فضاء حر

لا تمت يا صديقي

يمنات
“سنلتقي عند الصراط المستقيم” هكذا قالها زميلي عقيل العيسائي الذي يصارع المرض منذ مدة حيث يعاني التهابات وضمور في الكلى ومهدد بالفشل مما يجعله غير قادر على السير إلا بصعوبة.
أضاف صديقي “يمكن أبقى أدرس معاكم شهراً وإلا سنة أو سنتين بالكثير، ونفترق وسنلتقي في الجنة إن شاء الله” وكنت مندهشاً بهذه الكلمات الجريئة التي قالها لي دون أي مبالاة بالحياة.
رددت عليه “طيب بإمكانك أن تتعالج وتشفى من هذا المرض” وكان رده بمثابة من يعيدني إلى وعيي والى الواقع المر حيث قال “كيف بنتعالج والظروف الاقتصادية والمعيشية والمادية والنفسية والمعنوية صعبة، وما أستطيع أن أتعالج بشكل مستمر واحصل على دواء جيد وباستمرارية ليحد من التهاب الكلى، و يقيني من أي تهديد بالضمور أو الفشل الكلوي”.
تساءلت في نفسي: وما دخل الأوضاع الاقتصادية في العلاج الذي هو من أساسيات الحياة الضرورية الذي يمكن أن يحصل عليه أي مواطن في أي مستشفى عام، لماذا الأزمات السياسية والاقتصادية وغيرها تنعكس على أسس الحياة كالماء والطعام والصحة والتعليم ووو…الخ، التي تعد أسساً ثابتة لا يحق التخلي عنها وإهمالها أمام أعين جميع المواطنين!!
لماذا يسقط 3 أشخاص من مرضى الفشل الكلوى بالحديدة ضحايا توقف مركز الغسيل اثر إضراب الموظفين الذين لم يستلموا رواتبهم منذ 3 أشهر مضت، وبدون أي اهتمام؟!
العديد من الوفيات يسقط في مختلف المستشفيات الخاصة والعامة دون أي مبرر، ودون أي تحرك إنساني وأخلاقي من الجهات المسؤولة، ماذا سيحصل لو قامت الحكومة بتسيير مشاريعها بشكل اكبر نحو مراكز الغسيل الكلوي، ومراكز السكري والسرطان والقلب وبقية الأمراض المنتشرة بين الشعب اليمني بكثرة؟ والتي ستصب أخيراً في صحة المواطن، ذلك الإنسان الذي حرم من أدنى حقوقه الأساسية.
أليس الأحرى بالحكومة أن تقوم بوقف بعض الصفقات المشبوهة؟ كصفقات الغاز والصفقات التي تذهب إلى جيوب النافذين ومصلحة القبائل، والعديد من أشكال الفساد وتوجيه هكذا أموال نحو مشاريع أساسية وضرورية بالدرجة الأولى، مهما كان وضع البلد هشاً وفقيراً، أم أن ترى أن هذا الشعب قد تجلد من خلال تعوده على عدم حصوله على أبسط أسس العيش.
لماذا الإنسان اليمني ممتهن هكذا في ادني حقوقه، وأصبح الموت رخيصاً له وبالمجان أيضاً؟

زر الذهاب إلى الأعلى