فضاء حر

رئيس جبهة انقاد الثورة رئيسا لمكافحة الفساد

يمنات
لاخلاف بشأن نجاح الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد في أداء مهامها في عهد علي عبدالله صالح، فقد كان الهدف من إنشائها هو الحصول على مساعدات وقروض كما أوضح ذلك رسميا مدير مكتب صالح حينها علي الانسي لدى إحالته اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد إلى مجلس النواب للمصادقة عليها حيث ربطها بمسالة الحصول على القروض والمساعدات. ولذلك لم يكن للهيئة علاقة بمكافحة الفساد فأدت مهمة إنشائها بامتياز، قبل أن تنطلق ثورة شبابية ضد الفساد والقمع.
أما الهيئة بقيادتها الحالية التي عينها الرئيس التوافقي عبده ربه منصور هادي، لاتزال في مفترق طرق تبحث عن وجهة ما، ولن أخوض فيها كثيرا، فقد تناولتها وسائل إعلام عديدة بانتقادات لاذعة، كما أن حديثي عنها قد يغضب أعضائها من موظف في الهيئة، وربما يصحو من غفوته القانون ويحيطني بتهمة نشر أسرارها، وحينها لن تتعثر قضيتي في النيابة كما تتعثر قضايا الفساد العامة.
وسأكتفي هنا بإيراد لقطة أعجبتني من مواطن رواها وهو في حال مضن من الفساد لدى حديث عن حكم المحكمة الإدارية بأمانة العاصة بإلغاء قرار رئيس الجمهورية بتعيين أعضاء الهيئة، حيث قال إن الرئيس عبدربه اشترك في برنامج إذاعي عام واهدى إلى قيادة الهيئة أغنية للفنان محمد عبده. قال المواطن والعهدة على الراوي إن الرئيس اهدى الأغنية لقيادة الهيئة ورددها عبر الأثير مع تغيير طفيف في كلماتها، بما يتناسب مع المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية حيث ردد على الهواء:
ما لي وما للناس ومالك وما للناس
أنا لما عينتك ما خذت رأي الناس
وبذكر مكافحة الفساد سأتحدث عن جهة شعبية ثورية بدت متفاعلة مع قضايا الفساد وهي جبهة إنقاذ الثورة التي يراسها البرلماني القاضي احمد سيف حاشد الذي نعرف انه من أوائل الحالمين الذين نزلوا إلى ساحات التغيير بحثا عن وطن حر للجميع، وما يزال ومن معه يواصلون فعلهم الثوري بأداء متجدد اهتم بمكافحة الفساد.
رفعت الجبهة إلى القضاء قضايا متعلقة بالفساد، وقدمت بلاغات أخرى لهيئة مكافحة الفساد، كما نشرت العديد من التقارير التي تناولت أداء مؤسسات رسمية في توجه للفت الأنظار نحو الفساد والدعوة إلى مكافحته.
وليس مبالغة اذا قلت إن الجبهة عملت اكثر مما عملته مؤسسات معنية بمكافحة الفساد بالنظر إلى إمكانياتها المحدودة، وهو أمر يعود إلى وجود عزم حقيقي وإرادة صلبة لمكافحة الفساد بعيدا عن حسابات المبادرة، وذلك ما ينقص المؤسسات الرسمية المعنية بمكافحة الفساد، بالرغم مما تمتلك من مقومات قانونية ومالية وبشرية لأداء دورها. وبإمكان أي صحفي مهتم أن يعقد مقارنة دقيقة وعلنية بين أداء الجبهة وسواها من مؤسسات رسمية معنية.
والسؤال هل يريد هادي ومن توافقوا عليه أن يكافحوا الفساد؟، أم انهم استمرأوا الاستمرار في تعيينات المحاصصة في مختلف مؤسسات الدولة لإعادة إنتاج النظام السابق الحالي بأسوأ صوره؟.
إن كانت هناك رغبة حقيقة لمكافحة الفساد فدعونا نفكر بشخصيات قادرة على هذا الفعل أمثال القاضي احمد سيف حاشد وسواه من شخصيات تعتبر مكافحة الفساد قضية حقيقة لها وليس مجرد وظيفة ومركز. وإن لم يكن ممكنا الالتفات إلى مثل هذه الشخصيات، فثمة طرق أخرى مناسبة من خلال دعم هذه التوجهات وتوسيع رقعتها لتقوم بدور إيجابي في مكافحة الفساد بدلا من الاكتفاء بصرف مليارات على مؤسسات إثمها اكثر من نفعها.
حين أتخيل أن احمد سيف حاشد رئيسا للهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، أو لجهاز آخر معني بمكافحة الفساد، ومعه فريق من المهتمين فعليا بمكافحة الفساد أمثال المحامي نجيب شرف على سبيل المثال، أتصور أن قضية مكافحة الفساد ستأخذ مسارا مختلفا عما ألفناه منذ سنوات.
كنت قد قدمت لقيادة الهيئة المعينة من الرئيس التوافقي في شهر سبتمبر الماضي ورقة مبسطة بمثابة مبادرة من موظف عن الأولويات التي ينبغي العمل عليها في الهيئة، أبرزها إعادة بناء البيت من الداخل بما يمكنها من السير بخطى مؤسسية واضحة وفعالة، خلافا لما ساد في سنوات ماضية، وهنا اشدد على الأمر ذاته، ولن نفقد الأمل، فربما تعطينا هذه القيادة الجديدة وسواها من قيادات الأجهزة المعنية بمكافحة الفساد مؤشرات إيجابية في المستقبل القريب، فتكون أنظارنا حينها موجهة إلى جبهة انقاد الثورة وسواها من الأطراف المجتمعية الفاعلة باعتبارها أطرافا مساعدة للأجهزة الرسمية، وليست أطرافا وحيدة في ميدان مكافحة الفساد.
نقلاً عن صحيفة الأولى

زر الذهاب إلى الأعلى