فضاء حر

أصوات من الماضي القبيح

يمنات
شخصت الأنظار على مساحة عشرة أشهر ونيف على فندق موفمبيك وتفاوتت مشاعر المتابعين وتوقعاتهم بين متفائل ومتشائم..
و رغم كل المشاعر المتباينة، لن نُتهم بالمبالغة اذا قلنا انها التجربة الأولى في
التاريخ اليمني المعاصر، الذي يجلس فيها المتخاصمون جنبا الى جنب يتراشقون بالكلمات عوضا عن التراشق بالرصاص، والتي نأمل ان تؤسس لمرحلة سياسية جديدة، لاستعادة الثقة بالوطن والمستقبل، والولوج الى عالم السياسة بمعناها الأكاديمي، تبريد الصراعات وحل التناقضات بالطرق السلمية، وضرورة التعايش مع الخصوم وكبح جماح الاستئثار بالسلطة والثروة والقرار، وتدشين مرحلة ثقافة التسامح التي اختفت وتوارت تحت ضربات الثقافة الأصولية الخشنة والبغيضة، المعتصمة بالعقل البدائي الذي استقال منذ زمن عن المنطق وارتهن للخرافة والتدجيل، واعلن الحرب على البهجة والبسمة وعادى الاختلاف وعاند الابداع والفن، واثبتوا في اكثر من مناسبة انهم اعداء اشداء لفكرة المواطنة، والعدل الذي اعلن استقالته منذ قرون، ناهيك عن ممارسة الحريات الديمقراطية..
و الحقيقة التي لا يمكن القفز عليها ان هناك وعي مدني بداء في التبلور والانتشار ويمكن ملاحظة تجلياته في ثورة11فبراير الشعبية المطالبة بالحرية من حكم القبيلة والعسكر، والمُخبرين، وشيوخ الإرهاب، بعد قرون من القمع السياسي والأمني والحرمان الاقتصادي، فحجم التضحيات التي قُدمت اثبتت بالملموس ان معظم الناس يفضل الموت مع الحرية موتا مجيدا، على العيش في عبودية مذلة، كما انها عبرت بالإنسان اليمني من حالة الجمود المفروضة والبحث عن مكان تحت الشمس، لكن القوى التي حكمت البلاد بالعُرف القبلي والتجهيل والتنويم باسم الإسلام والعادات والتقاليد والأصالة وغيرها من المفردات الكلاسيكية الصدئة، تحن للعودة للنظام السابق نظام التسلط القبلي – الطائفي والقهر والظلم والتمييز بكل تفاصيله البشعة، لتأبيد اشكال السيطرة والوصاية القديمة وحكم الباطل والفُجُور، بعد التخلص من راس الهرم السلطوي، الذي اعلن على رؤوس الأشهاد استغنائه عن خدمة هذه الجماعات ووصفهم (بالمحارم الورقية)، وهذا ما نجده واضحا وجليا في الأصوات القبيحة القادمة من الماضي القريب، وتحديدا في حديث الناطق الرسمي باسم قوى التخلف والإرهاب وفي مناسبات عدة حيث نجد صدى ذلك بقوله (ان الدستور القائم هو الدستور الشرعي الذي يحكم بلادنا، وقد تم الاستفتاء عليه من قبل الشعب اليمني ..التغيير نت 20-7-2013)
وفي بيان اخر موجة للرئيس هادي طالبه فيه (بعدم التورط في اتخاذ قرارات باسم ابناء اليمن، تنقص شريعتهم او تمزق وحدتهم أو تدعوا الى فرض الوصاية الأجنبية عليهم وتخل بمصالحهم وثرواتهم، كما طالبة بالمحافظة على الدستور الحالي وعدم السماح للعبث فيه وعدم قبول أى تعديل فية.. التغيير17-1-201).. لنتوقف قليلا عند ماقاله شيخ التكفيريين، لتبيان تهافت أرائه واستغراقها في الوهم والخديعة وامتهان تعاطي الكذب حتى يصبح حقيقة قابلة للتعاطي على بركة الله ،والذي نجدة واضحا على النحو التالي:
1- مازال الكثير من الاحياء يتذكر الموقف الرافض لدستور دولة الوحدة المغدورة من قبل هذه الجماعات ووصفه بأبشع الأوصاف ومقاطعتهم التصويت علية ،وما يقصده طبعا دستورهم الذي تم تفصيله من قبل ترزية النظام فيما بعد على مقاس الدكتاتور وقبيلته وخدمة من تجار الدين، بعد الحرب على الوحدة الطوعية.
2- الشريعة التي يتم التباكي عليها لا تعني في نظرهم سواء استئثار القبيلة و المتأسلمين بالمناصب الحكومية، ورفع ممثليهم الى مصاف مصدر جميع السلطات بديلا عن الشعب، وشرعنة الفساد والإفساد والثراء غير المشروع، (ما ابشع واقذر ان ترى عبارة (هذا من فضل ربي) محفورة على قصور وممتلكات لصوص المال العام والخاص)، والتمتع بزواج القاصرات، واختزال مشاكل الناس في ثنائية حلال – حرام مع الحفاظ على كل المشاكل الحقيقية بعيدا عن المعالجة لأن علاجها يتطلب تدخل السماء في نظرهم، لأنهم ببساطة شديدة غير قادرين على الاجتهاد والتفكير والتبصر، ناهيك عن متاجرتهم بالأوهام وبيعها للفقراء الذين يعدونهم بالغناء في الأخرة بينما هم يختارون الاغتناء في الدنيا..
3- ابشع واوقح اشكال التدخلات هو تدخل شيوخ التخلف وشيوخ الإرهاب في كل صغيرة وكبيرة، باعتبارهم سفراء العناية الإلهية، وسفراء مملكة ال سعود الساهرين على خدمة مصالحها في اليمن، ناهيك عن مصالح الشركات والدول الأجنبية، وتجدر الإشارة هنا التذكير بما قالة مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق عن الجماعات المتأسلمة (انهم أنامل الله الذهبية الذين تقتل بهم امريكا اعداءها دون ان تلطخ اياديها بالدم)..
4- لم يعد سرا استئثار رموز القبيلة وتجار الدين بالموارد الاقتصادية للبلد واقامة راسمالية متوحشة، ناهيك عن التفريط بالثروات الوطنية لصالح الشركات الأجنبية مقابل عمولات لمراكز التسلط والنفوذ (اتفاقية الغاز انموذجا)….
5- ادعاء الحرص على الوحدة، لايمكن فهمه الا كونة نسخة من افلام الخيال العلمي، ونوع من المزيدات الوقحة والرخيصة بعد ان تم تدميرها في العقول والضمائر ليس على مستوى شمال- جنوب وانما على مستوى الشمال ايضا، وهذا ما نجدة واضحا في اكثر من مكان في طول البلاد وعرضها (حيث حذر أبناء مارب الرئيس من أى تصعيد عسكري للوضع لايخدم سوى القوى الناهبة في صنعاء..التغيير24-1-2014).. والواقع ان هناك كم هائل من الفواتير التاريخية المتراكمة (لا اقصد فواتير الخدمات المتراكمة بأرقام فلكية على اصحاب السلطة والنفوذ ) لم يتم سدادها، وفي مقدمها التحرر من ثقافة الانقلابات والمؤامرات الاقصائية والاستئصالية وسياسة الضرب تحت الحزام كما يقول مُنظريهم، والتي لم ولن تحصد البلد منها سواء مزيدا من انهار الدم والفقر والتخلف في شتى مجالات الحياة، والانتقال الى ترجمة مخرجات الحوار الوطني الى أعمال على الأرض..

زر الذهاب إلى الأعلى