فضاء حر

يشيبون قبل الحسم

يمنات
مأساة ثائر “قصة حقيقية” على اطلال ساحة التغيير التي لم يبارحها حتى الآن صادفته وبعد العناق سألني مازحا اين وديتم الثورة يا مشترك..؟ قلت له نقلت من هذا الشارع الرث الى فندق سبعة نجوم وهي مستمرة. رد بلباقته المعهودة: حوار الطرشان الذي يجري في “موفمبيك” تسميه ثورة.. قلت دعابة: يمكنك ان تسميها ثورة 11 موفمبيك.
البشاشة والحزم وملامح الاصرار المتأصلة في وجهه المسمر الكالح هي ما يدلك على هائل المحجري، ومن عرفه قبل انطلاق الثورة السلمية وصادفه الان قد لا يتعرف عليه لشدة التغيرات التي طرأت عليه.
اعوام المخاض الثوري الثلاثة كانت بطيئة الحركة وثقيلة الوطأة على الكثيرين جعلت من هائل مسن اشيب ستيني العمر وهو ذلك الشاب المتحفز الذي لم يتجاوز الاربعين عندما التحم برفاقه طلائع الثورة الذين خاضوا بركة الخنوع الراكدة واستنهضوا ارادة شعب..
ورغم العناء والمكابدة لايزال محتفظا برباط جأشه وعزيمته الثورية غير مكترث كما يبدو للدمار الذي الحقته به ثلاث ثقال تركت حوافرها ندوبا وخدوشا وكدمات في نفسه المثقلة بعثراته وتطلعات جيله.
هائل واحد من المنكوبين بالثورة وفرد من طابور المقصيين وظيفيا بدوافع سياسية سابقة لها، استنفد كل مدخراته وباع سيارته المتواضعة وبعض مقتنياته في ساحاتها بعد ان سدت الفرقة الاولى مصدر دخله بساتر ترابي تمترس خلفه افرادها واغلقوا محليه الصغيران وهما مغلقان حتى الان لعدم سداد الايجار، ارسل اسرته الى القرية قهرا وابتلي بمرض ابيه المقعد وبات محاصرا بأحكام قضائية وفارا من العدالة لتخلفه عن دفع إيجارات شقته ومحلاته، وله مع الثورة تفاصيل اخرى مأسوية.
الثوار المنكوبون بثباتهم الثوري ومبادئهم كثر.. وانصافهم من المنتفعين بالانتهازية والتزلف ايضا كثروا الركب في منتصف الطريق..

زر الذهاب إلى الأعلى