أخبار وتقارير

عن التضليل السياسي و الإعلامي للاخوان بعد ضعف رديفهم القبلي في عمران

يمنات – أبو نظمي
تحاول القوى التقليدية بشتى السبل بناء ساتر مدني وحضاري تخفي خلفه بشاعة ممارستها المدمرة لواحدية النسيج الاجتماعي والتعايش الثقافي والتآلف السياسي القائم – هذا الأخير – على ضرورة تغليب مصلحة الوطن فوق المصالح الفئوية والحزبية الضيقة.. فهي تتبنى عبر وسائلها الإعلامية خطاباً يسير في خط معاكس لخط أدائها في الواقع العملي من خلال خطاب إعلامي داع إلى المدنية وتحقيق دولة المؤسسات ونبذ العنف وإرساء دعائم التآلف والتعايش والمحبة والسلام وضرورة سحب سلاح الجماعات والمليشيات وفرض سيادة الدولة، في حين خط أدائها السياسي والعملي على الواقع يسير باتجاه نسف كل تلك القيم السامية والنبيلة في تقية خطيرة وخبيثة كثيراً ما تسفهها وتدعو إلى رفضها مراجعها الثقافية والعقدية ووثائقها السياسية وفي استغفال وقح أو استغباءٍ أوقح للوعي الاجتماعي الذي تراكم عبر عقود ممارساتها الهادفة إلى تصفية الساحة السياسية والثقافية من كل وعي أو رأي مغاير لوعيها الثقافي الناهل من كدر الطائفية المنتنة ورؤاها السياسية المفعمة بل والطافحة بعفن الحقد والكراهية للآخر والسعي بشتى السبل غير المشروعة لإقصائه بل وسحقه إن أمكن لتغييبه تماماً عن المشهد الثقافي والسياسي تحقيقاً لهدف مركزي وأساس تعمل على تحقيقه يقوم على فرز المجتمع وقواه الثقافية والسياسية إلى فسطاطين (مصطلح مقتبس من قدوة الجماعة وداعمها أسامة بن لادن).
اعتماداً على المنهل الثقافي والمشرب السياسي والذي يتم على أساسه أداؤها لمبدأ الإخلاء والإحلال في كل مرافق ومؤسسات الدولة..
خطاب القوى التقليدية برؤوس مثلثها الإخوان – زعامات قبلية – مراكز قوى عسكرية، خطاب مضلل للوعي، مزيف لحقائق الواقع، استدعائي لمواقف محلية وإقليمية ودولية بهدف تعزيز قدرتها المحققة لمراميتها الوصولية وتخفيف درجة الحكم عليها كقوى أصولية منتجة لجماعات التطرف والإرهاب التي سفكت دماء الاشتراكيين وليبراليين مستقلين وعسكريين متنورين وأشعلت حروباً مدمرة في أبين وصعدة أزهقت خلالها أرواح الآلاف من الأبرياء رجالاً ونساءً وشيوخاً وأطفالاً ناهيك عن منازل ومزارع المواطنين.
إن مسيرة السلام المزعوم التي سيرها الإخوان وحلفاؤهم السياسيون والقبليون ليست سوى محاولة لذر الرماد على العيون ومحاولة بائسة لالتقاط خطأ قد يقع فيه الآخر لاستغلاله سياسياً وإعلامياً.. لتبرير الإقدام على تفجير الوضع مجدداً في عمران وصعدة ومناطق أخرى في محاولة جديدة لجر الجيش إلى مربع الحروب العبثية التي لا هدف لها سوى القضاء على الآخر وبالتالي العمل أثناء المعركة على استقطاب قادة عسكريين والتخلص من آخرين بذرائع الخيانة والإهمال والتساهل في أداء الواجب وصولاً إلى السيطرة الكاملة على كل وحدات الجيش بل ومركز قيادتها منصب وزير الدفاع الذي يتعرض لحملة يقودها الإخوان في الأوساط الجماهيرية تارة باتهامه بالتقصير وتارة بتسخير الوحدات لمصالح اقتصادية شخصية.. وهكذا دواليك بهدف تكوين رأي ضاغط عليه لتطويعه أو التمهيد لإقالته أو إحلال بديل عنه في حال تشكيل حكومة جديدة قبل أو بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة..
لقد غاب السلام ومسيراته الإخوانية في كل الحروب التي شهدها الوطن والتي كان الإخوان المفجر الأول لها ومليشياتهم الحزبية والقبلية تتصدر أنساقها القتالية المتقدمة ومنها حروب المناطق الوسطى وحرب 94 وحروب صعدة الأولى وصولاً إلى حصار صعدة وشن الحرب عليها مؤخر في نسق واحد مع مليشيات آل الأحمر والسلفيين وأنصار الشريعة ثم حرب عمران وأرحب وهمدان.. في كل تلك الحرب لم يسير الإخوان مسيرة للسلام ولم تستشعر ضمائرهم أدنى تأنيب لكل تلك الدماء التي أريقت والأرواح التي أزهقت والأحياء والقرى التي دمرت، ذلك لأن الجيش كان كثير منه تحت سيطرة حلفائهم الاستراتيجيين، وجزء لا بأس به من الوعي الجماهيري واقع تحت تأثير المنابر والفتاوى الجهادية والتكفيرية ناهيك عن وسائلهم الإعلامية وخضوع التعليم برمته لوصايتهم التي انحرفت بوعي الكثير من الشباب عن حقيقة الدين ومبادئه العظيمة المتعلقة بالوطن والمواطن والتعايش والسلام.
إن مسيرة السلام لم تأتِ إلا نتيجة لضعف الرديف القبلي للإخوان وعدم جدوى ضغطهم على الجيش واستدراجه لتنفيذ مهام ليست ضمن مصفوفة مهامه الوطنية وعجزهم عن تشكيل قناعة لدى الرأي العام بأن الآخر خطر ماحق وشر مستطير على الدين والوطن يجب محوه من الوجود، وبالتالي تبدل كثير من المواقف الإقليمية والدولية إزاء تنظيم الإخوان وإدراجه ضمن قوائم الإرهاب لدول كثيرة إقليمية ودولية نظراً لانكشاف توجهه بشقيه النظري والعملي.

زر الذهاب إلى الأعلى