فضاء حر

عصابات مافوية مُتنكرة بزي رسمي

يمنات
في يمن الإيمان الطالباني- القاعدي، وحكمة تخليد الكذب، والزيف، والرياء، والطائفية والعنصرية، وسائر الشرور المدونة في قاموس الانسانية، يُعاني مُعظم سكان اليمن من غياب المواطنة، والعدل بفعل استيلاء طرف أقلي بقوة السلاح، على السلطة، ومصادرة الثروات ، والزام الاغلبية بنمط حكم عُصبوي- همجي، استحواذي مُتخلف، اختطف البلد، واحتكرها وابقاها رهينة تحت التهديد اليومي للسلاح والاحتكام له، على مسافة قرن من الزمن، ( منذ الاستقلال عن الاستعمار التركي)، وخلال هذه المساحة الزمنية الممتدة، لم تتخل هذة القوى عن أى جزء من عقليتها السلطوية، وثقافتها القبلية- الطائفية التمييزية- القذرة، والأمثلة على ذلك كثيرة تحتاج الى براميل من الاحبار، واطنان من الورق لتدوينها… فالاستهتار بحياة سكان الهضبة، والنظرة العنصرية- الدونية للمنطقة الساحلية، لم تقتصر على الانسان العادي وانما امتدت الى قامات سياسية، وثقافية واجتماعة، ولا نقول كان اخرهم احد الممثلين الصادقين والمخلصين في مجلس النواب- النائب الشجاع احمد سيف حاشد، الذي تعرض في بداية العام الجاري، لمحاولة اغتيال بشعة من قبل العصابات المافوية المتنكرة بزي رسمي..
ومنذ ذلك الحين والقضية تتعرض للتمييع المُتعمد، والمُماطلة والتسويف من قبل العصابات الحاكمة في جمهورية الفيد والغنيمة، لتسجيلها ضد مجهول كما جرت العادة في مناسبات عديدة، وكما كان متوقعا لم تأتي الادانة من كلاب حراسة ديوان الشيخ، وانما من الناطقين الرسميين باسم الانسانية، من الاتحاد البرلماني الدولي الذي ادان هذا العمل البربري بقوله (ان واقعة الاعتداء لم تكن مجرد هجوم، ولكن محاولة اغتيال للسيد حاشد، مدبرة من قبل مسؤولين رفيعي المستوى بمن فيهم وزير الداخلية ورئيس جهاز الامن المركزي )..
وغني عن القول ان النائب حاشد لم يكن معتصما ورفاقه، من اجل المطالبة بالافراج عن قتلة ومجرمين وارهابيين، او قطاع طرق ومهربين، أو تجار مخدرات، ولصوص مال عام وخاص، وانما للمطالبة بتنفيذ قرارات صادرة عن حكومة الصدفة التاريخية، متضمنة علاج جرحى الثورة الذي صعد هؤلاء المتسلقون الانتهازيون على دمائهم وجماجم رفاقهم، الى كراسي الحكم.
والحقيقة الصادمة ان عملية الشروع بالقتل تحمل دلالات عديدة موجهة الى الجماعات الجغرافية المدنية ، لإخراص اصواتهم المطالبة بأي حق من الحقوق، واجبارهم على ترديد لحن السمع والطاعة، فطول أمد الأستبداد، امدهم بيقين لا يتزعزع انه سيدوم الى الابد، ناهيك عن ان عنجهيتهم ونخيطهم وغرورهم، يقتات ويتغذى من ضعف البعض، مع ان الضعيف هو الغبي الذي لايعرف سر قوته، واستهتار البعض بمفهوم التضامن مما اغرى ويغري هذه الجماعات بالتمادي في وحشيتها والاستهتار بحياة الاخرين وحقوقهم، انطلاقا من ثقافة الاجداد والتي نجد صداها في مقولة للنعمان (كان عكفي الامام يقول للرعوي سأقتلك وادفع ثمنك بقشة، حيث كان يتم توزيع الدية على المعسكر واحيانا لايدفع القاتل اى شيء) ويبدو ان الاخلاص للماضي وتقديسه من قبل هذه القوى، تقتضي اعادة انتاج نظامهم الذي يتم توارثه كالصفات البيولوجية ويمكن تلمس تلك المحاولات من خلال:-.
1- القناعة التامة والقليل من الشك ان النية تتجه لإعادة انتاج النظام القبلي- الطائفي، وذلك من خلال اعادة ترتيب اوضاع الجيش ، والأمن بما يخدم القبائل المهيمنة على الضد من مصالح البلد ومعظم سكانه ( وللتدليل على ذلك هناك على سبيل المثال لا الحصر تلك الرسالة الموجهة من رئيس الوزراء الى وزير الدفاع… بتاريخ 11-3-2012 والمتضمنة التوجيه بتجنيد عشرة الف شخص… وهناك الآف تم تجنيدهم من قبل في الداخلية والدفاع والاجهزة الامنية الاخرى ناهيك عن الوظائف المدنية فحدث ولاحرج).
2- الابقاء على اجهزة الامن الإرهابية المتمرسة بترويع الرعية، وحراسة النظام القبلي- الطائفي الامتيازي القائم منذو قرن من الزمن ( الأمن اللاوطني- الأمن اللاقومي – الأمن المركزي ) مع ان تفكيك هذة الاجهزة ،هو الفارق بين ادعاء اسقاط النظام القبلي- الطائفي من عدمة.
3- العمل على افشال مؤتمر الحوار الوطني، اما بتجيير مخرجاتة لصالح القبيلة، أو التهديد باستخدام القوة كما جرت العادة مع وثيقة العهد والاتفاق. (وهذا ما دفع بالحراك الجنوبي للانسحاب من المؤتمر، وبالأخص ان القوى التي افشلت الوثيقة هي التي تعمل على تجيير مخرجات المؤتمر لصالحها، الم يصف منظر القبيلة الوثيقة بوثيقة الخيانة والتأمر والانفصال، ولعلة الان يبحث في مخيلته المريضة عن عبارة يرضي بها اسيادة ؟ ).
والحقيقة التي لا يمكن القفز عليها، أواخفائها بالأصابع المجردة في عالم اليوم، ان العدل-المواطنة هي المبررات الرئيسية لبقاء الأوطان موحدة، فاذا فُرض على الاغلبية كما في الحالة اليمنية خيارات لم يختاروها، صار من حقهم بل من واجبهم اعادة النظر في هذه الحياة القسرية، والتي لم تُبق حد ادنى من شروط العيش المشترك، سيما وان التحرر من الخوف هو الانجاز الوحيد والأكبر لثورة 11فبراير، والتي اثبتت بالملموس ان القوة مهما عتت لا تستطيع ان تبقي الميت على قيد الحياة..

زر الذهاب إلى الأعلى