فضاء حر

عن أنصار الله

يمنات
شكرا لكم “أنصار الله” على هذه اللوحة السلمية الرائعة..
معركتكم لتثبيت أقدامكم في العملية السياسية والعمل السلمي، وإثبات حقكم، كتيار، في تمثيل مطالب الناس وحمل همومهم؛ هي معركة أكثر أهمية، وأصعب مهمةً، من كل معارك السلاح التي خضتموها حتى الآن..
ومواكبة من قِبَلي لهذه الأهمية؛ لدي ما أقوله لكم وعليكم، على أن بإمكانكم المجازفة واعتبار الأمرين “لكم”:
……….
الرعب الذي يرسله حشد سلمي، إلى أكثر من عنوان، وعلى النحو الذي رأيناه اليوم، سيجعل كثيرين يتعاملون مع سلميتكم بنفس الخطاب التخويفي، وبذات اللغة التحقيرية ، لكنهم بذلك يكشفون عن عقم أدمغتهم، ويكفيهم أنهم لا يستقطبون غير الشفقة حين يدعونكم إلى العمل السلمي، طوال عشر سنوات، حتى إذا دخلتم غمار السلم، ولجأتم إلى الاعتصام والتظاهر؛ أدانوا سلميتكم وشككوا في نواياكم وطعنوا في وجاهة المبرر المطلبي و “الوطني” الذي أخرجكم إلى الشوارع والساحات.
…………
لاتصرفوا الكثير من الوقت، بل لا تصرفوا أي وقت، في الاهتمام بمايقوله هؤلاء، فلو كان لديهم بقية من إحساس تجاه المنطق لقدروا كثيرا كونهم حين تخطرون في بالهم لا يبادرون إلى تحسس رقابهم أو وضع أكفهم على أعضائهم التناسلية.
نعم؛ أنتم لستم “داعش”.. أنتم تعبير أمين عن مجتمعكم اليمني بتدينه الشعبي، وعن مجتمعكم الأصغر داخل المجتمع الأم، بعقائده الموروثة.
تدينكم هو تدين اليمن بأنماطه المعروفة في التاريخ، وعقائدكم هي عقائد جزء من المجتمع اليمني، بعمقها في التاريخ أيضا، وبمايستقيم منها مع العصر وما لايستقيم.
بتخلفكم أو برقيكم؛ أنتم جزء من تخلف أو رقي هذا المجتمع. ومن يحتقرون مجتمعهم لظروف تخلفه معرفيا او سياسيا؛ فإنهم أخف من أن يأبه لهم مجتمعهم.. من الأساس.
لستم “داعش”، ولستم نسخة من أي تفريع على “القاعدة” أكانت “داعش” أو كانت “طالبان”.
وإن كان من مشكلات بعض أفكاركم الدينية أفكار ساذجة كتحريم الغناء، وفرض رقابة على أخلاق الناس، وذلك ليس بالأمر الذي يمكن التقليل من خطورته؛ إلا أن ذلك كله لن يصمد، ولن تصمدوا عليه طويلا، وسينتصر فيه الناس وحريات الناس، عليكم في نهاية المطاف، كما انتصروا من قبل على حركات أكثر تشددا منكم.
إنها بصيغة أخرى أكثر معارككم خسرانا، لذلك لا خوف، الخوف كله على منطق من يتعامل معكم، في التعريف أو في الهجاء، كما يتعامل مع جماعات بربرية تختن إجباريا للشيوخ والعجائز، و تقيم لنساء ورجال مخالفيها أسواقا لبيعهم كرقيق؛ في عصر تحتفي فيه الشعوب والأمم بالمختلف والمغاير، أكثر من احتفائها بنفسها.
………
امضوا فوق غبار ذلك العته العدائي كله ولا تلتفتوا له، لكن لا تبادلوا الاحتقار باحتقار والإقصاء بإقصاء، ولا يأخذكم الغرور بالكثرة والقوة إلى حيث أخذ أحزابا وتيارات قبلكم، رغم أنها كانت أكثر منكم قوة، وأوسع شعبية.
………..
اذهبوا قدما في خيارات الشراكة و السلم والسياسة.
حددوا بدائلكم في الشأن الاقتصادي، في شأن “الجرعة”، وفي مختلف شؤون إدارة أوضاع البلد، راعوا الشراكات الوطنية ومزقوا عن جسدكم كل ثوب طائفي يخلعه عليكم خصومكم حينا وتساهلكم حينا آخر.
………..
راعوا أدوات السياسة، وحسابات الممكن وغير الممكن، ولاتحشروا الأطراف المقابلة في زاوية فتشعروهم أنهم وسط معركة “كرامة” أو معركة “حياة أوموت”.
أتركوا لهم خطوطا للعودة، فإن اقتربوا من صوت الناس، وتواضعوا لشعبهم، وإلا فضرب الرقاب، مجازا بالتصعيد السلمي والسلمي فقط، لا حقيقةً بالعنف أوبالسلاح والنار.
………
يمكن لسلميتكم، ولهذه السيول البشرية من جماهيركم، أن تكون صمام أمان البلاد من انهيار “السياسة” والسقوط في “الفوضى”، ويمكن لها في حال أخطأ حسابٌ هنا، أو تقديرٌ هناك، أن تتحول لسبب من أسباب الانهيار، خصوصا وأنتم تتعاملون مع خصم عدمي مستعد، لو احترقت البلد، أن يسكب الزيت على الحريق، وأن يخربها ويقعد على تلة الخراب.
السياسة غوص في مياه عميقة، والنفس الطويل شرط لها، وإن كان الماسك أمامك على الزناد، واضعا فوهة مسدسه على رأس الوطن، فإن الفرق بينك وبينه في المسؤولية عن حياة الرهينة، يكاد يكون أرهف من شعرة… ليس عليك أن تخضع لابتزازه لكن على حركتك أن تكون أكثر رشاقة من رشاقة أصبعه.. المرتعش بالتأكيد.
من حائط الكاتب على الفيس بوك

زر الذهاب إلى الأعلى