أخبار وتقارير

وزيرة حقوق الانسان تفتح حسابات جارية لدى بنوك خاصة بالمخالفة لأحكام القانون المالي النافذ و تدع مبالغ في حساب غير قانوني

يمنات – الشارع هاني الجنيد
فساد مالي، فساد إداري، محاباة، تعيينات، إقصاء، تهميش، محاكم، سجون، تعنت، انتقامات، انتهاكات، مصادرة للحقوق والحريات، تكميم للأفواه، استغناء عن موظفين رسميين والتعاقد مع آخرين، إيداع مبالغ في بنوك خاصة بالمخالفة للقانون؛ وما خفي كان أعظم.
كل هذه الممارسات والتجاوزات وغيرها ترتكبها وزيرة حقوق الإنسان، السيدة حورية مشهور، منذ جلوسها على كرسي الوزارة في نهاية العام 2011، وأدت إلى اندلاع احتجاجات مستمرة ضدها وضد الفاسدين في وزارتها من قبل نقابة الموظفين. وبسببها، تم نقل عمل رئيس النقابة بدون علمه إلى وزارة التربية، واعتقاله مع اثنين من الموظفين لمدة 15 يوماً.
استطاعت صحيفة “الشارع” أن تحصل على مجموعة من الوثائق والمستندات الرسمية، التي تثبت صحة ما يحدث من فساد شامل في وزارة حقوق الإنسان. وسوف نقوم بنشرها على حلقات. ونبدأ اليوم بنشر الحلقة الأولى التي نكشف فيها عن الحسابات البنكية غير القانونية.
الفساد المالي الحاصل في وزارة حقوق الإنسان كبير جداً، وربما أن التوصيف المناسب والدقيق لهذا الفساد الحاصل هو استخدام تلك العبارة الشائعة: “حدث ولا حرج”؛ لأن السيدة الوزيرة، من خلال تصرفاتها غير المسؤولة، تريد أن تقول للجميع ألا شيء يعنيها.
تتحدث وثيقة فساد عن (30 ألف دولار أمريكي) منحتها الشركة اليمنية للغاز الطبيعي إلى وزارة حقوق الإنسان؛ حيث أكدت الوزيرة حورية مشهور لشركة الغاز أنها استلمت هذا المبلغ يوم الأحد الموافق 4/5/2014، وقالت إن هذا المبلغ سيتم توظيفه في تنفيذ الأنشطة والفعاليات التي تقع ضمن أولويات العمل الحقوقي الإنساني.
وقد يكون من الصعب علينا أن نكتشف بسهولة عملية الفساد في هذه الوثيقة، الصادرة بتاريخ 8 مايو 2014، لأن جميع الاجراءات فيها تبدو سليمة؛ لكن إذا ما فكرنا أن مبلغ ال(30 ألف دولار) ما هو إلا من شركة واحدة فقط، فسوف نصل إلى نتيجة أن هناك عشرات الشركات تدفع مثل هذه المبالغ وربما أكثر منها، ناهيك عما تحصل عليه الوزارة من دعم مالي من قبل الجهات والمنظمات الدولية المانحة، ولا يعرف أحد أين تذهب.
ونحن، حقيقة، لا نستطيع أن نثبت أن هناك شركات أخرى غير شركة الغاز قامت بدفع مبالغ مالية لدعم أنشطة وفعاليات وزارة حقوق الإنسان؛ لكننا نستطيع أن نثبت بالوثائق أن الوزيرة، حورية مشهور، قامت بإيداع ال(30 ألف دولار) المقدمة من شركة الغاز في حساب غير قانوني يحمل رقم (327170) لدى أحد البنوك الخاصة.
ونستطيع أيضاً إثبات أن الوزيرة حورية مشهور أقدمت على هذا الأمر وهي تعلم علم اليقين أنه يعد مخالفة صريحة وتجاوزا واضحا للمادة رقم “44” من القانون المالي رقم “8” لسنة 1990؛ حيث أن هذه المادة تحظر على الجهات الحكومية فتح أي حسابات لها في أي بنك من البنوك غير البنك المركزي اليمني، وتحظر أيضاً على البنك المركزي فتح أي حساب لأي جهة من هذه الجهات دون موافقة مسبقة من وزارة المالية.
لكن الوزيرة حورية ضربت بهذا القانون المالي رقم “8” على حائط وزارة المالية، وضربت بمادته “44” على حائط البنك المركزي اليمني، وضربت بتحذيرات وزير المالية على حائط وزارة حقوق الانسان التي تقودها، وذهبت لتودع مبلغ ال(30 ألف دولار) خلف حائط خزانة بنك خاص اسمه “بنك اليمن الدولي”، وهذا ما جاء في مذكرة السيدة الوزيرة التي بعثتها بتاريخ 19/5/2014 إلى “الإخوة المحترمين في بنك اليمن الدولي”، وطلبت منهم إضافة هذا المبلغ إلى حساب رقم (327170) لديهم.
طلب الوزيرة حورية في مذكرتها من بنك اليمن الدولي ب”إضافة” المبلغ إلى الحساب رقم (327170) هو أمر يبعث على الريبة، ويشير إلى أن هناك الكثير من المبالغ والمنح المالية التي يلتهمها بطن هذا الحساب البنكي؛ ومن يدري، فربما قد يكون هذا الحساب ما هو إلا واحد من حسابات بنكية أخرى كثيرة لدى هذا البنك أو لدى غيره من البنوك الخاصة.
تؤكد الوثائق التي بين أيدينا أن هذه ليست هي المرة الأولى التي تنتهك فيها السيدة حورية مشهور القانون المالي لسنة 90 وتقوم بإيداع مبالغ مالية لدى بنك اليمن الدولي؛ وإنما هي المرة الثالثة، وربما قد لا تكون الثالثة ولا الرابعة ولا حتى العاشرة، بل أكثر من ذلك؛ لكن عملية فضح هذا الشيء يحتاج إلى وثائق، ونحن لم نحصل إلا على ما يؤكد تورطها في ثلاث مخالفات.
وزير المالية السابق، صخر الوجيه، بعث في تاريخ 3/9/2013 بمذكرة إلى وزيرة حقوق الإنسان، حورية مشهور، جاء فيها: ” تبين لوزارة المالية قيام وزارة حقوق الإنسان بفتح حسابات جارية لدى بنوك خاصة بالمخالفة لأحكام المادة رقم (44) من اللائحة التنفيذية للقانون المالي رقم (8) لسنة 1990″.
وسرد وزير المالية في مذكرته نص المادة رقم (44) التي تحظر على الجهات الحكومية فتح حسابات في بنوك غير البنك المركزي اليمني، وأكد على وزيرة حقوق الانسان بضرورة الالتزام بأحكام القانون المالي رقم (8) ولائحته التنفيذية وتعديلاتها وعدم فتح أي حسابات جارية لدى أي بنوك خاصة.
لكن الوزيرة حورية لم تعر هذا الأمر أدنى اهتام واستمرت بإيداع مبالغ في بنوك خاصة، وهو ما تثبته الوثائق التي تخص مبلغ ال(30 ألف دولار) بتاريخ 19/5/2014، وقبلها شكوى مدير الحسابات بوزارة حقوق الإنسان، إلى وزير المالية في 29/12/2013، عن قيام الوزيرة بسحب مبلغ مالي وقدره ثمانية ملايين ريال من الحساب الجاري بالوزارة إلى حساب خاص في بنك اليمن الدولي.
وكان مدير عام الشؤون المالية بوزارة حقوق الإنسان، قد رفع في 20/7/2013 بعرض إلى الوزيرة حورية مشهور تحدث فيه أن قيامها بفتح حساب باسم المشروع الدنماركي لدى بنك اليمن الدولي، دون الرجوع إلى وزارة المالية، يعد مخالفا للقانون، موضحا أن المبالغ التي ستصرف من هذا الحساب لن يتضمنها الحساب الختامي للوزارة.
وذكر مدير عام الشؤون المالية الوزيرة بتوجيهاتها القاضية بإشراك الشؤون المالية في جميع المنح والمشاريع عندما سبق لممثلي المالية أن طالبوها “بضرورة فتح حساب لأي مشاريع طرف البنك المركزي اليمني بموجب موافقة مسبقة من وزير المالية، حتى يتم الإشراف عليها وتضمينا في الحساب الختامي وفقاً للنظام”.
ردت الوزيرة حورية مشهور على عرض مدير الشئون المالية بالقول: “بالنظر إلى المشكلات التي رافقت تنفيذ المشاريع السابقة، بالرغم من ضعف حجم الدعم ووفقا للاتفاق مع المانحين لتلك المشاريع، فقد تم فتح حساب في بنك اليمن الدولي، وسوف يتم موافاتكم بتقارير مالية وافية”.
من جانبه، رفع مدير الحسابات بوزارة حقوق الانسان، إلى وزير المالية بمذكرة في تاريخ 29/12/2013، تحدث فيها عن تصرفات الوزيرة حورية مشهور، وارتكابها لعدد من المخالفات، وكشف في هذه المذكرة عن قيام الوزيرة بسحب مبلغ مالي وقدره (8000000) ثمانية ملايين ريال من الحساب الجاري بالوزارة إلى حساب خاص طرف بنك اليمن الدولي.
هناك أيضاً قضية ثالثة رفعها عدد من موظفي وزارة حقوق الإنسان أمام نيابة الأموال العامة الثانية، المختصة بقضايا الفساد، عن قيام الوزيرة حورية مشهور بإيداع مبلغ قدره (8015469) لدى حساب الوزارة في بنك اليمن الدولي، لكن النيابة أصدرت في 12/2/2014، قرارا بأنه لا وجه لإقامة الدعوى، وبرأ الوزيرة من التهمة.
واستندت النيابة في قرارها هذا على مذكرة كبير مسؤولي البرامج في مكتب الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الصادرة في تاريخ 27 يوليو 2013، والذي أوضح أن مفوضية اللاجئين أرسلت المبلغ بالخطأ إلى حساب الوزارة، وطالب الوزيرة حورية بتوجيه المختصين بإعادة المبلغ إلى حساب المفوضية في بنك اليمن الدولي.
صحيفة “الشارع” طلبت من أحد المحاسبين القانونيين رأيه فيما تقوم به الوزير حورية مشهور من فتح حسابات مالية وإيداع أموال لدى بنوك خاصة وليس في البنك المركزي، وكان رأيه أن الهدف من قيام الوزيرة بمثل هذه الأمور هو من أجل التهرب من رقابة الجهاز المركزي للمراقبة والمحاسبة، الذي يعتمد أثناء مراقبته للحركة المالية في الوزارات على مستندات البنك المركزي، وعلى تعزيزات وزارة المالية.
وأوضح المحاسب القانوني أن الوزيرة حورية مشهور تستطيع أن تصرف من الحسابات في البنوك الخاصة ما تريد من مبالغ، بعيداً عن رقابة الجهاز المركزي، وعن رقابة الشؤون المالية في الوزارة، على عكس ما إذا كانت هذه الحسابات تم فتحها في البنك المركزي اليمني.
وأضاف الخبير القانوني: ” قيام الوزيرة حورية بفتح حسابات لدى بنوك خاصة، وإيداع الأموال فيها، يمنحها فرصة للتهرب من دفع الضرائب التي يجب أن تدفعها في حال ما كانت علمية الصرف تتم من الحسابات لدى البنك المركزي اليمني”.

زر الذهاب إلى الأعلى