما الذي دار بينكم وبين اللواء القمش أثناء نزولكم الميداني إلى جهاز الأمن السياسي؟

ما أفادنا به القمش كان – حقيقةً- في منتهى الأهمية، أولاً أكد على الآتي: إن هذا الجهاز جهاز الأمن السياسي أو ما كان يعرف قبل الوحدة بجهاز الأمن الوطني، قال إنهم محتفظون بأرشيف هذا الجهاز منذ عام 1962، وإلى اللحظة، وحتى بعد أن رأوا أن هذا الأرشيف قد يتعرض لتهديد ما أو إلى التلف تم نقله إلى مكان آمن، ثم تمت إعادته مرة أخرى إلى الجهاز بعد ما هدأت الأمور، وهذا يدل على شعور عارم بالمسؤولية، فهذه بالنهاية ذاكرة بلد كيفما كانت تكون، هي ذاكرة وطن بكل ما تعنيه الكلمة. وفي اللقاء اعترف بأن أجهزة الأمن هذه كلها أحياناً ما تكون عبارة عن سلطة فوق السلطة نفسها لحماية وحفظ النظام، هذا أمر واقعي، فأجابنا بالآتي: اعطونا الكشوفات يا أخوة بأسماء المخفيين قسراً، بالإضافة إلى أي معلومات عندكم حول هذه الأسماء، يعني مثلاً عام الاختفاء أو غيرها من البيانات والتفاصيل، حتى تسهل علينا عملية البحث في الأرشيف، ونحن سنوافيكم بالمعلومات التي عندنا حولهم، وهذا أمر جيّد ورائع، وفعلاً تم إعداد كشف أولي قبل بعضة أيام، وجرى تسليمه إلى الأمن السياسي.

هل هنالك وعود تلقيتموها من قيادة الأمن السياسي؟

– تلقينا وعوداً بالكشف عن رفاة الرئيس سالم ربيع علي (سالمين) ورفاقه وفيصل عبداللطيف الشعبي، وكذلك قيادات التنظيم الناصري، وطلب منّا تسليم كشف…

(مقاطعة) تقصد قيادات الانقلاب الناصري في السبعينيات؟

نعم، عيسى محمد سيف ورفاقه، وطلب أن نوافيه بكشف بما تيسّر لنا من المعلومات، مثلاً: الاسم فلان بن فلان مخفي قسراً في عام كذا، وقال لنا: نحن سنطابق هذه المعلومات بالسجلات التي لدينا، ونقول لكم بالمعلومات التي لدينا، وهذه بادرة ايجابية حقاً، كما قلت لك في البداية، هذا أول انجاز حقيقي سجله مؤتمر الحوار وسجله محور العدالة الانتقالية.

هل تم إعداد الكشف بالأسماء؟

نعم، مسألة الكشف لدينا مجموعة أسماء، وتقدمنا بكشف أولي سنرفقه بكشف آخر وفقاً للكشوفات التي استلمتها من الدكتورة نادية شعفل عمر علي رئيسة فرع الرابطة في المحافظات الجنوبية ورئيسة المجموعة الجنوبية لضحايا الاختفاء القسري عام 1994، حيث زوّدتنا بكشف يتضمّن ما هو متاح من المعلومات، أيضاً نحن سنُعد كشفاً آخر بإسم مؤتمر الحوار وسنقدّمه إلى الأمن السياسي وأيضاً سنعمم هذا الكشف على الاستخبارات العسكرية؛ لأن من ضمن المخفيين قسراً شخصيات عسكرية، ونعممه أيضاً على وزارة الداخلية؛ لأن هنالك أيضاً أجهزة الأمن التابعة للوزارة ومخفيين قسراً من المدنيين..

جهاز الأمن القومي اعترف بأنه استُخدم من نظام صالح كأداة لتأجيج الصراع السياسي

وماذا عن المخفيين قسراً في جهاز الأمن القومي؟

سيتم تعميم هذا الكشف أيضاً على الأمن القومي، وعليهم أن يردوا بردود ويتحمّلوا مسؤولية ردودهم.

ملف المخفيين من ثورة الشباب

ماذا عن ملف المخفيين قسراً من ثورة الشباب؟

من العيب جداً ما حدث لشباب الثورة، بالفعل شيء مخزٍ ومزرٍ أن يبقى للثورة مخفيون قسراً.

أنا شخصياً علمت أن هنالك عشرات المخفيين قسراً من شباب الثورة، موجودون في أقبية جهاز الأمن القومي؟

هنالك زيارة قام بها بعض الأعضاء من محور العدالة الانتقالية إلى الأمن القومي…

ما الذي دار في هذه الزيارة؟

الأمن القومي اعترف بأشياء كثيرة، اعترف بأنه اعتقل الكثيرين تعسفياً، وأنه على استعداد للاعتذار عن ذلك، ونتمنّى أن يحدث هذا، اعترف أيضاً أنه استُخدم كأداة في تأجيج الصراع السياسي وهذا شيء رائع جداً، لكن أثناء طلب زيارة سجون الأمن القومي لم يوافقوا على هذا الطلب حتى اللحظة، لماذا إذا كانت سجون الأمن القومي هذه مبيضة لا يوجد أحد فيها ما الضير في أن يوافقوا ويسمحوا للفريق بزيارة هذه السجون؟ نحن عندما طلبنا من القمش ونحن معه في ذات المقابلة مع أنه كان يفترض أن نقدمها ضمن الطلب الرسمي لكي تصدر الموافقة، طلبنا منه بشكل مباشر أننا نريد أن نزور سجون الأمن السياسي.

(مقاطعة) هل وافق على زيارتكم للسجون؟

نعم وافق الرجل بدون أي تردد…

هل معنى هذا أنه لا يوجد لدى الأمن السياسي شيء لإخفائه؟

أبداً، قال لنا: والله لا يوجد لدينا غير معتقلي تنظيم القاعدة، وبالفعل أعطانا واحدا مرافقاً، وذهبنا لزيارة السجن.

ولكن لماذا رفض جهاز الأمن القومي أن تزوروا السجون التابعة له؟ هل كان مثلاً يريد تهريب السجناء من المعتقلات قبل أن تأتوا؟

ربّما (يضحك)… رفض، ومازال يرفض حتى اللحظة، قالوا مافيش عندنا غير هذا المعتقل، ولكن فلان وفلان هؤلاء كانوا لدينا في فيلا، وكأنهم كانوا ضيوفاً أو سياحاً عندهم، واضح أن هنالك سجوناً خارج إطار النظام والقانون، هذا الجهاز يجب أن يُصلح.

زيارة الفريق للأمن القومي

ما هي أبرز المحاور التي ناقشها الفريق أثناء نزوله الميداني إلى جهاز الأمن القومي؟ وهل التقى مع قيادة الجهاز؟

الدكتور الأحمدي حضر اللقاء، أنا شخصياً لم أكن ضمن الفريق الزائر للأمن القومي، ولكن التقرير الذي رُفع، أو محضر اللقاء الذي رُفع من قبل الأخوة من محور العدالة الانتقالية، اطلعت عليه واطلعت على تفاصيل كثيرة منهم، وهي – كما أرويها لك الآن – ولكن شيئا جميلاً أنهم اعترفوا بأنهم استُخدموا كأداة في تأجيج الصراع السياسي من قبل النظام السابق، واعترفوا أيضاً أنهم قاموا بالاعتقال تعسفياً، وأنهم سيعتذرون عن ذلك، نريد هذه الخطوات فعلاً وأن يُقدموا عليها على رؤوس الأشهاد، ويعتذروا أيضاً لمن أساءوا في حقهم من الاعتقال التعسفي، أهم شيء أن يرد لهم الاعتبار أولاً، هذا سيعطي بصيصاً من الأمل لدى الناس أن الأمور بالفعل آخذة في التحسّن، وأن هنالك خطواتٍ ليتم مأسسة الدولة حقاً.

تلقينا وعداً من رئيس جهاز الأمن السياسي بالكشف عن رُفاة الرئيس سالمين والقيادات الناصريين

ماذا عن المخفيين في الجنوب قبل حرب صيف 1994؟

فيما يتعلق بضحايا الاختفاء القسري في المحافظات الجنوبية، وتحديداً من قبل 94، قال لنا القمش: إن أرشيف جهاز أمن الدولة فيما كان يُعرف بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية تم اتلافه أو حرقه في عام 1990، أي مع الدخول في الوحدة، وهذا في واقع الأمر إشكال حقيقي، لكن مع ذلك أنا كان ردي عليه بالحرف الواحد: دعنا نسلّم جدلاً أن هذا قد حدث، لكن قادة الجهاز (جهاز أمن الدولة) مازالوا موجودين على قيد الحياة، وليس مثلما صالح السييلي المختفي قسراً، فمنهم من تناوبوا وتداولوا على قيادة جهاز أمن الدولة ومازالوا موجودين بل ومنهم من هم معنا في مؤتمر الحوار، أمثال الأخ أحمد مساعد حسين، ضُباط وكوادر جهاز أمن الدولة لازالوا موجودين، وكل واحد من هؤلاء بالتأكيد لديه في ذاكرته الشخصية معلومات عن بعض هؤلاء، على الأقل إذا لم يريدوا أن يدلوا بشهاداتهم أمام المؤتمر أو أمام أحد آخر فيمكن أن يدلوا بشهادة أمام زملائهم في الأمن السياسي أو أمام أي جهة تكون مشتركة ما بين محور العدالة الانتقالية وفريق الاختفاء القسري من جهة وجهاز الأمن من جهة أخرى، ويدلوا بما عندهم من معلومات، ويذهبوا إلى هذه الأسر التي طال انتظارها فعلاً لمعرفة مصير أبنائها، هذا جانب. الجانب الآخر، عندنا موضوع المخفيين قسراً في 1994، حيث حصلت حالات اختفاء قسري بعد 1994، من هؤلاء مثلاً ضباط ومدنيون ضمن ساعية (سفينة) تُدعى "عطية الرحمن" مالكها شخص صومالي، اسمه علي نور، هؤلاء الذين كانوا في السفينة جميعهم اختفوا، السفينة ومن عليها.

مصير صالح منصر السييلي

تقصد السفينة التي كانت تقل محافظ عدن الأسبق، والقيادي البارز في جهاز أمن الدولة صالح منصر السييلي؟

نعم، التي كان فيها السييلي، إضافة إلى كل من عليها. المعلومات عن هذا الأمر عندما طرقت هذا الموضوع داخل الأمن السياسي، ما قاله لي علي منصور رشيد نائب رئيس الجهاز إن البحر حينها كان في حالة هيجان ورياح وإلى آخره، وأن هذه السفينة كانت محمّلة، فتعرضت للتحطم، فقلت له إن هذه المعلومة لا تستقيم مع ما لدينا من معلومات، إذ أن بعض أسر الذين كانوا على متن هذه السفينة تواصلوا مع هيئة الموانئ في عدن حينها عندما راجت هذه الشائعة وسألوهم حول هذه الفترة التي غادرت فيها السفينة الميناء وسألوهم: هل سجلتم أي بلاغ لديكم أو استلمتم أي بلاغ من أي جهة كانت حول تحطم أي زورق أو قارب أو سفينة أو باخرة أو ما شابه؟ فكان رد هذه الجهات، وهم المعنيون بهذا الأمر أنهم لم يستلموا أي بلاغ يفيد بتحطم سفينة أو ساعية أو زورق، بمعنى أنهم غادروا الميناء بسلام، لكن بعض المعلومات لدينا حول هذا الأمر؛ معلومتان بينهما فارق وحيد، ألا وهو أن هذه السفينة أخذت بالتنسيق بين المخلوع صالح وأسياسي أفورقي حينها، وعقدت صفقة ما، والغرض من هذه الصفقة كان السعي إلى الأموال التي بحوزة السييلي، هذه المعلومات التي حصلنا عليها، ولكن في الحقيقة لا أستطيع أن أنفي أو أؤكد مسألة الأموال.

معنى هذا أن هنالك صفقة أُبرمت ما بين إريتريا ونظام صالح لتسليم صالح منصر السييلي، ومن معه؟

بالتأكيد، المعلومات التي لدينا تقول إنهم لم يدخلوا الأراضي الاريتيرية، وحسب هذه المعلومة تم إكراههم على العودة وتسليمهم لبعض القوى البحرية التي كانت موجودة بإنتظارهم، حيث جرى إقتيادهم إلى ميناء الحديدة، ومن هنالك اختفوا، المعلومة الأخرى تقول إنه تم إعادتهم من الموانئ الإريتيرية، وفي النهاية الأمر سيّان سواء دخلوا الموانئ الاريتيرية أو لم يدخلوا، في النهاية كان المصير واحداً، أنهم وصلوا إلى ميناء الحديدة واختفوا.

بعض أسر المخفيين أفادت بأن ذويها معتقلون في سجون سرية تحت مقر دار الرئاسة في صنعاء

ولكن المناضل شعفل عمر قال في تصريحات صحافية إن صالح منصر السييلي موجود في معتقل ما بين دار الرئاسة في صنعاء وما بين منطقة السبعين، أي في أنفاق الرئاسة تقريباً؟

طبعاً، أقول لك حاجة واحدة: هم لم يمسكوا بهم في الحديدة بالتأكيد، ولكن جلبوهم إلى صنعاء، لاحظ أن من على متن تلك الباخرة أو السفينة أو الساعية ليسوا يمنيين فقط بل فيهم نساء وأطفال ومدنيون صومال…

(مقاطعة) ومنهم زوجة شعفل عمر؟

نعم، منهم زوجة شعفل عمر ونجله أيضاً جلال، هذه المعلومات التي قالها شعفل؛ أنا أيضاً سمعتها من بعض أسر ضحايا الاختفاء القسري، وليسوا جنوبيين حتى بل فيهم من الشمال، يفيدون بأن ذويهم معتقلون في هذه الأنفاق أو هذه السجون السرية التي تحت مقر رئاسة الجمهورية. فإذا كان الرئيس عبدربه منصور هادي يعلم عن هذه الأنفاق شيئاً فأعتقد بأنه آن الأوان أن تنظف هذه الأنفاق وتشكيل لجنة من مؤتمر الحوار الوطني وممن يراه عبدربه ممن هم جديرون بالمهمة، وتُوكل إليهم هذه المهمة بالنزول إلى الأنفاق..

سجون وأنفاق دار الرئاسة

(مقاطعة) تقصد تشكيل لجنة لتقصّي الحقائق حول السجون والانفاق السرية تحت دار الرئاسة؟

نعم، لجنة تقصّي حقائق تتولّى فك طلاسم وألغاز هذه القضية، فعلاً يتعيّن على الأخ الرئيس أن يقوم بالأمر حقاً لمعرفة الحقائق حول هذه الأنفاق.

إبان ثورة الشباب تسرّبت معلومات تشير إلى أن نظام صالح كان يخشى من انكشاف أمر هذه الأنفاق والسجون السرية، وبالتالي ظهور الكثير من الأسرار، لذلك أقدم – فيما يبدو- على عمليات تصفية للمعتقلين في هذه الأنفاق؟

أنا شخصياً لا أستبعد حدوث هذه التصفية، ولكن لا يوجد شيء يمكنك أن تخفيه إلى الأبد، سنلتقط ذات يوم مصدراً ما يصحو ضميره ممن كانوا على علاقة بالأمر أو على مقربة منه، أو اشتغلوا حراسة أو حراساً على هؤلاء أو شاركوا وشاهدوا وكانوا شهود عيان بشكل أو بآخر أو وضعتهم ظروفهم ذات يوم أمام مهمة كهذه، سيتكلمون بالتأكيد. ولكن أنا أقصد أن الرد الذي تلقيناه من القمش حتى اللحظة كان إيجابياً، والرجل نفسه كان يشاطرنا الرغبة في أن نغلق ملف ضحايا الاختفاء القسري، والذين هم في الأساس ضحايا الصراعات السياسية، أو كانوا نتيجة طبيعية لهذه الصراعات السياسية الموجودة في البلاد، هذا الملف يجب أن يُغلق، ولكن بطريقة صحيحة.

أنا مثلاً في عدن التقيت الدكتورة نادية شعفل عمر علي، وهي رئيسة فرع رابطة أسر ضحايا الإختفاء القسري في عدن ورئيسة المجموعة الجنوبية لضحايا الإختفاء القسري (مجموعة 1994)، فعندما سألتها قدّمت لي الملف بما فيه من معلومات، وأنا أزعم أنني مع العزيز سامي غالب بدأنا في فتح هذا الملف وجمعنا معلومات منذ عام 1994، وتم فتح هذا الملف في مايو 2007 على صفحات "النداء"، وكانت الحملة الثانية التي نُفذت عبر رسم ضحايا الاختفاء القسري في شوارع صنعاء، هنا وصلتنا أسماء جديدة عن كثير من ضحايا الاختفاء القسري، فعندما تسأل أسر الضحايا، طبعاً، تريد أسر الضحايا أولاً كشف ومعرفة الحقيقة ماذا حل بذويهم؟ هذا حقهم الطبيعي، فيما بعد يأتي موضوع المصالحة أو الصفح أو الغُفران، لكن أن تقتل أبي وتريد منّي أن أسامحك هكذا دون أن تعترف لي بالحقيقة..

هنالك من يقول إن السجون السرية الموجودة في أنفاق رئاسة الجمهورية كانت تحت إشراف طارق محمد عبدالله صالح قائد الحرس الخاص سابقاً، ولم تعد مسؤولية الأمن السياسي؟

نظام بهذا الاستبداد، وبهذا الجور، لا استبعد أن لديهم أنفاقاً حتى تحت جبال صنعاء وليس فقط دار الرئاسة..

(مقاطعة)، تحت جبال النهدين مثلاً؟

والله لا أستبعدها حقاً، يعني من يختلف معه بالأقلام تأتي له سيارة وتجهزه، وإذا لم يختطفوه بسيارة حصل له اغتيال معنوي وتشويه سُمعة وغيرها، وهذه ممارسات جبل عليها النظام، ضحايا الاختفاء القسري هؤلاء طبعاً متى لو تلاحظ في جزء كبير منهم اختفوا في عهد علي عبدالله صالح، وتحديداً أول ما مسك مقاليد السلطة تخلص منهم واحداً بعد الآخر، مثلاً سلطان أمين القرشي وغيرهم كثير…

الأمن القومي اعترف بأنه قام باعتقالات تعسفية ونريد أن يعتذروا ويردوا الاعتبار للضحايا

سلطان القرشي هل كان قيادياً أو له علاقة بالعمل السياسي؟

كان قيادياً وواحداً من الذين أسسوا جهاز الأمن، اختفى وانتهى، يعني لا أنهم تُركوا للمحاكمة ولا أنهم أصدروا أحكاماً، بل أصبح مصيرهم معلقاً، المشكلة أيضاً أن هذه الأنفاق ربما تكون جُزءاً، وأيضاً السجون الخاصة التي تتبع شخصيات نافذة كبعض الضباط الكبار والمقربين من صالح، طبعاً نحن في فريق العدالة الانتقالية قابلنا الأخ رئيس مصلحة السجون عندما نزلنا إلى عدن وكان من حظنا أنه موجود، والتقينا به داخل سجن المنصورة، واستقبلنا الرجل…

تقصد رئيس مصلحة السجون في الجمهورية، وليس رئيس فرع عدن؟

نعم، في الجمهورية. هذا الرجل كان معنا في منتهى الانفتاح، كان منفتحاً حقاً وترك لدي في الحقيقة انطباعاً فيه قدر من التفاؤل. وقال إنه كان يجب أن تُكرّس هذه السجون لتكون مؤسسات عقابية تليق بالبشر.

وقبل أن نجلس وننبس ببنت شفة معه؛ قال لنا أريد أن أعرض عليكم تسجيل فيديو لمدة عشر دقائق عن واقع السجون في الجمهورية اليمنية. حيث عرضه علينا وأنا شخصياً أحب أن أشكره عبر صحيفتكم الغراء؛ لأنه بالفعل وجّهت إليه الشكر بعد أن انتهينا من إعداد هذا الجُهد الرائع الذي بذله بالفعل، سجل واقع السجون في هذا الفيديو كما هو، دون تزييف أو خداع، ومعترف بكل الواقع المزري والمأساوي الذي تعيشه السجون، وهذا أمر في الحقيقة يُشكر عليه، وكل الفريق الذي قام بإعداد هذا الجُهد. وحينها سألته: هل هنالك سجون خارج إطار النظام والقانون؟ فقال لي: نعم، وهذه هي المشكلة. يجب أن تنتهي هذه السجون وتبقى سجون واضحة ومحددة تخضع لإشراف وزارة الداخلية وتخضع لإشراف السلطة القضائية، لكن تبقى هذه السجون موجودة تحت سمع وبصر الدولة…

ألا تعتقد بأن القانون القديم لمصلحة السجون أضحى بحاجة إلى تعديلات؟

صحيح، أوافقك الرأي، هذا القانون بحاجة إلى تعديل..

لجان لتقصّي الحقائق

بالنسبة لكم في فريق المخفيين قسرياً ضمن لجنة العدالة الانتقالية، ما هي الخطوات القادمة التي تنوون القيام بها في ملف المخفيين قسراً؟

لدينا مقترحات شتّى سنتداولها مع الأخوة في مجموعة الاختفاء القسري، وكذا مع محور العدالة الانتقالية بشكل عام، فإما أن تُشكل لجنة تقصّي حقائق حول هذه المواضيع، ولجنة تقصّي حقائق جادة يعني من محور العدالة الإنتقالية ومن يراه فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي من قضاة وأكفاء ومنظمات مجتمع مدني…

ومنظمات خارجية أيضاً؟

نعم، ومنظمات دولية، هذه اللجنة تكون مهمتها فعلاً أن تُفتح أمامها كل المعلومات والملفات حول المخفيين قسراً، إذا كنا فعلاً ننشد عدالة انتقالية يجب أن ترتكز على بناء صحيح وسليم؛ ما لم فإن ثوب الأفعى تتجدد، أي أنه ستستمر معنا ظاهرة الاختفاء القسري. أنا أضرب لك مثالاً على …

(مقاطعة)، أيضاً لدينا المخفيون قسراً من ثورة الشباب السلمية؟

سآتيك إلى هذا الموضوع، أنا تكلمت مع القمش رئيس جهاز الأمن السياسي، وذكرته بالآتي: إنه في عام 2004 اختفى شاب عدني عشريني، وهو خارج بعد صلاة الفجر. حيث اعتاد أن يُمارس رياضة الجري في عدن، وهو طالب في كلية التربية أو الآداب – على ما اعتقد- واسمه واصف مطر، وقد كتبنا عن قصته حينها ونشرنا عنه، وعن اختفائه في صحيفة "النداء"، أيضاً صحيفة "الشورى" نشرت عن الأمر. فأثرت الموضوع مع القمش وقلت له بعد إثارة الصحف لموضوع واصف مطر تمت إثارته أيضاً داخل مجلس النواب من جانب بعض النواب، وتحمس الأعضاء للكشف عن مصير هذا الشاب. فاستبشرنا خيراً، لكن ما الذي حدث؟ ذهبوا إلى القمش رئيس جهاز الأمن السياسي وعرضوا عليه موضوع اختفاء الشاب مطر فطلب القمش منهم مهلة أسبوعين للتحرّي عن الموضوع، ومن ثم موافاتهم بمعلومات عن مصيره. وبالفعل حدث ذلك بعد أسبوعين، حيث أتوا إلى القمش فكان رد القمش تابعوا أحمد علي عبدالله صالح. موضوع هذا الشاب مع أحمد علي عبدالله صالح تابعوه…

معنى هذا أن الحرس الجمهوري سابقاً قام باختطافه؟

نعم، وحينها هؤلاء النواب – للأسف الشديد – كلهم بلعوا ألسنتهم، وعادوا إلى مقاعدهم (يضحك)…

هل هذا يعني أن أحمد علي عبد الله صالح كان سلطة لا يُعلى عليها؟

طبعاً، هي كانت سلطة الأب والابن والملك العضوض (يضحك).. نستبدل روح القدس بالملك العضوض، هذا هو الواقع الذي كان، واعتقد بأن البعض لم يستوعبوا بعد ما حدث، وعليهم أن يستوعبوا الحقيقة.

الاستعانة بمنظمات خارجية

هل يمكن الاستعانة بمنظمات خارجية في التحقيق بملف المخفيين قسراً كمنظمة "هيومن رايتس ووتش" أو المنظمات المعنية بحقوق الإنسان؟

أنا لا أجد ضيراً في ذلك حقاً، لأن هذه تعتبر قضية إنسانية بامتياز، الاختفاء القسري جريمة بكل معاييرها. هؤلاء الناس – أنا قلت لك- عشت سنين بين هذه الأسر عندما تطلع عن بعض القصص – مثلاً- تلك الشابة التي ربطت مستقبلها وزواجها بعودة الأخ أو الأب لكي تقبل بالعريس، أو ذلك الابن أو البنت التي جاءت بمستوى متفوّق وحصلت على الثانوية العامة، وتريد أن تواصل تعليمها، وعندها أحلام وطموحات لا حدود لها، ومن ثم اضطرت إلى البحث عن عمل لكي تعيل ما تبقى من أسرتها، هنالك أناس تهدم مستقبلهم، كذلك أيضاً هنالك حالات الترقّب والانتظار التي عشتها وشفتها أنا شخصياً معهم، مثلاً كان عندنا في المحافظات الجنوبية أتذكر ما أن يحل رمضان أو عيد فتكون أبصار الناس الذي لديهم أحباء مخفيون قسراً شاخصة وآذانهم تترقب طرقات باب في أول الليل أو في آخره لعلّ هذا الغائب أن يعود، لكن دون جدوى، إلى أن حصلت الوحدة. نفس الأمر أيضاً في الشمال، الناس كانوا يستبشرون خيراً بأنهم سيأتون ويتم الإفراج عنهم، ولكن أيضاً طال الانتظار دون أن يأتوا، ومازالت هذه الأسر قيد الانتظار حتى اللحظة.

قضية عبدالإله حيدر

هل قُمتم بزيارة إلى الصحفي عبد الإله حيدر في المعتقل، باعتباره من الذين اختطفوا قسراً؟

نعم، عبد الإله حيدر رجل لم يكسره السجن بل كسر سجانيه حقاً. وأنا شخصياً أتذكر عبارة قالها لي، أنا سألته يا صديقي تريد أن تقول شيئاً أو توصل رسالة ما؟ فقال لي: "الصحفي إما شاهد بالحق أو مشروع شهيد، الصحفي إما أن يجلس يطبّل ويزمّر ويزوّر ويزيّف الحقائق وهذا ليس عمل صحافة، وإما أن يقوم بنقل الشيء كما يراه أمامه، على الصحفيين أيضاً أن يمتلكوا الشجاعة لتحقيق ذلك". هذا جُزء مما قاله أو طرحه، فأتمنّى أن يُفك أسره قريباً.

يُقال إن الرئيس الأميركي باراك أوباما تدخل شخصياً لإيقاف تنفيذ قرارات الافراج عن عبدالإله حيدر؟

أكيد أن أمريكا لها علاقة بالأمر، حيث أصبحت قضيته شخصية مع باراك أوباما وهذه واحدة من الكوارث، وأنا والله كلي أمل أن يُفرج عن الزميل عبدالإله حيدر.

لاسيما وأن هنالك قراراتٍ سابقةً بالإفراج عنه؟

نعم، هنالك قرارات سابقة بالافراج عنه فعلاً، ولا خير فينا إن لم نمارس ضغوطاً لتنفيذ هذه القرارات حقاً، فعبد الإله يستحق فعلاً أن نتضامن معه.

النزول الميداني إلى الاستخبارات العسكرية

هل لدى مجموعة المخفيين قسراً خطط للنزول الميداني إلى أماكن أخرى لم تتم زيارتها؟

بالتأكيد، نحن وبعد الجلسة العامة ستكون لدينا خطط للنزول الميداني.

ما هي المؤسسات التي سيتم زيارتها؟

بالنسبة للجنة المخفيين قسراً نحن سنظل نلح بطلب النزول الميداني ومتابعة الأجهزة الأمنية بما فيها جهاز الاستخبارات العسكرية؛ لأن لدينا أيضاً مخفيين قسراً من العسكريين…

في الاستخبارات العسكرية؟

يفترض أن الاستخبارات العسكرية على اطلاع، أيش دورها إذا لم تعرف عن هؤلاء الذين ينتمون إلى المؤسسة العسكرية، يجب أن تعرف  أين مصيرهم. أنا سألت رئيس الاستخبارات العسكرية حينها وألححت في الطلب حول  المخفيين قسرياً في حرب 1994 بالضبط…

تقصد العميد مجاهد غشيم رئيس الاستخبارات السابق؟

لا، أقصد العميد اليافعي، الرئيس الجديد للاستخبارات، فقال: شكّلنا لجاناً، نحن نريد أن نعرف ما الذي وصلت إليه هذه اللجان، وما هي المعلومات التي توصلت إليها؟

هل شكلت الاستخبارات العسكرية لجاناً لمعرفة مصير المخفيين قسراً؟

نعم، الاستخبارات العسكرية شكّلت لجاناً لمعرفة مصير هؤلاء المخفيين، نريد أن نعرف ما الذي وصلت إليه هذه اللجان، أي معلومات لديها عن مصيرهم، أسر الضحايا تريد أن تعرف الحقيقة قبلنا، وهذا أمر من حقها.

هل ستقومون بزيارة إلى الاستخبارات العسكرية لمتابعة هذا الموضوع؟

بالتأكيد، سنطلب مقابلة، وسنلح حتى نحصل على رد أياً كان الرد، ولكن يجب أن يكون رداً مسؤولاً، وعليهم أن يتحمّلوا مسؤوليتهم، لن نكتفي بهذا في مسألة الاختفاء القسري بل سنصعّد الأمر على مستوى الداخل والخارج إلى أن نعرف مصير هؤلاء الناس، وتنتصر أسر الضحايا؛ ما ضاع حق وراءه مطالب، بالتأكيد.

التنسيق مع فريق الحقوق والحريات

هل يوجد هنالك تنسيق بينكم وبين فريق الحقوق والحُريات فيما يتعلق بملف المخفيين قسراً؟

حتى الآن لا يوجد تنسيق، ولكن بعض الزملاء مهتمون بهذا الأمر بشكل شخصي، وهم أصلاً ناشطون حقوقيون.

أي إضافات أخرى؛ أستاذ فهمي؟

شكراً جزيلاً لك ولصحيفة "المصدر" الغراء.

زر الذهاب إلى الأعلى